"الشعار الإنساني" تجاوز الشعار الديمقراطي خلال النشاط الدبلوماسي الأوروبي مع نهاية هذا الأسبوع، فالصراع يطفو على تحركات الصليب الأحمر الذي اتهم دمشق بعدم السماح له أمس بالدخول إلى حي بابا عمرو في حمص، بينما عادت المعارضة للحديث عن "منطقة عازلة" في منطقة أدلب، وتحدثت بعض مصادر "المجلس الوطني" عن ان رئيسه برهان غليون قدم لائحة مطالب إلى وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو خلال مباحثاته أمس في انقرة، ومن بينها مسألة المناطق العازلة التي تبدو السيناريو الوحيد الذي يتعلق به "المجلس الوطني.

الصليب الأحمر

وكانت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ادعت ان السلطات السورية منعتها من دخول حي بابا عمرو في مدينة حمص أمس، كما قالت انها تسلمت من السلطات السورية جثتي الصحفيين اللذين قتلا في 22 شباط، وهما الامريكية ماري كولفين والمصور الفرنسي ريمي اوشليك، موضحة أن الجثتين ستنقلان في عربتي اسعاف تابعتين للهلال الاحمر العربي السوري من حمص الى دمشق.

وحسب بيان لـ"جاكوب كيلنبرجر" رئيس اللجنة في جنيف فإن أعضاء الصليب الأحمر باقون حمص على أمل دخول بابا عمرو في أقرب وقت، موضحا أن العديد من أسر هذا الحي هربت منه و "سنساعدهم بأسرع ما يمكننا".

وكانت قافلة اللجنة المكونة من سبع شاحنات محملة بالاغذية وامدادات الاغاثة الاخرى اتجهت من العاصمة السورية دمشق الى حمص في وقت مبكر من يوم الجمعة، حيث انتظرها متطوعو الهلال الاحمر العربي السوري وسيارات الاسعاف التابعة له ليدخلوا معا منطقة بابا عمرو.

سيناريو المنطقة العازلة

على صعيد المعارضة السورية استقبل وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أمس وفدا من المجلس الوطني السوري برئاسة برهان غليون، وحسب بعض المصادر في المجلس فإن الوفد سيقدم "لائحة مطالب" إلى الوزير التركي بينها إقامة منطقة عازلة على الحدود قرب منطقتي إدلب وجبل الزاوية، بالإضافة إلى بحث التحضيرات الجارية لمؤتمر أصدقاء سورية في اسطنبول خلال شهر آذار الجاري".

ويأتي الاجتماع فيما أعلن المجلس عن تشكيله مكتبا عسكريا مهمته متابعة شؤون "المقاومة المسلحة" أو ما يعرف بـ"الجيش السوري الحر"، وتنظيمها وأيضا إدارة تمويل المقاومة وعملياتها، في وقت اتهم رياض الأسعد الذي يدعي قيادته للجيش المجلس بأنه لا يقد أي شيء، وحسب معلومات من العاصمة الفرنسية فإن زيارة غليون إلى أنقرة تحمل في طياتها محاولة للضغط على "رياض الأسعد" وعلى الأخص مع التناقضات التي تحملها التصريحات من الجانبين.
وتتحدث المعلومات عن موضوعين أساسيين حملهما غليون إلى أنقرة:

  الأول دفع رياض الأسعد إلى تنسيق مواقفه مع المجلس واعتباره "المرجع السياسي الأعلى"، حيث يرى بعض أعضاء المجلس أنهم يخسرون بعضا من أوراقهم السياسية نتيجة عدم قدرتهم على فرض الاعتراف بقيادة المجلس لكافة أشكال المعارضة، وعلى الأخص المسلحة، فعمليات التسليح القادمة تحمل معها الكثير من المغريات بالنسبة لأعضاء المجلس.

