وزير خارجية روسيا الأتحادية سيرغي لافروف
تصوير مارك جارتن/ الأمم المتحدة

الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أود أن أرحب ترحيبا حارا بمعالي الأمين العام والوزراء والممثلين الآخرين المشاركين في هذه الجلسة. إن وجودهم مجتمعين تأكيد على أهمية الموضوع الذي سيجري تناوله.

يبدأ مجلس الأمن الآن نظره في البند المدرج في جدول أعماله.

أعطي الكلمة للأمين العام، معالي السيد بان
كي - مون.

الأمين العام (تكلم بالإنكليزية): إنه لمن دواعي سروري أن أرحب بالوزراء الذين يحضرون هذه الجلسة الهامة. وأشكر وزير الخارجية وليام هيغ على استخدام رئاسة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية لمجلس الأمن في التركيز على التطورات المأساوية التي حدثت في منطقة الشرق الأوسط ولا تزال تحدث في الوقت الذي نتحدث فيه.

حولت الأحداث البارزة التي شهدها العام الماضي المنطقة وغيرت العالم. نرى تونس التي أخذت بالديمقراطية حديثا - البلد الذي انطلقت منه الشرارة الأولى التي انتشرت منذئذ على مدى بعيد وواسع. نرى ليبيا تنسى عقودا من الدكتاتورية. نرى اليمن ورئيسا منتخبا حديثا. نرى الشعوب في مختلف أنحاء المنطقة - النساء والشباب في الطليعة - ما برحت تطالب بالحرية وحقوق الإنسان، بالكرامة وتوفير الفرص، بحكومة مسؤولة، وبإنهاء الفساد واحتكار الثروة والسلطة. إن الحركات الديمقراطية العفوية النابعة من الداخل هي فخر للشعوب العربية.

لكن علينا أيضا أن نعترف بأن ثمن المعاناة الإنسانية والخسائر في الأرواح باهظ. لقد بلغنا لحظة واقعية. في مصر، ما فتئنا ندعو إلى نقل السلطة إلى حكومة مدنية بشكل سلمي وفي وقت مبكر. وفي البحرين، لا تزال هناك حاجة لإجراء حوار شامل وعملية إصلاح ذات مغزى. وفي بلدان أخرى كذلك، تهب الشعوب وتقاوم مخاوفها للمطالبة بمزيد من التمكين السياسي والعدالة الاجتماعية.

في سوريا، تحول ما بدأ في شكل مطالب شعبية سلمية بالحقوق الديمقراطية التي طال إنكارها إلى مسلسل خطير من العنف يقود سوريا والمنطقة إلى حالة من عدم اليقين. فشلت الحكومة السورية في الاضطلاع بمسؤوليتها عن حماية شعبها، وبدلا من ذلك عرضت المواطنين في عدة مدن إلى هجوم عسكري واستخدام غير متناسب للقوة. لا تزال هذه العمليات المشينة مستمرة. وأسفرت الهجمات المتواصلة على ادلب وحمص ومناطق أخرى من البلد عن مقتل عشرات الأشخاص على مدى اليومين الماضيين، بما في ذلك النساء والأطفال.

أشكر مجلس الأمن على دعم الجهود الإنسانية التي تبذلها الأمم المتحدة. إن وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية، السيدة فاليري أموس، تواصل جهودها، في أعقاب الزيارة التي قامت بها إلى البلد، للحصول على الوصول اللازم دون عوائق لمواجهة الدمار. خلصت لجنة التحقيق الدولية المعنية بسوريا إلى أن قوات الحكومة السورية قد ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على نطاق واسع وبصورة منهجية تصل إلى أن تكون جرائم ضد الإنسانية.

ولا يزال الصراع يزداد عمقا. فرت أعداد متزايدة داخليا أو لجأت إلى البلدان المجاورة. هناك جماعات أكثر تحمل السلاح. ثمة حاجة ملحة لأن يوقف المجتمع الدولي العنف. وتحدثت الجمعية العامة بوضوح تأييدا لدعوة جامعة الدول العربية إلى وقف العنف والتوصل إلى حل سياسي سلمي. وقد طلبت أنا والعربي الأمين العام لجامعة الدول العربية من الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان أن يكون مبعوثنا الخاص المشترك وأن يبذل مساعيه الحميدة لتيسير التحقيق العاجل لهذه الأهداف. وسوف يساعده نائب المبعوث الخاص ناصر القدوة.

ولعل الأعضاء تابعوا عن كثب، فقد زار المبعوث الخاص المشترك من فوره سوريا في عطلة نهاية الأسبوع. وقبل ذلك، أجرى مشاورات مكثفة معي ومع آخرين في نيويورك، وفي القاهرة مع الأمين العام العربي، ومجموعة كبيرة من الوزراء الذين حضروا الاجتماع الوزاري لجامعة الدول العربية هناك. وفي دمشق، اجتمع مرتين مع الرئيس الأسد، ومع جزء من المعارضة ومع المجتمع المدني السوري، والزعماء الدينيين ورجال الأعمال. ورحب جميع المحاورين في سوريا بمهمة السيد عنان.

أجرى السيد عنان مناقشات صريحة وشاملة مع الرئيس الأسد، وطرح اقتراحات عملية على الرئيس. وحث الرئيس الأسد على اتخاذ خطوات فورية لوضع حد لأعمال العنف والتجاوزات، ومعالجة الأزمة الإنسانية، والشروع في عملية سياسية سلمية شاملة بقيادة سورية ييسرها السيد عنان من شأنها تلبية التطلعات الديمقراطية والمشروعة للشعب السوري.

وأضم صوتي إلى صوت السيد عنان في حث الرئيس الأسد على اتخاذ إجراءات عاجلة، في غضون الأيام القليلة المقبلة، استجابة للمقترحات التي طرحها المبعوث الخاص المشترك. وأناشد مجلس الأمن توحيد الصف بقوة وراء إنهاء العنف ودعم مهمة السيد عنان لمساعدة سوريا في الابتعاد عن حافة كارثة أعمق. هذا أمر حيوي بالنسبة للشعب السوري والمنطقة برمتها.

وأعرب عن التقدير للمبادرات الأخيرة للاتحاد الروسي والصين، بما في ذلك انخراطهما مع سوريا ومع جامعة الدول العربية. في هذه المرحلة الحاسمة، سيكون من الضروري للمجلس أن يتكلم بصوت واحد، وآمل أن يجد المجلس طريقه نحو اعتماد قرار بالإجماع يرسل إشارة على تصميمه القوي.

اسمحوا لي أيضا أن أقول بضع كلمات عن الصورة الأوسع في المنطقة للمضي قدما. أرى أن هناك خمس نقاط أساسية يجب أن تؤخذ في الاعتبار.

أولا، على القادة اختيار طريق الإصلاحات المجدية، أو إفساح المجال أمام أولئك الذين سيفعلون. إن الشعوب لا تريد تغييرات شكلية لا تعطي سوى مذاق الديمقراطية. إنها تريد الحكم الخاضع للمساءلة واتخاذ تدابير حازمة ضد الفساد والمحاباة.

ثانيا، علينا تعزيز التعددية وحماية حقوق الأقليات. ينبغي أن تكون الحكومة الشاملة هي شعار الديمقراطيات الجديدة في المنطقة.

ثالثا، وقفت المرأة في الساحات والشوارع تطالب بالتغيير، والآن لها الحق في الجلوس إلى الطاولة، بنفوذ حقيقي في عملية صنع القرار وهي في منأى من العنف والترهيب وسوء المعاملة. أعاق النقص في تمكين المرأة المنطقة العربية طويلا.

رابعا، يجب علينا أن نهيئ فرصاً للشباب. وبغية استيعاب الشباب الذين يدخلون سوق العمل، تحتاج الدول العربية إلى تهيئة 50 مليون فرصة عمل خلال العقد المقبل.

خامسا، يجب أن يكون هناك سلام إقليمي. إن الصحوة الإقليمية المستندة إلى المثل العليا المتمثلة في الحرية والكرامة وعدم اللجوء إلى العنف لن تكتمل دون التوصل إلى حل للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني.

ومع ذلك، لم تجلب السنة الماضية زخما جديداً. فعملية السلام لا تزال تراوح مكانها. ومرة أخرى يتضح أن الوضع في غزة لا يتصف بالاستدامة. وإنني أشعر بقلق بالغ إزاء التصعيد الأخير بين غزة وإسرائيل. فالمدنيون هم الذين يدفعون مرة أخرى ثمناً باهظاً. إن الهجمات بالصواريخ من غزة على المناطق المدنية الإسرائيلية غير مقبولة ويجب أن تتوقف فورا. وأكرر دعوتي إسرائيل إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس.

لقد ناشدت القادة الإسرائيليين والفلسطينيين أن يتبنوا التغييرات الإقليمية ويظهروا الشجاعة والرؤية اللازمتين للتوصل إلى اتفاق تاريخي. ومع شركائي في المجموعة الرباعية الذين التقيتهم صباح هذا اليوم، سوف نظل نشارك في مساعدة الأطراف على المضي قدما. ويجب أن نهيئ الظروف لمفاوضات مثمرة تعمل على حل مسائل الوضع النهائي الأساسية - خاصة ما يتعلق منها بالأرض، والأمن، واللاجئين، والقدس - وتنهي الاحتلال الذي بدأ في عام 1967. هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم الذي يحقق رؤية إنشاء دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن.

وسوف تستفيد المنطقة أيضا من وضع حد للتوترات التي تسببها الشواغل إزاء البرنامج النووي الإيراني. وإنني أحث جميع الجهات على ممارسة أقصى قدر من العناية وضبط النفس، والالتزام ببذل الجهود الدبلوماسية بحسن نية، والامتثال لجميع قرارات المجلس ذات الصلة.

قبل عقدين، تمرد جيل سابق ضد الطغيان في شرق أوروبا. فسارع المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدة. واليوم، ينبغي للمجتمع الدولي أن ينخرط في العمل مرة أخرى. ولدى قيامنا بذلك، سيكون من الاهمية بمكان تجاوز بعض الافتراضات التي غالباً ما تحكم العلاقات بين الدول العربية وشركائها. وثمة فكرة مدمرة هي أن العالم العربي ليس مستعدا للديمقراطية؛ وثمة فكرة أخرى هي أن الأمن يجب أن يسبق حقوق الإنسان.

إن تلك الافتراضات أدّت إلى إبقاء حكومات غير تمثيلية في السلطة، فلم يظهر منها ما يستحق الذكر تجاه الديمقراطية أو الأمن. والأمم المتحدة، أيضا، يجب أن تعمل على تحديث نهجها في المنطقة. إننا نجعل كامل خبراتنا وأفضل ممارساتنا متاحة للبلدان التي تمر اقتصاداتها بمرحلة انتقالية. ونحن ملتزمون التزاما قويا بتأدية دورنا في تمكين منطقة تتغيّر تغييرا عميقا من التوصل الى السلام وتحقيق إمكاناتها.

الرئيس (تكلم بالإنكليزية): أشكر الأمين العام على بيانه.

أدلي الآن ببيان بصفتي وزير الخارجية وشؤون الكمنولث في المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية.

إنني ممتن للأمين العام على إحاطته الاعلامية.

يشرفني أن أترأس هذه الجلسة الخاصة لمجلس الأمن عن الشرق الأوسط. إن المملكة المتحدة تعقد هذه الجلسة لسببين هامين. السبب الأول هو الدعوة إلى تكثيف الجهود الدولية لدعم الحرية السياسية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط، مع احترام سيادة الدول العربية. وذلك يشمل تقديم مساعدات فعالة إلى مصر، وتونس، واليمن، وليبيا التي تسعى إلى إنجاح عملياتها الانتقالية. والسبب الثاني هو دعوة مجلس الأمن مرة أخرى إلى الاضطلاع بعمل عاجل وضروري من أجل وقف إراقة الدماء في سوريا.

إن الربيع العربي، كما أصبح معروفا، هو بالفعل أهم حدث في مطلع القرن الحادي والعشرين، مع ما يخلّفه من آثار عميقة على السلم والأمن الدوليين. لذلك، من الصواب أن تتم مناقشته في مجلس الأمن. بعض الناس ينظرون إليه بخوف وذعر، ولكننا في بريطانيا ننظر إليه بإيجابية شديدة. فهو يثير احتمال توسيع نطاق حرية الإنسان إلى أبعد حد منذ نهاية الحرب الباردة، وفي منطقة الشرق الأوسط التي سيكون بوسعها في 20 عاماً أن تتكون من مجتمعات تتصف بالانفتاح والازدهار والاستقرار. وإذا تسنى لهذا السيناريو أن يشمل أيضا السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين - وهو ضرورة أبرزتها الأحداث التي وقعت في غزة وحولها خلال الأيام القليلة الماضية - وأن يشمل التوصل إلى تسوية تفاوضية للأزمة النووية مع إيران، فثمة حاجة أقوى إلى تقديم المساعدة كي يصبح ذلك حقيقة واقعة.

ولكن إذا تحولنا بعيداً عن المنطقة، أو إذا قللنا من توقعاتنا وسمحنا للتشاؤم بأن يكون سيد الموقف، أو إذا أرسلنا إشارة تدل على التغاضي عن القمع والعنف، أو إذا سمحنا لسوريا بالدخول في حرب أهلية أو باستمرار أعمال العنف، حينئذ سوف تُهدر فرص هائلة وتتحقق بعض أسوأ المخاوف المتعلقة بمستقبل المنطقة.

وبوسعنا اليوم أن نرى تطورات إيجابية لم يكن تصورها ممكنا قبل عامين - كما هو الحال في تونس التي شهدت أول برلمان منتخب ديمقراطيا منذ خمسينات القرن الماضي، مع نسبة 24 في المائة من المقاعد تشغلها المرأة؛ وفي ليبيا، التي شهدت تشكيل حكومة جديدة بعد 40 عاماً من حكم الرجل الواحد؛ وفي المغرب، الذي شهد انتخابات أكثر حرية في ظل دستور جديد. وبعض هذه البلدان تواجه تحديات هائلة، وستكون هناك نكسات، فضلا عن إحراز تقدم في السنوات المقبلة.

ولكن ذلك يعزز الحاجة إلى مساعدة الدول العربية على بناء مؤسساتها، وفتح اقتصاداتها، وإنشاء مجتمعات مدنية قوية، حيث يتم طلب هذه المساعدة. وبريطانيا تقوم بدورها في هذا الصدد. إن مبادرتنا المتعلقة بالشراكة العربية تدعم مشاريع في 10 بلدان مختلفة. وباستطاعة المجتمع الدولي أن يفعل المزيد على نطاق أوسع، من خلال المنظمات المالية الدولية، ومجموعة الثمانية، والمنظمات الإقليمية. ولقد تقدم الاتحاد الأوروبي بعرض جريء لدعم المنطقة، يجب تنفيذه الآن تنفيذا كاملا.

ونعتقد أنه فيما نبني على هذه الجهود، ينبغي أن نسترشد بثلاثة مبادئ واضحة. الأول هو أن المطالبات بحقوق الإنسان والحرية هي مطالبات عالمية وسوف تتعم بحد ذاتها على مر الزمن، لأنها تطلعات بشرية أساسية. وهذا ليس مفهوما جديداً؛ فهو منصوص عليه في ديباجة ميثاق الأمم المتحدة وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اعتمدته الجمعية العامة قبل 64 عاماً. وهو حقيقة تتجاهله الحكومات على نحو خطير. وقد أثبتته التجربة في العديد من البلدان.

ويؤكد الربيع العربي مجددا ما يحذر منه التاريخ، وهو أنه عندما تستجيب الحكومات بقبضة من حديد لأحلام مواطنيها التي يتعذر قمعها، ومطالبهم المشروعة، وآمالهم التي لا يمكن تبديدها، فهي محكومة بالسقوط على المدى الطويل. إن القمع سياسة الفشل، ولا يمكنه أن يحقق الاستقرار. وينبغي لجميع الحكومات في المنطقة أن تحتضن الإصلاح السلمي وأن تتحرك بثبات صوب مزيد من الحرية السياسية والاقتصادية. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فبوسعنا أن نرى المزيد من الانشقاقات العنيفة التي يمكن أن تحدث عندما يطالب الناس بحقوقهم، إذ لا توجد قوة تمنعهم قسرا من التخلي عنها.

والمبدأ الأساسي الثاني هو أننا لا يمكن أن نفرض التغيير من الخارج، ونحن لا نريد أن نفعل ذلك. لا يوجد نموذج واحد للديمقراطية، لذلك على الشعب في كل بلد من بلدان المنطقة أن يحدد مستقبله وفقا لمختلف ثقافاته وتقاليده ونظمه السياسية. ولكن ما من حكومة في أي مكان في العالم يمكنها تبرير العنف ضد شعبها، أو القول إن مبدأ الديمقراطية الأساسي - حق المواطنين في اختيار وتغيير ممثليهم - لا ينطبق في بلدها.

وفي بريطانيا سوف نقف دائماً الى جانب هذا المبدأ الحيوي. وهكذا يجب علينا أن نحترم أيضا الخيارات التي يتخذها المواطنون العرب من خلال صناديق الاقتراع. ويشمل ذلك الاستعداد للعمل مع الجماعات المنتخبة الجديدة التي تستلهم الإسلام، وتتمسك بالمعايير العالية نفسها المتمثلة في نبذ العنف، واحترام حقوق الإنسان، والاستعداد لاحترام نتائج الانتخابات التي ستجري في المستقبل، وهو ما يُتوقع من الآخرين.

ويتمثل المبدأ الثالث في أن الإصلاحَين السياسي والاقتصادي يترافق أحدهما مع الآخر. فالنجاح الاقتصادي أمر أساسي لدعم الاستقرار والازدهار. ولكن، أيضا، لا يمكن تحقيق الاستقرار لأمد طويل دون مزيد من الانفتاح السياسي.

أخيراً، إن الربيع العربي سيكون عملا يقوم به جيل من الناس. ويجب أن نتحلى بالصبر الاستراتيجي، فلا نتحول بعيداً عن المنطقة.

