كما في كل عام, يلتقي قادة ورؤساء حكومات العالم في نيويورك, على مدى أسبوع كامل, للمشاركة في افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة.

غير أن هذا اللقاء قد فقد مظهره البناء, بعد أن تحول تدريجيا إلى استعراض تلفزيوني, لاتفوقه جماهيرية إلا دورة الألعاب الأولمبية, أو مباراة كأس العالم لكرة القدم.

كان خطاب رئيس الولايات المتحدة منتظرا, بعد أن سخنت رئيسة البرازيل أجواء القاعة, ودعته لإلقاء كلمته.
دخل أوباما القاعة, مادّاً ذراعه إلى الأمين العام بان كي مون, الجالس على المنصة العليا, لينهض الأخير وينطوي نصفين, وهو يشد على يده.. إنه الرئيس الوحيد في العالم الذي يحظى بحركة من هذا النوع.

كان خطابه المكتوب أشبه بسيناريو هوليوودي, استعرض فيه حياة السفير غريس ستيفنز, الذي قتل قبل نحو أسبوعين في بنغازي, وقال: « إن أمريكا ليست إمبراطورية, بل مجموعة من رجال ونساء أحرار, يعملون ويكافحون كي تنعم بقية البشرية بالحرية نفسها». وقد تعمد اختتام «المقطع العاطفي» بـ «نهاية سعيدة»: «التاريخ في صفنا, وموجة الحرية الصاعدة لن تعود أبداً إلى الوراء».

لقد رغب من خلال هذا الشعار الدعائي أن يكون بمنزلة رد كاف على مقالة منشورة لوزير الخارجية الروسي, سيرغي لافروف, قال فيها: إن التاريخ والحرية, لن يكونا أبدا في صف من دمروا ليبيا, ويهاجمون سورية.

أما النقاش الذي جاء بعد هذا الاستعراض, فكان تحت عنوان «ضبط أو تسوية النزاعات الدولية بالوسائل السلمية».وعلى النقيض مما قد يوحي به العنوان, فقد تحدثوا أساسا بالحرب التي ينفي حلف شمال الأطلسي ومجلس التعاون الخليجي أنهما يقودانها على سورية, أو الحرب التي ترغب فرنسا بشنها في مالي, أو الحرب التي ترغب «إسرائيل» في أن تشنها الولايات المتحدة ضد إيران.

لقد استندت التصريحات المؤيدة لتدخل عسكري في سورية إلى «الربيع العربي»: كل الأحداث التي جرت منذ سنتين في العالم العربي, انطلقت من الأسباب نفسها, وتلبي التطلعات نفسها, وينبغي أن تؤدي إلى انتصار الديمقراطية واقتصاد السوق.

لايبدو على أنصار هذه النظرية عدم الاكتراث... ها هو رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون, يؤكد على توافق الإسلام مع الديمقراطية واقتصاد السوق, متخذاً من تركيا مثلاً يحتذى. (تركيا التي يقبع فيها أكثر من مئة صحفي, ومئات الضباط من ذوي الرتب العالية في السجن, إضافة إلى تعرض الأقليات الكردية والأرمنية للاضطهاد, لكنها تتمتع «باقتصاد منفتح, و«موقف مسؤول» في دعمها التغيير في ليبيا وسورية» )!.

بعد مقارنته «الانتفاضات» الجارية في العالم العربي مع «الكفاح الملحمي» لكل من أمريكا وأوروبا من أجل حريتهم ووحدتهم, دعا أمير قطر إلى الإطاحة «بالديكتاتوريات», وإرساء حرية التعبير.

هو نفسه حمد, الانقلابي «على والده», الذي كمّ أفواه كل معارضيه, وكذلك وسائل الإعلام في بلده، متخذاً العبرة ضمنياً من فشل مرتزقته طوال ثمانية عشر شهراً, دعا بقية البلدان العربية لمساندته عسكرياً, بغية إنهاء الوضع في سورية.

أما الرئيس الفرنسي, فرانسوا أولاند, فقد طالب الأمم المتحدة بإقامة وصاية على «المناطق المحررة» أسوة بالانتداب الذي منحته عصبة الأمم لفرنسا على كامل الأراضي السورية واللبنانية سابقا.

أما مسألة مالي, فقد تم التطرق إليها بسخرية أقل, حين أعاد رئيس الوزراء موديبو ديارا التأكيد على مسامع الحاضرين, أن الرعب الذي فرضه الإسلاميون, وكذلك

ترجمة
سعيد هلال الشريفي
مصادر
تشرين (سوريا)