  الثاني محاولة قطع الطريق على حالات الانشقاق التي ظهرت في المجلس بعد مؤتمر تونس، فـ"غليون" يريد استطلاع رأي أنقرة بكافة المجموعات، مع معرفة قوة حضورها في المؤتمر القادم التي تستضيفه تركية، على الأخص أن البعض يتحدث عن "أياد تركية" في الانشقاقات التي حدثت.

من جانبه أكد دبلوماسي تركي أن المجلس الوطني السوري لم يطلب خلال اللقاء فتح مكتب عسكري في تركيا مكلف بتسليح المعارضة. وقال هذا المصدر الدبلوماسي لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف اسمه اثر اللقاء الذي استمر اكثر من اربع ساعات "لم نتلق طلبا رسميا من جانبهم". واضاف "تم البحث في مسائل امنية، الا ان الجوانب العسكرية ومسألة هذا المكتب لم يتم التطرق اليها".

"الجعفري" وتقرير بان كي مون

من جانب آخر أكد بشار الجعفري، مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة، أن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، حول تطبيق قرار الجمعية العامة الذي اعتمد قبل نحو أسبوعين، يدفع باتجاه تأزيم الوضع في سورية أكثر من الدفع باتجاه إيجاد حلول له.

وقال الجعفري في كلمة له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس الجمعة ان مضمون البيان المقدم "لا يبعث أبدا على الارتياح"، معربا عن استغرابه من طريقة التعامل مع الحالة السورية، معتبرا أن هذا التعامل مستند فقط "إلى مجرد تقارير وآراء تصدر عن أوساط سورية معارضة في الخارج"، وكذلك استنادا إلى تقارير استخباراتية لدول أخرى "تعمل ليس فقط على تغيير النظام في سورية كما يقولون وإنما على تغيير الدولة".

وأوضح الجعفري أن مسؤولة العلاقات الإنسانية إدعت بأن دمشق لم تقبل بزيارتها، مشددا على أن الإدعاء بأن الحكومة السورية فشلت في حماية شعبها باطل، كما كشف أن عناصر من تنظيم "القاعدة" قتلت في مدينة حمص، و"لكن السؤال لماذا يغض البعض النظر عن دخول عناصر من القاعدة الى سورية؟".

وفيما يخص كلام كي مون عن أن عسكرة المعارضة السورية ليس الحل، تسائل الجعفري هل "يفترض بالمعارضة أن تكون مسلحة وأقوى من النظام؟"، لافتا الى أن "كلام كي مون سيفسر على أنه غطاء لعمليات المسلحين في سورية". كما أكد الجعفري أن الهدف من الضغط على سورية هو سياسي بإمتياز، معربا عن أسفه لأن كي مون أغفل عن تقريره التطورات السياسية في سورية مثل الدستور الجديد.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اعلن الجمعة أن عسكرة الوضع في سورية ليس هو الحل للأزمة السورية، معتبرا أن الإنقسام الدولي حول الوضع السوري يزيد الوضع تدهورا. وأضاف أن السلطات السورية ارتكبت جرائم واضحة وعلى نطاق واسع ضد المدنيين السوريين.

وأعرب بان كي مون الذي كان يتحدث امام الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك عن قلقه من ان القوات السورية تنفذ بصورة تعسفية اعدامات واعتقالات وتعذيبا في حمص بعدما مُنع الصليب الاحمر من دخول حي بابا عمرو الذي تعرض للدمار. وقال إنه تلقى "تقارير مروعة" بهذا الصدد.

ولفت كي مون الى أن الأوضاع الإنسانية في سورية متدهورة جدا، مطالبا الحكومة السورية بالسماح لمسؤولة العلاقات الإنسانية بالدخول الى سوريا، ومشيرا الى أن الحكومة السورية قد فشلت في الوفاء بوعودها وبحماية المدنيين. وأوضح كي مون أن قوة المعارضة تعد ضعيفة مقارنة مع قوة الجيش النظامي، لافتا في نفس الوقت الى أن افراط الجيش السوري في استخدام القوة دمر كل الجهود.