إنه مجرد نموذج سياسي ولا علاقة له بالواقع الحقوقي، أو بالاتفاقات الدولية بشأن "تبادل المعتقلين"، فما حدث في غوانتنامو وعمليات الاختطاف عبر العالم شكلت "القاعدة السياسية" التي يمكن إسقاطها اليوم ليس فقط على عمليات "الإعدام" التي جرت بحق سوريين في السعودية بل أيضا على واقع "الانتهاك" الذي "يُمارس" يوميا بدوافع لها خلفيات ثقافية متعلقة بـ"الكاوبوي" وأسلوبه في "اجتثاث" الإجرام.

وبما ان غوانتنامنو "معتقل دولي" يذكرنا بالخطاب الديمقراطي الذي هب علينا غربا، فإننا لن نتفاجئ في تعميم هذه التجربة التي اعتقدنا أنها كانت محصورة بـ"إقطاعيات" القرون الوسطى، ثم في بعض النماذج التي تعب "الليبراليون الجدد" وهم يحذرون منها أو يفضحونها، فهناك اليوم "مبرر أخلاقي" و "ديمقراطي" يمكن استخدامه عندما نشكك في أي جرم أو تهمة تجر إلى "الإعدام" بشكل يلامس وجداننا، لسنا لأننا لا نؤمن بالعقاب، بل لأن الشك في عدالة الحكم أصبحت هي القاعدة بعد أن حولت إدارة الرئيس جورج بوش مشهد المعتقلات إلى حالة دولية.

عمليا فإن الحديث اليوم عن نموذج غوانتنامو له ما يبرره ليس فقط على مستوى الحدث الذي نعيشه في عمليات إعدام سوريين في السعودية، بل لأنه أيضا طرح مسألة "احتكار الحق" من جديد، فصحيح أن احتجاز المعتقلين في غوانتنامو لا يخضع للمحاكمة ولكن في المقابل دفع العالم من جديد إلى التفكير بقدرته أيضا على احتكار الحق واستخدام نفس الأسلوب سواء في الاعتقال، أو في إطلاق الأحكام وممارسة "الانتهاك" بحق الدول والسياسات وصولا إلى الأشخاص، فشهدنا في أقل من عشر سنوات "تكسيرا" ممنهجا لأي حالة يمكن أن تشكل رمزا جديدا أمام المجتمعات بشكل عام.

ما يحدث اليوم يقودنا نحو التعامل من جديد مع حقوق الإنسان، لأن مسألة "الإجرام" لم تعد محددة أيضا، وكثرة اللغط في موضوع "الإرهاب" ومحاربته عممت الفوضى في القضايا الحقوقية التي ظهر الاهتمام بها على المستوى الدولي في وقت مبكر، لكنها تهتز اليوم بشكل واضح مع انعدام الثقة بالعدالة التي أصبحت جزءا من آليات الإعلام والتصريحات السياسية، وأصبحت القضايا الجنائية على المستوى الدولية خاضعة لاستنساب أولي الأمر!!!