لا خروج آمن من الأزمة... هناك فقط إمكانية للوجود أو البقاء، فنوعية الصراع لن تسمح إلا للأقوياء بالتعامل مع الأزمة السورية، ولن تتيح أيضا زمنا للتفكير في "المساحة السياسية" وسط واقع من العنف والاستقطاب وحتى "التجاذب الدولي"، فـ"الوجود والبقاء" يقف عند مجال العمل الجاد لـ"إعادة الاعتبار" للحياة السياسية، فنحن لا نبحث عن أوهام وندرك تماما ان اختبار القوى الاجتماعية ليس حبل نجاة لسورية بل خيار للوجود والبقاء، ورسم بيئة سياسية ريما يحمل بعضا من "الخروج الآمن" بمعناها الواقعي الذي يضعنا أمام استحقاق تعريف أنفسنا كأحزاب وتيارات تحاول اقتلاع شرعية وجودها على المستوى السياسي والاجتماعي وحتى الدولي، فالمسألة ليست فقط عبر إعلان المواقف بل من خلال القدرة على بناء حراك سياسي يتجاوز حالة التقليد السياسي المتبع لمرحلة ما قبل "الأزمة" وينتج "علاقات سياسية" على مستوى المواجهة التي تشهدها الأرض السورية.

عمليا فإن ما يحدث في سورية يترافق مع "تناقض دولي" يعيدنا إلى مراحل الأزمات "الممتدة"، وما يحدث داخل أروقة مجلس الأمن وفي العواصم العالمية، ليس خلافا على مستوى المخاطر بشأن ما يحدث في سورية، بل تعبير حقيقي عن خلافات على المستوى الدولي بشأن اقتسام المصالح بين اللاعبين الكبار، وما يمكن أن نبحث عنه في مستوى المساحة السياسية الداخلية يمكن قراءته من خلال "الرهان" على العلاقات السياسية وفق:

  مرحلة لصياغة هذه العلاقات وتكريسها على حساب "عمليات الاقتتال الداخلي"، فهي علاقات تحمل معها إمكانية التغيير الديمقراطي المنسجم مع طبيعة التنوع داخل المجتمع السوري.

  إن هذه العلاقات الجديدة مسؤولة عن إعادة الاعتبار للحياة السياسية السورية، فالمسألة ليست في سن القوانين على أهمية هذا الأمر، بل أيضا في دفع المجتمع السوري باتجاه السياسة التي تضمن توازنه، وذلك بعكس حالة الاضطراب التي تطورت كثيرا منذ بداية الأزمة وحتى اللحظة.

  في سوية العلاقات السياسية الجديدة لا توجد خطوط حمر لمسألة المشاركة في رؤية الأزمة أو آليات الخروج منها، ولكن في المقابل فإن علينا ضمان ظهور البيئة السياسية الجديدة التي تعتمد أساسا على السيادة السورية من جهة، وعلى الوعي الكامل لكل التراكب الذي يحمله المكون السوري في علاقاته الداخلية والخارجية.

نحن أمام بيئة سياسية تواجه استحقاق بلورة البرامج التنفيذية الفاعلة، من خلال المناهج العلمية التي لا تضمن لنا رؤية أوضح فقط بل فتح كافة الاحتمالات والممكنات، وتجاوز بعض من تداعيات الأزمة، فنحن في مواجهة حقيقية ليس فقط على الأرض بل حتى على مستوى فهمنا للعلاقات القائمة بما تحمله من مفاهيم "المعارضة" والموالاة" و "النظام السياسي"، وهذا الموضوع ليس ترفا ثقافيا لأن إعادة "الاعتبار" للحياة السياسية تتطلب رسالة باتجاه المواطنين تخرجهم من الخطاب القديم والحراك القديم وحتى من مخاوف "الحرب الأهلية" التي يروج لها الإعلام والسياسي.