بيد أن كل هذه النوايا الطيبة لن تعني شيئا إذا لم نقف إلى جانب قيمنا أو نضطلع بمسؤوليتنا تجاه الأزمة الأكثر إلحاحا اليوم. فالوضع في سوريا يلقي بظلال كبيرة على هذه المناقشة. وفي نظر الغالبية الساحقة من العالم، إن المجلس فشل حتى الآن في تحمّل مسؤولياته حيال الشعب السوري. فقد أخفق في التصدي للقمع الوحشي الذي يمارسه النظام السوري على المتظاهرين المسالمين. وهو لم يلقِ بعد بثقله وسلطته وراء الجهود التي تبذلها جامعة الدول العربية. ولقد حان الوقت كي يظهر مجلس الأمن الوحدة والقيادة.

وينبغي للمجلس أن يتمكن من المطالبة بوقف فوري لأعمال القمع الوحشي وانتهاكات حقوق الإنسان. ينبغي أن يكون في إمكان المجلس أن يطالب بإيقاف العنف كله وبتوفير سبل وصول المساعدة الإنسانية الفورية وغير المعاقة، وأن يدعو الحكومة السورية إلى تنفيذ التزاماتها إزاء جامعة الدول العربية، عن طريق إيقاف العمل العسكري وسحب قواتها من البلدات والمدن، وإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين وإتاحة الوصول إلى وسائط الإعلام، ودعم عمل مبعوث جامعة الدول العربية والأمم المتحدة، ودعم قيام الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بتيسير عملية انتقال سياسي تقوده سورية. وأدعو مرة أخرى المجلس إلى اتخاذ قرار يشمل هذه العناصر الأساسية.

وخارج هذه القاعة يعمل خبراء بريطانيون في الأردن وتركيا ولبنان للمساعدة في توثيق الجرائم المرتكبة ضد الشعب السوري. وأحث الدول الأخرى على الانضمام إلينا في ذلك الجهد، حتى يعرف النظام أنه لا يستطيع أن يواصل مساره بإفلات من العقاب.

لا تعتبر جميع البلدان هنا الربيعَ العربي على نفس الضوء. ولكننا نتقاسم المسؤولية عن صون السلم والأمن الدوليين، ولدينا مصلحة مشتركة كبيرة في العمل معا. كان ذلك السببَ ذاته الذي أنشأ أولا الأمم المتحدة، وينبغي لنا أن نعمل معا بهذه الروح الآن، ليس فقط في وقف إراقة الدماء في سورية ولكن أيضا في الدعم على الأمد الطويل لتلك المنطقة الحيوية.

أستأنف الآن أداء مهامي بوصفي رئيس للمجلس.

أعطي الكلمة الآن للأعضاء الآخرين في مجلس الأمن.

السيد جوبيه (فرنسا) (تكلم بالفرنسية): يعهدَ ميثاق الأمم المتحدة إلى مجلس الأمن بتولي المسؤولية الرئيسية، وهي مسؤولية عن حفظ السلم والأمن الدوليين. وتعترف المنظمة أيضا بسيادة الدول وعدم التدخل بوصفهما مبدأين أساسيين. في 2005 أدى بنا تطور عملنا إلى الإقرار بأن على المجلس التزاماً بالعمل حينما لا تكون مسؤولية الحماية مضمونة، وحينما تُرتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أمام أعيننا وبأن الحكومات تخضع للمساءلة عن ارتكاب الجرائم وعن التغاضي عن ارتكابها كذلك.

هذا هو السياق الذي نعقد فيه جلسة اليوم، وأشكر المملكة المتحدة على مبادرتها بالدعوة إلى عقدها. هذه هي فرصة للنظر في ما يمكن وينبغي للمجلس أن يفعله ليساعد في جعل الربيع العربي قوة من أجل السلام والأمن في المنطقة والعالم.

طوال ما ينيف عن سنة شهد العالم العربي تغييرات كاسحة لا سابق لها. وبشجاعة غير عادية تصدى التونسيون والمصريون والليبيون واليمنيون والسوريون للقمع، مطالبين بحقوقهم. وبتصميم يبعث على الإعجاب نهضوا، مطالبين بحقوقهم المشروعة في الحرية والكرامة الإنسانية والديمقراطية. تعتبر فرنسا هذا المرمى شاهدا بالتطلع العالمي إلى الديمقراطية، مؤكدا مرة أخرى دروس التاريخ التي تفيد بأن النُظُم التي تُخمد أصوات شعوبها لا مستقبل لها، وبأن الحكومات التي تخنق حقوق الإنسان ستنهار عاجلا أو آجلا.

ما كان مجلس الأمن سيدري بالحالات قيد النظر لولا حقيقة تدهور عدد منها بسبب تعنت الحكومات البالية. في تونس ومصر تمكن الشعب نفسه من الإطاحة بالسلطات السيئة السمعة وبدايات عمليات ديمقراطية - ليس بدون مشقة ولكن، على الرغم من ذلك، دون التسبب في حمامات الدم. وفي الأردن والمغرب اختارت السلطات السياسية بشجاعة الحوارُ والإصلاح والانتخابات. لقد كنت في المغرب قبل أيام قليلة فقط، وذلك البلد مثال يبعث على الأمل على المنطقة برمتها.

وطبعا لم يسو أي شيْ مرة واحدة وإلى الأبد. وطبعا، كما نعرف نحن جميعا، فإن كل ثورة ديمقراطية تحمل في طياتها خطر خيبة الأمل والرجوع إلى الوراء. ونحن نعرف جميعا أن التحولات الديمقراطية تتطلب وقتا. ولكن التاريخ يتخذ مساره، والتغيرات التي تجتاح العالم العربي فرصة للمنطقة - وللسلام.

وفي هذه غضون ذلك لم تكن ليبيا ليست محظوظة بذلك القدر، وأصبح التزام المجلس واضحا على الفور. نهض الشعب الليبي ضد مستبد ونظام مصمم على إغراق آماله في الحرية في الدماء. وفي 26 شباط/فبراير 2011، في تعبير عن الإدانة العالمية، اتخذ مجلس الأمن بالإجماع القرار 1970 (2011)، فارضا جزاءات وداعيا محكمة العدل الدولية إلى النظر في القمع الوحشي، الذي صنّفه مدعي المحكمة بأنه جرائم ضد الإنسانية. وفي مواجهة مستبد يهدد بارتكاب المجازر ضد سكان بنغازي، قامت المنظمات الإقليمية، بقيادة جامعة الدول العربية، وأيضا الاتحاد الأفريقي، قامت، في مواجهة مستبد يهدد بارتكاب المجازر ضد سكان بنغازي، بدعوة مجلس الأمن إلى التصرف. لقد كان ذلك سبب القرار 1973 (2011) الذي كافحت فرنسا دون كلل من أجل اتخاذه.

وتعتز فرنسا بأن أدت دورا في اتخاذ ذلك القرار. إننا نعتقد اعتقادا قويا بأن المجلس بذلك القرار اتخذ بشكل جماعي المقرر الصحيح والمشرِّف الوحيد. بذلك القرار أنقذنا آلاف الأرواح وقمنا بحماية السكان الليبيين. وبسببه ستُدون بنغازي في التاريخ ليس بصفتها مدينة الشهادة ولكن بصفتها رمزا للحرية. أريد أن أؤكد على نحو قطعي إن التشكيك في مشروعية وقانونية إجراءاتنا والتلميح بأنها كانت ترقى إلى مرتبة الأعمال الجنائية - على الرغم من البينات كلها التي تشير إلى عكس ذلك، كما أكدت لجنة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان - تشويه كامل للتاريخ وإهانة لجميع كبار الليبيين الذين قاتلوا بشجاعة لكسب حريتهم. واليوم، باتخاذ القرار 2040 (2012) بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يواصل المجلس تحمل مسؤوليته لمساعدة البلد في بناء سيادة القانون وأسس تقدمه صوب الديمقراطية.

في اليمن اضطلع المجلس أيضا بالتزاماته. إن اتخاذ القرار 2014 (2011) بالإجماع في تشرين الأول/أكتوبر المنصرم أدى إلى نقل سلمي للسلطة، على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي. بعد شهور من الأزمات والنزاعات شُكّلت حكومة وحدة وطنية، وانتُخب رئيس جديد، بتأييد واسع النطاق، وخفت حدة التوترات. وطبعا لم تُحل جميع المشاكل، ولكن بزغ عهد جديد في التاريخ اليمني.

وفي الحالتين كلتيهما تصرف المجلس على نحو فعال لأنه لم يستجب لنداءات السكان فحسب ولكن نداءات المنظمات الإقليمية أيضا، التي وفرت الوضوح وأشارت إلى طريق الحلول السياسية.

واليوم، يواجه المجلس مأساة في سورية. خلال السنة الماضية، منذ التظاهرة السلمية الكبيرة الأولى التي حدثت في درعا في 18 آذار/مارس 2011، ظل يزداد يوميا رفض الحالة. إن النظام، وهو يصم أذنيه عن صوت شعبه، وعن جميع المناشدات من المجتمع الدولي، بما في ذلك مناشدات جامعة الدول العربية والجهات الشريكة القريبة منها، ينخرط في قمع متزايد الدموية وعنف متزايد الوحشية. هذا الاندفاع المتهور نحو العنف أدانته على نحو قطعي الجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان وتقرير لجنة التحقيق، التي كان اتهامها للنظام بارتكاب الجريمة ساحقا والتي تؤكد اليوم أيضا أنه تحدث جرائم ضد البشرية.

إن الضرورة الملحة تستلزم بوضوح إيقاف العنف وتأمين وصول السكان إلى المساعدة الإنسانية. إن السيدة آموس ستقدم قريبا إلى المجلس تقريرا عن زيارتها، وسبق لها أن قالت إنها مروعة بما شهدته. ونحن نعرف الجرائم وأعمال العنف والفظائع التي يعيشها المدنيون السوريون كل يوم. ومثل حماة قبل 30 سنة، ستظل حمص في التاريخ البشري مثل مدينة يلاحق استشهادها ذاكرتنا.

ولن يؤدي إلى حل للأزمة السورية سوى استجابة سياسية لآمال الشعب ووضع تشريع للإصلاحات التي تستدعي الحاجة إليها بصوت عال. وسيكون ذلك ممكنا عن طريق انتقال على أساس الخطة التي اقترحتها جامعة الدول العربية في 22 كانون الثاني/يناير، بالدعم الكبير من المجتمع الدولي، كما يشير إلى ذلك قرار الجمعية العامة 66/253 المؤرخ في 16 شباط/فبراير وتصويت مجلس الأمن في 4 شباط/فبراير. وإن أي حل سلمي آخر ليس ممكنا.

وكما أكدت أمام مجلس حقوق الإنسان قبل أيام قليلة، فإن جرائم النظام السوري يجب ألا تفلت من العقاب. سيأتي اليوم الذي سيتوجب فيه على السلطات المدنية والعسكرية في ذلك البلد تحمل المسؤولية عن أعمالها في المحكمة. وينبغي لنا أن نقترح إجراء من قبل محكمة العدل الدولية.

يجب ألا نرتكب خطأ. على المجلس مسؤولية تاريخية عن الأزمة في سورية. يجب علينا إنهاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وإيقاف الدوامة المتجهة إلى أسفل المهدد للسلام في ليبيا والمنطقة. إننا بعدم القيام بإجراء نتخلى عن المقموعين لقامعيهم ونتخلى عن الشعب السوري للعنف والوحشية. وكل يوم يمر دون القيام بإجراء نسمح للحرب الأهلية بأن تزداد اشتعالا على حساب الحل السلمي. إن العضوية في المجلس تتطلب الانخراط الحازم في قضية السلم والأمن العالميين. وهي تعني أيضا إعطاء الأولوية للمصلحة المشتركة على جميع الاعتبارات الأخرى. ومن مسؤوليتنا أن نتخذ إجراء - وأن نتخذ الإجراء الآن - لنضع حدا في النهاية لاستشهاد الشعب السوري وللسماح له باستعادة السيطرة على مستقبله.

تجري مناقشة مشروع قرار للاستجابة لحالة الطوارئ وللتوصل إلى حل موثوق للأزمة المتطورة من سيء إلى أسوأ. وأقول اليوم أيضا ما قلته في 31 كانون الثاني/يناير. (انظر الجلسة S/PV.6710). من غير المقبول أن يمنع المجلس من تحمل مسؤولياته. لنقدمْ نحن جميعا كل دعمنا لمهمة كوفي عنان وخطة الجامعة العربية. بعد شهور من انغلاق الطريق، أدعو الصين وروسيا إلى الإصغاء إلى أصوات الشعب العربي والضمير العالمي، وإلى الانضمام إلينا.

إن اتخاذ الإجراء تأييدا للحرية لشعوب ليبيا واليمن وسوريا سيخفف حدة مسألة وهن مجلس الأمن في النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.

وفي الشرق الأوسط، هناك شعب آخر لا بد من الاعتراف بتطلعاته. هل مطالب الفلسطينيين أقل شرعية من المطالب المعبر عنها في بقية أنحاء المنطقة؟ أليس من الطبيعي أن يرغب الفلسطينيون في نشوء دولة فلسطينية؟ ولا بد أيضا من ضمان أمن الدولة الإسرائيلية. وفرنسا ستقف دائما إلى جانب إسرائيل لضمان أمنها ولن تتهاون. واليوم، نعلم جميعا أن الحل القائم على وجود دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن هو الحل الوحيد القابل للتطبيق وأفضل ضمان لأمن إسرائيل.

وبعد هذه الإخفاقات الكثيرة جدا والمتكررة لعملية السلام والسنوات الطويلة جدا من المعاناة والآمال المحبطة، حان الوقت لتغيير الأسلوب المتبع. وهذا هو عين توجه النداء الذي وجهه الرئيس ساركوزي إلى الجمعية العامة في 21 أيلول/سبتمبر 2011 (انظر A/66/PV.11). ونحن مقتنعون بأنه لم يعد بوسعنا الاستمرار مع الاستغناء عن محفل متعدد الأطراف مثل المحفل الذي يوفره المجلس ودعم جميع الشركاء، ولا سيما الشركاء الإقليميين والأوروبيين. وفي الشهور المقبلة، ستبذل فرنسا قصارى جهدها ليتسنى إرساء سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط في نهاية المطاف.

في سياق الكلام عن السلام والأمن في تلك المنطقة من العالم، كيف لا يمكننا أن نشير إلى إيران؟ ففي ذلك البلد، تصبح الحالة مثيرة للقلق بقدر أكبر قليلا كل يوم في ظل وجود نظام يواصل تنفيذ برنامج نووي عسكري بوضوح في انتهاك لقرارات مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويتوعد بمحو إسرائيل من على الخريطة ويقوض حرية الحركة في مضيق هرمز ويثير قلق جيرانه ويقمع تطلعات شعبه إلى الحرية والديمقراطية والذي يزيد عزلته عن المجتمع الدولي يوما تلو الآخر.

وقد تكلم المجلس بحزم ويجب أن يظل حازما حيث أننا نعرف أن هناك نتيجتين غير مقبولتين بنفس القدر: امتلاك إيران لأسلحة نووية أو قصف إيران.

وفي معرض الإشارة إلى الثورات والتطورات السلمية الجارية على الشواطئ الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، فإن ما تثبته لنا المأساة التي تدور فصولها في سوريا هو أن مبدأ الشرعية أمر أساسي لأية حكومة. وفي اليوم الذي تفقد فيه حكومة شرعيتها في نظر شعبها، فإنها تكون مدانة. وفي تلك المنطقة من العالم، من بين الأسئلة الرئيسية المطروحة سؤال عن إمكانية ضمان عيش المجتمعات المحلية والأقليات معا في وحدة وطنية تحترم الحقوق المتبادلة للأفراد وحقوق الإنسان للجميع. وإن ما يبشر به الربيع العربي هو الحق العالمي في الحرية، وأنا واثق من تحقيقه.

السيد كاباليروس (غواتيمالا)(تكلم بالإسبانية): نشكر المملكة المتحدة على تنظيم هذه الجلسة ونقدر لفتتكم، سيدي الرئيس، في ترؤسها. ونحن ممتنون للأمين العام على العرض الذي قدمه لنا.

لا بد لي من القول إن الموضوع المختار لمناقشتنا اليوم يمثل تحديا كبيرا على الرغم من أنه يستحوذ على الاهتمام. وعلى النقيض من المواضيع الأخرى المحددة جدا التي ناقشناها في الماضي والتي تثير ردود فعل محددة تقريبا، فقد اقترحت المملكة المتحدة علينا في هذه المناسبة موضوعا أكثر عمومية، ينطوي على خطر تمييع أي رسالة نرغب في إرسالها.

ومن غير المناسب أن نقدم من جانبنا تفسيرات لأهمية ما أصبح يعرف باسم الربيع العربي، الذي تجسدت رؤيته النموذجية، التي أسرت اهتمام العالم، في ميدان التحرير في القاهرة في كانون الثاني/يناير 2011. وكانت الشجاعة غير العادية للناس وهدوئهم وتضامنهم ومثابرتهم في مطالبهم وطابعهم السلمي، على وجه الخصوص، مصدر إلهام للبشرية جمعاء. وبينما نحيط علما بالفروق الهائلة بين تلك الأحداث الفريدة مقارنة بعمليات الانتقال التي حدثت في المنطقة التي أنتمي إليها بين عامي 1980 و 1990 من أنظمة استبدادية إلى حكومات مدنية منتخبة ديمقراطيا، أود التصدي للتحدي الذي طرحته علينا، سيدي الرئيس، بتعليق موجز على الدروس المستفادة من تجاربنا والتي يمكن أن توفر بعض المدخلات الملموسة لمناقشة اليوم. وبقدر من التواضع ومع إدراكي للخلافات التاريخية والثقافية والدينية والسياسية الكبيرة القائمة بين منطقتينا، بل وحتى في داخلهما، أستند إلى التغييرات التي حدثت في بلدي للإشارة إلى سبع نقاط.

أولا، لقد كانت كل حالة في أمريكا اللاتينية فريدة من نوعها، وبالتأكيد فإن كل حالة في الشرق الأوسط ستكون كذلك أيضا. وعلى سبيل المثال، في بلدي، واجهنا الحاجة إلى اعتماد مشروع لبناء دولة متعددة الأعراق ومتعددة الثقافات واللغات، استجابة للواقع المحدد لغواتيمالا، والذي لا يماثل بالضرورة الواقع في البلدان الأخرى في أمريكا اللاتينية. ومن ثم، وعلى الرغم من أن مقولة إنه لا توجد صيغ صالحة عالميا للعمليات الانتقالية قد تبدو بالية لفرط تكرارها وعلى الرغم من أن القيم الديمقراطية متشابهة في كل مكان، فإن التعبير عنها بصورة ملموسة من حيث التنظيم الداخلي والترتيبات القضائية والمؤسسية وأشكال المشاركة الشعبية يمكن أن يختلف اختلافا كبيرا من حالة إلى أخرى.

