يبدو أن جهود الإدارة الأميركية لإبقاء التوتر على الوضع الداخلي اللبناني نجحت، وتمكنت واشنطن في ربع الساعة الأخير من إجهاض ولادة التسوية السورية ـ السعودية التي فشلت في قطع الأمتار الأخيرة من السباق مع العامل الأميركي المعطل.

عادت الأزمة إلى المربع الاول، بعدما استخدم الاميركيون كل فنون الضغط في الأيام الاخيرة، لمنع الرياض من تغطية مشروع الحل، فيما لم يكن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري يبدي حماسة للسير فيه.

وليس أدل على أهمية الفرصة المتلاشية من الجهد الدولي الذي بُذل لضربها، إذ أقيمت في نيويورك خلال الايام الماضية ما يشبه ’غرفة عمليات’ دبلوماسية تولت توجيه الضربات المدروسة الى الجهد السوري - السعودي، وكانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون أول من باشر في تسديدها عبر رسالة واضحة أبلغتها إلى الملك عبدالله ورئيس الحكومة، وفحواها أن أي تسوية على حساب المحكمة مرفوضة بل ممنوعة.

لقد كان الأميركيون واضحين مع الحريري والقيادة السعودية: قرار المحكمة عندنا. نحن من أنشأها ودعمها، ونحن فقط من يقرر مصيرها. واننا نعتقد ان الوقت ليس ملائماً الآن للتخلي عنها، فيما يبقى العديد من الملفات الحيوية في المنطقة عالقاً مع دمشق وطهران.

وبالتزامن مع الإعلان عن فشل التسوية السورية السعودية يبدو ان الحريري مصرّ على البقاء بعيداً عن الأجواء اللبنانية، إذ من المقرر أن يلتقي الحريري اليوم الرئيس الاميركي باراك اوباما في البيت الابيض، فيما أعلن روبرت غيبس المتحدث باسم البيت الابيض ان اوباما سيبحث مع الحريري في دعم الولايات المتحدة لسيادة لبنان واستقلاله واستقراره إضافة الى عمل المحكمة الدولية.

وبحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي للحريري فقد أجرى الأخير مشاورات هاتفية مع الرئيس اللبناني تناولت المستجدات المتعلقة بالمساعي السعودية السورية لتثبيت الاستقرار في لبنان، وانه من المقرر أن يستكمل الرئيس الحريري هذه المشاورات مع سليمان والقيادات اللبنانية فور عودته إلى بيروت.

وقد وجه الرئيس الحريري شكره إلى الملك عبد الله بن عبد العزيز على الرعاية التي يحيط بها لبنان واللبنانيين واستقرارهم وأمنهم، كما شكر الرئيس بشار الأسد على المساعي السعودية السورية لتثبيت هذا الاستقرار، مؤكداً ’أننا، على الرغم مما آلت إليه تطورات الساعات الأخيرة، سنعمل بكل الوسائل لإبقاء السبل مفتوحة أمام اللبنانيين للوصول إلى الحلول التي تضمن الاستقرار والهدوء وتحفظ الوحدة الوطنية التي تشكل الضمانة الوحيدة لجميع اللبنانيين في مواجهة التحديات’.

وقال مصدر مقرب من الحريري بحسب صحيفة ـ السفير ـ اللبنانية، إن الأخير ليس في وارد الاستقالة، واشار الى انه ’من الجيد ان يعود النقاش الى الدائرة اللبنانية، ولكن هذه الحكومة مع احترامنا لوزرائها قد لا تشكل الإطار الملائم لمعالجة مشكلة بحجم الانقسام الداخلي الحاصل حول المحكمة الدولية، ولذلك من الافضل ان يكون رئيس الجمهورية هو المرجع والراعي بحيث يجمع الزعماء السياسيين ويناقش معهم الوضع’. واعتبر ان الاستقالة المحتملة لوزراء المعارضة هي من حيث الشكل حق ديموقراطي، ولكنها لن تغير الشيء الكثير لأن الحكومة في واقعها الراهن هي أصلا حكومة تصريف أعمال بسب تعطيل أعمالها منذ فترة.

يذكر أن وزيرة الخارجية الأميركية أعربت الاثنين عن قلقها بشان محاولات ’زعزعة’ استقرار لبنان،وقالت كلينتون في تصريحات صحفية خلال جولتها الخليجية’اشعر بقلق شديد من محاولات زعزعة لبنان’.واضافت ’يجب ان نبذل كل ما في وسعنا لضمان عدم تحقق’ التحذيرات من نشوب نزاع اقليمي.

مشيرة إلى اتصالات أميركية مع السعوديين والفرنسيين والمصريين وغيرهم لمحاولة ضمان استقرار لبنان ومنع اية جهة خارجية او اي جهة داخل لبنان تأخذ تعليماتها من جهات خارجية من اتخاذ اي خطوات يمكن ان تزعزع استقرار لبنان وربما تتسبب في نشوب نزاع