الأزمة كما تبدو لا ترتبط فقط بالاحتلال، بل أيضا بشكل الدولة التي تريدها "إسرائيل" على مقاس "مستوطنة كبيرة" أو بالتعبير الفلسطيني "مخيم" يمكن تمييز أبنائه بشكل واضح، والسلطة الفلسطينية ربما لا تمانع من ظهور "الدولة" على هذه الشاكلة لكنها تريد أيضا أن يتطابق مع "النطاق" الخاص للمواطنة كما تفهمه السلطة، بحيث تصبح مسؤولية الخارجين عن هذا الأمر مهمة "إسرائيلية"، وهذا الموضوع الإشكالي هو أيضا بعيد عن المفاهيم السابقة لمسألة الاحتلال أو حتى القرارات الدولية التي تعترف السلطة بها.

عمليا فإن الاعتراف بـ"الدولة الفلسطينية" من قبل بعض الدول، أو حتى المطالبة الفلسطينية بهذا الموضوع لن تبدل من عملية الافتراق في رؤية الدولة بين الجانبين، لأن "إسرائيل" لا ترى من موضوع المستوطنات عائقا مادام التفكير الفلسطيني يرى الدولة مجموعة مخيمات وربما بلدات، بينما يذهب التفكير في رام الله إلى مساحة الاحتكاك التي يمكن أن تحدث وبالتالي الثقل الأمني الذي سيفرضه هذا الأمر، وبالمحصلة فنحن أمام مسألتين:

•الأولى هو ان مسألة الدولة القابلة للحياة وذات السيادة يحمل أكثر من إشارة استفهام لأن الشرط "الإسرائيلي" هو الأكثر حضورا على ساحة هذه الدولة، والغريب أن الجانب العربي لا يرى في هذا المشروع طريقة "اختراق" باتجاه النظام العربي ككل، أو ربما لا يمانع هذا الأمر.

•الثانية أن حل الدولتين لا يراه كل طرف من زاويته الخاصة فقط، بل هو نوع من خلق شبكة مصالح بين "إسرائيل" ومحيطها عبر هذا المشروع، وهو أمر ليس مختلف عليه من قبل الدول العربية التي قدمت مبادرة سلام منسجمة مع هذا الأمر، بل في "إسرائيل" لأن هناك تيار لا يرى أن الربط الجغرافي يمكن أن يكون مع الشرق الأوسط بدواعي عنصرية أو حتى لإيمان بان عدم الثقة هي العصبية الأساسية لـ"المجتمع الإسرائيلي". الحديث عن الاعتراف بـ"الدولة الفلسطينية" لن يطرح الكثير من الضغوط أو حتى الحلول أمام الأطراف المتفاوضة، فهو يتجه مباشرة نحو الرغبة في إيجاد دور إضافي داخل هذه المعادلة، والاستيقاظ المتأخر للأوربيين يعكس فقط محاولة حجز مساحة داخل هذه الأزمة دون أن يحمل هذا الأمر أي حراك حقيقي، على الأخص أن الولايات المتحدة لا تتحرك بفاعلية في هذا المجال.

البعض يرى أن على السلطة تبديل "رؤيتها" حتى يتم التحرك على مسار التفاوض، لكن أي تبديل يعني في