حذّر الدكتور عزمي بشارة خلال مؤتمر تجديد الفكر القومي من أنه "خلال السنوات الخمس الماضية، تنامت ظاهرة المجاهرة في تسييس الطائفية والعشائرية"، معتبراً أن "بناء الأمة على أسس إثنية بديلة للقومية العربية لن ينجح"، وقد "ثبت من تجربة العراق أن الاحتلال من الخارج تحت شعار الديموقراطية لا ينتج ديموقراطية".

ودعا بشارة إلى "التعاطي مع القومية العربية لا كرومانسية بل كنظرية علمية تحتاج إلى تصحيح، باعتبارها حاجة عملية لتوحيد غالبية الشعوب، حتى داخل الدولة القطرية كي لا تنهار إلى طوائف".

وتساءل بشارة "من أين يأتي انطباع الرومانسية عن القومية، الذي يجترّه سطحيون من حلفاء المرحلة الأميركية؟ نحن لا نتحدث عن تبنيهم رومانسية التنوير، بل عن إعجابهم بالتطرف القومي وأساطيره، وإذا تجلّت الرومانسية في خطب بوش، وإذا كررها اليسار الإسرائيلي في صراعه ضد الحق الفلسطيني ومع قانون العودة الإسرائيلي، ومع يهودية الدولة بنبرة قومية، يحترمها العدميون العرب، لأن اليسار الصهيوني في رأيهم يعد متنوراً لا رومانسياً".

وكانت نائبة الرئيس السوري للشؤون الثقافية نجاح العطار افتتحت المؤتمر أمس، وشبهت الوضع في العالم العربي بمراحل وُسِمت بـ"التخلف والضياع"، ودعت إلى منح "مصير الأمة الأولوية، ورسم استراتيجيات ذكية بأبعادها الاقتصادية والإقليمية والدفاعية".

من جهته، دعا الحص إلى "العمل على إنشاء اتحاد عربي على غرار الاتحاد الأوروبي. وهو مشروع يمرّ بمحطتي التنمية الديموقراطية، والاقتصادية"، محذّراً من أن الأمة "تمرّ بمرحلة مترعة بالعصبيات، والانعزالية والتشرذم".

وتحدّث الحص مطولاً عن تيارين تنازعا في لبنان، الأول نادى بالانعزالية عن العرب، والثاني دعا إلى الانفتاح القومي، إلى أن تم التوصل إلى "تسوية تزاوِج بين فكرة الوطن النهائي، وعروبة الانتماء والهوية، وهي تسوية فريدة. وإن كانت وليدة حالة معينة تعرّض لها لبنان، فهي في جوهرها، مرشحة لأن تُعَمم على العالم العربي".

ورأى الحص أن "فلسطين، وتحديداً منذ قيام الكيان الصهيوني الغاصب، لا تزال القضية المركزية التي تكمن وراءها أزمات المنطقة، وهي من العوامل الناتئة التي تتسبب في أزمات لبنان المتعاقبة والعراق وغيره".

أما المفكر العربي مطاع صفدي فرأى أن "النهضة العربية (الثانية، كون الأولى بدأت مع زوال الاستعمار العثماني) التي بدأت مع مرحلة الاستقلالات في منتصف القرن الماضي، شارفت على الانقضاء مع عودة الاستعمار والسيطرة الأميركية والصهيونية، وبسبب مسلسل الحروب مع إسرائيل وأصدائها من الحروب الأهلية المعلنة وغير المعلنة"، ما جعل "الأقطار حبيسة مواقع الدفاع عن أبسط مصالحها الحيوية"، معتبراً أن "أخطر الكوارث ليست تلك الناجمة عن خيبات الصراع مع العدو التقليدي، بل من التراكمات السلبية التي تجعل الجسم العربي عرضة لأوبئة ذاتية".

ويشارك في مؤتمر "تجديد الفكر القومي والمصير العربي"، الذي يستمر خمسة أيام، مفكرون من: مصر والمغرب وتونس ولبنان واليمن والكويت وقطر والعراق، إضافة إلى سوريا، بينهم النائب العربي السابق في الكنيست عزمي بشارة، ورئيس الوزراء اللبناني الأسبق سليم الحص، والوزراء اللبنانيون السابقون: ميشال سماحة، وعصام نعمان وزاهر الخطيب، والنائب السابق نجاح واكيم، والأمين العام للمجلس الأعلى السوري اللبناني نصري خوري، وغيرهم.

مصادر
سورية الغد (دمشق)