الكاتب : سها مصطفى

متأخرا جاء ذلك التقرير للربط مابين الثورات العربية وما افرزته من ظواهر على حد تعبيرها، إلا أن محطة العبرية ’العربية’ استيقظت من رقادها (وياليتها ما استيقظت)، لتخرج علينا باختراع جديد من اختراعاتها الدعائية على قدر ماينفخه الـ’بندر’ في قربتها المفقوءة، معلنة باسكتش سريع يوحي بحدث جلل عناوين التقرير القادم: بعد قليل الشبيحة في سوريا ماذا يفعلون وماهي مهمتهم!

سبق التقرير عن اكتشاف سر المصطلح ’الشبيحة’، لقاء مع حنا حوشان مراسل المحطة في دمشق، المراسل الذي لم يكد ينتهي من تقريره عن أحداث درعا واللاذقية ناقلا ماذكره الاعلام الرسمي عن عصابات مسلحة تقتل الأمن والمدنيين مدعما ذلك عبر شهود عيان في مداخلته، حتى خرج التقرير المنتظر عن الشبيحة، عدنان السوادي مدبج التقرير استقى مادته الاعلامية وفق طريقة قناة العبرية المشهود لها وسوابقها في التأجيج الطائفي في لبنان والتي لما تنسى بعد!

التقرير يرفق عن قناة ’الشام’ أحد ابواق الاخوان المسلمين وسيء الذكر عبد الحليم خدام، لقطات وضعتها عن الانترنت لشخص يتعرض للضرب مرفقا بالمقدمة الصميدعية ’افرزت الثورات العربية مصطلحات مختلفة لعصابات تقوم بالقتل والتدمير والسرقة والترويع، ومنها في مصر البلطجية وفي سوريا.... الشبيحة’!

ويتابع’وليس معروف ماهو مصدر تسميتهما هل هو من الشبح أم هو لنوع من سيارات تلقب بالشبح’! استنتاج ذكي و’فتح’ على رأي اخواننا المصريين إذ يبدو أننا بصدد فيلم بوليودي طويل ومخرج من الدرجة العاشرة في أفضل الأحوال!

ويستمر ويزيد’وليس للشبيحة هيكل محدد وهي تعدادها بين الـ15 ألف والـ5 آلاف وتنتشر في القرداحة وجبلة واللاذقية وطرطوس’، الأرقام الأخيرة توحي بأن ثمة جمهورية في سوريا للتشبيح قائمة بحد ذاتها ونحن ’للأسف’ آخر من يعلم!

وفي مادته المرئية التقرير، يضع صور غير واضحة توحي بالاكشن والسسبنس أي وبالعربي ’الاثارة والتشويق’، لسيارات سوداء بزجاج أسود ’مفيم’ وكأننا أمام إحدى عصابات شيكاغو المارقة، تشق الطرقات مسرعة والغبار يتطاير من حولها ورائحة البارود تكاد تفوح من التلفاز، فيما يتقاطر موكب السيارات متواليا متتاليا مارا بسرعة على منعطف ما يبدو وكأنه في مجاهل أفغانستان أو إحدى قفار طالبان، فلا يمكنك تفقد نمر السيارات أو على الأقل التعرف للمكان من أي مكان أو علامة له هل هو....في غوانتنامو مثلا؟؟؟

وضمن جملة مايضع التقرير، نرى في خلفية الشاشة صورة لمواطن يتعرض للضرب، للايحاء بأن الشبيحة من يستهدفوه بالضرب على وقع التقرير، لكن حَريفو وحِرفيو اليوتيوب يعلمون أن الفيديو الأخير يعود لاستاذ جامعي ’من جنسية غير سورية’ تحرش بفتاة في إحدى الجامعات السورية الخاصة تمت معاقبته من قبل الـ’عناصر’ المختصة.

للأسف التقرير الأخير عن الشبيحة، جاء متأخرا عشرون عاما فقط لاغير أو لنقل عشرة اعوام فقط في أفضل الأحوال، فالشبيحة ممن اعتمدوا وامتهنوا مهنة التهريب كاصطلاح يعودون لأيام الثمانينات وفترة شد الحزام، عندما كان السوريون يشترون المحارم وعلب الجبنة مهربة من لبنان في عصر ذهبي للتهريب يذكره السوريون جيدا، ولعل أكثر شخصية مثلت الشبيحة هي شخصية ’أبوشملة’ في ضيعة ضايعة، الشخصية الساذجة والبسيطة والفقيرة التي تمتهن التهريب كطريقة حياة، ولم يفت جهابذة المحطة الكثير إذ يمكن الاستعانة بصديق والاطلاع على المسلسل عبر قناة المشرق التي تبث المسلسل حاليا.

ومالم يفطن له التقرير له في محاولته للتذاكي على الاصطلاح، أن كلمة التشبيح تراجعت فعليا في مطلع التسعينات، وانقرضت بشكل نهائي كمهنة مع الضربة التي سددتها شخصية سورية لمخابئ التهريب في الساحل، تلك المعلومة على مايبدو فاتت مدبج التقرير وسدنته ممن اضاعوا البوصلة، وحاولوا فقط استهداف والايحاء لطائفة بعينها بطريقة رخيصة تستغبي المشاهد، بوضع صور متعاقبة لشبان يدبكون على موسيقا واغان ساحلية وصور أخرى مختلفة لأشخاص يرفعون أسلحة مختلفة!

ماذا ايضا.... الخطاب التحريضي الرخيص للعبرية لم يتطور الى اليوم، للاسف رغم كم المال المسفوح من بترودولار على هذه المحطة! على أمل ارتقائها يوما بخطابها الاعلامي أو على الأقل حملاتها المنتظر منها أن تقوم بها بحرفية، لكنها حتى اليوم خيبت أملنا ولم تسجل مفاجأة تذكر!

ولكن، مالم تخبرنا ’العربية’ به هو الاصطلاح الرديف للبلطجة والشبيحة في السعودية ترى هل هو ’البندرة’ مثلا؟؟ أم هو المطاوعة ولانقصد مطاوعة بالمعنى الديني الوهابي السلفي الذي لطالما اشتهرت به السعودية، وانما المخابراتي والاعلامي ولعل العبرية أبرز عرابيهم بامتياز أمريكي!