ليس مصطلحا لكنه مرافق لظرف ربما لن يطول، فمسألة الحوار السوري - الأمريكي ليست خطوات يتم "قطعها" حسب تعبير أحد الصحف اللبناني، والتوجه الأمريكي في مرحلة إدارة أوباما ربما يسير على توازن دقيق، ويملك حسابات مختلفة نتيجة ترابط الأزمات، فهناك برود سياسي واضح يعبر عن عدم قدرة واشنطن على خلق "اختراق" داخل المعادلة القائمة، وهي نفس الوقت غير قادرة على إبراز جهد واضح تجاه مسألة التسوية على الأقل.

بالطبع فالحكم على العلاقات الأمريكية - السورية بشكل سريع لا يقدم الصورة المطلوبة، فالإدارة الأمريكية لن تنتقل بعد إلى مرحلة سياسية جديدة مادامت قواتها موجودة في العراق، وهي بالتالي لن تتعامل وفق معايير مختلفة مع دولة المنطقة حتى ولو ظهر "الحوار" وكأنه عنوان يمكن الانطلاق منه، فهناك استحقاقات سياسية هي التي ستقرر ما الذي يمكن أن تفعله واشنطن بهذا الحوار، وهل يمكن أن تظهر تفاهمات جديدة مع دول المنطقة وليس فقط مع سورية.

وإذا كان الاستحقاق العراقي أساسيا في مسألة التعامل مع سورية فإن هناك أيضا قضايا جانبية أخرى تنظر إليها الإدارة الأمريكية على أنها ضرورية أيضا، حيث نلاحظ:

كل ما قامت به الإدارة الأمريكية من تحركات خلال أقل من عام هو محاولات لـ"تفكيك" التشكيلات السياسية التي ظهرت منذ احتلال العراق، ويبدو أن الاتجاه الأساسي هو في تغيير الظروف المحيطة بهذا الاحتلال من أجل خلق مناخ ملائم، لكن هذا الأمر ربما زاد من تعقيد الأزمات في الشرق الأوسط، فهناك عوامل إضافية ظهرت وعلى الأخص داخل الدور التركي والإيراني الذي ظهر مجددا وكأنه النقطة الأقوى في التكوين الإقليمي.

في المقابل فإن الإعلان عن مسألة الانسحاب من العراق حول الساحة السياسية فيها باتجاه تنافس عنيف، فالقوات الأمريكية ستنسحب في ظل غياب أي مشروع سياسي، والمظهر العام لعدم تدخلها في العملية السياسية لا يعكس اختفاء رغبتها في التأثير بل عدم التسرع في التأثير على القوى أو دعم المرشحين.

الأمر الثالث أن الولايات المتحدة ربما تنسحب من العراق دون وجود توافق إقليمي حول ما سيحدث فيه، فهناك خطر واضح ليس في مسألة تكريس الفيدرالية بل تأثيراتها على دول الجوار الجغرافي.

بالطبع فإن الولايات المتحدة تحافظ اليوم على حدود في مطالبها داخل الشرق الأوسط، فهي لا تريد أن يظهر "أعداؤها" أو ما سمي بمعسكر الممانعة وكأنهم انتصروا بعد انسحابها، لذلك فهي ماتزال تقدم دفعا معنويا في القضايا المحيطة بالعراق ابتداء من لبنان ومرورا بفلسطين، وانتهاء بكل الأطراف التي ساندتها في المراحل السابقة، وهذا الأمر يجعل "البرود السياسي" هو المهيمن على مجمل التحركات في المنطقة.