ثانيا، القيم الثقافية هامة، خصوصا في المجتمعات المتعددة الأعراق التي تسعى إلى بناء دولة يسودها الاحترام المتبادل والتسامح. ويجب أن تكون هذه القيم الثقافية متماشية مع المجتمعات الديمقراطية والالتزامات بتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي. وعلى سبيل المثال، من الأهمية بمكان أن يحصل الجميع، بغض النظر عن نوع الجنس أو العرق أو الانتماء المحلي أو العنصر أو العقيدة، على نفس الفرص. ويسرني أن أقول إن هذه القيم جرى إرساؤها وتعزيزها في منطقتنا، وأنا على ثقة بأن الأمر نفسه سيحدث في البلدان، موضوع مناقشتنا.

ثالثا، التقدم ليس خطيا بالتأكيد. فليس من السهل بناء نظم حكم تعددية قائمة على المشاركة في الأماكن التي لم تترسخ فيها الثقافة الديمقراطية بشكل كامل. والأمر يتطلب تعزيز - وأحيانا خلق - مؤسسات في مختلف المجالات، بما في ذلك إيجاد أساس دستوري وقانوني متين وبناء أحزاب سياسية ممثلة وضمان حرية التعبير. وجدول الأعمال معقد. وهو يمس العديد من المصالح الراسخة ويولد نتائج غير متوقعة في كثير من الأحيان ويتطلب، من وقت لآخر، تغييرا في الاتجاه. والمهم هو المثابرة والثقة بأن الحضارات العريقة التي أسهمت إسهاما كبيرا جدا في العالم المتحضر ستجد القوة والإبداع والقيادة لإنجاح التحول الديمقراطي فيها.

يقودني ذلك إلى النقطة الرابعة التي أود تناولها. إن عمليات التحول الديمقراطي يجب أن تستجيب لتطلعات الشعوب والمجتمعات الوطنية المعنية وأن تحظى بموافقتها. ويجب أن تكون نتاج إحساس بالملكية - أقرب إلى التوافق الوطني - وليست شيئا مفروضا من الخارج. والوصول إلى نموذج يشعر معه المواطنون بالارتياح غالبا ما ينطوي على فترات طويلة من التجربة والتكيف، وهو ما يؤكد فحسب النقاط التي تناولتها في السابق وهي أننا نتعامل مع عمليات طويلة الأجل. وهذه العمليات تستجيب لرغبات مواطنيها فحسب. والديمقراطية التمثيلية تتطلب أيضا وجود ثقة لدى المواطنين في الحكومات التي ينتخبونها.

خامسا، من الشائع في الأمم المتحدة اليوم الكلام عن سيادة القانون، وهو موضوع لم يظهر بشكل بارز في جدول أعمالنا قبل بضع سنوات. وأود أن أؤكد، من وجهة نظر بلدي، على الأهمية الحاسمة لوجود مؤسسات قوية لمكافحة الإفلات من العقاب وانعدام الشفافية في إدارة الأموال العامة، وبصفة عامة، لإقامة العدل. وقد توقعنا ذلك في اتفاقاتنا للسلام، ولكننا نشير إليه على نحو مباشر بقدر أكبر في التصدي للتهديد الذي يشكله على سيادة القانون في بلدنا ظهور العصابات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية. ومكافحة هذه الآفة تتطلب تعزيز قدرتنا في مجال الملاحقة الجنائية ونظامنا القضائي والشرطة المدنية لدينا، وحتى نظامنا للسجون. وبالتأكيد، سينطبق القول ذاته على عمليات التحول الديمقراطي الجارية في الشرق الأوسط.

سادسا، في حالة أمريكا اللاتينية بشكل عام وأمريكا الوسطى على وجه الخصوص، ترافق مع الانتقال إلى الديمقراطية وجود دفعة قوية للتعاون الأقاليمي. وقد يسر نشوء حكومات ذات قيم مشتركة إبرام اتفاقات وعزز النزعة الإقليمية. وفي حالتنا، عزز التعاون في حل المشاكل المشتركة وتشجيع الدعم المتبادل الديمقراطية في كل بلد وأسهم في الدفاع المشترك عنها. ونعتقد أن ظاهرة التعاون ذات أهمية للبلدان التي تمثل موضوع مناقشتنا اليوم، وهي ظاهرة تتبلور بالفعل في الدور المتزايد الأهمية الذي تقوم به جامعة الدول العربية.

وأخيرا، علينا ألا ننسى ضرورة تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. صحيح أن الناس يطلبون الحرية والكرامة، لكنهم يطالبون أيضا بالمزيد من الرفاه، وخصوصا في المجتمعات التي تتسم بمستويات عالية من عدم المساواة. ومن المثير للاهتمام أن نلاحظ، وفقا للمصدر الرئيسي لاستطلاعات الرأي العام في منطقتنا، مؤسسة لاتينوباروميتر، أن هناك ارتباطا وثيقا بين الأداء الاقتصادي ومستوى الرضا عن الديمقراطية. ويبدو أن الشعوب لا تطمح فحسب إلى أن توفر الحكومات التعددية والممثلة بقدر أكبر فوائد ملموسة لمواطنيها، بل إنها تطالب بذلك أيضا. عندما لا يجري ذلك، فإن مستوى الرضا عن المؤسسات الديمقراطية، يهوي بشكل كبير.

وما يعرف بالربيع العربي، يثير مشاعر ذات طابع إيجابي إجمالا. لذلك، فقد ركزت بشكل أكبر على الفرص أكثر من التحديات في بياني. ولذلك أيضا تعمدت تفادي تناول مواضيع أخرى يعتبرها البعض ضرورية، عند مناقشة موضوع الشرق الأوسط، مثل ضرورة حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أو الحالة في سوريا، حيث أننا قد تناولنا تلك المسائل في جلسات أخرى عقدها المجلس.

السيد لافروف (الاتحاد الروسي) (تكلم بالروسية): إن عمليات التغيير التي حركت الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، تجسد التطلعات المفهومة لشعوب تلك البلدان نحو حياة أفضل وفرص أوسع للتعبير عن الذات والمشاركة في الحياة السياسية وتحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر، وهي تطلعات تستحق دعمنا. وتلك العمليات أبعد من أن تكون قد انتهت، ومن الصعب التكهن بوضوح بما ستؤول إليه، حيث أنها تكون مصحوبة أحيانا بخلافات حضارية وعرقية ودينية وسياسية، تتسبب في مشاكل تتعلق بالأمن الإقليمي.

يهدف المجتمع الدولي إلى ضمان التأكد من أن تلك التحولات، تفيد العالم العربي أكثر من تسببها في ضرر له. ومن الأولوية ضمان أن تكون التغييرات سلمية وديمقراطية، مع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، فضلا عن حقوق الأقليات الدينية والعرقية، بما في ذلك بالطبع حقوق المسيحيين. وإننا نتابع وننظر بعين العطف لعملية بناء الدولة الديمقراطية في مصر وتونس والمغرب، وجهود الحكومة اليمنية في مجال إرساء الاستقرار فيما يخص حالة مكافحة الإرهاب وجهود الحكومة الانتقالية الليبية في مجال استعادة الحياة العادية في البلد، والتحضير للانتخابات ونزع سلاح الجماعات المتمردة. إننا نوفر مساعدة إنسانية ذات قيمة كما أننا على أهبة الاستعداد للمساعدة في مجال تحقيق الانتعاش الاقتصادي. بالنسبة لجميع الأعضاء في المجلس، فإن البعد الدولي للربيع العربي المستمر يشكل مصلحة أساسية.

ونعتقد أنه بوسعنا بالفعل استخلاص بعض النتائج. قبل كل شيء، مهما كانت الأهداف التي حددت في كل حالة بعينها، فلا يمكن تحقيقها عن طريق تضليل المجتمع الدولي، أو التلاعب بقرارات مجلس الأمن. وبغير ذلك، فإن مصداقية المجلس ستقل وتتلاشى الثقة فيما بين أعضائه، مما يقوض قدرة المجلس على اتخاذ القرارات في المستقبل.

ثانيا، يتعين على المنظمات والبلدان التي تطوعت لتنفيذ ولايات مجلس الأمن، أن تطلع المجلس بشكل كامل على الإجراءات التي اتخذتها. وينطبق ذلك كذلك، على منظمة حلف شمال الأطلسي، التي كما يعلم جميع الأعضاء، عرضت تطبيق منطقة حظر الطيران في ليبيا، لكنها في الواقع قامت بقصف مكثف. ومن المؤسف، بأنه لم يتم إجراء تحقيق يتناول المعلومات التي أفادت بوقوع ضحايا من المدنيين الذين سقطوا نتيجة لذلك القصف. ونحن نعتقد بأنه يتعين على الأمين العام توضيح المسألة من خلال استحضار الإعلان المشترك لسنة 2008، فيما يخص التعاون بين الأمم المتحدة وأمانة منظمة حلف الشمال الأطلسي.

ثالثا، التدخل الخارجي باستخدام القوة العسكرية الغاشمة، يزيد من خطر الانتشار غير المشروع للسلاح، ومن ثم زعزعة استقرار المنطقة. ويتعين علينا اتخاذ قرارات جادة بشأن الحالة في سوريا. التي تظل مصدر قلق بالغ للاتحاد الروسي والمجتمع الدولي بأسره. ويشكل كل من تقديم مطالب متسرعة بتغيير النظام، وفرض جزاءات انفرادية ترمي إلى إحداث مصاعب اقتصادية والتسبب في توترات اجتماعية في البلد، ودفع المعارضة إلى مواصلة مواجهتها للسلطات، بدل تعزيز الحوار، وتوجيه دعوات لدعم المواجهة العسكرية، بل وحتى للتدخل الخارجي، وصفات تكتنفها الكثير من المخاطر، فيما يخص التخطيط في مجال الجغرافية السياسية؛ ولن تؤدي سوى إلى توسع النزاع.

لا شك مطلقا، بأن السلطات السورية تتحمل قدرا كبيرا من المسؤولية عن الحالة الراهنة. لكن لا ينبغي أن نغفل حقيقة أنها تقاتل منذ وقت طويل وحتى الآن ليس رجالا عزلا، بل وحدات قتالية، بما في ذلك ما يسمى الجيش السوري الحر، وجماعات متطرفة، بما فيها القاعدة، التي ارتكبت مؤخرا سلسلة من الأعمال الإرهابية نتج عنها ضحايا. إذا كان الوقف الفوري للعنف، يشكل أولويتنا المطلقة ورغبتنا الصادقة، إلى جانب تقديم المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين، فلا ينبغي علينا من ثم في هذه المرحلة التساؤل من الذي بدأ أولا النزاع، بل أن نناقش بدلا من ذلك النُهج الواقعية والقابلة للتطبيق التي يمكن أن تتيح لنا تحقيق وقف لإطلاق النار بوصفه أولوية.

لقد كان نهجنا منذ البداية واضحا ومتماسكا، يهدف إلى إيجاد حل مبكر للأزمة السورية، من غير استخدام للعنف، عن طريق حوار سياسي شامل بقيادة سورية، وتنفيذ إصلاحات طال انتظارها. إن المبادئ التالية الخمسة للتسوية التي اتفق عليها الاتحاد الروسي وجامعة الدول العربية، في 10 آذار/مارس تقوم على نفس الأساس:

أولا، إنهاء العنف مهما كان مصدره

ثانيا إنشاء آلية رصد نزيهة

ثالثا، معارضة التدخل الخارجي

ورابعا فتح منافذ لتقديم المساعدات الإنسانية لجميع السوريين دون عراقيل

، وخامسا، تقديم الدعم القوي لمهمة كوفي عنان الرامية إلى إطلاق حوار سياسي بين الحكومة وجميع جماعات المعارضة، وفقا للاختصاصات التي أناطها به الأمين العام والجامعة العربية.

على ذلك الأساس، نحن على استعداد للموافقة على اتخاذ مجلس الأمن لقرار، كما كنا مستعدين للقيام بذلك خلال الخريف الماضي عندما جرى تقديم مشروع قرار. للأسف، لم يدعمه جميع أعضاء مجلس الأمن.

لا يجب استخدام الربيع العربي بأي شكل من الأشكال كذريعة للتقليل من الاهتمام بالقضية الفلسطينية. ونحن مقتنعون بأن احتمال نشوب صراع في الشرق الأوسط سيظل عاليا، إلى أن يجري التوصل إلى تسوية شاملة في الشرق الأوسط ضمن الإطار القانوني الدولي القائم. وذلك التزام تاريخي حقيقي بالنسبة للمجتمع الدولي ومجلس الأمن.

لسوء الحظ، فإن التوجه الذي لاحظناه مؤخرا، يؤخر هذا الاحتمال، بدلا من أن يسرّعه. من الناحية السياسية، عندما يجري التشكيك في معايير التسوية التي صدق عليها بشكل متكرر مجلس الأمن والمجموعة الرباعية والطرفين نفسيهما. ومن الناحية العملية أيضا، في الوقت الذي تقلل فيه أعمال الاستيطان التي تقوم بها إسرائيل في الضفة الغربية فعليا من الأراضي المتاحة لعقد الاتفاقات اللازمة.

ويتمثل أحد الشواغل الهامة في انتهاك وقف إطلاق النار عقب تبادل الضربات بين إسرائيل وقطاع غزة، حيث يعاني المدنيون من الطرفين. وفي ظل تلك الظروف، يتعين على المجتمع الدولي زيادة جهوده. وينطبق ذلك قبل كل شيء على المجموعة الرباعية، التي يتعين عليها، كما ناقشنا ذلك مع زملائنا قبل بدء جلسة اليوم، الشروع في العمل بشكل مركز وعلى أساس منتظم، من أجل تهيئة بيئة تساعد على إجراء اتصالات إسرائيلية - فلسطينية مباشرة، تهدف إلى إجراء مفاوضات كاملة. ونرحب كلنا بمبادرة الأردن الذي عقد سلسلة من الاجتماعات المفيدة جدا، بين الإسرائيليين والفلسطينيين في عمان خلال شهر كانون الثاني/يناير، ونرغب أن تستمر تلك المبادرة.

كما إن الاتحاد الروسي يؤكد اقتراحه المتمثل في إرساء تعاون وثيق بين المجموعة الرباعية وهياكل جامعة الدول العربية ذات الصلة. ونثق بأن مبادرة السلام العربية تظل مهمة وبأن تنفيذها الشامل سيضمن إنشاء دولة فلسطينية ستضمن أمن إسرائيل وترسي السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. والاتحاد الروسي جاهز للمشاركة بالتعاون الوثيق مع جميع الأعضاء المسؤولين في المجتمع الدولي، بغية بلوغ تلك الأهداف.

السيدة رودهام كلنتون (الولايات المتحدة الأمريكية) (تكلمت بالإنكليزية): لقد اجتمعنا اليوم لمناقشة رياح التغيير التي هبت على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبينما كانت تجربة كل بلد فريدة، فقد انبثقت جميع تلك الحركات الديمقراطية، من الرغبة المشتركة في الحصول على الحقوق، وتحقيق الحريات والأمل الاقتصادي والكرامة الإنسانية. وتلك التطلعات العالمية منصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي ميثاق الأمم المتحدة، وهي أساسية لهوية وتاريخ بلدي، ولهوية وتاريخ العديد من البلدان. إن تلك المبادئ والشعب الذي يكافح لتحقيقها في مجتمعه، يستحقون دعمنا الجماعي الذي يطلبونه. لقد ألهمتنا شجاعة شعوب المنطقة، التي أبانت عن إصرارها للسير قدما، ونعتقد بأنه يتعين دعم جهودها.

أتناول الآن تلك المحادثات بقدر كبير من التواضع، لأننا نعلم بأن تلك الثورات ليست ثوراتنا. ولم تجر بيدنا أو لأجلنا أو ضدنا.

لكننا، باعتبارنا المجتمع الدولي، ندرك أن لدينا الموارد والقدرات لدعم من يسعون إلى التغيير الديمقراطي السلمي. ويجب أيضا أن تكون لدينا الإرادة.

الآن، وبطبيعة الحال، يتكشف التغيير بسبل شتى وفي أماكن مختلفة. وفي كل حالة فريدة على حدة، يجب أن نكيف أدواتنا مع الظروف. وهنا في مجلس الأمن، هناك ثلاث حالات بالتحديد تتطلب اهتمامنا اليوم. وأود أن أبدأ بليبيا والتصويت المشجع الذي أجري هذا الصباح (انظر S/PV.6733) لتجديد واستكمال بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. وفي العام الماضي، قام المجلس، مدعوما بالجامعة العربية وعدد من البلدان من جميع أنحاء العالم، باتخاذ إجراء لمساندة الشعب الليبي في الوقت الذي كان في أمس الحاجة إلى ذلك. وتصويت اليوم يجسد استمرار التزامنا تجاه ليبيا وحكومتها الانتقالية، التي قطعت خطوات جبارة. كما يجسد الإقرار بأن عملنا لم ينته بعد.

وسنواصل تقديم المساعدة لجهود بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بغية دعم الحكومة الليبية وهي تقوم بإعادة إدماج من حملوا السلاح من أجل التغيير في صفوف جيش وطني احترافي ومجتمع سلمي. وسنظل نساعد ليبيا على تأمين حدودها من أخطار الانتشار والاتجار والتطرف، ومعاملة اللاجئين والمهاجرين معاملة إنسانية. وبعد كل ما أبان عنه الشعب الليبي من شجاعة وما قدمه من تضحيات، فإننا نشعر بالفخر لمساعدة ليبيا على بناء أساس جديد لسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.

وقبل أسبوع فقط، كان رئيس الوزراء الكيب هنا في مجلس الأمن (انظر S/PV.6731)، حيث دافع بشدة وبلاغة عن المساعدة التي يقدمها مجلس الأمن من أجل تطلعات الشعب الليبي إلى تقرير مصيره.

