ما الذي تعنيه الأمم المتحدة!!! أو التقارير الدولية... أو حتى جرائم الحب التي يحسبها البعض تقارير للجان مختصة، بينما يمكنني معايشتها كل لحظة، فالمسألة ان "غزة" ليست صورا أو نسخا من المجلات توثق للحرب، فهي بشر فقدتهم ذات صباح، وملامح لأطفال مازلت أراهم يتجولون بين "الأطلال" التي نسيها الشعراء العرب، وربما "الدراميون" العرب، فجاء رمضان على سياق "الاعتدال العربي" القادر على بتر أعضائنا ببطء شديد حتى يختلط الألم بالحلم أو حتى بالقدرة على التفكير.

وما الذي يعنيه رمضان عندما ينحدر أمامي مثل تيار جارف ينتهي عند "باب الحارة"، وعند الغيظ الذي يرسم وجوهنا وسط "مباحثات" السلام التي تقفز فوق الألم وتحفر ابتسامة شمعية أمام عدسات التصوير، فعندما يصر تقرير الأمم المتحدة حول جرائم حرب حدثت في غزة فليس لي إلا أن أضحك أو أعانق عيني طفل يعيد كتابتي برؤية من "التطرف" التي تجرفني نحو مساحات جديدة.

"جرائم الحرب" بالنسبة لي لم تكن في تدمير غزة، ولا حتى في التقارير التي تطعنني فتتحدث عن "عنف متبادل"، لأن غزة اعتادت تساقط الكلمات والبقاء على مساحة من التناقض الدولي، وتعرف أيضا أن العالم محكوم بـ"برود" يحول فيها الدم إلى علب "مشروبات غازية" تظهر دعاياتها على شاشات الفضائيات العربية، ويستطيع أيضا إعادة إنتاج لحم "الأطفال" إلى جدل على سياق برنامج الاتجاه المعاكس.

جرائم الحرب لا تظهر إلا في "جولات نتنياهو"... وهي أيضا "مبادرات" علنية تكتب الحرب بقفاز من حرير، وتجعل الموت المجاني "حوارات" في أندية المثقفين لتعريف "المقاومة"، أو لتصنيف الحركات السياسية، فعندما أقرأ "الجريمة" أعرف أنني مكتوبة في شوارع غزة ضمن مساحة "التطرف"، وفي سياق الحزن الذي يحول الجميع إلى أسرى، فيصبح "كسر الحصار" فيلما سينمائيا طويلا لم تستطع الدراما التلفزيونية إنتاجه لأنه يلامس جبهة أخرى لا تستطيع فتح تيار نفطها باتجاه تكسير الإبداع أو جعل الهموم على قياس "بيت جدي" الذي لم يعد له وجود إلا في هلوسات من يحتضرون.

غزة في نهاية رمضان تطوف على وجهي وأرتاح على حجارتها.. وغزة في نهاية رمضان تحمل "نعوة السياسة" كي تعلقها على باب جبهتي "الاعتدال" و "الممانعة"، وتلصقها على أفواه المبدعين العرب القادرين على الانكسار والتنظير للهزيمة، والجدل في طبيعة المرحلة، والتوقف كي يرون أن المساحات المتبقية لم تعد تملك من الجمال إلا بقدر "الردح" الصادر عن الفضائيات.

غزة في نهاية رمضان تسكنني لأنها تعرف جرائم الحرب أكثر من أي خبير دولي....