ما الذي يربط التجارب أحيانا بـ"ديوان الفخر" الذي أتعبنا في زمن لا نملك ما نفخر به سوى قدرتنا على رسم ملامح التباهي؟!! لكن ديوان الفخر الذي يلازم بصورة دائمة القدرة على اختراق "العجز" بكلام لا يقنع سوى مبتدعه، وهذا الديوان كان اللون القاتم الذي يحجرنا عن كل مساحة الآخر وعن "الطاقة" اللونية للمستقبل ... ولأن "الغد" يعني الجهد المتجرد من مساحة الفخر ... أو حتى القدرة على الصمت وانهيار التباهي داخلنا فإن الخيل والليل والبيداء وكل ما حمله المتنبي إلى عصرنا لا تدخل في مفردات "الغد".في الغد لا يمكننا أن نرسم الصورة الذهنية وكأنها وهم نعتاش عليه، وفي المستقبل تنتهي سطوة الأساطير والبدع الكلامية وحتى ديوان الفخر الذي يكلفنا الكثير حتى نستطيع التحرر من مفرداته، ولكن اللغة اليوم يتسرب إليها "طواحين الهواء" أحيانا فيبدو الغد أبعد، أو نتسلى بطاقة الإبداع الذاتي التي تجتر الحاضر و "تؤلف" المستقبل ... ثم يتوقف الزمن لأن "الغد" لا يمكنه "اللعب" على شاكلة "تجاذب أطراف الحديث" للوصول إلى نفس ما نقتنع به.في مسيرة الغد لم يرافقنا ديوان المتنبي، أو أننا أردنا وضعه في خانة التراث الذي يتلذذ به البعض، لكن الحرص على الاحتفاظ بالمكتبة التراثية ليس مضمون العواقب، ويبدو أن الفخر يملك أكثر من ديوان وعدد لا يحصى من المتحذلقين ... أو القادرين على الحفر في واحة الحاضر بوهم "الغد" ... وعندما ننتقل للمستقبل سيسقط ما تبقى من الفخر لأن الحكم في النهاية على اللحظات القادمة.ربما لا يستطيع سوى أصحاب الأمجاد إيصال صوتهم، لكن هذا الصوت يبقى على مساحة الماضي، بينما فكرة الغد هي محاولة لإيجاد لون جديد، وبالتالي عشاق جدد يعرفون أن هناك ماض وحاصر ومستقبل، وأن في قواميس اللغات الأخرى أزمنة إضافية لتعبر بشكل صحيح عن أوضاع الماضي والحاضر ... وعن أحلام المستقبل وهل ستتحقق أما أنها في سياق الوهم ... فالعشاق الجدد للغد ربما يحتاجون أيضا للغة جديدة لا تنسى الفخر لكنها تضعه على جموده الحقيقي كجغرافية لمن يعشق الماضي.ومرة أخرى فإن الغد عملية لا يمكنها أن تحمل التكرار ... وربما لا تبحث عن جمهورها التقليدي ... لذلك فنحن مرهقون أحيانا ... لكننا نريد البحث فيما هو متخف أو غير موجود في اللحظة ويمكن أن يظهر في المستقبل ... والغد "عملية" لكنها تحمل جرأتها الخاصة وطبيعتها في الافتراق عن الماضي. ......