الكاتب : حازم خضر

ثلاث سمات يمكن ملاحظتها في خطاب الرئيس بشار الأسد في إطلالته الثالثة خلال الأزمة رغم التفاصيل الكثيرة الواردة فيه على مدى حوالي الساعة والثلث. ولعل أهم ما يمكن تسجيله كقراءة أولى حالة الثقة الكبيرة بقدرة الدولة على تجاوز الأزمة رغم صعوبتها ووجود تأمر دولي لم يشأ التحدث عنه باستثناء تلميحات إلى المواقف السياسية والإعلامية ، ما يشير على قدرة دمشق على الانتظار وإعطاء مجال للآخرين قبل كشف أوراق مهمة تؤثر على علاقتها بدول كانت حتى أشهر قريبة في خانة الحلفاء أو على أقل تقدير ضمن الدول التي ترتبط بهم سورية بعلاقات وثيقة في المجالات كافة.

لم يرد الرئيس الأسد إلقاء الضوء على ذلك الجانب رغم امتلاك سورية بالتأكيد دلائل أو قرائن على الأقل عن وجود سلوك سياسي مريب في تصرفات بعض تلك الدول ، إلا أن حسابات الدبلوماسية ومصالح الدول هي الأساس ما يترك الباب مواربا من اجل إعادة البحث في تلك الهفوات والأخطاء الكبيرة التي وقعت بها تلك الدول.

وثانيا إن الرئيس الأسد فاجأ المراهنين على صعوبة الاقتراب من المادة الثامنة من الدستور مقدما طرحا أكثر جرأة من خلال إمكانية تعديل الدستور برمته مع ربط الخطوة الكبيرة بما يقرره الشعب . وفي ذلك إقرار بإمكانية تعديل الدستور وليس قيادة البعث في الدولة والمجتمع . والأهم أن الخطوة تشكل رسالة مهمة لجميع القوى بقدرة الدولة بالفعل على الإقدام على خطوات كبيرة قبل الولوج في الحوار السياسي.

أما الملاحظة البارزة الثالثة فتتصل بإعطاء الحوار الوطني كل الاهتمام وجعله عنوانا للمرحلة المقبلة يتم خلاله الفصل في كل ما يشغل بال السوريين وظهر جليا خلال الأزمة الوطنية الكبيرة التي تعيشها سورية.

سورية باتت اليوم ، كما أعلنها الرئيس بشار الأسد، ورشة عمل كبيرة مطلوب فيها مشاركة كل سوري من أجل رسم مستقبل بلاده والعمل على إخراجها من الحال التي تعيشه من اضطراب أمني في بعض المناطق وحالة تظاهر لا تستقيم مع المطالب المحقة التي اعترفت الدولة بها وأعلنت العمل من أجل معالجتها. والشباب لهم مكانة بالغة الأهمية في العمل للخروج من الحال تلك باتجاه فضاءات مهمة .

بالتأكيد لم تنته الأزمة بعد ، إلا ان الطريق للمعالجة قد رسمت ولكل سوري أيا كان موقعه دور في الورشة الوطنية مهما كان التباين والخلاف في الآراء والتوجه السياسي على اعتبار أن هدف الجميع منعة وتقدم ورفع سورية.