تسير الأيام باتجاه "الجمعة"، وتصبح الأسماء التي يطلقها البعض وكأنها صور مركبة توحي بفقدان المساحة التي يسير فيها الحدث، فتسمية أيام "الجمعة" في سورية لم تفقد فقط "زخمها" أو "معانيها" بل أصبحت "لازمة" يصعب التخلي عنها لمن يريد "ترتيب" احتجاج، أو التقاط مقاطع يمكنها تعبئة فراغ خاص داخل البث الفضائي.

والمشكلة هي أن "التسمية" بدأت تكسر عملية "التعبئة القياسية" التي خرجت بها المحطات الفضاية قبل عام، وهي أيضا لم تعد تشكل "فضاء" يمكن للمراسلين "المجهولين" بألقابهم الغريبة أن يتحدثوا بمباهاة عما يجري، فالمهمة اليوم بالكاد تحاول إثبات أن "المحطة الفضائية هي الباقية وذلك بغض النظر عن الحدث السوري.

وبالأمس ظهر شعار "العالم خذلنا" أو ربما "خذلنا المسلمون"، ولا أعرف بالضبط من الجهة التي خذلت، لأن طبيعة الإعلام لم تعد قادرة على تغذية الجمهور بهذا الاسم، لكن المهم أن فعل "الخذلان" ظهر على الشاشات وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، وبالتأكيد فإنه اختلط ما بين "غياب الزمان والمكان" في تظاهرات منقولة من الداخل السوري، وبين المساحة الفلسطينية التي برزت فجأة من "اليوم الأرض"، فالمسألة ببساطة هي في "القضايا الصريحة"، فلا أحد يستطيع طمس الأرض التي بالفعل خضعت لـ"الخذلان" على امتداد أربعة عقود.

لم يكن هناك حاجة في أي معركة واضحة للتعامل مع "خدمات العلاقات العامة" كي تخترع يافطات أو تبحث عن كلمات "تُسهل" عمليات النفاذ والانتشار، أما عندما يكون الأمر مختلط أو ربما لا يحمل معه إرادة جامعة فلا بد من خلق "شعارات" يتم انتقاؤها بدقة كي تستفز "التراث النفسي للبشر، أو توقظ ما هو "نائم" في اللاوعي، لكننا على ما يبدو بعد عام كامل وصلنا لنقطة صعبة، حيث لا يوجد ما يمكن نبشه، فجاءت الأسماء خلال الأشهر القليلة الماضية لتحمل أهداف مختلفة تماما، فهي موجهة إلى "السوريين" الذين لم يعيشوا الحدث أو هم يستلهمون الموقف من الإعلام فقط لأنهم بعيدون عن الوطن.

الخذلان فعل يعرفه السوريون تمام ولا حاجة لرفعه من قبل البعض، وهم يشعرون به بغض النظر عن الحدث المستمر منذ عام، فالرهانات على "العرب "و "المسلمين " والعالم هي "رهانات زائفة" لأنها لا تملك ثقلا سياسيا، وحسابات الحدث السوري ربما أثبتت أننا لا نملك سوى قدرتنا على رسم مصلحتنا بأنفسنا حتى وإن كانت "عواطف البعض" تتجه شرقا أو غربا.

من رفع شعار "الخذلان" بالأمس ربما يجهل التفاصيل المركبة للسياسة، فالخذلان شعور من لم يستطع بناء مصالحه، في وقت ينحرف الحدث بانعطافة سريعة نحو فلسطين بكل وضوح ودون خجل أو "تسميات"...فلسطين هذه أفقنا مهما حاولتم