الكل في لبنان يؤكد أن اليوم ليس كالأمس ووزعوا الاتهامات فيما بينهم و خلطوا كالعادة الأسباب بالنتائج.
الأمر يبدو طبيعيا في حالات كحالات الوضع اللبناني المعقد داخليا ودوليا.
داخليا لأن اللبنانيين لم ينهوا مرة حربا ولم يقفلوا ملفا.
بالتأكيد أن اليوم لا يشبه الأمس في بيروت ولكن السؤال الذي يطرح نفسه كيف يمكن أن لا يكون الغد كالأمس وأن لا يكون العد كما كان مرسوما ليصير كان يجب أن يكون.أسئلة يطرحها الكثيرون في لبنان حتى لا تعود المآسي لهذا الشعب اللبناني الذي يستحق أفضل مما حصل عليه حتى الآن من قادته الذين ينتجون بأنفسهم سلطة لهم.
حتى لا يعود الأمس يبدو واضحا أن فتح كل الملفات كما هي عارية ودقيقة ففتح هذه الملفات عارية أمام الشعب اللبناني هو أفضل صور الديمقراطية. وهذا يتطلب معرفة حقيقة من يقوده ومن يدعي أنه ديمقراطي ويحمل مشروع الدولة مثل ملف سمير جعجع وأمين الجميل ووليد جنبلاط وفؤاد السنيورة وسعد الحريري وطبعا مروان حمادة وأحمد فتفت وعدد كبير من النواب التوابع.
حتى لا يكون الغد مثل الأمس القريب وحتى لا تتكرر مأساة بيروت يبدو واضحا أن منع السيد محمد قباني من الخروج على شاشات التلفزة ووقف بث الحقد والضغينة والتحريض الطائفي والمذهبي وإحالة مثل هذه الأعمال إلى القضاء ورفع كل حصانة اجتماعية وسياسية ودينية عن أمثاله.
حتى لا يكون الغد كالأمس ويفتح الباب أمام اللبنانيين نحو ديمقراطية وحرية وسيادة يبدو واضحا أن السبيل الوحيد هو سؤال من يدعون القيادة في لبنان من أين لكم كل هذه الأموال وشعبكم لا يشبع لقمة الخبز فلا يكفي أن نقول أننا أثرياء بل أن مصدر ثروتهم هو المطلوب في لبنان السيد الديمقراطي المرتجى.
لبنان كما يقول عنه الرئيس سليم الحص فيه كثير من الحرية وقليل من الديمقراطية. ولاحظ المراقبون أن استخدام هذه الحرية بات يناقض الديمقراطية ويدمرها وباتت تستخدم من طرف واحد هو طرف الكذبة خاصة أن ما شاهدناه بالأمس من كذب رأس السلطة فيه اليوم ومجموع من تحدث من هم في السلطة يجمعهم جامع واحد هو الكذب، كأن يقول السنيورة أن القرار الحكومي لم يصدر والوثائق التي أرسلها إلى المعنيين، من وزراء ودوائر حكومية، وتصريحات أعضاء في حكومته أكدت صدورها وعدم القدرة وعدم جواز التراجع عنها وكذلك إرسالها إلى غير المعنيين بالأمر كالأمم المتحدة والإدارة الأمريكية وسفارتها في بيروت. إن هذه الكذبة والخدعة الكبرى تؤكد كيف يتصرف أهل الحكم في لبنان مع شعبهم. كذلك ما قاله سمير جعجع عن صمود بيروت المقاومة وأنه يدافع عن هذه المدينة وخادع اللبنانيين ونسي أن يقول أين كان هو عندما كان الجيش الإسرائيلي يحاصر ويحتل أول عاصمة عربية أولم يكن هو الحليف والساعد الأساسي لشارون. حتى لا يكون الغد كالأمس وحى لا تتكرر مأساة اللبنانيين يجب إبعاد مثل هؤلاء عن دوائر السلطة في هذا البلد.
حتى إلا يكون الغد كالأمس ولا يسير الغد في المسار المرسوم بالأمس يبدو واضحا أنه من الواجب أن يصحح اللبنانيون بدقة حقيقة التاريخ أن يقبلوه كما هو لا كما تتمناه إيديولوجياتهم وأفكارهم المسبقة وانتماءاتهم السياسية.
بالتأكيد ما جرى في بيروت حدثا تاريخيا. وهو نتاج تراكم من الخطايا والأخطاء منذ زمن بعيد وليس فقط منذ تولي السنيورة واجهة السلطة في لبنان، فوصول السنيورة نفسه هو نتاج مثل هذا النظام المبني على اللا-مسؤولية وفلسفة سياسية تعتمد الكذب أداة ووسيلة للحكم وهو يؤشر استراتيجيا إلى انتهاء مرحلة وصلت إلى قمة غيها مع هذه الحكومة المنبثقة أساسا عن نظام لا يحمل من الديمقراطية إلى الصندوق الانتخابي. فما حدث هو نتيجة طبيعية لاستقواء قوى لبنانية بالخارج، استقواء ارتكز على التكاذب المتبادل بينها وبين هذا الخارج الذي أوهموه أنهم يمتلكون الشارع والسلطة وتبين بسرعة أنهم لا يمتلكون الشارع وبالتالي لا يمتلكون السلطة الحقيقة وقاعدتها. والخارج قد أوهمهم أنه سيدافع عنهم من غضبة شعبية وصدقوه. رغم أن هذا الخارج الذي اعتمدوا عليه إما خارج بحاجة لمن يحميه ولا يملك إلا مالا يعطيه وإما خارج لم يف يوما بوعد لصديق وحليف إلا بمال يمليه.
بالتأكيد إن الغد في لبنان ليس كالأمس إذا فهم اللبنانيون أن المعادلات التي كانت تقوم عليه السلطة في لبنان لم تعد صالحة لمستقبله لا كدولة ولا ككيان ولا كشعب وعليه استنباط معادلة أكثر واقعية