لأنهم لا يعرفون الأنثى، أو حتى لا يريدون قراءتها فإن "قوانينهم" تأتي على حجم "الضيق" الذي يساورهم لرؤية مراهقة، أو للتعرف على طريقة "بناء الجسد" عندما يصبح قادرا على العشق والتحرك ورسم الخيارات، فيغتالهم السواد أو يقررون رسمنا على شاكلة "عاصفة الصحراء" التي تلغي الأشكال ونصبح فيها مجرد ظلال أو خيال أو سراب.

في تفاصيل الأحوال الشخصية لا نجد الشخصية الذكورية، بل مخاوف الذكور أو "الرهاب" الذي يلاحقهم من الخطيئة الأولى، وربما يقتنعون أنهم خرجوا من "جنة حور العين" باتجاه حالة التوازي مع الإناث وربما التساوي بالعدد، فينتقل بهم الخوف لمحاصرة حرياتهم" قبل أن تصبح المرأة أسيرة رغباتهم، فمحاصرة النفس هي غاية أولية تنتعش لدى البعض كنموذج لانتهاء الطموح أو حتى لعدم معرفة الذات.

في كل بند من "الأحوال الشخصية" ذعر خاص من احتمالات الخصب أو النضوج، أو الارتقاء مع حياة لا تحتمل السكون ولا تنتظر من يريدون أن يجعل من الناس أسرى للتاريخ وللماضي الذي ظهر يوما ما وبقي مرسوما على أجسادنا بفعل الرغبة الدفينة لدى البعض كي يصبح السكون ظاهرة تحافظ على "مرجعيتهم" الفكرية والثقافية، وفي النهاية فإننا أمام أحوال "غير شخصية" بل معممة، والكل قادر على اختراقنا، ذكورا وإناث، وتحديد صورنا في إجراءات وبنود، فحتى لو ألغيت "الحسبة" فإنها باقية في التبعية التي نضعها أمامنا فنستطيع أن نقيم الناس عبر اختراق خصوصيتهم أو موازاتهم بأرقام نكتبها ونقرر مصيرها.

ما الذي تغير أو تبدل؟ هل استطاعت "الحركة النسوية" كسر الحجر على النساء؟ أو تحطيم "نصف العقل" الذي يحكمها؟ أو حتى وضع لون يمكنه أن يخطف "الكيد" الذي يميزها في التاريخ على الأقل؟

ما الذي يدفعنا اليوم للاقتناع بأن قانون جديد وحديث بكل معنى الكلمة قادر على إنصافنا طالما أننا نقترح ولو لمرة عودة باتجاه الوراء... باتجاه البحث عن اجتهادات أو مصطلحات غيبها الزمن... ما الذي ينصفنا في ظل ظهور لـ"مشرعين" ولو لمرة واحدة قادرين على تذكيرنا بزمن السبايا و "القيان" والخضوع لرغبة "العمائم" في زمن أصبحت فيه المسافات شأنا ثانويا للتواصل!

ما يزعج ليس "مسودة القانون" بل القدرة على استرجاع الماضي في أي لحظة، فيخرج من "القمقم"، ويصبح "علاء الدين" بمصباحه السحري هو الصورة النهائية لتفكيرنا، وربما نتكئ على "شجرة التفاح" ونفكر من جديد بنوع الخطيئة التي أخرجتنا من الجنة، فنعيد رسم الفردوس المفقود على شاكلة "انتهاك" حرية اختيار الناس ورغبتهم في الحياة بشكل يوازي حلمهم.