بقي تسليح المعارضة العنوان الأبرز للمؤتمر الذي سينعقد اليوم في اسطنبول لما يسمى "أصدقاء سورية"، فرغم تأكيدات دولية على "رفض التسلح" فإن برهان غليون، "رئيس المجلس الوطني"، دعا إلى تسليح المعارضة وفق سيناريو يتضمن "أسلحة نوعية" والاتفاق مع دول الجوار لتمرير السلاح، بينما استمرت المملكة العربية السعودية في دقع مسألة التسلح إلى الواجهة، رغم ان مباحثات كلينتون مع دول الخليج أمس تمحورت حول دفع مهمة كوفي عنان لتتضمن وضع جول زمني لتطبيق النقاط الست من قبل الحكومة السورية.

مؤتمر "رسم المعارضة"

ووسط رؤى متعددة ودون ظهور سيناريو واضح للتعامل مع الأزمة السورية ينعقد اليوم في اسطنبول مؤتمر "أصدقاء سورية 2" بحضور دبلوماسي مكثف حيث يشارك فيه أكثر من 60 دولة، أربعين منهم على مستوى وزراء الخارجية، ورأت مصادر من داخل المؤتمر أن بعض المسائل العالقة ستبقى دول حلول ولن يستطيع المؤتمرون الخروج بنتائج واضحة، ففكرة المؤتمر أساسا كانت لمواجهة الموقف الدولي المنقسم تجاه الزمة السورية، ولإحراج كل من روسيا والصين، ورغم ظهور بعض الانفراج السياسي نتيجة مهمة كوفي عنانالمبعوث الأممي إلى سورية، إلا أن المؤتمر لم يطرح أي سيناريو جديد ولم يستطع تشكيل الكتلة المعارضة السورية بشكل يتوافق مع مهمة عنان.

وترى نفس المصادر أن المؤتمر الحالي سيتوجه نحو الأدوار الإقليمة في الأزمة، وعلى الأخص الدور التركي الذي يمر اليوم بمرحلة اختبار حقيقية ربما ستحدد شكل النظام الإقليمي مستقبلا، وبرز هذا الأمر من خلال تحركات أنقرة التي تستضيف المؤتمر، حيث رأى وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو ضرورة خروج المؤتمر "بنتائج محددة وخطوات عملية لدعم الشعب السوري في الداخل والخارج"، وتقوية اتصالات المعارضة السورية بين الداخل والخارج على جميع المستويات، لكنه في نفس الوقت وضع العناوين السابقة التي طرحتها تركية مثل "المنطقة العازلة" و"الممرات الآمنة" بيد المجتمع الدولي، وتحديدا مجلس الأمن، مؤكدا في نفس الوقت استعداد بلاده للإسهام في هذين الخيارين إذا ما تم التوافق عليهما، معتبرا ان المنطقة العازلة لا يجب ان تكون على الحدود فقط، بل يجب ان تتوسع لتشمل السوريين الموجودين في المدن "غير المحظوظة" قاصدا ربما حماة وحمص وادلب وغيرها.

ورجح رئيس الدبلوماسية التركية تحسن مستوى الاعتراف بـ"المجلس الوطني السوري" المعارض خلال المؤتمر، داعيا الأكثرية الإسلامية للمسارعة الى تطمين الأقليات على مصير مشاركتها في النظام المقبل وحرية ممارستها الشعائر الدينية، وحذر أيضا من "استغلال" دمشق مبادرة المبعوث الاممي كوفي عنان لممارسة "المزيد من القتل".

ويعاني المؤتمر من مجموعة مشاكل أساسية على مستوى "تمثيل المعارضة"، ففي الوقت الذي يدعو فيه أوغلو إلى إيجاد ربط بين معارضة الداخل والخارج و "تطمين الأقليات" حسب تعبيره، فإنه تم استبعاد الأكراد من المؤتمر، وتفرض معارضة الداخل أيضا المشاركة بالمؤتمر، وتشكل القوى المعارضة المشاركة خارطة سياسية تم تشكيلها وفق توجهات إقليمية أكثر من كونها قوى تحمل قدرة على إحداث تغير في الداخل، وهو ما يفسر صراعاتها حتى اللحظة، وعدم قدرتها على خلق تنسيق فيما بينها بشأن سيناريو سياسي، بينما بقيت مسألة التسلح بندا ينقل عدم خروجها من سيناريو الأساسي في "إسقاط النظام بالقوة.

كلينتون.. المهام الخليجية

وقبل توجهها لحضور مؤتمر أصدقاء سورية، بحثت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون، خلال الاجتماع الوزاري الأول لها مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في العاصمة السعودية الرياض أمس، مسألة انشاء منظومة دفاع صاروخية في الخليج، بالاضافة الى مناقشة الازمة السورية.

وشددت كلينتون في كلمتها خلال الاجتماع على التزام واشنطن "الصلب ومن دون مهاودة" حيال دول مجلس التعاون الخليجي الست. داعية الى اتخاذ "خطوات عملية ومحددة لتعزيز الامن المشترك، كما بينت انها تتطلع الى اجراء محادثات مع الدول الخليجية حول "وقف نزيف الدم في سورية ودعم عمليات الانتقال السلمي الجارية في شمال افريقيا والمنطقة واعادة دمج العراق في الشؤون الاقليمية".

وبحثت كلينتون مع السعوديين في الجهود الدولية لارسال مزيد من المساعدات الانسانية الى سورية وجهود دعم المعارضة لتقديم رؤية سياسية موحدة وشاملة للمستقبل، وتطرقت المباحثات أيضا تعزيز سلسلة العقوبات الاميركية والاوروبية والكندية والعربية والتركية على سورية، والتأكد من ان الدول تنفذ التزاماتها لفرض هذه الاجراءات بالكامل.

ورغم الموضوع الأمني الموجه ضد إيران لمجمل مباحثات كلينتون، إلا أن المؤشرات الأساسية للاجتماعات التي عقدت في الرياض تؤكد على ربط الأزمات القائمة وتنقل صورة "المنظومة" التي تسعى الولايات المتحدة لإقامتها، فالتأكيد على إعادة تكوين التعاون الاستراتيجي بين واشنطن ودول الخليج يحمل معه الإخفاق في كسر التعاون الإقليمي الذي يربط دمشق بطهران، إضافة لعدم القدرة على رسم جبهة شرق أوسطية موحدة ضد إيران.