الكاتب : نضال الخضري

السخرية هي ما تبقى من كل أشكال الرثاء، فلا حاجة لأن نقف على الأطلال، ولا حتى لاستخدام بعضا من الأبيات الأندلسية في زمن انهيار دول الطوائف، ففي النهاية يمر الوقت ولا نستطيع سوى ان نسخر من قدرتنا على "حساب التوازنات"، أو رسم الخرائط أو العشق على طريقة المحاصصة.

ما الذي يمكن أن نضعه أمام الواقع سوى ابتسامة، ثم ننتقل لكبت كل المشاعر التي تحاول الانفجار فننطوي عليها ثم نذوي أحيانا أو نفجرها بضحكات فيها من السخرية ما يجرح صفحة السماء، فكلما اقتربنا من لحظات العشق الحقيقية تتجسد أمامنا كلمات على شكل حواجز، وجمل طويلة تشكل خطوط الانفصال ما بين شمال القلب وجنوب الرغبات، فندرك أن المسألة لا تبتعد كثيرا عن السياسة بل تعيد كتبتها علىة ملامح وجهنا، وتحت العيون التي كسرتها حدة الزمن المتماوج.

السخرية تنسف التوازن ولو لجزء من الثانية، وهي التي تجعل العشق ممكنا والأمل ممكنا، وتقرب المسافات التي كانت يوما مجرد ومضة، فلا الشعراء قادرون اليوم على تجاوز الحدود، ولا الرواة يستطيعون وضع حكة تجمع "أمراء" القرن الجديد تحت قبة واحدة، بينما تنبسط الشفتين عن ملامح مكتسبة لتضع ابتسامة مختلطة ما بين البكاء والفرح، أو مابين القبلة والقدرة على تخطي الملامسة... صورة لا استطيع الهروب من توثيقها، لأنها تعبر عت نتائج "التوازن" سواء كان سياسيا أو عاطفيا، وسواء حاولت أن انتقل إلى ألوان الرغبة متجاهلة كل القيود المرسومة، أو حتى الدخول إلى عمق حدث يمر بشكل سريع.

توازن على شاكلة القرن الحادي والعشرين، فنعشق دون أن يصح الشغف عنوانا، ونكره دون أن ترتسم على الوجوه غضب يشعل الدنيا، بينما نتحول إلى داخل متحف شمع حقيقي فيها أكثر من مجرد تماثيل لأنه يضع احتمالات مستقل لا يحمل أي حركة، ولا يقدم أي عاطفة يمكن أن تجعل الحياة ممكنة.

أنسحب من بين خيوط التوازن التي ترتسم مثل شبكة عنكبوت قديمة، ويتبين لي أن المسألة ربما ستعيد صياغة كل ما حولي، لأن التوازن يفترض تغير المعاني وتفسيرها وشرحها، وربما تقديم لائحة كي لا تصبح الحروف خرقا لذلك التوازن.

أكتب من جديد لمجرد السخرية من زمن متقلب.... وأستطيع التوقف دائما لكي أنظر بابتسامة لما يمكن أن يحدث على امتداد الأعوام... لكنني في النهاية أعرف أن المسألة عشق وسياسة وربما إعلام يحاول كسر المعتاد.