على امتداد عام تم رسم الخيوط السورية من جديد، وما تكشفة بعض أشرطة الفيديو من "ترتيبات" لمظاهرات، أو لكتائب عسكرية تم تجميعها بشكل عشوائي، يدفع للأسى من نوعية الصور ربما كشفت تكوينا هشا، فأن ترتب احتاجا للتصوير هو أسى بكثير مما لو كان هذا الاحتجاج حقيقيا، وأن يتم تجميع الناس واللعب باحتياجاتهم هو أزمة تفوق ما داهمنا على امتداد عام.

في سورية لا نكتشف فقط الخارطة التي شكلناها داخل عقولنا بشكل نمطي، بل نتعرف أيضا على انهيار ثقافي داخل عدد من الشرائح، ونتبين أن الزمة ليست في بدايتها أو أسبابها بل في التداعيات التي نراها اليوم، سواء اتخذت مساحة من التعصب أو الانقسام او "الاحتياج الإنساني، فهي وطن يعيش "التداعيات" أو يتماوج فوق علاقات مضطربة يطفو عليها مسألة "كسر الهيبة"، وإنهاء "الانتماء" لواقع وطني على حساب حالات جزئية لم تكتمل صورتها بعد.

كل المسائل السياسية تبدو عبثا أو تلاعب بالوقت طالما أننا قادرون على الانجراف للتداعيات، وإعادة تشكيل مواقعنا على إيقاع الحدث فقط، فما يتم الكشف عنه من "زيف إعلامي" في بعض الفضائيات السورية ربما يشكل تلاعبا بالعقول، لكنه في نفس الوقت يضعنا أمام الرعب من "علاقات" جديدة قادرة على التدمير وفرضة الاضطراب دون هدف وربما بأقل الأثمان.

وعلى مساحة أخرى ترتفع أصوات "التدخل الإنساني"، و المساعدات وحملات وضع المجتمع السوري على عتبة "الحرب"، فهل يتسلى البعض بمأساتنا؟ أو يرتحل في فوضى البحث عن إعانات ولاجئين ومشردين بينما ينهض سياسيون وترتفع "مجالس" وتُعقد مؤتمرات؟! إنها الصورة المرسومة اليوم في ذروة الصراع السياسي، وفي قرارات العقوبات التي تشكل نقطة "خلق فقر" من نوع مختلف، وتأسيس فساد جديد ربما لم يعهده الشعب السوري، فعلى مستوى مختلف تماما عن الأزمة كما يصورها الإعلام، هناك صراع نفوذ لإعادة "هيكلة المجتمع"، ولصياغة "طبقات" وترتيب "شرائح اجتماعية".

في الأزمة السورية لا توجد مقدمة أو نهاية، لأن الجميع يبحث في الفواصل ما بين التداعيات، بينما يتلهى البعض داخل العواصم الأوربية لكتابة فصل جديد من اضطرابات لم تحمل لنا سوى انعكاس لانهيار ثقافي لا علاقة له بأي معارضة سياسية أو تاريخ سياسي يريد البعض القفز فوق كل معطياته.