لا أعتقد أن هناك أي تعليق آخر يمكن لأي منا أن يضيفه بصورة رسمية فيما يتعلق بما اتخذه مجلس الأمن من تدابير مناسبة تنفيذا للقرارات التي تأذن باتخاذ إجراء. كما عقدنا اجتماعا مع رئيس الوزراء الكيب في واشنطن العاصمة، حيث ناقشنا ما تحرزه ليبيا من تقدم في تمهيد السبيل لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، فضلا عن تعاوننا في مجالات الأمن، وتبادل الطلبة، والمجتمع المدني، وتقديم الرعاية الصحية لجرحى الحرب الليبيين. إن نجاح ليبيا في آخر المطاف لن يتوقف على موت الدكتاتور، بل على ميلاد دولة ناجحة ومستقرة وحرة.

والحالة الثانية هي اليمن. عندما انزلق اليمن في دوامة العنف في العام الماضي، ساند مجلس الأمن جهود مجلس التعاون الخليجي وأصحاب المصلحة اليمنيين بغية إيجاد حل سلمي. وقد صمدنا في وجه الانتكاسات.

وأمامنا العديد من التحديات. غير أن الانتخابات الرئاسية وتنصيب رئيس جديد في الشهر الماضي شكلت خطوات واعدة على المسار صوب فتح فصل جديد في تاريخ اليمن. وإذ يواصل اليمن عمليته الانتقالية التي ستدوم عدة سنوات، ويقوم بإصلاح دستوره والدعوة إلى إجراء حوار وطني، وإذ لا يزال يواجه تحديات أمنية وإنسانية، يجب علينا أن نواصل مشاركتنا ودعمنا له.

والحالة الثالثة هي سوريا. قبل خمسة أسابيع، لم يتمكن المجلس من الوقوف وقفة رجل واحد ضد حملة العنف الرهيبة التي اهتز لها ضمير العالم - حملة لا تزال مستمرة بدون انقطاع ونحن نعقد هذه الجلسة. ومنعنا حتى من إدانة العنف وتأييد خطة سلمية وضعها جيران سوريا.

تؤمن الولايات المتحدة إيمانا راسخا بسيادة جميع الدول الأعضاء وسلامتها الإقليمية. غير أننا لا نعتقد أن السيادة تحتم على مجلس الأمن أن يقف مكتوف الأيدي عندما تقترف الحكومات المذابح في حق شعوبها، وبالتالي تهدد السلم والأمن الإقليميين. ونحن نرفض أي معادلة بين جرائم القتل المتعمدة التي يقترفها النظام العسكري للدولة والأعمال التي يقوم بها المدنيون تحت الحصار الذين أجبروا على الدفاع عن أنفسهم. ومما يدعو للسخرية أن الجيش السوري، وبينما كان الأسد يستقبل الأمين العام السابق كوفي عنان، كان يشن هجوما جديدا على إدلب ويواصل عدوانه على حماة وحمص والرستن.

وقد أحطنا علما بالاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال نهاية الأسبوع في القاهرة، بين الجامعة العربية ووزير الخارجية الروسي لافروف، بشأن ضرورة إنهاء العنف، وكفالة إمكانية الوصول التام وبدون عراقيل للعاملين في المجال الإنساني، وإجراء عملية سياسية يقودها كوفي عنان وتستند إلى أحكام قرارات الجامعة العربية والجمعية العامة.

ونعتقد أن الوقت قد حان لكي تقوم جميع الدول، حتى تلك التي عارضت جهودنا في السابق، بتأييد النهج الإنساني والسياسي الذي حددته الجامعة العربية. ويجب على المجتمع الدولي أن يقول بصوت واحد، وبدون تردد أو محاذير، إن عمليات قتل المدنيين السوريين يجب أن تتوقف لتبدأ العملية السياسية. والشعب السوري يستحق أن تتاح له فرصة لتقرير مصيره تماثل الفرصة التي يتمتع بها الآن التونسيون والمصريون والليبيون واليمنيون. وعملنا هنا في مجلس الأمن ليس سوى جزء مما يجب على المجتمع الدولي أن يفعله لمساعدة العمليات الانتقالية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ويجب علينا أن ندعم الأصوات المطالبة من داخل المنطقة بتعزيز كل ركن من أركان بناء مجتمعات مستقرة ومزدهرة وحكومات مستجيبة ومسؤولة، واقتصاد قوي وفعال ومجتمع مدني حيوي. وعلى الصعيد السياسي، للعديد من البلدان، بما في ذلك عدد منها يجلس ممثلوها حول هذه الطاولة، خبرات فريدة ومباشرة بشأن كيفية بناء أنظمة ديمقراطية دائمة. وأنا أقدر التعليقات التي أدلى بها وزير خارجية غواتيمالا. فتلك دروس يمكن، بل يجب أن نتشاطرها.

وفي الحالات التي تقوم فيها البلدان بإصلاحات تدريجية، ينبغي أن نقدم الدعم، ونحمي، في كل مكان، قولا وفعلا، المبادئ الأساسية للديمقراطية وحقوق الإنسان العالمية.

والآن أدرك أن هناك من يشكك في إمكانية اتساق السياسات ذات التوجه الإسلامي مع هذه المبادئ والحقوق الديمقراطية العالمية. وأمام شعوب الربيع العربي فرصة للإجابة عن ذلك التساؤل. وسياستنا هي ألا نركز على الأسماء التي تختارها الأحزاب لنفسها، ولكن على ما تختار القيام به. فجميع الأحزاب السياسية، الدينية والعلمانية على حد سواء، مسؤولة أمام شعوبها عن احترام المبادئ الأساسية التي تقوم عليها هذه الهيئة: أي رفض العنف، دعم سيادة القانون، احترام حريات التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع، حماية الحرية الدينية والتسامح، حماية حقوق النساء والأقليات، إنشاء أجهزة قضائية مستقلة، تعزيز حرية الصحافة، والتخلي عن السلطة في حالة الهزيمة في الانتخابات، وتفادي التحريض على تأجيج الصراعات التي تمزق المجتمعات. تلك هي المعايير التي ينبغي أن يقاس عملنا استنادا إليها، ويتعين علينا أن نلتزم معا بدعمها.

لقد علمتنا تجربتنا في أماكن أخرى في العالم أن العمليات الانتقالية الناجحة هي العمليات التي تثمر بشرعة النتائج الاقتصادية، وفرص العمل وتحيي الأمل في مستقبل أفضل. لكي تنجح الصحوة السياسية العربية، يجب أن تكون أيضا صحوة اقتصادية.

والحكومات التي تتشاطر تلك الأولويات في جميع أنحاء المنطقة سيتعين عليها أن تراعي الخيارات السياسية الصعبة أحيانا التي لا بد منها لبناء أساس لتحقيق النمو الشامل بقيادة القطاع الخاص.

وباعتبار أمريكا رئيسة مجموعة الثمانية لهذا العام، فإنها تواصل العمل الذي قامت به شراكة دوفيل التي أطلقتها فرنسا لتعزيز التكامل الإقليمي، والمشاركة الاقتصادية، وإيجاد فرص العمل وتحقيق الاستقرار.

والهدف الأخير من بين هذه الأهداف ملح للغاية. يجب على المجتمع الدولي أن يقدم دعما قويا لصندوق النقد الدولي بغية الانتهاء بسرعة من إعداد برنامج للإصلاح الاقتصادي وتحقيق الاستقرار في مصر. وندعو أصدقاء مصر في المنطقة وجميع أنحاء العالم أن يكونوا على استعداد لاستخدام المساعدة الثنائية لتعزيز برنامج مع مصر. وبطبيعة الحال، تلك الجهود الاقتصادية والسياسية يجب أن تشمل النساء. وأشكر الأمين العام على جعل ذلك نقطة من النقاط الخمس التي تناولها. لا يمكن أن يتحقق أي انتقال ونصف السكان عرضة للإقصاء.

إن دوام الديمقراطية يعتمد على المجتمع المدني ونحن فخورون بدعم الأفراد والمنظمات الذين يسعون إلى تحسين مجتمعاتهم.

أدرك أيضا أن هناك من يقول إن مفهوم المجتمع المدني برمته إملاء غربي. لكن بعد عام 2011، كيف يمكن لأي كان أن يقول إن المجتمع المدني ليس متأصلا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بل أقول، في كل مكان. نحن نعرف أن التغيير الدائم يأتي من الداخل. ويجب أن تكون المجتمعات هي التي تحدد مستقبلها بنفسها. لكن يمكن للمجتمع الدولي أن يوفر الأدوات التي ستساعد المجتمعات على بلوغ تلك الأهداف.

وبينما تقوم البرلمانات المنتخبة مؤخرا بإلغاء القوانين القديمة التي كانت تروم مراقبة الحريات المدنية، ينبغي أن نواصل دعمنا الجماعي للتدابير التي ستحمي وتعزز المجتمع المدني، بما يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان المتعلقة بحرية تكوين الجمعيات والتجمع والتعبير.

لا أحد في المنطقة مستثنى من مطالب التغيير التي شهدناها. عندما يدعي بلد مثل إيران بأنه حامل لواء تلك المبادئ في المنطقة ومن ثم يقمع شعبه بوحشية ويدعم القمع في سوريا وغيرها من الأماكن، فإن نفاقه واضح للجميع.

الرئيس أوباما وكذلك أنا نؤمن إيمانا ثابت بأن الشعب الفلسطيني، شأنه شأن جيرانه العرب والإسرائيليين وجميع الناس، يستحقون الكرامة والحرية والحق في تقرير مستقبله بنفسه. إنهم يستحقون فلسطين مستقلة تملك مقومات الحياة، وتعيش إلى جانب إسرائيل آمنة. ونحن نعلم من عقود قضيناها في ميادين الدبلوماسية بأن السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو بالتوصل إلى سلام عن طريق التفاوض، سلام لا يمكن فرضه من الخارج وهو ما سوف نستمر في السعي لإحلاله بكل وسيلة مثمرة، بما في ذلك التشاور مع المجموعة الرباعية الذي أجريناه صباح اليوم.

أود أيضا أن أدين بأشد العبارات إطلاق الصواريخ من غزة على جنوب إسرائيل، الذي استمر خلال عطلة نهاية الأسبوع. ندعو المسؤولين عن ذلك إلى اتخاذ إجراءات فورية لوقف تلك الهجمات. وندعو كلا الجانبين - جميع الأطراف - على بذل كل جهد لاستعادة الهدوء.

ختاما، والأهم من ذلك يتعين علينا أن نعترف بأن الخيارات الأكثر أهمية هي تلك التي ستواجه في الأشهر المقبلة. والأمر متروك لشعب وقادة المنطقة لمقاومة دعوات الغوغائيين، والتوصل إلى حلول توفيقية وبناء التحالفات، والاستمرار في الثقة بأنظمتهم حتى عندما تخسر في الانتخابات، وحماية المبادئ والمؤسسات التي سوف تحميهم في نهاية المطاف. يجب على كل ديمقراطية أن تتحصن ضد الذين يريدون خطف حرياتها سعيا لتحقيق أهدافهم الخاصة غير النبيلة. إن بناء مجتمعات ديمقراطية مزدهرة مهمة لا يتم إنجازها بيوم واحد خلال أسبوع أو حتى عام واحد. إنما هو التزام مستمر نتشاطره. لا بد لنا بوصفنا مجتمعا من الدول من مساعدة شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتحقيق الاستفادة القصوى من الحقوق والحريات التي من أجلها خاطروا كثيرا.

السيد بورتاس (البرتغال) (تكلم بالإنكليزية): أشكركم، سيدي الرئيس، على تنظيم هذه المناقشة المُنَاسِبة والهامة جدا والحسنة التوقيت. أود أيضا أن أشكر الأمين العام على بيانه الهام.

تمثل الانتفاضات الشعبية التي أدت إلى ما يعرف بالربيع العربي التحول الأقوى في السياسة العالمية منذ سقوط جدار برلين. وعلى الرغم من أنه كان غير متوقع، تثبت تلك التغييرات قاعدة قديمة في علم السياسة: عدم الإصلاح يؤدي إلى الثورة. فالقيادات السياسية التي لا تدرك التاريخ محكوم عليها أن تكون على الجانب المخطئ من التاريخ. لقد تغاضى العالم عن الأنظمة الاستبدادية لفترة طويلة جدا، وأدار ظهره لقمعها مواطنيها، وصمّ آذانه عن الاستماع لنداءات الحرية واحترام حقوق الإنسان الأساسية.

لقد هزت الانتفاضات في تونس ومصر أسس هذا النموذج من الأنظمة، وحركت المذبحة الشهيرة في بنغازي المجتمعَ الدولي لاتخاذ إجراءات للدفاع عن قيم وأهداف الأمم المتحدة. وكانت تلك العمليات بقيادة شعبية. ومع أنها تأتي بعد 10 سنوات من 11 أيلول/سبتمبر، لم تجر بتحريض من الخارج، ولا من قبل تنظيم القاعدة، وهذا أمر هام جدا من الناحية السياسية.

ما يحدث في العالم العربي يوفر فرصة فريدة من نوعها، بالنسبة للبلدان في المنطقة والعالم بأسره. فأمام تلك البلدان فرصة لانتخاب الحكومات الديمقراطية، لتعزيز سيادة القانون، وحماية لحقوق الإنسان وتعزيزها، لتقدير دور المرأة، واحترام الأقليات، وتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي على نطاق واسع.

يجب على المجتمع الدولي اغتنام هذه الفرصة أيضا للمضي قدما بمبادئ الأمم المتحدة التي نتشاطرها جميعا، وبالتالي تعزيز الظروف الملائمة لنظام دولي أكثر سلاما وازدهارا واستقرارا. وتحقيقا لذلك، يجب علينا أن نكون واضحين في أهدافنا ومبادئنا، وفي الوقت ذاته أن نسعى لتجنب أخطاء الماضي. أود أن أذكر بعض المبادئ التي تؤطر منظور البرتغال.

أولا من الأهمية بمكان أن تستمر ملكية العملية من جانب الشعوب المعنية. نحن نشهد عمليات نابعة من الداخل بقيادة شعبية ولدت من رحم الشجاعة والإرادة لتغيير تلك المجتمعات. وينبغي لنا أن نشعر بالتضاؤل إزاء المثل الذي ضربوه، وينبغي لنا أن نصغي ونفهم ونمد يد العون أينما ومتى طُلب الدعم منا.

ثانيا، كل بلد هو حالة فردية، ويجب أن يتصدى لتحديات مختلفة. علينا أن ندرك الفروق القائمة. ليس هناك نموذج واحد يناسب جميع الحالات.

ثالثا، يجب علينا مقاومة إغراء محاولة تصدير النماذج السياسية. فحقوق الإنسان هي حقوق عالمية والنماذج سياسية محددة. والأمر متروك للناخبين في كل بلد لاختيار مستقبله، ويجب أن نقبل دون تحفظ نتائج العمليات الانتخابية النزيهة والشفافة وذات مصداقية.

رابعا، يجب أن ندرك أن اشتراك الأحزاب الإسلامية في الحكومات أمر طبيعي في العملية السياسية. ففي المجتمعات الديمقراطية، يحكم الشعب على الأحزاب وفقا لأدائها وقدرتها على الوفاء بتوقعات مواطنيها.

خامسا، الحرية الدينية أمر ضروري لكرامة الإنسان. يجب علينا أن لا نحكم على الآخرين بناءً على معتقداتنا الدينية أو الاجتماعية أو الثقافية. يجب علينا أن نميز بين الإيمان والتعصب.

سادسا، إن بناء مجتمع ديمقراطي يتطلب وقتا وصبرا. فهو طريق تتخلله التوترات والتناقضات في كثير من الأحيان معاً. نحن البرتغاليون تعلمنا من خلال قبل عقود خلت.

أخيرا، قد يؤدي التنوع المؤسسي والثقافي والعرقي والروحي الواسع النطاق في المجتمعات التي تشهد حاليا تغيّرا تاريخيا عميقا إلى توترات وشواغل أمنية معينة. ولذلك، يجب أن يكون التماسك الاجتماعي ووحدة أراضي تلك البلدان في طليعة اهتماماتنا دائما.

للأسف ومما يبعث على الصدمة أن أحد البلدان أصبح حاله مأساة: سوريا. فكما هو الحال في تونس أو مصر أو ليبيا أو اليمن، طالب أبناء الشعب السوري سلميا بإعمال حقوقهم الأساسية. ومع ذلك، ما زالت تجري، ونحن نتكلم، حملة قمع قاسية على السكان المدنيين في سوريا. فلمدة سنة الآن، ما برح النساء والرجال والأطفال ترتكب المجازر بحقهم ويقتلون بصورة عشوائية على أيدي قوات أمن دولتهم. أما حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق الأساسي في الحصول على المساعدة الإنسانية، فإنها تنتهك بصورة منهجية على نطاق واسع.

لقد أعرب المجتمع الدولي بوضوح عن إدانته الشديدة لتلك الأعمال، من خلال الجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان ومجموعة أصدقاء في سوريا، التي تضم مشاركة كبيرة وعلى نطاق واسع. نظام الأسد لا يزال أصم حيال كل تلك الدعوات. وقد وعد بإجراء الإصلاحات؛ لكن لم يُنفذ أي منها بمصداقية.

نأسف لأن مجلس الأمن لم يتخذ بعد موقفا قويا وموحدا لإنهاء العنف وتمهيد الطريق لعملية سياسية بقيادة السوريين تجسد اقتراحات الجامعة العربية. فكم من ألف قتيل آخر يجب أن يسقط لكي ينهض المجلس بمسؤولياته؟ إلى متى سنجلس صامتين بينما يدفع النظام السوري بالبلد إلى الصراع الطائفي والحرب الأهلية الدمويين؟

إن التعيين الذي لم يسبق له نظير للسيد كوفي عنان، وهو أمين عام سابق للأمم المتحدة، وحائز على جائزة نوبل، بوصفه مبعوثا خاصا مشتركا للأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لجامعة الدول العربية يمثل إرادة المجتمع الدولي لوضع حد لمعاناة الشعب السوري. إن مهمته تمثل الفرصة الأخيرة للحيلولة دون انزلاق سوريا في دوامة حرب أهلية.

