الوزيرة كلينتون (في طور الإلقاء) لأن أصدقاء سوريا وسيلة نافعة جدًا لتكثيف الضغط على النظام السوري وبناء دعم دولي لصالح الشعب السوري.

وطيلة أكثر من عام، قال المتحدثون باسم المعارضة إنهم لا يريدون أي تدخل أجنبي. وقد احترمنا ذلك الموقف. وهذا أمر تعاملنا معه بجدية. فابتداء من تونس العاصمة ثم في إسطنبول والآن هنا في باريس، نحن نركز اهتمامنا على تقرير كيف يمكننا التعجيل بإنهاء هذا النظام وتوفير الظروف المواتية لعملية تحول ومصالحة فعالة.

وما حققته مجموعة العمل في جنيف كان أنها استطاعت وللمرة الأولى أن تجند ليس فقط جميع الدول الخمس ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن، بما فيها روسيا والصين، بل أيضًا زعماء مهمين في المنطقة وفي الجامعة العربية لدعم مثل هذا التحول. والقضية الآن هي تحديد السبيل الأمثل لوضع ما تحقق هناك ويجري حاليًا هنا موضع التنفيذ. وكلي أمل في أن يقرأ الجميع البيان الصادر من جنيف، لأن واحدًا من أوائل المتكلمين من سوريا، على سبيل المثال، أعرب عن القلق لأن البيان لم يذكر شيئا عن السجناء السياسيين. حسنًا، إنه أتى على ذكر ذلك؛ ودعا أيضًا إلى الإفراج من الاحتجاز. إذن من المفيد للغاية أن نكون كلنا على بينة من الأوضاع إذا كنا نبتغي العمل سوية بشأن ما أنجزناه حتى الآن وما نحتاج إلى إنجازه فيما نمضي إلى الأمام.

لقد وضع بيان جنيف للمرة الأولى المعارضة على قدم المساواة مع الحكومة. فقد منحت المعارضة سلطة متساوية في تشكيل مجلس الحكم الانتقالي الذي سيتمتع، كما سمعنا للتو، بصلاحيات تنفيذية كاملة. وما كان لأحد أن يتصور مثل هذا الأمر قبل ثلاثة أشهر، ناهيك عن سنة كاملة.

إذن، صحيح أن أيًا منا لن يقنع أو يرضى بما يحدث داخل سوريا؛ لأن قيام حكومة ما بقتل شعبها نفسه أمر يتنافى مع كل عرف من الأعراف والقوانين الدولية ومع اللياقة ومكارم الأخلاق؛ غير أن الأشهر الأخيرة، ابتداء من تونس، شهدت مسيرة ثابتة وأبية نحو إنهاء هذا النظام. وما نحن بحاجة إليه الآن هو استكمال ما يستطيع كل واحد منا أن يسهم به لوضع حد لنظام حكم الأسد وبزوغ فجر جديد في سوريا.

إني أشيد بما تحقق في القاهرة قبل أيام قليلة. فقد كان أوسع وأشمل ملتقى يعقده مناهضو حكم الأسد حتى هذا التاريخ. فقد تلاقوا لدعم خطة انتقال مستفيضة مبنية على أسس المبادئ الإرشادية لخطة كوفي أنان. وشكلوا لجنة متابعة تضم بعضا من ألمع شبيبة سوريا—إذ في نهاية الأمر فإن مستقبلهم هو الذي نرجو أن نحسنه ونحن نتوقع الآن أن تباشر المعارضة السورية تنفيذ خطة الانتقال السياسي تلك.

كما نعتبر أنه من الضرورة الملحة بمكان العودة إلى مجلس الأمن الدولي للمطالبة بتنفيذ خطة كوفي أنان، بما فيها بيان جينيف الذي وافقت عليه روسيا والصين أصلا. وهكذا لقد سجلنا موافقتهما على تأييد الخطة. وعلينا العودة للمجلس لنطلب منه أن يصدر قرارا يفرض عواقب حقيقية وفورية على عدم الامتثال بما في ذلك تطبيق عقوبات بموجب الفصل السابع (من ميثاق الأمم المتحدة).

والآن ما الذي يمكن لكل دولة ومجموعة ممثلة هنا أن تفعله؟ إنني أطلب منكم أن تتصلوا بروسيا والصين ليس لحثهما فقط، وإنما للإصرار على مطالبتهما بأن ينتقلا من الجوانب الهامشية وأن يبدآ بتأييد الطموحات المشروعة للشعب السوري. وبصراحة لا يكفي مجرد أن يحضر البعض إلى مؤتمرات أصداقاء الشعب السوري لأنه سأبلغكم بكل صراحة إنني لا أعتقد أن روسيا والصين تعتقدان أنهما يدفعان أي ثمن، إنما لا شيء على الإطلاق، لمؤازرة نظام الأسد. والسبيل الوحيد لتغيير ذلك هو إذا قامت كل دولة ممثلة هنا بالتوضيح بصورة مباشرة وملحة أن روسيا والصين ستدفعان ثمنًا لأنهما يعرقلان التقدم، وكذلك يحجبانه، وهو ما لا يجوز التهاون حياله بعد الآن.

ودعوني أضيف أنه في وجه عدم امتثال نظام الحكم (السوري) من الصعب التخيل كيف يمكن لبعثة الإشراف الأممية أن تفي بمسؤولياتها بمعزل عن آلية التنفيذ المنصوص عليها في الفصل السابع. وإنني أعتقد أن الجنرال مود (رئيس البعثة) وفريقه أدوا مهمة خارقة لكن من الجلي أن مراقبين عزلا من السلاح لا يستطيعون رصد وقف إطلاق نار ليس قائمًا فعلا.

