لم تعد الأسماء التي يطلقها البعض على الحدث السوري قادرة على النفاذ، فهي في النهاية غابت عن مساحة التعبئة، وإيقاعها لن يدفع باتجاه هامش مختلف عن إيقاع ما يجري داخل سورية، والمسألة هنا هو في "الإصرار" على إطلاق تسميات مختلفة على يوم الجمعة بعد عام كامل، وربما تحول كبير في نوعية ما يجري، فالحدث السوري أصبح محملا بأعباء مختلفة ولن يتأثر بـ""حملات" العلاقات العامة التي كانت جوهرية في بداية الحدث.

في المقابل لا بد من التوقف عند المفردات المستخدمة اليوم، ربما لأنها تعبر عن نوعية الرسالة والجمهور الذي تريد استقطابه، فقبل عام كامل استخدم اسم "الجمعة العظيمة" واليوم يطلقون عليها "من جهز غازيا...." فهل بالفعل نحن أمام من يفكر بـ"غزوة"؟ أم "جمهور الاضطراب" أصبح من سوية "الغزاة" و "الغزين"؟!

الجيش الحر...
النموذج السلمي بعد عام

كانت بعض المفردات سابقا تثير التساؤل، فهناك نبش للتراث أحيانا أو لمكونات المجتمع السوري، وربما كان الحدث منذ البداية يحمل هذا النوع من التفكير الذي يحمل بذاته "استفزازا" يعوض عن غياب الإرادة العامة لتأييد الشعارات الكبيرة التي حملها بعض المحتجين قبل عام، لكننا اليوم أمام امتحان إقليمي ودولي، وكافة أطراف الأزمة معنية بهذا الوضع الحساس الذي تمر به سورية مع وجود صراع إرادات دولية، فلماذا بقيت "مفردات الاضطراب" على نفس الايقاع؟

بالتأكيد لم يعد هناك "جمهور داخلي" يتم توجيه رسالة له من على صفحات الإنترنيت، ومهما كانت التسميات التي يطلقها البعض على يوم الجمعة فإنها تبدو فقط للاستهلاك الإعلامي داخل بعض المحطات، ولإثبات "بقاء الظاهرة" ولو على شكل كلمات تثير التحفظ والاشمئزاز على صفحات الإنترنيت فقط.

الأزمة السورية موجودة في مجلس الأمن، وهي محور صراع إرادات، والغزو أو الغزوة تعبر عن تفكير فئة ماتزال تسكن رمل الصحراء، وهي بقدر غجزها عن إيجاد مساحة لنفسها خارج الحملات الإعلامية، فإنها أيضا عاجز عن فهم دورها الذي مارسته قبل عام، فهي انتقلت باتجاه "التخويف" وعمليا "الإيهام"، وهو ما يدفعنا للقلق أكثر لأنها على ما يبدو غير مزود بوجهات نظر مرنة تتغير وفق الظرف الذي يحيط سورية، فالسيناريو الواحد الذي "يركب" عمق تفكيرها من الصعب تحوبه باتجاه آخر، فلا سياسة مع من يبحث عن "غزوة" داخل سورية، لأن السياسة فعل حضارة وحداثة، بينما "الغزو" هو حدث ينتمي لما قبل عملية التمدن.