الكاتب : زينب الدبس

صفعات إعلامية متوالية تضعنا بمسارات لا نعرف اتجاهها وإلى أين ستقودنا، نطل على الحدث من منظور إعلامي ولكن هذه المرة لا نعرف بوصلة الاتجاه، لكن ما تعلمناه في كلية الإعلام أن الحياد في الإعلام كما في الحياة هو أمر غير ممكن، ومستحيل بقوانين الفيزياء والفلسفة على حد سواء مايجعلنا ننتقل تدريجياً إلى الاعتراف بهذه الحقيقة، الحياد أسطورة؛ و المهنية لا تتنافى مع الانحياز، بحد ذاته، ولا تتأذى بتسويق الرأي، ولكنها تتعارض مع إخفائه وعدم الاعتراف به.

ولأن المبالغة في تبجح قناة الجزيرة يوماً بعد يوم وانحرافها عن الحياد فاق حدود المهنية واصبحت كمن يغرق في اللجة،على الرغم من الإدارة الجيدة للمحتوى في تصميم وفبركة الوجبة الإعلامية شكلاً ومضمونناً .

يجعلنا مجدداً نطرح كم من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول قرار قناة «الجزيرة» بعدم عرض الفيلم الوثائقي "صنع في سوريا". الفيلم الذي كان تم إعداده حول واقع الصناعة في سوريا، وما أثار حفيظتي هوا لرغبة المتعمدة والممنهجة لقناة الجزيرة بعدم إظهار الوجه المشرق والمشرف للصناعة السورية وبالتالي استكمالا لدورها لمحاولة ضرب استقرار سورية خاصة أنني التقيت مخرج الفيلم بلال خريس في الأشهر السابقة أثناء تصويره للفيلم والذي أسهب بالحديث عن الشفافية وحجم المساعدة التي قدمتها وزارة الصناعة في سبيل إنجاح الفيلم وأكد لي أن الجزيرة عمدت لاختيار سورية بعد دارسة واقع الصناعات في العديد من الدول العربية فلم تجد غير سوريا لامتيازها بحجم الصناعات والمصانع الموجودة لديها ،تواصلي مع المخرج وما طلب منه بالبداية بتأجيل الفيلم ومن ثم حذف حوارات مع عشر شخصيات سورية من أصل 12 شخصية، تضمنها الفيلم الوثائقي «صنع في سوريا».الأمر الذي يمكن اعتباره عملياً «إعدام» للفيلم .

المخرج بلال خريس الذي رفض التعليق على الموضوع بالبداية ربما لأسباب تتعلق باستمرارية عمله مع الجزيرة عاد ليصرح لصحيفة السفير عن ملابسات إلغاء الفيلم بشكل نهائي وإتلاف مواده الخام يوضح: «ما طلبته مني إدارة البرامج التي أجلّ وأحترم من تعديلات، يشمل ما نسبته تسعين بالمائة من الفيلم، وكأنها تطلب مني إنتاج فيلم جديد يتجاوز التقييم المهني، إذ لا يعقل أن تُرفض عشر مقابلات رئيسة من أصل 12 مقابلة، ولا يعقل لي كمخرج له خبرة في إنتاج الأفلام الوثائقية أن أبتعد في الفيلم كل هذه المسافة عن الهدف. ولماذا لم يتعرض أي فيلم من أفلامي السابقة لأي تعديلات تذكر، بينما يتعرض «صنع في سوريا» لتعديلات شديدة القسوة تشبه الإلغاء»؟

ويتابع : «حتى الآن لم أقتنع أن التعديلات مهنية بحتة. ومن حقي أن أدافع عن مهنيتي التي قضيت سنوات في إرسائها، ولا أريد لها أن تصبح رهينة تجاذبات».

ويتساءل خريس: «لماذا ألغيت مقابلة نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الذي تكلم عن الصناعة السورية من وجهة نظر سياسية، فذكر مثلاً الحصار الأميركي المفروض على سوريا بوصفه سبباً مباشراً في منع السوريين من استيراد معدات تقنية عالية الجودة، بينما يتاح لإسرائيل أهم التقنيات العالية على جميع الصعد، تقدم كهدايا مجانية بهدف إظهار التفاوت بين الصناعات العربية والإسرائيلية .. أين المشكلة في هذا الكلام ولماذا يرفض؟!»

وحول انحراف الجزيرة المشبوه عن مسارها قال خريس "لقد قدمت في الماضي أفلام تنسجم مع خطي السياسي والأدبي لخط المقاومة والممانعة. وكنت قدمت عبر شاشتها في السنوات الماضية مثل: «السلاح في أيد ناعمة»، «أيام بلون الورد»، «الحرب الأمنية».

يبدو أن تعمد الجزيرة لإلغاء الفيلم لم يعد مستغرباً وهي التي تسعى جاهدة طوال الوقت وعلى شاشتها زعزعة استقرار سورية وإثارة الفتن ومنه بالطبع لا يعنيها إظهار الوجه الحضاري والمشرق للصناعة السورية وكله يصب في خدمة المصالح الإسرائيلية الأمريكية في المنطقة لذلك نقول أن مياه الجزيره قد بدأت بالجفاف و ملوحة مياهها آخذه في الارتفاع و فرص الحياة فيها مماثله لفرص الحياة في البحر الميت.