ثانيا، ما الذي يمكنكم أن تفعلونه جميعا؟ بمقدوركم أن تحكموا الخناق المالي وأن تزيدوا من عصر نظام الحكم. وقد دعا ثاني اجتماع لمجموعة العمل حول العقوبات بواشنطن في الشهر الماضي جميع الدول كي تتخذ خطوات إضافية لتجميد أرصدة مسؤولي النظام وتقييد التعاملات مع المصارف التجارية والبنك المركزي (السوري) وفرض حظر على صادرات النفط السوري. ومنذ ذلك التاريخ أعلن كل من الاتحاد الأوروبي واليابان وسويسرا وأستراليا عن إجراءات إضافية. وقد بات النظام أكثر عزلة مما سيسهم في تسريع نهايته لأن من يدعمه من رجال ومؤسسات أعمال سيقاومونه في نهاية المطاف.

لقد انهارت العملة السورية وكذلك احتياطيات سوريا من العملات الأجنبية. أما الحظر على النفط السوري فقد حرم وحده الأسد من بلايين الدولارات نتيجة لفقدان العائدات. كما أن قدرة الأسد على تمويل حربه أصبحت أصعب مع مرور كل يوم. وما يبقيه مستمرا هو أموال تقدمها إيران ومساعدات روسية وامتناع بلدان ممثلة هنا عن إحكام العقوبات وتطبيقها. وأنتم ليس بمقدوركم أن تنادوا بالانتقال في سوريا من ناحية وأن تمنحوا النظام إعفاء من العقوبات من ناحية ثانية. لهذا علينا أن نضغط من أجل تنفيذ أشد للعقوبات في الاجتماع التالي لمجموعة العمل بالدوحة.

كما يسرني أيضًا أن المركز السوري للعدالة والمساءلة مفتوح ويعمل الآن، حيث يجمع أدلة على حدوث انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، لأنه، وبعد كل شيء، لا يمكن أن يكون هناك إفلات من العقاب، ونحن في حاجة إلى أدلة من أجل التأكد من عدم الإفلات من العقاب.

ولذلك، فالضغوط المتزايدة بكل هذه الوسائل أمر بالغ الأهمية لأنه لا يوجد خطة انتقالية يمكن أن تتطور ما دامت الاعتداءات الوحشية للنظام مستمرة. ولا نستطيع أن نطالب المعارضة بالكف عن نضالها من أجل العدالة والكرامة وتقرير المصير. إن الولايات المتحدة سوف تواصل تقديم المساعدات بالمواد غير الفتّاكة لمساعدة أولئك الموجودين داخل سوريا الذين يحاربون حتي يمكنهم تنظيم أنفسهم وتحسين سبل التواصل.

والآن، ماذا يمكن أن نفعل؟ يمكننا زيادة الإغاثة الإنسانية التي نقدمها. فالولايات المتحدة تقدم أكثر من 57 مليون دولار لدعم المنظمات الإنسانية، ولكن لسوء الحظ، فإن خطة الاستجابة الإنسانية في سوريا لم تتلق تمويلا سوى 20 في المئة فقط حتى الآن. لذلك نحن جميعا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد "ليس الآن فقط وإنما في المستقبل أيضًا للمساعدة في إعادة الإعمار."

وعلى الرغم من أن الاحتمالات بالنسبة للشعب السوري هي الحياة أو الموت حرفيًا، إلا أنها أيضًا هامة للعالم بأسره، لأنه إذا تصاعد النزاع في سوريا إلى مزيد من الحرب الأهلية، فلن يموت فقط المزيد من المدنيين، ولن يتدفق المزيد من اللاجئين عبر الحدود فحسب، وإنما سوف ينتشر عدم الاستقرار إلى ما هو أبعد من سوريا.

إن هذا نظام لديه آلة حربية واسعة النطاق. وإنني على يقين أن كثيرين منكم تابعوا محاوراتي مع الحكومة الروسية بشأن إرسالهم طائرات مروحية هجومية كانوا يقومون بتجديدها مرة أخرى إلى سوريا. وإنني أتوجه بالشكر إلى المملكة المتحدة ودول أوروبية أخرى للإعراب بشكل واضح للغاية عن رفضها السماح لتلك السفينة بمواصلة التقدم. لكن لا يزال هناك أولئك الذين يقومون بتمويل النظام وتوفير العتاد الحربي. وقد أظهروا عدم ترددهم في مواصلة القيام بذلك. وفي الواقع، فإن الحكومة السورية نفسها ما قامت إلا بتصعيد العنف من جانبها بمرور الوقت.

ونظرًا لسلوكهم "والأسلحة الكيميائية التي يمتلكونها" فلا بد من أن يفهموا مسؤولياتهم الدولية. لذا نعم، ماذا يمكننا أن نفعل؟ في الوقت الراهن، وعقب مغادرة هذا الاجتماع، هناك عدد من الأشياء يمكن لكل واحد منا أن يفعلها. وإنني آمل أننا سنلتزم بذلك، لأن رسالتنا بكل وضوح يجب أن تكون: نحن متحدون في دعم الشعب السوري وفي تصميمنا المطلق لرؤية نهاية نظام الأسد والانتقال إلى حكومة منتخبة ديمقراطيًا وممثلة للشعب، حكومة تتيح للشعب السوري مسارًا إلى الأمام. وأعتقد أن هذا يعني أننا، في هذا الوقت، يجب أن نتسم بالحزم ونكون موحدين في دعم خطة المبعوث الخاص للأمم المتحدة كوفي أنان ونتصرف بناءً على ذلك.

أشكركم جزيل الشكر. (تصفيق.)