هل نحن عالقون في الحاضر؟ وهل يشكل هذا الحاضر مأزقا يحاصرنا ونريد التخلص منه بأية وسيلة؟ وما هي الوسيلة التي لا بد أن ينتجها هذا الحاضر؟ كي نتخلص منه ومن مشكلاته ومعضلاته؟

وهل يقود هذا الحاضر على إنتاج وسائل تغيره الى الأحسن تحديدا؟ وما هو الأحسن؟ ألا يعيدنا ذاك الأحسن الى المربع الأول أونقطة صفر ما من حيث فعل وحراك الثقافة الاجتماعية؟

نعم نحن عالقون بالحاضر، ولا ندري حراكا ثقافيا إلا من قبيل الشعري في أي حوار مقترح، حيث نتعامل مع الموضوع على أنه قصيدة هناك من يعارضها، ويكتب عكسها لا أكثر ولا أقل، وإلا لماذا كل هذه الصلادة في المواقف الثقافية التي لم تنتج ولم تسمن ولا أغنت عن جوع؟

هل صحيح أن هذه اللا مبالاة الثقافية ناتجة عن الظلم والانتهاك، أم أن الظلم والانتهاك منتج أساسي للأسئلة التي تحفز أجوبة عملية (على الأقل كما اقترح باب الحارة ضد الفرنساوية)، أم أن هذا الكسل وهذه اللامبالاة يخلقان فراغا لا بد من ملئه بأي شيء قادم من الجنوب او الشمال يتضمن اختراع عداوات لا منافسات تتصادم منتجة المزيد من العداوات ومزيدا من التمترس في الواقع المأزوم لنتساءل هل الفراغ من صنع العدو أم أن العدو يستفيد من هذا الفراغ فقط، حيث يتم الدمج بين تخليق الفراغ والإستفادة منه في ضياع جديد في رؤية الأشياء والذي يستدعي من الخصم تثبيت عوامل هذا الفراغ ودعمها بإستمرار لينتج تخلفا أكيدا نعود الى إجترار مكائده وويلاته .

من أين حصل هذا الفراغ الثقافي المدمر والمديد؟ هلا من أحد يسأل نفسه ويسألنا من أين أتى هذا الفراغ؟ أم أن المسألة تأتي في سياق جلد الذات المقولة الإحباطية الشهيرة، التي تكتشف دوما أننا نريد بأنفسنا خيرا!! ولم يبق إلا تنفيذ هذه الإرادة ولكن (الخصم المنافس العدو الشرير الخ) لا يدع لنا مجالا لذلك، ومع أنه قيل الكثير في ذلك إلا أننا لم نقتنع أن الإرادة إرادة الخير لنا، هي من مصالحنا وأولوياتنا وعلينا العمل لها وأخذ الفرص اللازمة عبر العنوة التنافسية الخلاقة وليس عبر عنوة الثأر والإنتقام الذي يسمى تلفيقا إنتصاف، وليس عبر عنوة الإنتظار المبشر بالخير العميم شئنا أم أبينا، فجميعنا متأكدون أن مستقبلنا زاه إتكاء على ما قدرنا من زهو موجود في ماضينا، وأن هذا المستقبل الزاهي لا بد أن يأتي محملا بالعطور والزغاريد والقيان والجواري وحتى الشعر سوف يعود الى ماضي مجده والخ والخ، ناسخين من الاعتبار إمكانية الفناء الناتج عن هذا الأداء .

هل الحاضر هو مصيبتنا التي تعيقنا من التقدم؟ سؤال برسم الثقافيين والمثقفين والمتثاقفين والنخبة والعامة والمسؤلين وغير المسؤلين علنا نتسائل عن طرف هذا الخيط المتشابك الذي كلما أوغلنا في حل عقده يزداد تشابكا وتعقيدا لدرجة الضياع واليأس ...