الرابط الوحيد هو أن أحدا لم يعترض على طريقة توجه الرئيس الأمريكي إلى مجتمعاتنا، فتحدث عن "حقوق الأقليات" ملخصا الخطاب باتجاه الأقباط في مصر والموارنة في لبنان، وباستثناء الدكتور عزمي بشارة فإن الأمر سقط من الحسابات، أو من النظرة التي يمكن أن نشاهدها في العمق الثقافي لخطاب باراك أوباما الذي وجه حديثه للمسلمين، ولكن السؤال هل هذه النظرة مجرد "رؤية سياسية" أم أنها بدأت تمتلك سمات تظهر بشكل مباشر في طبيعة تعبيرنا عن أنفسنا؟!!

طبعا لن نعيد تكرار مسؤولية قوات الاحتلال في العراق عن تهجير المسيحيين الذين كانوا من أوائل من ترك العراق نتيجة "حروب الديمقراطية"، والخروج من هذه الآلية كان مفاجئا عبر إعادة "تنميط" المنطقة على شاكلة ما تحدث عنه الرئيس باراك أوباما بشكل يوحي بنوع من "التوازن الجديد" الذي يريده وفق صورة تبدو أنها "كلاسيكية" رغم طابع الانفتاح الذي حاولت خلقه، لكن الخطر هو أننا ربما "صدقنا" على المستوى الاجتماعي الواقع الذي ظهر بالتدريج منذ بضع السنوات، فلم نعترض لا على المستوى الاجتماعي أو حتى السياسي على عملية التصنيف، على الأخص في منطقة تشابك الحضارات والعقائد حيث تصبح "الهوية الدينية" نقطة الغرق لأي تفكير مستقبلي.

عمليا فإن الكثير من الأمور تسير نحو "شرعنة التقسيم"، وعلى الأخص أن الخلاف الذي يظهر اليوم هو حول "يهودية إسرائيل" كخطر حقيقي، بعد أن سقط "خطر إسرائيل" كاحتلال مستمر لأرضنا، وهذه الشرعنة قدمها النموذج العراقي في "ديمقراطية" عادت إلى مسألة التحاصص المذهبي، بينما تم تحوير الحروب الأخيرة مع "إسرائيل" باتجاه آخر اتسم بطابع خارج عن إطار "الصراع الحقيقي"، وربما كانت آخر "التقليعات" خوف البطرياك صفير على عروبة لبنان.

هذا الحدث السياسي السريع لا يمكن أن يقف عند حدود "الانفراج" الذي شهدناه من رحيل الإدارة الأمريكية السابقة، فبعيدا عن السياسة هناك ضرورة لإعادة النظر لاحتياجات المجتمع ومصالحه، وهو الباب الذي يمكن أن ننظر عبره للجدل الذي يدور حول مشروع قانون الأحوال الشخصية، فهو بطبعه لا يرتبط بأي شأن سياسي لكنه سيحمل معه عبء البحث عن واقع أثرت فيه السياسة بشكل كبير، وربما عليه أن يشكل الدافع لتأكيد أن ما حدث هو حالة طارئة بعيدة عن ثقافة مجتمعنا بالكامل.

مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد عليه عدم تكريس النظرة التي تعود لمرحلة "ما قبل الحداثة" بزمنها العربي، وعليه أيضا مهمة "الرفع" الثقافي في المواجهة التي تحدث على مستوى النظرة السياسية.