ليست المشكلة في الفتوى التي أصدرها الأزهر حول مسألة "إجهاض المغتصبة"، بل في طبيعة الأمور التي مازلنا نحتاج فيها إلى مرجعيات، بينما تجاوز الزمان "الإجراء" الذي تم النظر فيه من قبل الأزهر.

المرجعيات القانونية تعتبر أن فتوى الأزهر كانت ضرورية لتعديل قانوني في مصر، في وقت تتراكم مشاكل "المرأة" ليس فقط في موضوع الاغتصاب، بل أيضا في كل ما يخص التحرش الجنسي، وعندما يتم الحديث في هذا الأمر فإننا بالفعل أمام "ثقافة اجتماعية" وليس "مسائل شرعية"، ففي كل الأحوال هناك الكثير من المواضيع التي لا يمكن انتظار "الفتاوى" لأنها تفرض نفسها على حياة الناس بشكل مباشر.

وبالطبع فهناك عدد من المسائل التي لا بد ان نذكر فيها الأزهر وكل المرجعيات التي تبنت إصدار الفتاوى بحقنا، ودون سؤالنا لأنه على حد علمي لا يحق الإفتاء لغير الرجل، وأولى هذه المسائل أين موقعنا من الفتوى؟ وهل سيبقى التشريع بانتظار سلطة ذكورية، رغم أن فقه القانون يحوي نساء ورجالا... بينما ما يحدث في المجال الشرعي مازال مقتصرا على عملية الفصل القسري ما بين الذكور والإناث.

وأهمية تواجد الإناث في مسألة "الفتوى" هي في النهاية كسر لسياق تاريخي، فالأمر لا يتعلق بالتقليل من أهمية "العلماء" وكبار المفتين في العالم الإسلامي، بل في إعادة فهم التشريع على أنه ملك الجميع ولا يحق لأحد احتكاره.

وربما بالعودة إلى نوعية الفتوى التي صدرت عن الإفتاء المصري فإن علينا تذكر "حاشية الخبر" والتي جاءت وكأنها تحصيل حاصل بعد سرد كافة تفاصيل قضية الإجهاد، فعدة تقارير رسمية في مصر أشارت إلى أن عدد حالات الاغتصاب تصل إلى سنوياً إلى نحو20 ألف حالة اغتصاب لفتيات في مصر، بالإضافة إلى عدد مماثل لحالات زواج في أقسام الشرطة ناتجة جرائم الاغتصاب، وهذه المعلومة هي التي تستحق التوقف، وعلى الأخص ما يرتبط منها بمسألة الزواج في أقسام الشرطة، لن امتهان الأنثى اجتماعيا يفوق ما يحدث في إطار القوانين والتشريعات.

التقارير الرسمية حول هذا الموضوع لا تختلف كثيرا من بلد لآخر، ومسألة امتهان الأنثى تبقى موضوعا يدخل في صلب حياتنا لأنه مؤسس على خلفية ثقافية مستمرة لأكثر من "عشرة قرون"....

مصادر
سورية الغد (دمشق)