وعليه، فإنني أحث المجلس، وأناشد كل أعضائه، على أن يتحدوا في دعم علني وكامل للسيد عنان والأهداف التي حددها، وفقاً لقرار الجمعية العامة (القرار 66/253) لوضع حد لكل العنف، وإتاحة الوصول الكامل للمساعدة الإنسانية وبدء عملية سياسية شاملة بقيادة سورية.

إن التغييرات العميقة الجارية في أرجاء العالم العربي تجعل حل المسألة الإسرائيلية - الفلسطينية أكثر إلحاحاً. فالفلسطينيون لهم الحق في أن تكون لهم دولتهم المستقلة، تعيش في سلام وأمن جنباً إلى جنب مع إسرائيل. والفلسطينيون أعدوا أنفسهم لإدارة دولتهم بشكل كامل وفعال، الأمر الذي اعترف به المجتمع الدولي برمته. وتلبية التطلعات المشروعة للجانبين لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال مفاوضات جادة وذات مصداقية بين الطرفين تأخذ الشواغل المشروعة لكل طرف بعين الاعتبار.

إننا نعرف جميعاً أن الحل يكمن في إطار البارامترات؛ وما ينقصنا هو الإرادة السياسية. فلا بد من إجراءات ملموسة وعملية تكفل عودة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات والانخراط في صلب جدول زمني محدد والقبول به، كما اقترحت المجموعة الرباعية المعنية بالشرق الأوسط ومبادرة السلام العربية. وتقع على عاتق الأوروبيين مسؤولية خاصة في هذا السياق، وعلينا أن نقوم بدور فعال لكسر الجمود الحالي. فالتوترات تتصاعد والوقت ينفذ بسرعة. وتجنباً لموجة جديدة من العنف، يتعين على الطرفين والمجتمع الدولي المبادرة إلى العمل فوراً.

وما زال النشاط الاستيطاني وهدم منازل الفلسطينيين وتشريد الأبرياء منتشراً ومستمراً. وتلك أعمال غير مشروعة. وهي تقوض المؤسسات والقيادات الفلسطينية. وتزيد من حدة الشعور بالإحباط وتهيئ مناخاً قابلاً للانفجار. إننا نناشد إسرائيل أن توقف تلك الأنشطة، فهي تهدد بتقويض أي حل سياسي يُتفق عليه بين الطرفين. وإسرائيل لديها شواغل أمنية مشروعة، إلا أنه لا يمكن معالجة تلك الشواغل معالجة كاملة وفعالة إلا من خلال تسوية تفاوضية.

والبرتغال ملتزمة بالعمل مع جيراننا وأصدقائنا العرب الذين تمتد أواصرنا معهم عبر قرون من التقارب المتبادل والتاريخ المشترك ووحدة الهدف. وسنفعل ذلك على الصعيد الثنائي وفي إطار الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وينتظرنا عمل ضخم، ولكنني أعتقد أننا، جماعياً، سنتمكن من المضي قدماً على طريق الحرية والعدالة والديمقراطية.

السيد فستر فيلي (ألمانيا) (تكلم بالإنكليزية): أود أن أشكركم، سيدي الرئيس، على هذه المبادرة وعلى ريادتكم. كما أشكر الأمين العام على إحاطته الإعلامية.

لقد جاء التغيير في العالم العربي. جاء لأن شعوب المنطقة، ولا سيما الشباب، قد نهضوا من أجل الحرية والمشاركة والكرامة. وأود أن أهنئ الشعب في تونس ومصر وليبيا، إلى جانب شعوب المغرب واليمن والأردن، على ما حققوه من تقدم، كل بطريقته.

وجامعة الدول العربية قد لبت دعوات الإصلاح. ونحن نشيد بالدور البناء الذي اضطلعت به خلال السنة الماضية.

والتطورات في العالم العربي تعكس بدايات عولمة للقيم. وشعوب العالم برمتها تطالب بالحقوق العالمية للإنسان. وقيم الأمم المتحدة ما فتئت تكسب أرضاً جديدة. ونحن مازلنا في بداية الطريق، ولكن، على الأمد الطويل سوف تستفيد كل شعوب المنطقة. ونحن كذلك، باعتبارنا جيرانهم في الاتحاد الأوروبي. وكجيران، نحن مستعدون للمساعدة.

وقد اتخذت ألمانيا قراراً مبكراً بمساعدة البلدان في المرحلة الانتقالية. ونسترشد في هذا الدعم بثلاثة مبادئ. أولاً، ينبغي أن يأتي الإصلاح من الداخل. ونحن مستعدون لدعم البلدان التي تختار طريق التغيير الديمقراطي. ثانياً، ما من بلدين في العالم العربي يتشابهان. فكل بلد يجب أن يختار طريقه وأن يتلمس وتيرته الخاصة. وأخيراً، فإننا نعرف أن الطريق إلى الديمقراطية ليس سهلاً. إنه طريق وعر، ويتطلب الصبر والمثابرة.

والحرية والديمقراطية يتطلبان آفاقاً اقتصادية واعدة. وقد عرضنا شراكات تحويلية على جميع البلدان المعنية. ونحن مستعدون لدعمها من خلال المعرفة والاستثمار والأسواق المفتوحة في أوروبا. وينبغي تركيز دعمنا الدولي على التعليم. فالتعليم الجيد للشباب مفتاح أي نجاح اقتصادي في المستقبل.

كثيرون في الغرب يتخوفون من نهضة الإسلام السياسي. غير أن فكرة أن مفهومي الإسلام والديمقراطية لا يتفقان هي فكرة خاطئة. وقد شرعنا في حوار مع الأحزاب الإسلامية الديمقراطية.

ونحن مستعدون لاحترام التحولات الثقافية. وفي الوقت نفسه، فإننا نتطلع إلى التزامات واضحة تجاه حقوق الإنسان وسيادة القانون ومجتمع التعددية واحترام الأقليات والتسامح الديني والسلام الداخلي والخارجي.

والمرأة قوة دافعة للتغيير في المنطقة، ونحث كل الشركاء في العملية الانتقالية على النهوض بحقوقها.

لقد جعلت التغييرات في المنطقة إحراز تقدم صوب حل الدولتين لصالح إسرائيل وفلسطين أكثر إلحاحاً. ولذلك، فإنني أرحب باجتماع كبار مسؤولي المجموعة الرباعية اليوم. وعلى كل الأطراف أن تبذل كل جهد ممكن لتخفيف حدة التوتر وتلافي التصعيد على أرض الواقع. وإنني أشعر ببالغ القلق إزاء اندلاع العنف حول غزة. وقصف أشخاص أبرياء بالصواريخ أمر غير مقبول ولا بد أن يتوقف.

إن البرنامج النووي الإيراني يشكل تحدياً لاستقرار المنطقة وللنظام الدولي لعدم الانتشار. وتزود إيران بأسلحة نووية أمر غير مقبول.

ولقد أعربت مجموعة البلدان الأوروبية الثلاث + 3 وإيران عن استعدادها للانخراط في محادثات. إننا نريد التوصل إلى حل سياسي ودبلوماسي، وسنعمل من أجل ذلك. ما زالت هناك فرصة سانحة للديمقراطية. وبغض النظر عن المسألة النووية، فإننا لن ننسى كيف أن النظام الإيراني لم يستجب للمطالب المشروعة لشعبه.

أما في اليمن، فإن انتخاب الرئيس الهادي يمثل معلماً هاماً في الانتقال السياسي. وقد زرت صنعاء قبل يومين. وما زال اليمن يواجه تحديات هائلة، إلا أنه في حال أفضل كثيراً اليوم مما كان عليه قبل عام مضى. واليوم، هناك فرصة حقيقية لتحقيق مصالحة وطنية. وشعب اليمن يستحق دعمنا الكامل.

ونحن ممتنون للانتقال السلمي للسلطة. ومجلس التعاون الخليجي قد اضطلع بدور رئيسي. وكذلك فعل مجلس الأمن والأمين العام بان كي - مون. وتلك الجهود المشتركة قد يسرت عملية الانتقال التي قادها اليمنيون. ومن أكثر من زاوية، فإن حالة اليمن يمكن أن تكون نموذجاً لهذا المجلس للانتقال السياسي وحل النزاع.

ويوافق هذا الأسبوع الذكرى السنوية الأولى لاندلاع الاحتجاجات السلمية في سوريا. ومنذ البداية، دعت ألمانيا مجلس الأمن إلى العمل. وجرى الكثير من النقاش بشأن سوريا في المجلس، غير أن المجلس فشل في الاضطلاع بمسؤوليته. والاحتجاج السلمي يُخمد بالعنف المروع والقتل. وهناك مئات الأطفال بين 000 8 من القتلى. يجب أن ينتهي ذلك العنف، وأن ينتهي الآن.

إننا نشاهد بإعجاب الأعداد المتزايدة من السوريين الذين يجازفون بأرواحهم من أجل مستقبل أفضل. وشعب سوريا يقهر الخوف كل يوم، ويقف في وجه القمع والعنف البالغين. وتنبع شجاعتهم من الأمل واليأس معاً. فلنمنحهم هنا في مجلس الأمن سبباً أكبر للأمل من اليأس.

ولا تزال ألمانيا تعمل بلا كلل من أجل التوصل إلى حل سياسي. ويجب علينا منع حدوث مزيد من التصعيد. وقد أهدر الكثير من الوقت أيضاً. وحسب رأينا فإن هناك ثلاث أولويات: أولا، وضع حد للعنف، وثانيا، وصول المساعدات الإنسانية على نحو فوري ودون عوائق، وثالثا، عملية الانتقال السلمي بقيادة السوريين وعلى أساس قرارات الجامعة العربية.

وإنني على اقتناع راسخ بأن لا أحد يمكنه أن يقرر مستقبل الشعب السوري سوى السوريين أنفسهم. فقد واصلوا التعبير عن إرادتهم طوال الأشهر الـ 12 الماضية. ولا يمكن لأحد أن يشك في رغبتهم في التغيير. ونمد أيدينا إلى جميع الذين يعملون من أجل التغيير السلمي والديمقراطي، وخصوصاً إلى المجلس الوطني السوري. وفي سوريا الجديدة، يجب تمكين جميع السوريين من التمتع بكامل حقوقهم، بغض النظر عن الانتماء أو العرق أو المعتقد أو نوع الجنس.

وأود أن أغتنم هذه الفرصة لأشكر الأمين العام بان كي - مون وجامعة الدول العربية، والمبعوث الخاص المشترك كوفي عنان، والمفوضة السامية لحقوق الإنسان نافانيثيم بيلاي، والسيدة فاليري آموس على جهودهم الدؤوبة. وستواصل ألمانيا الضغط من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة - في المجلس وفي هيئات الأمم المتحدة الأخرى، وفي الاتحاد الأوروبي ومع الشركاء المتفقين في الرأي في مجموعة أصدقاء الشعب السوري. إن إرسال إشارة قوية واتخاذ إجراءات فعالة هما ما ندين به لشعب سوريا. ونحن مدينون بذلك للشعب وللأطفال وللأسر وللضحايا على حد سواء. وتعتمد مصداقية المجلس على ما نقوم به في ذلك الصدد، بل هو السبيل الوحيد للمجلس لأن يرتقي إلى مستوى المسؤولية المنوطة به بموجب الميثاق.

السيد مينون (توغو) (تكلم بالفرنسية): أود أن أبدأ بتوجيه الشكر إلى المملكة المتحدة على تنظيم مناقشة اليوم، التي توفر لنا فرصة استثنائية للنظر في الحالة في الشرق الأوسط من خلال منظور مطالب الشعوب والتغيرات التي تجري هناك. وأود أن أشكر الأمين العام على إحاطته الإعلامية، وأرحب بحضور الوزراء الذين أكدوا بوصولهم إلى هنا اليوم، الأهمية التي يولونها للمسألة المعروضة علينا.

فقبل ما يزيد على العام بقليل، أقدم شاب تونسي - بدافع رد فعل على تصرّف أحد أفراد الشرطة معه بطريقة ربما توصف بعدم اللياقة - على إضرام النار في نفسه تعبيراً عن غضبه أو عن يأسه بالأحرى جراء الاستمرار في العيش في مجتمع تسوده عدم المساواة على نحو متزايد، وحيث يتجاور التباهي بإظهار الثروة بطريقة مستفزة جنباً إلى جنب مع الفقر المستشري. وكان ذلك الفعل بمثابة الشرارة التي أشعلت نيران تغيير طويل الأجل هزّ أركان العديد من الدول العربية. وفي الواقع، فهي ثورة تماثل اندلاع الثورة الفرنسية عام 1789 التي وصفها الفيلسوف هيغل بأنها فجر رائع. فمن تونس إلى البحرين، مروراً بمصر وليبيا وصولاً إلى اليمن وسوريا، انتفض الشباب بصوت واحد مطالبين بمزيد من العدالة والمساواة، وبتوزيع أفضل لثروات بلدانهم. بعبارة أخرى، فقد كانوا يطالبون بالديمقراطية.

وقد أُرغم رؤساء بعض الدول على التنحي من منصبهم بفعل مباغتة تمرد على نطاق واسع لم يسبق له مثيل في المنطقة. غير أن ذلك لم يكن كافياً لاستعادة الهدوء والاستقرار. وفي الواقع، فإن الهدف الرئيسي الذي رمت إليه حركة الشباب هو إقامة مجتمع ديمقراطي جديد. وفي حين أصبح ممكناً الإطاحة بزعيم جديد في بضعة أشهر فحسب، فإن بناء مثل ذلك المجتمع الديمقراطي يتطلب مزيداً من الوقت والتضحيات.

إن تحديات الحالة الراهنة في الشرق الأوسط عديدة، ولكنها توفر فرصا كبيرة لشعوب المنطقة في الوقت ذاته. وتشمل التحديات إعادة بناء الدول على نحو تصبح فيه العدالة والمساواة وحقوق الإنسان ركائز أساسية في بناء الدول. ومن وجهة النظر تلك، فإن إعادة إرساء السلام والأمن والوحدة الوطنية هي أولى التحديات التي يتعين التصدي لها. وتزداد الحالة تعقيداً بفعل نقل الأسلحة بطريقة غير خاضعة للرقابة، وظهور الميليشيات المسلحة، وأعمال الانتقام وتسوية الحسابات، ورفض نزع السلاح، وهي جميعها عوامل تسهم في زيادة سوء حالة انعدام الأمن وعدم الاستقرار في البلدان والمناطق المعنية.

وتشكل الحالة الإنسانية تحدياً آخر ينبغي التصدي له. فقد أرغم الآلاف من سكان البلدان التي حدثت فيها ثورات على الفرار من منازلهم والبحث عن ملجأ، سواء كان داخل حدود بلدهم الإقليمية أم في البلدان المجاورة. وتدعو الحالة إلى تقديم المساعدات الإنسانية الطارئة التي ليس من السهل دائما تعبئتها أو نشرها في المناطق المتضررة التي يصعب الوصول إليها. وهذه هي الحالة التي لا غنى فيها عن الأخذ في الاعتبار بمفهوم المسؤولية عن الحماية. ويجب أن يتم تعريف ذلك المفهوم بطريقة واضحة جداً حتى يصبح ممكناً تنفيذه في الحالات التي تنتهك فيها حقوق الإنسان على نطاق واسع.

ويجب القول إن الهزات التي يشهدها العالم العربي توفر فرصاً كبيرة، جنباً إلى جنب مع تلك التحديات. والأكثر أهمية أن تلك الفرص تشمل: حرية التعبير، وقدرة الشعوب على اختيار زعمائها، فضلاً عن مشاركة جميع أصحاب المصلحة في إدارة الشؤون العامة. وتذكّرنا الثورات الجارية في الشرق الأوسط بمدى أهمية إقامة الحكم الرشيد على الصعيدين الاقتصادي والسياسي لتعزيز التنمية.

ونظراً لأن هذه الثورات تشتعل شرارتها من البطالة في أوساط الشباب المتعلمين والمدربين على مستوى رفيع، ومن الفقر غير الخاضع للرقابة، ومن ارتفاع أسعار السلع الأساسية، ومن إخفاقات نظم العدالة وسوء استخدام السلطة والفساد، فهي توفر فرصا كبيرة للزعماء الجدد في البلدان المعنية وأماكن أخرى لكفالة كون الإنسان محوراً لعملية التنمية. ويجب أن يعمل هؤلاء الزعماء الجدد بروح من الانفتاح والتكامل من أجل خلق الظروف المواتية للتنمية.

ومع ذلك، فإنه ليس بوسع البلدان الديمقراطية الجديدة، وتلك التي في طريقها إلى أن تصبح ديمقراطية إعادة بناء مستقبلها لوحدها. ويجب تقديم المساعدات الاقتصادية الكبيرة لهذه البلدان، كي تتمكن من توفير أسلوب جديد للحياة لمجتمعاتها، بطريقة لا يرغم فيها الشباب إلى اللجوء إلى أعمال اليأس. وفي الواقع، فإن من الضروري أن يقترن بناء المجتمعات الديمقراطية بتهيئة ظروف معيشية أفضل للشعب. وقد أصبحت مطالب الشعوب في العالم العربي الآن جزءا من التاريخ. فهي رهان على التغيير، شأنها في ذلك شأن أي قوة دفع أخرى من أجل الحرية، ويجب تقديم الدعم الجيد لها بتلك الصفة.

السيد لوليشكي (المغرب): أود في البداية أن أقدم لكم الشكر على تنظيم هذا النقاش الوزاري بشأن التحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط والفرص المتاحة لشعوبها لتحقيق عيش كريم في ظل السلم والاستقرار واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون. كما نرحب بحضور ومشاركة السيد بان كي - مون الأمين العام لمنظمتنا في هذه المداولات.

إن التغيرات التي شهدتها المنطقة العربية دشنت عهداً جديداً استردت فيه الشعوب قدرتها على التحكم في مسارها، والتأثير على القرار السياسي، والإسهام في بناء حاضرها ومستقبلها. لقد أتت هذه التغيرات المتفاوتة في مداها وعمقها وأسلوبها بالكثير من الإيجابيات والمكاسب، أولها ميلاد أمل حقيقي في تجاوز رواسب الماضي، والتطلع إلى مستقبل تشارك فيه جميع فئات المجتمع بكل مشاربها لبناء مؤسسات تحترم إرادة الشعوب وتشركها في بناء الديمقراطية.

