ثمة اتصالات مكثفة وزيارات رفيعة المستوى تجري الآن على نحو متواتر بين الرياض والقاهرة، كانت آخرها زيارة الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي والأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس المخابرات السعودية للقاهرة بعد يوم واحد على زيارة مماثلة لوزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ورئيس المخابرات المصرية للرياض، وبعد أيام من زيارة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز لمنتجع شرم الشيخ حيث أجرى اجتماع قمة مع الرئيس المصري حسني مبارك، وقبلها كانت هناك سلسلة من الاتصالات المصرية ـ السعودية .

ومن هنا كان السؤال المطروح بشدة الآن في الشارع السياسي المصري والإقليمي عما وراء هذه الاتصالات المكثفة من ترتيبات يبدو أنها تتبلور الآن في أكثر من ملف مشتعل على الصعيد الإقليمي، وفي الصدارة منها الأزمة السياسية اللبنانية، بالإضافة إلى الوضع في قطاع غزة، خاصة في ظل التهديدات المتكررة من قبل حركة حماس بمعاودة اجتياح الحدود مع مصر مجدداً، فضلاً عما أشار إليه مراقبون من دعم اقتصادي سعودي لمصر، كي تتمكن من اجتياز أزمتها الاقتصادية الراهنة، في ظل ارتفاع الأسعار وتصاعد الاحتجاجات الشعبية على خلفية سلسلة الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد، والتي تفاقمت خلال الشهور الأخيرة على نحو ينذر بعواقب وخيمة .

وفي القاهرة نفى أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري عقد قمة عربية قريباً بشأن لبنان، مشيرا إلى أن الازمة اللبنانية تحتاج لعمل جاد ومزيد من المشاورات بين كافة الأطراف المعنية، ولم يشأ الخوض في مزيد من التفاصيل بشأن فحوى هذه المشاورات وما تسعى لبلورته من خطط وترتيبات سياسية خلال الفترة المقبلة في عدة ملفات، أبرزها الأوضاع في لبنان وقطاع غزة وصلتها بالتمدد الإقليمي لإيران .

وبينما تحدث دبلوماسي عربي يقيم بالقاهرة، عما وصفه بالاستجابة العربية الواسعة مع الرؤية المشتركة التي بلورتها مصر والسعودية بشأن الأزمة السياسية في لبنان، فقد أجرى وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل محادثات في القاهرة، اكتفت الماصدر الرسمية بالقول إنها تطرقت لمختلف القضايا الإقليمية في إطار التنسيق المستمر بين البلدين، كما قال حسام زكي المتحدث باسم الخارجية المصرية. وكان الوزير المصري قد أجرى زيارة سريعة للرياض يوم السبت الماضي، حيث سلم رسالة من الرئيس المصري حسني مبارك إلى العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز وذلك بعد أيام على قمة في شرم الشيخ جمعت الأربعاء الماضي العاهل السعودي والرئيس مبارك.

وتحمل كل من الرياض والقاهرة سورية وأصدقاءها في المعارضة اللبنانية مسؤولية إعاقة التوصل لحل للأزمة السياسية في لبنان، كما سبق أن طالبت العاصمتان الرئيسيتان في المنطقة حليفتهما السابقة دمشق بالضغط على المعارضة وهو ما ترفضه سورية، وتزعم أنها لا تملك ممارسة أية ضغوط، كما تنفي أيضاً أن تكون متحالفة مع طهران، وتسمح لها بالتمدد إقليمياً لتدشين "هلال شيعي"، كما تقول مصر والسعودية اللتان أبديتا قلقهما من هذا النفوذ الإيراني المتنامي، حتى أن إحدى الصحف الأجنبية نسبت إلى الرئيس المصري قوله : "إن إيران باتت على حدود مصر"، في إشارة إلى حركة "حماس" التي تسيطر على قطاع غزة، وتتلقى دعماً مالياً وسياسياً من قبل طهران .

وتبقى أخيراً الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها مصر، وتفاقمت على نحو ينذر بتداعيات بالغة الخطورة، في ما لو امتدت الاحتجاجات التي شهدتها مدينة "المحلة الكبرى" إلى مناطق أخرى، أو تكررت في مدينة كبرى كالعاصمة، وما قد يترتب على ذلك من نتائج كارثية، من هنا تبدو الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر الآن، معوقاً أمام القاهرة للعب دور إقليمي نشط، إذ تشغلها هذه الأزمة وتجعلها منكفئة على همومها الداخلية، كما ذهب إلى ذلك محللون سياسيون .

مصادر
ايلاف