يعتقد البعض ان القضية نرجسية أو إحساس بالذات خارج الواقع، لكن المسألة هي في النهاية "جغرافية" تحكمنا منذ أن اختارت الأقدار أن نكون هنا على هذه الأرض، فأن تكون سوريا يعني أولا وأخيرا أن تقف على أرض بقدر ما تمنحك من الحب، فإنها مسكونة بالقلق، فتدفعك للتفكير أحيانا، أو لشطحات العواطف التي تجعل البعض يعتقد ان يمتلك العالم، لكن هذا الإحساس بالذات هو ما يقلق، أو ما يجعلنا نحاول رسم خطوط للعقل باتجاه ما نصادفه.
فان تكون سوريا يعني في النهاية أن "جيناتك" ستحمل جزءا ما تركه "ديك الجن" الحمصي، أو ما خلفه في التفوس "أبو العلاء المعري"، أو حتى ما تركه لنا "البتاني" من معادلات رياضية وذلك في ذروة ملاحقة رجال الخليفة له.
ولا يكفي أن تحفظ عن ظهر قلب الأحاديث النبوية عن "فضائل سكنى الشام"، حتى تصبح صاحب "مزاج سوري"، لأنه ربما عليك أيضا "التعايش" مع تاريخ الغزالي وابن إلى جانب "محي الدين العربي، ولكنك في النهاية ستقف امام حدث معاصر وتتعرف بشكل مفصل عن هذا "المزاج" الذي يحمل "الرقة" لكنه غير قادر على تميز الحد الفاصل بين العشق والهوى، فالتقلبات لن تكون إلا سمة تلازم الجميع.
في زمن الأزمات تبدو سورية كخليط تاريخي أكثر من كونها لغزا سياسيا، ففي السياسة تظهر "السيناريوهات"، أما في التاريخ فهناك "استيقاظ" لكل شيء, وهناك غضب ربما يتصاعد نحو المسافات البعيدة عن المدن، فتبدو سوريا وكأنها تداخل لنفحات التاريخ مع الحدث المعاصر، ويصبح إدراكها صعبا وأزمتها غير مفهومة.
كنا في البداية مع "الشعارات"، فمن الحرية إلى السلمية وصولا اليوم إلى قدرة الجميع على استقراء الواقع، فنحن البلد الوحيد القادر على إنتاج آراء تغمر أزمته، أو ربما كما من الكلام قادرا على جرف الجميع، لكن في النهاية هناك رغبة في امتلاك سوريا دفع واحدة او استيعابها عبر الحدث فقط، فهي "انجراف تاريخي"، وهي من وجهة نظري على الأقل "اختراق مستقبلي" أيضا، فما يصح في العالم ربما يحتاج في سورية إلى معادلة طويلة يصعب على الرياضيين حلها، لكن أي سوري يستطيع ادعاء امتلاك الحل...
نحن في النهاية معادلة غير خطية...