هذه الأسئلة مطروحة داخل المجموعين في التشكيلة وفي أروقة صانعيها ومصنعيها ومسوقيها وليس من الضروري أن تكون أسئلة مطروحة عند الأطراف الأخرى جميعها. قد يكون الأمر مطروحاً أيضاً عند فئتين اثنتين من خارج إطار تكتل الحالمين، الموعودين والمخططين والداعمين لحرب استنزاف سورية شعباً وقيادة ودوراً وتاريخاً ومستقبلاً. هاتان الفئتان هما:

أولاً من وقع في فخ «الخديعة الكبرى» وأعتقد أن الكلمات التي يتشكل منها المجلس تعبر عن معناها اللغوي فوجدوا أنه أولاً ليس مجلساً وثانياً ليس وطنياً وثالثاً ليس سورياً فانطلت الخديعة عليهم سواء في سورية أو خارجها ووجدوا أن هذا المصطلح لا يعبر عن المضمون وأنه ليس إلا تشكيلاً فوقياً لا يعبر ولا يمثل الشارع السوري ومطالبه بل يعبر ويمثل إرادات دولية وعربية ويحمل مطالبها.

والفئة الثانية والحزينة، ربما لما أصابها وبعضها كان يعرف ذلك لكنه تمنى أن يكون مخطئا في اعتقاده، وهم الذين يتساءلون لماذا يفوت هؤلاء فرصاً تاريخية على سورية ويسيرون بها نحو تشلعات في البشر ودمار في الحجر، في الوقت الذي كانت فيه كل الأبواب مفتوحة لبناء سورية جديدة متجددة منطلقة على أسس حضارية لا على أنقاض ودمار بنى كانت مفخرة

لكل سوري وخاصة أن ما تم تدميره ليس هو المطلوب؟

لكن العارفين بخفايا الأمور ليسوا بحاجة لتحليل أسباب السقوط المنتظر لهذه التشكيلة ولا لحجمها ودورها في الحياة السياسية السورية ولا لغيرها من الأسئلة التي يطرحها المراقب أو المهتم أو المبهور بالأسماء والألقاب.

فبعد التطورات الحاصلة على الصعيد العربي والدولي وما آلت إليه الأمور في سورية بدا واضحاً أن الدور الوظيفي لهذه التشكيلة قد تغير وبات يشكل هماً وعبئاً وإرباكاً للعديد من الدول والأجهزة التي صنعتها داخليا وخارجيا. كما اتضح قبل استدعاء أعضاء التشكيلة إلى روما فتبين أن كل الطرق لا تؤدي إلى روما وأن لا روما ولا القسطنطينية مقصد الجميع.

بالتأكيد من صنع هذه التشكيلة كان يعرف أن لا دور حقيقياً لمجموعة كبيرة منهم وأن الدور الحقيقي موجود في مكان آخر لكنه كان بحاجة لغطاء لمشروعه ويبحث عمن يقبل أن يكون قناعا لوجهه البشع إلى حين. وجاء هذا الوقت ولم يعد هؤلاء بحاجة لغطاء ولا بحاجة لاسترضاء ولا لتأمين مشهد وحدة وفعالية كاذبتين لتسويقها دولياً وسورياً وعربياً. فمتغيرات كثيرة فرضت واقعاً جديداً. ولم يعد فيه غليون ولا قضماني ولا غيرهما من الأسماء التي على جدول الرتب والرواتب من ذوي الأدوار، حتى دور القناع والممسحة لم يعد واردا وان بقيت الرواتب إلى حين.

المتغير الأول أن التحالف الغربي الأميركي الصهيوني(بشقيه العربي والإسرائيلي) قد حقق هدفه الأساسي وهو إيصال كرة النار إلى سورية وإحداث هذه الحالة المأساوية للشعب السوري وهو أساسا لم يكن يريد غير ذلك إطلاقاً والأسباب كثيرة لا يختلف عاقلان اثنان عليها. ولم تكن مسألة المطالب الشعبية وحديث الثورة والحرية والديمقراطية إلا الشماعة التي علقوا عليها مشروعهم.

المتغير الثاني هو افتراق المصالح بين الوهابيين والقاعدة والغرب، وقد يكون الأمر متعلقاً بعودة الغرب إلى عقله وحسه بمصالحه الكبرى والإستراتيجية بعد أن رحل عن فرنسا من كان ينظر طوال حياته السياسية إلى حسابه الشخصي لا الخزانة العامة تماما كما يفعل آل سعود وآل ثاني.

بالتأكيد فإن إنهاء خدمات التشكيلة الوهابية الصهيونية الفرنسية ستكون له تداعياته على العلاقات بين هذه الأطراف والتي هي في الواقع النتيجة الطبيعية لافتراق المصالح. وستكون التداعيات أكثر خطورة في العلاقة بين «المركز والمحيط» في الجزيرة العربية كما يقول آل سعود الذين عليهم أن يقدموا اليوم تبريراً لما فعلوه في مقصد رحلتي الشتاء والصيف وفي المحيط ولا يبدو أن الاستابليشمن الأميركي يغير من عاداته وتقاليده وعقليته السياسية حيث إن أول المتضررين هم أصدقاؤه وحلفاؤه عندما ينتهي دورهم.