لا يمكن تناول التحديات في منطقة الشرق الأوسط دون التطرق إلى الأزمة التي ما زالت تلقي بظلالها على المنطقة بأسرها والتي عرفت في الأيام الأخيرة تصعيدا خطيرا.

إن أكبر وأخطر تحد لاستقرار وأمن منطقة الشرق الأوسط يتمثل في سياسة الاحتلال والاستيطان التي تتمادى إسرائيل في تطبيقها ضدا على الشرعية الدولية وخرقا للاتفاقات المبرمة وتجاهلا للمبادئ التي أسست لعملية السلام.

إن انسداد الأفق الذي يعرفه مسلسل المفاوضات الفلسطيني الإسرائيلي بالرغم من المجهودات الدولية المتعددة وتمادي إسرائيل في تسريع وتيرة الاستيطان خصوصا في مدينة القدس، وبناء الجدار وإبقاء الحصار على قطاع غزة، كل هذه العوامل تولّد اليأس والإحباط وتهدد بالتالي أمن واستقرار المنطقة.

إن خلق فرص إعادة استئناف المفاوضات والدفع بها للتوصل إلى الحل العادل والشامل يبقى التحدي الآني والمُلح الذي يستوجب على هذا المجلس الاضطلاع والعمل على تحقيقه في أقرب الآجال.

إن للمجموعة الدولية، وخاصة الدول الفاعلة فيها، دورا كبيرا وحاسما في التأثير على الأطراف وتفعيل رؤية الدولتين في إطار الحل العادل والشامل والكامل الذي يضمن قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية واستتباب الأمن والسلام لشعوب المنطقة دون استثناء.

في منطقة المغرب العربي، انبثق فجر جديد على الشعب التونسي الشقيق وانطلقت عجلة التغيير من أجل الديمقراطية ودولة القانون بمشاركة جميع شرائح المجتمع وأصبحت تونس الجديدة فاعلا نشيطا في بناء التكتل المغاربي الذي نطمح إليه جميعا.

أما في ليبيا الشقيقة، وبغض النظر عن الصعوبات والتحديات التي تجابه هذا الشعب المغاربي في هذه المرحلة الانتقالية، فلا أحد ينكر أن هذا الشعر يوجد الآن في أحسن حال مما كان عليه خلال أربعين سنة، وأن له من العزيمة والموارد والكفاءات ما يؤهله لفتح صفحة جديدة في تاريخه المعاصر وبناء دولة ديمقراطية موحدة ومتضامنة. لقد تحقق انتصار وانعتاق الشعب الليبي ليس فقط بفضل شجاعته وجرأته في الاختبار الذي فُرض عليه، بل لأن المجتمع الدولي، وعلى الخصوص الجامعة العربية ومجلس الأمن، قدم له دعما حاسما وفي التوقيت الأنسب.

بكثير من التفاؤل والعزيمة على تخطي كل العقبات، يشق الشعب المصري الشقيق طريقه بثبات ويذهب قدما في تفعيل مراحل مسلسل التغيير الذي أقرته القوى الوطنية. ولنا اليقين أن عبقرية هذا الشعب وإرثه التاريخي سيمكننا من تجاوز كل الصعاب وتحقيق آمال الشعب المصري في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

ومن هذا المنبر نحيي المسار السلمي الذي اتخذه اليمن الشقيق لضمان تداول منظم للسلطة بفضل المبادرة الخليجية وتفعليها الناجح بمساعدة الأمم المتحدة.

وفي نفس الوقت، نأسف للمأساة التي يعيشها الشعب السوري الشقيق منذ ثمانية أشهر والتي تهدد بخطر الانزلاق نحو حرب أهلية لا يتمناها أحد.

إن المغرب إذ يستقبل بارتياح تعيين السيد كوفي عنان كممثل خاص مشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية، يتمنى أن تسهم مجهوداته في وقف العنف وتسهيل وصول المعونات الإنسانية وتهيئ الأرضية الضرورية لبداية الحوار الوطني حفاظا على الوحدة الوطنية والترابية لسوريا الشقيقة. كما نتمنى أن يتمكن هذا المجلس في أقرب الآجال من التكلم بصوت واحد لمعالجة هذا الوضع عبر تفعيل قرارات الجامعة العربية ذات الصلة.

في المغرب، أعطت الإصلاحات التي أطلقها منذ أكثر من عشر سنوات تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس دفعة تاريخية للتقدم الديمقراطي الذي حققه بلدي وأسهمت في خلق فضاء أوسع للحريات الفردية والجماعية.

وانطلاقا من دينامية داخلية صرفة نابعة عن إرادة سياسية وطنية، اتخذ المغرب خطوات مهمة تضمن إصلاحات دستورية عميقة وإجراء انتخابات شفافة انبثقت عنها حكومة جديدة التزمت بمحاربة الفساد وإصلاح المنظومة القضائية وتقوية وتفعيل دور المرأة في كل المجالات. ويبقى المغرب، كعادته، مستعدا لمشاطرة إخوانه خلاصة تجربته في شتى الميادين، بما فيها تفعيل التعددية الحزبية ودور المجتمع المدني والعدالة الانتقالية وتأهيل الكفاءات، خدمة لدولة الحق والقانون.

مهما كانت قدراتها الذاتية، فإن أي دولة في منطقتنا لا يمكنها أن تجابه لوحدها تحديات الإرهاب والانفصال والتنمية وأن تربح رهانات الانفتاح والديمقراطية.

كذلك فإن أي مجهود وطني تبقى آثاره ونتائجه محدودة ما لم يكملها ويثريها تعاون جهوي تفرضه وحدة التاريخ وإكراهات الحاضر وتطلعات المستقبل المشترك.

ومن شأن هذا التعاون أن يعطي قوة ومناعة لشعوب المنطقة ويؤهلها لتكامل اقتصادي يعود بالنفع على كل دولها. هذا ما نأمل في إنجازه في منطقة المغرب العربي التي شهدت خلال الشهور الأخيرة حركية إيجابية غير مسبوقة تدعو للتفاؤل، وسنعمل جاهدين على الدفع بهذه الدينامية لرفع التحديات الكثيرة التي تجابهنا والتهديدات الخطيرة التي تتربص بأمن دولنا ووحدة أراضيها. ونتمنى أن يلقى هذا المجهود دعما ومساندة فاعلين من طرف كل دول المنطقة.

وختاما، لا أحد يقلل من حجم الصعوبات والعراقيل التي يجب تخطيها من أجل تحقيق أهداف التحول الديمقراطي المنشود، كما أن لا أحد ينتقص من طاقات الشعوب العربية وقدرتها على رفع التحديات، كل حسب خصوصياته وكل حسب رصيده التاريخي وكل حسب تجاربه المعاشة. إن طريق بناء وتقوية الديمقراطية طويل ومضن ويستوجب الحكمة والتبصّر لتثبيت ركائز الاستقرار الذي لا يمكن بدونه بناء صرح ديمقراطي حقيقي. وبالطبع فإن للمجموعة مسؤولية ودورا كبيرين في إنجاح هذه المسارات بتشجيعها ومساندتها بكل الوسائل وعبر كل مراحل الانتقال الديمقراطي. وكلنا أمل في ألا تخذل المجموعة الدولية هذه الانتظارات وهذه التطلعات.

السيد لي باودونغ (الصين) (تكلم بالصينية): ترحب الصين بحضور السيد ويليام هيغ، وزير الخارجية وشؤون الكمنولث في المملكة المتحدة، لترؤس الجلسة المنعقدة اليوم. وأود أيضا أن أشكر الأمين العام بان كي - مون على بيانه.

إن الحالة في الشرق الأوسط تشهد تغيرات لم يسبق لها مثيل. ففي بعض البلدان، يشهد الوضع اضطرابا. ويسبب ذلك بطبيعة الحال قلقا واسع النطاق في جميع أنحاء العالم. وتطورات الوضع في الشرق الأوسط تخلّف أثرا كبيرا على الشؤون السياسية والاقتصادية العالمية. ومن دون الاستقرار والتنمية في تلك المنطقة، سيظل الانتعاش الاقتصادي العالمي بعيد المنال، وسيبقى السلام العالمي في خطر شديد.

وفي الوقت الذي ما زالت آثار الأزمة الاقتصادية والمالية الدولية قائمة، فإن لدى شعوب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على غرار شعوب المناطق الأخرى في العالم، مطالب للتغيير وللحفاظ على مصالحها الذاتية. وأسباب الاضطرابات والتغيرات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا متعددة الأوجه. وبغية معالجة تلك التغيرات بشكل صحيح، يجب علينا الانخراط في التفكير الرشيد واعتماد نهج شامل ومتكامل لكفالة السلام والاستقرار في المنطقة، بغية تلبية مطالب الشعوب بطريقة أفضل وأكثر تنظيماً.

أود أن أركز على أربع نقاط. أولاً، يجب أن نحترم رغبات ومطالب شعوب البلدان المعنية بالتغيير والتطور، وكذلك احترام ملكيتها لإدارة شؤونها الداخلية واختيار نظمها السياسية وسبل تنميتها. والمسؤولية الرئيسية عن حل المسائل في الشرق الأوسط تقع على عاتق شعوب الشرق الأوسط نفسها. إنها أسياد مصيرها بالذات.

ثانيا، نأمل أن تعبر بلدان المنطقة عن تطلعاتها السياسية من خلال الوسائل القانونية وغير العنيفة، وحل خلافاتها عن طريق الحوار والتشاور وغيرهما من الوسائل السلمية، والتوصل إلى حلول مناسبة بواسطة عمليات سياسية شاملة. وندعو جميع الأطراف إلى تجنب العنف والصراع العسكري، وإلى استعادة الاستقرار والنظام الاجتماعي الطبيعي، في أقرب وقت ممكن.

ثالثا، يجب أن نتقيد بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والأعراف الأساسية التي تنظم العلاقات الدولية، ونحترم سيادة بلدان المنطقة واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها. وبإمكان المجتمع الدولي أن يوفر المساعدة البناءة اللازمة للجهود التي تبذلها البلدان من أجل حل أزماتها الداخلية من خلال الوسائل السياسية. والصين تعارض أي محاولة من جانب قوى خارجية للقيام بتدخل عسكري أو ممارسة الضغط في سبيل تغيير النظام. وفرض الجزاءات أو التهديد بها لا يفضيان إلى حل مناسب لهذه المشاكل.

رابعا، يجب تنفيذ قرارات مجلس الأمن تنفيذا دقيقا وشاملا. ولا يسمح لأي طرف بتفسيرها بالشكل الذي يريده، ناهيك عن اتخاذ إجراءات تتجاوز ولايات المجلس. وبغية حماية المدنيين، يجب التقيد بالقانون الإنساني الدولي والقوانين الدولية الأخرى ذات الصلة، دون أي دوافع أو أغراض سياسية. والصين ضد أي تدخل في الشؤون الداخلية باسم النزعة الإنسانية.

وكما هو الحال دائماً، لا تزال الصين ملتزمة التزاما راسخا بالقضايا العربية العادلة، بما في ذلك المطالب العادلة للشعب الفلسطيني باستعادة حقوقه الوطنية المشروعة. وتؤيد الصين إنشاء دولة فلسطينية على أساس حدود عام 1967، مع كامل السيادة والاستقلال، وتكون القدس الشرقية عاصمتها، وقيام تعايش سلمي في نهاية المطاف بين البلدين فلسطين وإسرائيل.

إن عملية السلام في الشرق الأوسط تمر في الوقت الراهن بحالة من الجمود. ولقد ازدادت أيضا حالة التوتر في غزة الأسبوع الماضي. وتشعر الصين بقلق عميق إزاء هذا التطور. وأي ركود أو نكسة في محادثات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية لا يسعهما إلاّ أن يؤديا إلى المزيد من الاضطراب والصراع. وكلما ازداد الصراع، وكلما ازداد الوضع تجهما، ينبغي للمجتمع الدولي أن يزيد من تكثيف جهوده الدبلوماسية والضغط من أجل الاستئناف المبكر للمحادثات بين الطرفين. وتعرب الصين عن تقديرها للجهود التي تبذلها المجموعة الرباعية المعنية بالشرق الأوسط. ونحن نؤيد دوراً أكبر للسيد عنان في تحقيق السلام في الشرق الأوسط.

لقد تقدمت الصين مؤخرا باقتراح من ست نقاط بغية التوصل إلى حل للمسألة السورية. وندعو الحكومة السورية وجميع الأطراف المعنية إلى وقف جميع أعمال العنف، وإجراء حوار سياسي شامل على الفور، واعتماد خارطة طريق للإصلاح من خلال المشاورات ووضعها موضع التنفيذ في أقرب وقت ممكن، وتكون مفصلة وشاملة وذات إطار زمني. ويجب على الأطراف المعنية في المجتمع الدولي أن تحترم سيادة سوريا، واستقلالها، ووحدتها، وسلامة أراضيها، وأن تهيئ الظروف لإجراء محادثات بين الأطراف السياسية السورية.

إن الأزمة في سوريا معقدة جداً. فجهود الوساطة السياسية لن تنجح بين عشية وضحاها. ولكن علينا أن نثابر في العمل مع بذل الجهود التي لا تكل. وتحقيقا لتلك الغاية، أوفدت الصين مرارا مبعوثين خاصين للعمل مع الأطراف السورية والضغط من أجل إجراء محادثات سياسية.

وتؤيد الصين دوراً بنّاء للمبعوث الخاص، عنان، المشترك بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، بغية التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية. ونحن نؤيد الجهود النشطة التي تبذلها البلدان العربية والجامعة العربية لتعزيز التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية. وإننا نقدّر زيارة السيد عنان مؤخرا إلى سوريا ونرحب بها. وندعو المجتمع الدولي إلى تهيئة الظروف المواتية للمساعي الحميدة التي يقوم بها السيد عنان ودعمها.

إن الصين ليست لديها مصالح ذاتية بالنسبة إلى سوريا. فنحن لا نؤيد أي طرف معين، ولا نعارض أي طرف. وتتمسك الصين بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتحترم السيادة السورية وخيارات الشعب السوري. وينبغي ألاّ تشارك أي أطراف خارجية في التدخل العسكري في سوريا، أو تضغط من أجل تغيير النظام.

وتؤيد الصين دوراً قياديا للأمم المتحدة في تنسيق الإغاثة الإنسانية بغية المساعدة على تخفيف حدة الوضع الإنساني في بعض المناطق من سوريا. وستقدم الصين عن طريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مليوني دولار كإغاثة إنسانية طارئة للشعب السوري.

والصين، بوصفها عضوا دائما في مجلس الأمن، مستعدة لتحمل مسؤولياتها كاملة، والانخراط في مشاورات متأنية وكاملة مع جميع الأطراف على قدم المساواة، والضغط من أجل التوصل إلى تسوية سياسية مبكرة للأزمة السورية.

السيد هارديب سينغ بوري (الهند) (تكلم بالإنكليزية): اسمحوا لي أن ابدأ بالترحيب بكم، وزير الخارجية هيغ، وبالوزراء الآخرين في مجلس الأمن. وأود أن أشكر وفد المملكة المتحدة على تنظيم المناقشة الجارية اليوم لبحث التطورات التي حدثت في غرب آسيا وشمال أفريقيا العام الماضي. وأود أيضا أن أتقدم بالشكر إلى الأمين العام، وإليكم سيدي الرئيس، وإلى سائر المتكلمين على البيانات القيّمة التي يتم الإدلاء بها هنا اليوم. لقد استمعنا بعناية إلى الآراء التي جرى الإعراب عنها، ونأمل من المداولات الجارية اليوم أن تساعد المجتمع الدولي على التوصل إلى نظرة أكثر تنسيقاً وتوافقا حيال التحديات الخطيرة التي تشكلها التطورات في المنطقة وما وراءها.

إن المجتمعات في غرب آسيا وشمال أفريقيا ما فتئت تؤدي دوراً هاما في تاريخ العالم منذ أكثر من ألف سنة. فقد اجتذبت تلك المجتمعات بفضل عبقرية شعوبها، وموقعها الاستراتيجي، ومؤخرا جدا مواردها الطبيعية، اهتماما كبيرا من كل حدب وصوب. وعلى مر القرون، أقامت بلدان المنطقة الروابط الاجتماعية - الاقتصادية والاستراتيجية المتعددة الأوجه مع بقية أنحاء العالم. للتطورات في المنطقة تداعيات داخل المنطقة وخارجها، وهي طبعا محل اهتمام بالنسبة إلى المجتمع الدولي.

إن العلاقة بين الهند والعالم العربي فريدة وذات روابط تاريخية وثقافية قديمة. وكان أثر العالم العربي والإسلامي في الهند نفسها عميقا وواسعا، ما أدى إلى نشوء ثقافة مركبة غنية بتنوعها وباقية بوحدتها الأساسية. والمنطقة موطن لأكثر من 6 ملايين هندي، لهم بعض أكبر الروابط الاقتصادية والتجارية. وهي أيضا أهم مصدر لاحتياجاتنا من الطاقة، ونظرا إلى كونها واقعة في جوارنا الممتد فهي ذات أهمية حيوية بالنسبة إلى الهند.

إن الاضطراب في غرب آسيا وشمال أفريقيا، الذي بدأ قبل ما ينيف عن سنة، له جذور في رغبة الشعوب في تأدية دور أكبر في تشكيل مصيرها سياسيا واقتصاديا. ولن تُلبى تلك التطلعات عن طريق العنف أو الكفاح المسلح. ولا يمكن التوصل إلى حل عن طريق توجيهات مفروضة من الخارج. وفي الواقع أن تلك التوجيهات، نظرا إلى تاريخ التدخل الأجنبي، لن تكون محل شك في نظر مختلف قطاعات المجتمع فحسب ولكن يمكن أيضا أن تؤدي إلى تفاقم المشكلة.

