من الصعب إهمال ما أوردته الصحف الأمريكية عن مسألة "تعيين" سفير أمريكي في دمشق، فمن يعرف طريقة "إيصال" الرسائل في الصحافة الأمريكية يستطيع أن يقرأ من هذا الخبر أكثر من مجرد "تسريبة" قامت بها وزارة الخارجية الأمريكية، أو "تكهن" من الصحافة بعد قراءة عدد من المعطيات والأخبار، فمثل هذه الخطوة "الرمزية" كنا يعتبرها البعض تعتبر مؤشرا على نوعية التعامل السياسي القادم مع المنطقة عموما.

بالنسبة لدمشق فإن تعيين السفير مؤشر هام داخل أجندتها السياسية التي تبدو مزدحمة إقليميا، أما بالنسبة لواشنطن فهناك ثلاث أمور ربما كونت مقدمات لآلية سياسية داخل الشرق الأوسط:

 المسألة الأولى ما حملته المباحثات في دمشق خلال زيارة جورج ميتشل التي ترافق مع زخم سياسي أمريكي، فهو وعلى عكس باقي المحطات ترافقت زيارته مع وجود فيلتمان ووفد أمريكي موسع، فميتشل لم يكن يطلع فقط على وجهة النظر السورية بل أيضا كان لتحديد نقاط التقاطع التي يمكن البدء بها سواء في عملية التسوية أو في المسيرة الدبلوماسية للبلدين.

 الأمر الثاني كان زيارة عباس لدمشق في توجه واضح لرسم دور سوري داخل "المصالحة الفلسطينية"، وربما علينا تذر أن هذه الزيارة جاءت بعد مباحثات عباس في واشنطن، فالمشاورات التي أجراها في دمشق كانت وفق مسار سياسي بدأه عباس قبل فترة، وبالنسبة لواشنطن فإن أي دور سوري سيشكل نقطة هامة في البحث عن تقاطع في الأدوار مع باقي الدول العربية التي تعمل على نفس الموضوع وعلى الأخص مصر والسعودية.

 الموضوع الأخير أن الولايات المتحدة فيما لو صحت التقارير فإنها تكون بدأت فعليا في إعادة صياغة آلياتها وفي "توصيف" الدور السوري بالنسبة لها، وهو شأن أساسي حتى مع وجود خلافات مع دمشق.

بالطبع فإن تعيين السفير لا يكتسب هنا شكلا معنويا، وتناقله في وسائل الإعلام الأمريكية هو نوع من الرسائل لأطراف مختلفة في المنطقة على ان الخطوات الأمريكية القادمة ربما ستدخل في عمق مسائل التسوية وذلك بغض النظر عن "النتائج" فالمهم بالنسبة للبيت الأبيض هو التعامل من جديد مع هذه المواضيع لتشمل كل أطراف الصراع.