ولدى تناول التطورات في غرب آسيا وشمال أفريقيا ثمة حاجة إلى أن يستعمل المجتمع الدولي جميع أدوات الدبلوماسية المتاحة له وأن يكون مستعدا لتقديم المساعدة للبلدان المعنية في الانتقال إلى كيان سياسي شامل وقائم على المشاركة بينما يحافَظ على الاستقرار والتماسك الاجتماعيين. ونظرا إلى أن الطبيعة الدقيقة للمظالم تختلف من بلد إلى آخر، لا يمكن أن توجد مجموعة واحدة من التدابير يمكنها أن تطبق على البلدان جميعها. وحلول المشاكل في كل بلد يجب أن تأخذ في الاعتبار الظروف الخاصة للمجتمع وسجية شعبه. ولكن ما هو يقيني هو أن الحلول لا يمكن أن تشمل التدخل عن طريق القوة العسكرية أو تسليح السكان المدنيين. ليس من شأن مسار عمل من هذا النوع سوى التسبب في إراقة مزيد من الدماء وعدم الاستقرار وإيجاد مجموعات مهمشة جديدة. وينطوي أيضا على خطر توليد التطرف والتعصب، تكون نتائجهما الضارة ملموسة في المنطقة وما يتجاوزها.

وأود أن أذكّر بأن أب الأمة الهندية، الماهاتما غاندي، قال ”اللاعنف أعظم قوة تحت تصرف البشرية“. وحتى خلال السنة المنصرمة شهدنا أنه حيث حدثت التغيرات دون عنف، فإن الحالة الطبيعية عادت على نحو أسرع وقَبِل المجتمع أيضا برمته التغيرات. ولذلك، لدينا نظرة مدروسة في أنه ينبغي للقادة السياسيين في البلدان المعنية في غرب آسيا وشمال أفريقيا أن يحلوا مشاكلهم عن طريق عمليات سياسية داخلية شاملة تفي بتطلعات شعوبها في جو خال من العنف وإسالة الدماء. إن مبادئ السيادة الوطنية والاستقلال السياسي والوحدة والسلامة الإقليمية يجب أن تحترم.

وينبغي للمجتمع الدولي - بوسائل منها رعاية الأمم المتحدة - أن يستعمل التأثير الدبلوماسي وأن يقدم المساعدة التقنية في مجالات من قبيل الإصلاحات في القطاع السياسي والأمني وقطاع العدالة، وصياغة دساتير جديدة وأطر قانونية ومؤسسات انتخابية وإجراء الانتخابات. ويجب تفادي الإجراءات المستندة إلى تفسيرات انتقائية أو متحيزة لولاية من ولايات الأمم المتحدة، من أجل كفالة تحقيق المصالحة السياسية على الأمد الطويل بين مختلف أجزاء المجتمع عن طريق العمليات السياسية السلمية والشاملة.

ويحتاج المجتمع الدولي أيضا إلى أن يهيأ لتُحل بسرعة المشكلة العالقة منذ أمد طويل والمتعلقة بمنطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا - النزاع العربي - الإسرائيلي، بما في ذلك المشكلة الإسرائيلية - الفلسطينية. تلك المشكلة لا يمكن أن يسمح لها بأن تضيع في غمرة الضجيج وشواغل التطورات الأخرى في المنطقة. وبمعزل تماما عن حقيقة أنه، دون حل ذلك النزاع لا يمكن أن نعالج على نحو واف التطورات في غرب آسيا وشمال أفريقيا، فإننا نجازف مجازفة خطيرة بحدوث العنف إذا شعر شعب فلسطين بالتهميش وبعد الالتفات تماماً إلى محنته. وقد يتطرف في احتجاجاته ما لم تتخذ إجراءات ملموسة لإنهاء الاحتلال للأراضي العربية، حتى تستطيع جميع الشعوب في المنطقة العيش في ظل السلام كل في وطنه وإقامة علاقات تعاونية. وفضلا عن ذلك، فإن مطالبة المجتمع الدولي بإصلاحات ديمقراطية وسياسية تبدو جوفاء بالنسبة إلى الفلسطينيين والشعوب الأخرى في المنطقة تعيش تحت الاحتلال. وفي هذا الصدد، من اللازم اتخاذ بعض التدابير الهامة الفورية، بما في ذلك إنهاء جميع الأنشطة الاستيطانية والنظر الإيجابي من قِبل هذا المجلس في الطلب الفلسطيني للعضوية في المنظمة.

وتؤيد الهند، بوصفها ذات أضخم ديمقراطية في العالم، التدابير المتخذة من قِبل البلدان في المنطقة لمعالجة مظالم شعوبها في جو خال من العنف وإراقة الدماء. والهند على استعداد لتشاطر تجاربها مع البلدان المعنية في بناء مؤسسات سياسية ديمقراطية وتعددية ولأن تكون شريكة لها في مجالات من قبيل صياغة الأطر الدستورية والقانونية والإصلاحات في قطاع القضاء والأمن، وإنشاء مؤسسات انتخابية نزيهة ومستقلة وإجراء الانتخابات وإدارة الموارد البشرية للتنمية، بما في ذلك التدريب والمساعدة التقنية.

وستواصل الهند دعم المجلس في مواجهة تحدي تقديم المساعدة إلى البلدان في غرب آسيا وشمال أفريقيا حتى تستطيع تنفيذ الإصلاحات السياسية اللازمة دون اللجوء إلى العنف وانتهاك حقوق الإنسان الأساسية وبناء نظام سياسي شامل يمكّن من المشاركة من جانب جميع الناس. ولن يحل السلام والأمن والاستقرار داخل المنطقة وفي ما يتجاوزها إلا بذلك.

السيد سانكو (جنوب أفريقيا) (تكلم بالإنكليزية): تعرب جنوب أفريقيا عن تقديرها للأمين العام، السيد بان كي - مون، على إحاطته الإعلامية للمجلس. ونشكر وفد المملكة المتحدة على تنظيم هذه المناقشة الهامة. ومن المهم فعلا أن نتفكر في الأحداث الخطيرة التي نجمت عن التغيرات السياسية الهامة في العالم العربي. والأهم من ذلك هو أن هذه فرصة لتشاطر الأفكار في كيفية التعاطي مع البلدان التي ما تزال متورطة في النزاعات والبلدان التي تمر بمرحلة ما بعد النزاع. إن سنة 2011 ستبقى أبدا راسخة في ذاكرة العالم بوصفها سنة الانتفاضات العربية المتسمة بجملة أمور، منها الاحتجاجات الشعبية والتمردات المسلحة.

وتقييمنا للانتفاضات في الدول العربية، التي أنشأ كثيرا منها اتفاق سايكس - بيكو الاستعماري، يبين أن تلك الاحتجاجات كانت، في جملة أمور، صرخة من أجل الانعتاق السياسي من عقود من النظم الشمولية، صرخة من أجل التوزيع المتناسب للثروة والسلطة ودعوة إلى المشاركة في العمليات الديمقراطية، بما في ذلك الحكم وإمكانية الوصول إلى الفرص الاقتصادية.

ومن الواضح أن صبر تلك الشعوب، التي قد عاشت في ظل نظم قمعية طيلة سنوات كثيرة، قد اختُبر إلى أبعد مدى. وفي الواقع أن العقد الاجتماعي في تلك المجتمعات قد انهار على نحو من المتعذر تغييره. الربيع العربي دليل واضح على مدى تطلع شعوب هذه البلدان إلى الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان الأساسية الأخرى.

إن المجلدات الخمسة لتقرير التنمية البشرية في العالم العربي الذي أعده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقدم أفكارا ثاقبة في أسباب ونذر الثورات العربية. والطبعة الأولى، المنشورة في 2002، لاحظت أن نقص الحرية في العالم العربي قوض التنمية البشرية وكان أحد أكثر المظاهر إيلاما لتخلف التنمية السياسية.

ثُمّ، بعد ذلك بسبع سنوات، لاحظت طبعة 2009 أيضا أن زهاء 30 في المائة من الشباب في البلدان العربية كانوا عاطلين عن العمل، وأن أكثر من 50 في المائة من السكان كانوا دون سن الرابعة والعشرين وأنه ثمة حاجة إلى إيجاد 51 مليون فرصة عمل جديدة في 2020 بغية تجنب الزيادة في معدل البطالة. هذه التقارير وغيرها من التقارير المماثلة لا بد أنها أحدثت قلقا في العالم العربي وحملت الحكومات على إدراك أن الاحتياجات الاجتماعية - الاقتصادية والإنمائية للناس - خصوصا الشباب - يجب معالجتها. وحقيقة أن معظم - إن لم يكن جميع - الانتفاضات قد بادر بها الشباب ينبغي ألا تكون مدهشة.

ومن الواضح أنه، في عالم اليوم المتعولم والآخذ في التكامل بسرعة لا تؤثر الاضطرابات في العالم العربي في الشعوب العربية فقط ولا تقتصر على العالم العربي. إن بقية العالم قد تضررت بطرق كثيرة، منها ارتفاع أسعار النفط والعدد المتزايد للاجئين وارتفاع أعداد الأسلحة غير القانونية وتزايد التوترات بين الدول.

وبالنظر إلى الحبل السري الذي يربط أفريقيا بالعالم العربي، فقد تأثرت القارة الأفريقية سلبا نتيجة للآثار غير المرغوب فيها الناجمة عن الثورات العربية. وفي هذا الصدد، فإننا نقدم بكل تواضع الأفكار التالية للنظر فيها.

أولا، تؤمن جنوب أفريقيا إيمانا راسخا بضرورة أن تحترم الحكومات إرادة الشعوب. وعليه، فإن من الضروري أن تحصل شعوب المنطقة على فرصة لتقرير مستقبلها. وهذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا كانت الأنظمة القائمة تجسد تطلعات شعوب مختلف البلدان في المنطقة، بما فيها تطلعات النساء والشباب.

ثانيا، هناك ترابط بين الأمن والتنمية. وكما أقر مجلس الأمن في بيانه الرئاسي الصادر في شباط/فبراير 2011 (S/PRST/2011/4)، لم يعد بالإمكان فصل التنمية عن المداولات والمداخلات ذات الصلة بالأمن تقليديا. وأقر المجلس أيضا بأن هذا يشكل عنصرا أساسيا من عناصر عمله في مجال صون السلام والأمن الدوليين. ونشدد على أن ذلك لا يعني بالضرورة أن على المجلس التعدي على الوظائف الإنمائية التي تضطلع بها الهيئات الأخرى داخل منظومة الأمم المتحدة، بل ينبغي له أن يراعي القضايا الاجتماعية والإنمائية في المداولات ذات الصلة في إطار ولايته بموجب الميثاق. ونظرا لطابع التطورات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في العام المنقضي، ينبغي زيادة التركيز على التحديات الإنمائية ذات الصلة التي تواجهها شعوب تلك المنطقة.

ثالثا، تؤكد جنوب أفريقيا مجددا على رأيها بأنه ينبغي للمجلس تعزيز آلياته لمنع نشوب الصراعات بوضع استراتيجية وقائية شاملة. وينبغي أن يكون تعزيز أجهزة الإنذار المبكر الإقليمية وتلك التابعة للأمم المتحدة في محور هذه الاستراتيجية. ونرى أن من المهم بشكل حيوي إدماج الجوانب الإنمائية أيضا في جهودنا لمنع نشوب الصراعات وحلها وإدارتها وبناء السلام بعد انتهاء الصراع.

رابعا، مما يرتبط بما ذكرته للتو الأهمية الحاسمة للشراكات مع المؤسسات المالية الدولية، ولا سيما البنك الدولي والهياكل الإنمائية الإقليمية، في دعم جهود السلام في البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية. وبالمثل، فإننا نؤكد على أهمية التدخلات المحددة السياق والمملوكة وطنيا.

خامسا، بينما تنتقل هذه البلدان إلى الديمقراطية، من الضروري تصحيح أخطاء الماضي ببذل جهود ترمي إلى تحقيق المصالحة والعدالة الانتقالية. وينبغي للمجلس أن يبذل جهودا للمصالحة وأن يدعمها. ونحذر من تحديد كيفية الاضطلاع بهذه الجهود، حيث أن كل صراع فريد من نوعه، ولكن ينبغي للمجتمع الدولي دعم شعوب المنطقة في هذا المجال الهام.

والحاجة إلى ضمان الالتزام بسيادة القانون ترتبط بجهود المصالحة. وفي كانون الثاني/يناير، شدد المجلس على ضرورة التقيد العالمي بسيادة القانون وتنفيذها وعلى أن تعزيز سيادة القانون والعدالة عنصر لا غنى عنه من أجل التعايش السلمي (انظر S/PV.6705). وأكدت المناقشات الصلة التي لا تنفصم بين تعزيز العدالة وتحقيق السلام في حالات الصراع وما بعد الصراع.

وأخيرا، ينبغي أن نحذر من أن استخدام محنة الشعوب العربية لتحقيق مصالح ذاتية وإحداث تغيير في نظام الحكم ليس في مصلحة السلام والأمن الدوليين للمجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن. وبصفتنا الأمم المتحدة، ينبغي لنا الالتزام بنفس القانون الدولي الذي ندعي أننا في صدارة المدافعين عنه. ومن ثم، ينبغي للأمم المتحدة ذاتها والبلدان التي تنفذ ولاياتها الالتزام بالقانون الدولي في جميع الأوقات.

وفي التعامل مع هذه التحديات الكثيرة، من المهم أن نعمل مع المنظمات الإقليمية وشبه الإقليمية التي يكون لديها عادة الرؤى الثاقبة ذات الصلة بشأن ديناميات صراع معين والحلول التي يتعين تطبيقها في الغالب. وقد رأينا تحقيق هذا التعاون لنتائج إيجابية مؤخرا في اليمن، ونأمل أن يساعد بنفس المقدار فيما يتعلق بالحالة في سوريا.

بينما جلب الربيع العربي بصيصا من الأمل للكثيرين في العالم العربي، فإنه قد ترك للأسف بعض المسائل التي طال أمدها والمتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان والاستعمار دون حل. وفي هذا الصدد، نتذكر محنة شعب الصحراء الغربية وشعب فلسطين اللذين ما زالا يتوقان إلى الحرية على الرغم من التحولات السياسية والاقتصادية القوية والمفاجئة التي عمت المنطقة.

ختاما، فإن ملاحظة الأمين العام السابق كوفي عنان، المبعوث الحالي إلى سوريا، لا تزال صحيحة اليوم عندما قال:

”لن نتمتع بالتنمية دون الأمن، أو بالأمن دون التنمية. ولن نتمتع بأي منهما دون احترام حقوق الإنسان، وما لم ننهض بهذه القضايا، فلن ننجح في أي منها“.

وانطلاقا من هذه الكلمات، نقدم دعمنا لشعوب العالم العربي فيما ترسم مستقبلا أفضل لنفسها. ونأمل أن نسترشد، في صلب الجهود التي نبذلها لتحسين حياة هذه الشعوب، بمفهوم تهيئة بيئة يتمكن المواطنون في ظلها من العيش في وئام وتحقيق الذات والاستمتاع بالحياة في جو من الحرية أفسح.

السيد مهدييف (أذربيجان) (تكلم بالإنكليزية): بداية، أود أن أشكر المملكة المتحدة على عقد هذه المناقشة حول الحالة في الشرق الأوسط. ونرحب بمعالي وزير الخارجية ويليام هيغ والأمين العام بان كي - مون وغيرهما من المشاركين الموقرين في هذه الجلسة الهامة جدا.

إن العثور على منطلق للمناقشات حول التحديات المرتقبة التي وجدت مجتمعات الشرق الأوسط نفسها في مواجهتها واستقراء الفرص الواعدة الناتجة عن هذه التحديات، يمكن أن يكون مهمة شاقة. ويكفي أن نقول إن موجة التغييرات التي عمت المنطقة منذ العام الماضي غيرت بشكل جذري الحالة الأمنية والوضع السياسي والمجتمعي الراهن في العديد من مجتمعات منطقة الشرق الأوسط وما وراءها. والاضطرابات، التي وضعت بعض بلدان المنطقة على طريق التحول، قد أعادت بدرجة كبيرة تشكيل مجموعة الملامح النمطية التي اتسمت بها المنطقة فيما مضى.

وتعبر هذه التغييرات عن التطلعات الطبيعية للشعوب إلى المزيد من الحرية والمشاركة السياسية الأوسع نطاقا. وفي ضوء هذه الخلفية، ينبغي الإشادة بإرادة وصمود الشعوب في كتابة مستقبلها داخل دول ديمقراطية، ذات مؤسسات حكومية تؤدي وظائفها وتُحترم فيها سيادة القانون وحقوق الإنسان، ودعمهما. ونعتقد أن الاتساق والجهود المتواصلة سيؤديان إلى بلوغ الأهداف المتوخاة.

في الوقت نفسه، وعلى الرغم من الوعود التي أثارتها عملية التحول الديمقراطي، ينبغي للمرء ألا ينسى أن هذه مرحلة تنطوي على قدر كبير جدا من المسؤولية في تاريخ الشرق الأوسط وتتطلب أعلى مستويات اليقظة والعمل المضني من أجل استبعاد الحسابات الخاطئة وعدم القدرة على التنبؤ بالنسبة لمستقبل المنطقة. وأسلوب العنف بوصفه وسيلة لتحقيق الأهداف السياسية ليس في حد ذاته من الديمقراطية، التي لا يمكن نشرها بالسيف وفرضها من الخارج. وينبغي بناء أي عملية داخل دولة بعينها أو منطقة بأسرها على أساس شرعي سليم، في حين ينبغي أن تكون التنمية الاقتصادية والديمقراطية التدريجية هدفا لجميع الحكومات. وأذربيجان تثني على جهود المصالحة التي تبذلها السلطات الوطنية في عدد من بلدان الشرق الأوسط بهدف إيجاد حلول تفاوضية وفعالة، بمشاركة جميع الفئات والقوى السياسية في مجتمعاتها.

يؤسفنا أن نلاحظ عدم إحراز تقدم في عملية السلام في الشرق الأوسط. وفي الوقت نفسه، تشيد أذربيجان بالجهود الدؤوبة التي يبذلها الأردن لإحياء الحوار واستئناف المفاوضات من أجل التوصل إلى حل شامل وعادل ودائم، وتقدرها بشدة.

وتشعر أذربيجان بقلق بالغ إزاء استمرار الأنشطة الاستيطانية غير القانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وإلى جانب تأثير المستوطنات على حقوق الفلسطينيين وحرياتهم وحياتهم اليومية، فإنها تلحق أضرارا خطيرة بعملية السلام وتهدد، بشكل أخطر، الحل القائم على وجود دولتين وقيام دولة فلسطينية تملك مقومات البقاء.

في هذا الصدد، أود أن أؤكد مرة أخرى أنه، خلافا لبعض الحالات المعروفة الأخرى التي تنطوي على مطالبات إقليمية غير مشروعة ولا أساس لها، بما في ذلك تحت الذريعة الملفقة المتمثلة في رعاية الأقليات العرقية، فإنه قد تم الاعتراف بحق شعب فلسطين في تقرير المصير وإقامة الدولة.

وبخصوص الأراضي الفلسطينية المحتلة والحالات المماثلة في أجزاء أخرى من العالم، فإننا ننطلق من أهمية إعادة التأكيد على استمرار انطباق جميع القواعد القانونية الدولية ذات الصلة وتحقيق بطلان الأنشطة التي تهدف إلى توطيد الاحتلال العسكري والشروع في تدابير عاجلة من أجل إزالة الآثار السلبية لمثل هذه الأنشطة والثني عن أي ممارسات أخرى لها نفس الطابع أو ذات طابع مماثل.

ولا يمكن لمجلس الأمن أن يظل غير مبال إزاء الحالات التي تنطوي على انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. والمجلس، في سياق الاضطلاع بمسؤوليته الرئيسية عن صون السلام والأمن الدوليين، لا بد له من أن يستجيب بصورة ملائمة من أجل وضع حد للممارسات والسياسات غير القانونية وكفالة مراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترامها. ومن المهم أيضا الاستفادة بصورة كاملة من ميزة التنوع الثقافي من خلال تعزيز الحوار بين الطوائف والمصالحة فيما بينها، مع الرفض القاطع لأي مظهر من مظاهر التعصب العرقي والديني وإبطاله.

تظل الحالة في سوريا مقلقة، بسبب تفشي العنف وانتهاكات حقوق الإنسان التي نجم عنها ارتفاع عدد وفيات المدنيين. ونرى بقوة بأن الحل الوحيد للأزمة في سوريا يمر عبر إجراء عملية سياسية شاملة للجميع بقيادة سورية، يُظهر فيها جميع أصحاب المصلحة الوطنيين العزم على حل الأزمة سلميا. وتشجع أذربيجان جميع الأطراف في سوريا على التعاون الكامل مع المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية السيد كوفي عنان. ونأمل في أن تسهم مهمته في إنهاء العنف وتيسير التوصل إلى حل سلمي.

وكما جرت الإشارة خلال هذه المناقشة، فإن القمع لا يولد الاستقرار أو السلام أو الأمن، والحكومات التي تقمع الحريات الأساسية ستكون فاقدة للاستقرار على الدوام. وبوصف أذربيجان بلدا يعاني من احتلال طويل لأراضيه، أفضى إلى تشرد سكاني كثيف، فإنها تعتقد بأن نفس الفهم يتعين أن ينطبق كذلك على العلاقات بين الدول. ولا يمكن القبول بسلوك حكومات تلجأ إلى القوة من أجل الاستيلاء على أراضي دولة أخرى ذات سيادة، وتسمح بالقيام بهجمات على المدنيين وبالتطهير العرقي. ومن الأهمية بمكان توحيد المجتمع الدولي لجهوده والتحدث بصوت واحد لرفض السياسات العقابية في العلاقات بين الدول، والتغلب على غياب الثقة المتبادل والمعايير المزدوجة وتحقيق التطبيق الموحد للقانون الدولي وإرساء الديمقراطية في العلاقات الدولية.

السيد أسوريو (كولومبيا) (تكلم بالإسبانية): أنقلوا لو تفضلتم سيدي الرئيس، تقدرينا الكبير لوزير الدولة للشؤون الخارجية وشؤون الكومنولث للمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية، السيد ويليام هيغ، لحضوره معنا اليوم هنا للمشاركة في المناقشة، وكذلك تقديرنا لباقي وزراء الخارجية، الذي جاؤوا للحضور معنا. ولم تتمكن وزيرة الخارجية الكولومبية من المشاركة كما كانت تعتزم ذلك، لأسباب غير متوقعة. وأود أيضا شكر الأمين العام على تحليله المفيد للموضوع قيد الدرس، والذي يوضح بشكل جيد الكيفية التي تتطور بها الأمور.

ويمكننا أن نجد في ما حصل خلال السنة الأخيرة، في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي أصبحت جزءا مما فتئنا نسميه الربيع العربي، سمات مشتركة عديدة من بينها: شباب يعانون في المقام الأول من معدلات بطالة مرتفعة، ونظم سياسية إقصائية لا تمثل كما يجب مصالح مختلف قطاعات المجتمع، وبوسعنا أن نضيف إلى ذلك أثر تكنولوجيا المعلومات الجديدة على تماسك الحركات الشعبية وزعامتها. وفي ظل تلك الظروف التي تجتمع فيها الفوارق الهائلة والتهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ظهرت عملية تسعى إلى إحداث تغيير النظام السائد، وتسعى إلى إحداث التغييرين الاقتصادي والسياسي وإيجاد البدائل التي تتيح المشاركة وفتح مجالات ووسائل جديدة للتعبير، تتضمن باختصار مطالب تتعلق بالحقوق الأساسية.

رغم تلك العناصر المشتركة، فقد سلكت التغييرات والعمليات مسارات مختلفة جدا، في بلدان مختلفة في المنطقة، ولذلك علينا تحليل كل حالة تبعا لحيثياتها. وقد ركزت استجابة المجتمع الدولي للتحديات والفرص الناشئة عن هذه العملية على الوقاية، ووقف العنف والقمع العنيف للسكان المدنيين الذين يطالبون باحترام حقوقهم وحرياتهم الإنسانية الأساسية. ويتضمن ذلك حريتي الانتخاب وتكوين الجمعيات والاعتراف بحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، وحقوق الأقليات، فضلا عن الوصول إلى الفرص الاقتصادية.

تواجه السلطات، في إقليم معقد وحيوي فيما يخص صون السلم والأمن الدوليين، مصاعب كبيرة وقيودا عند استجابتها لمطالب وتطلعات شعب متحمس للإصلاح. وبغية تجاوز ماض من التسلط والطائفية، ليس كافيا مجرد إجراء انتخابات دورية. فثمة حاجة إلى إنشاء تدريجي لأحزاب سياسية، وتعزيز منظمات المجتمع المدني، والتعددية الإيديولوجية، حرية الوصول إلى المعلومات، وممارسة الحريات الأساسية والتمتع بحقوق الإنسان. ويتطلب ذلك وقتا للتعلم ودعما حاسما من لدن المجتمع الدولي للجهود الوطنية. ويتطلب الانتقال إلى مجتمعات أكثر ديمقراطية وتمثيلية تلاقي جميع قطاعات المجتمع ومشاركتها على أساس مبادئ ومقاصد مشتركة. وثمة حاجة إلى إقامة ترتيبات مؤسسية سليمة وملائمة، بغية توجيه مختلف المطالب الاجتماعية، وفي نفس الوقت تفادي الاستقطاب، وبناء المؤسسات والإطار القانوني الذي سيشمل العلاقات بين المواطنين وحكوماتهم.

إن المجتمع الدولي مندهش جراء ملاحظته للقوة المفرطة المستخدمة ضد السكان المدنيين في سوريا. وشوهدت انتهاكات منهجية للحريات الأساسية، وحقوق الإنسان، وجرى بلوغ الدرجات القصوى التي يتعين وصفها بجرائم ضد الإنسانية. وذلك أمر مرفوض، ويتعين إدانته تماما، خصوصا من قبل مجلس الأمن، باستخدام الوسائل المتاحة له.

دعمت كولومبيا وشاركت بحزم في جهود المجتمع الدولي الرامية إلى وضع حد لهذه الحالة التي لا سابقة لها، ولجميع أشكال العنف والانتهاكات لحقوق الإنسان، وتعزيز الانتقال إلى نظام ديمقراطي تعددي. وبغية تفادي حالات مثل هذه، يتعين على مجلس الأمن التأكيد على استخدام أدوات الدبلوماسية الوقائية، المتاحة له بغية التقليل من المخاطر التي تشكلها النزاعات المسلحة، والتكلفة البشرية المرتبطة بها. ويتعين علينا استخدام جميع الوسائل السلمية المتاحة لنا لحماية المدنيين من العنف، وفقا لمبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة، ومع الاحترام الكامل لمبادئ السلامة الإقليمية والوحدة الوطنية والسيادة والاستقلال السياسي للدول.

يتعين على المجلس الحفاظ على تعاون وثيق مع المنظمات الإقليمية، وإعطاء الأولوية للاستراتيجيات الهادفة إلى منع نشوب الصراعات، من خلال الوساطة والمساعي الحميدة. لجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي موقف متميز، مع اقتراب فريد من الفاعلين الأساسيين ومع خبرة وعلم استثنائيين بالحالة في المنطقة، ومن ثم فإن مشاركتهم بوصفهم شركاء استراتيجيين مهمة لاتخاذ إجراءات ملائمة للظروف والاحتياجات الخاصة لكل بلد في المنطقة. ويقدم بلدي بشكل طبيعي كل الدعم لما تتخذه تلك المنظمات من إجراءات.

وسيصبح دعمنا ودعم المجتمع الدولي في هذه الحالات، أكثر فعالية واستدامة، إذا كنا قادرين على تحديد السياقين السياسي والثقافي، وإذا استمرت الحكومات والشعوب في العمل معا في اتجاه توطيد التقدم المحرز. ويفتح التحرك العفوي المتمثل في الربيع العربي الطريق أمام الإنشاء التدريجي للدول والحكومات على أساس احترام التنفيذ الحقيقي للمبادئ الديمقراطية، وسيادة القانون. ويتعين أن ترسخ الحكومات المشكلة حديثا شرعيتها فيما يخص احترام حقوق الشعب، وتوفير الخدمات الاجتماعية الأساسية، وتوليد فرص العمل وتهيئة الظروف التي تعزز التنمية الاقتصادية المستدامة، التي تكون فوائدها واقعا ملموسا لجميع المواطنين دون تمييز.

السيد هارون (باكستان) (تكلم بالإنكليزية): أود أن أرحب بحرارة بالسيد ويليام هيغ والممثل الدائم للمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية، لعقد هذه المناقشة الرفيعة المستوى اليوم. وأود أيضا أن أغتنم هذه الفرصة لأرحب بالأمين العام وبأصحاب المعالي وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الروسي وألمانيا وغواتيمالا والبرتغال. هنتنغتون هو الوحيد الذي يعتقد أن الإسلام والديمقراطية غير متوافقين. وأعتقد أنها مسألة وقت ليثبت توافقهما. لكن أود أن أقول بشكل قاطع جدا أن نبينا دعا أساسا جميع إخواننا في الإسلام أخوة وطلب إليهم الاشتراك في السراء والضراء. في رأيي، ليس هناك مظهر أفضل من ذلك للديمقراطية. وعلاوة على ذلك، سأل المسلمين التواصل مع العالم بطريقة سلمية. وطاب إليهم طلب العلم ولو في الصين التي ليست مسلمة شقيقة. فذلك لا يهم. يدل هذا على الرؤية الواسعة لشخص النبي. وعندما وجد أن الأمور لم تكن جيدة بالنسبة للمسلمين في مكة المكرمة، حيث بدأ دعوته، أمرهم لهم بالذهاب إلى الملك الشقيق عاهل إثيوبيا الذي صدف أن كان مسيحيا وقال أنه سيتولى رعايتهم. يدل ذلك التواصل الواسع الأفق جمال ما هو متاح بالفعل. لا نحتاج إلى منح هنتنغتون تمييزا أكثر مما ينبغي.

سوف أختتم هذا الجزء من بياني بالتأكيد من جديد على دعمنا للشعب الفلسطيني في نضاله العادل من أجل السلام والحق في تقرير المصير وعضويته في الأمم المتحدة في أقرب وقت ممكن، كما قال زميلي الهندي. إننا نرى أن فلسطين ستبقى التحدي الأكبر في الشرق الأوسط. تلك الفرصة التي تتيحها ويجري توفير هذه الفرصة من خلال موجة تحقيق التطلعات هذه باسم شعوب الشرق الأوسط من خلال الربيع العربي. أشعر بأنه ينبغي للفلسطينيين أن يستفيدوا أيضا، وألا يخسروا. وأكرر التأكيد على أنه بدون حل هذه القضية الأساسية، كما قال وزير خارجية الأردن، لن نتمكن من إحلال سلام حقيقي في المنطقة.

أود أيضا أن أتناول خمس نقاط حاسمة أثارها الأمين العام في بيانه. وأعتقد أنها نقاط هامة جدا كما قال هو نفسه.

تكلم أولا عن اختيار القادة لطريق الإصلاح الحقيقي، وقال إن الناس لا يريدون تغييرات تجميلية تعطي أضأل قدر من الديمقراطية فحسب. وأعتقد أن الرئيس الأمريكي العظيم تكلم منذ سنوات عديدة عن الحريات الأربع. وأعتقد أنه يجب أن يكون هناك هدف أساسي من جانب الأمم المتحدة لاتخاذ إجراءات تشريعية جوهرية من قبل الجمعية العامة ومجلس الأمن فيما يتعلق بمتطلبات الديمقراطية الأساسية للدولة حيث تكرس هذه الحريات. يجب على كل من يرغب في أن يكون عضو هنا في مرحلة ما أن يعقد العزم ويعالج هذا الجانب بالذات. وأعتقد أن مجرد تسميتها بالركائز غير كافٍ، ومن الأهمية بمكان أن يكون هناك حد أدنى من الإرشاد التشريعي في جميع الوثائق في العالم لأقل العناصر المطلوبة مثل تشجيع التعددية وحقوق الأقليات.

لقد احتفلنا للتو باليوم الدولي للمرأة. تحظى النساء بذلك مرة في السنة، وهن الأغلبية في العالم. وأرى أنه يتعين علينا أن نضع تلك الأمور في نصابها أولا. ويتعين علينا أن ندرك أن للمرأة دورا حاسما تؤديه، وبدونه لن نراوح مكاننا.

كذلك فإني أتطرق بمنتهى الجدية للمجال الثالث الذي أورده، ومفاده أن النساء وقفن في الساحات والشوارع يطالبن بالتغيير والآن لهن الحق في الجلوس على الطاولة مع نفوذ حقيقي في عملية صنع القرار، وفي مأمن من العنف والتخويف وسوء المعاملة. ويحدث هذا حتى في وقتنا هذا خلال الربيع العربي. وفي الأسبوع الماضي، اجتمع ثمانية أعضاء من المجلس مع نساء من تونس وليبيا ومصر وسوريا ولبنان واليمن، وقد استمعنا إلى تلك النسوة وصدمنا. وأحد الأشياء التي ذكرنهن، وأعتقد أنه يجدر بنا أن نؤيد ذلك بمنتهى القوة هنا، أن هناك 25 في المائة من مجموع التمويل الذي يتم من خلال الأمم المتحدة لا بد وأن يخصص للنساء لكي يتصرفن به. وينبغي ألا يغرب عن بالنا أنهن يشكلن 75 في المائة من العالم. فالنساء في نهاية الأمر تقوم بإطعام الأطفال وإلباسهم ورعايتهم، فلا يقتصر دورهن على القيام بكل العمل بل يتعين عليهن، ومع ذلك لا يجنين فائدة من عمالة أزواجهن، خاصة في العالم الثالث. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي تخصيص نسبة 25 في المائة من مجموع الوفود الزائرة التي توجه إليها الدعوة للاجتماع مع الأمم المتحدة. ويتعين علينا أن نجعل من اللازم أن يشاركن في هذه الوفود. فقد قدمن تضحيات أكثر من أي شخص آخر في هذا الربيع، كما نسميه، وبالتالي تمكينهن من أن يصبحن جزءا من ذلك التغيير الكامل.

عندما نتكلم عن الركيزة الرابعة، أي توفير الفرص للشباب، هناك أكثر من 200 مليون من الشباب في آسيا. وأعتقد أن ذلك يتطلب أهمية التي لا يمكن إنكارها.

ولا بد من إحلال السلام في المنطقة من أجل الفلسطينيين. إذا كان هناك إعلان بلفور الذي أنشأ دولة إسرائيل إلى ما هي عليه اليوم، إذن فليكن لدينا إعلان بلفور من أجل الفلسطينيين أيضا.

في الختام، في سياق السلام في العالم والشرق الأوسط، أود أن أشدد على أنه بينما نفهم جميع الاحتياجات الناشئة والمتعلقة بالأمن، فمن الأجدر لتلك المنطقة والعالم

بأسره إذا ما تم وقف الحالة في إيران من المضي نحو الصراع لأنه سيكون ذلك النوع من الصراع الذي قد يكون له تأثير مؤسف للغاية على العالم، إذ سيكون بمثابة القشة الأخيرة التي ستقصم ظهر البعير فيما يتعلق بالسلام العالمي. وآمل ألا يحصل ذلك. ونحن نفهم مدى خطورة ذلك. ونأمل أيضا أنه بفضل الدبلوماسية التراكمية هنا أن، يكون بوسعنا أن نفعل ما هو أفضل.

الرئيس بالنيابة (تكلم بالإنكليزية): طلب ممثل المغرب أن يأخذ الكلمة للإدلاء ببيان مقتضب.

السيد لوليشكي (المغرب) (تكلم بالفرنسية): سأكون موجزا جدا في بياني. في وقت سابق، رأى وفد من الوفود أنها فكرة جيدة الإشارة إلى حالة لا صلة لها على الإطلاق بمناقشة اليوم. وأجرى مقارنات لا أساس لها بقدر ما هي في غير محلها. لا أنوي أن أقتدي بتلك الفكرة ولا القيام بتلك المحاولة لتعطيل مناقشتنا، فضلا عن الانتقاص من رسالة الدعم الإيجابية والتشجيع اللذين نأمل أن تسفر عنهما هذه الجلسة الرفيعة المستوى. هذا هو هدفنا، وينبغي أن يكون هدف جميع الوفود. وأود من كل منهم الالتزام بهذه الفكرة، والإسهام في المناقشة بطريقة إيجابية.

الرئيس (تكلم بالإنكليزية): لا يوجد متكلمون آخرون مدرجون في قائمة المتكلمين. وبهذا يكون مجلس الأمن قد اختتم المرحلة الحالية من نظره في البند المدرج في جدول أعماله.