السيد رئيس المجلس، السيد نائب الرئيس، السادة أعضاء الكونغرس، أيها المواطنون الأميركيون:

قبل إحدى وخمسين عامًا خلت، أعلن جون كينيدي في هذه القاعة أن "الدستور لا يجعلنا متنافسين على السلطة بل شركاء في سبيل التقدم ... وإن مهمتي"، كما قال كينيدي، "هي الإبلاغ عن حالة الاتحاد، أما تحسينه فمهمة تقع على عاتقنا جميعًا."

وفي هذه الليلة، وبفضل صلابة وتصميم أبناء الشعب الأميركي، هناك الكثير من التقدم الحاصل الذي يتعين إطلاعكم عليه...

****

بعد مضي سنوات من التحدث حول هذا الأمر، أصبحنا في نهاية المطاف مستعدين للسيطرة على مستقبل طاقتنا الخاصة... وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، انخفضت بالفعل كمية انبعاثات الكربون الملوّثة الخطيرة التي تهدد كوكبنا.

إلا أنه من أجل مصلحة أطفالنا ومستقبلنا، ينبغي علينا بذل المزيد من الجهود لمكافحة تغير المناخ. والآن، من الصحيح أنه ليس هناك حدث واحد يمكنه تحديد الاتجاهات المستقبلية. لكن الواقع هو أن السنوات الاثنتي عشرة التي سجلت أعلى ارتفاع في درجات الحرارة حتى الآن جميعها حدثت خلال السنوات الخمس عشرة الماضية. فموجات الحر، وحالات الجفاف، وحرائق الغابات، والفيضانات، جميعها غدت الآن أكثر تواترًا، وأشد كثافة. يمكننا أن نختار الاعتقاد بأن الإعصار ساندي، وحصول أشد جفاف منذ عقود خلت من الزمن، وبعض أسوأ حرائق الغابات التي شهدتها بعض الولايات، جميعها كانت مجرد صدفة وحيدة. أو يمكننا أن نختار الاعتقاد بما يحكم به العلم بدرجة قاطعة، وأن نعمل قبل فوات الأوان.

والآن، فالنبأ السار هو أنه يمكننا تحقيق تقدم ملموس حول هذه المسألة في نفس الوقت الذي نعمل فيه على دفع عجلة نموّنا الاقتصادي القوي. وإنني أحث هذا الكونغرس على رص صفوف الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، من أجل السعي لإيجاد حلول تستند إلى قوى السوق لمسألة تغير المناخ، تمامًا كتلك الحلول التي عمل عليها سوية قبل سنوات كل من جون ماكين وجو ليبرمان. ولكن إذا لم يتحرك الكونغرس للعمل قريبًا من أجل حماية الأجيال القادمة، فسوف أقوم أنا بذلك. سوف أطلب من مجلس وزرائي أن يتخذ الإجراءات التنفيذية التي نستطيع اتخاذها، الآن وفي المستقبل، للحد من التلوث، وإعداد مجتمعاتنا الأهلية لمواجهة عواقب تغير المناخ، وتسريع الانتقال إلى مصادر طاقة أكثر استدامة.

****

سوف يكون اقتصادنا أقوى عندما نُسخّر مواهب وإبداع المهاجرين المكافحين والمفعمين بالأمل. وفي هذا الوقت تمامًا، فإننا متفقون جميعًا، من قادة أعمال، وعمال، وهيئات فرض تطبيق القوانين، والمجتمعات الدينية بأن الوقت قد حان لإقرار إصلاح شامل لقوانين الهجرة. والآن هو الوقت المناسب لتنفيذ ذلك.

إن الإصلاح الحقيقي يعني الأمن الأقوى على الحدود، ويمكننا البناء على أساس التقدم الذي حققته حكومتي حتى الآن، مثل نشر قوات عسكرية على الحدود الجنوبية أكثر من أي وقت مضى في تاريخنا، وخفض العبور غير الشرعي للحدود إلى أدنى مستوياته خلال 40 عامًا.

والإصلاح الحقيقي يعني إنشاء مسار مسؤول يقود إلى المواطنة المكتسبة عن حق، وهو مسار يشمل اجتياز فحص التدقيق في خلفية المهاجرين، ودفع الضرائب وفرض عقوبات ذات معنى، وتعلم اللغة الإنجليزية، والوقوف في نهاية صف الانتظار وراء الناس الذين يحاولون المجيء إلى هنا بصورة قانونية.

والإصلاح الحقيقي يعني إصلاح نظام الهجرة القانونية لخفض فترات الانتظار، وجذب رواد الأعمال والمهندسين من ذوي المهارات العالية، الأمر الذي يساعد في خلق فرص العمل وتنمية اقتصادنا.

وبعبارات أخرى، إننا نعرف ما ينبغي علينا القيام به. وبينما نتحدث الآن، تعمل مجموعات من الحزبين بكل جهد لصياغة مشروع قانون حول ذلك، وإنني أحيي جهودهم. إذًا دعونا ننجز هذا الأمر. أرسلوا لي مشروع قانون شامل لإصلاح الهجرة خلال الأشهر القليلة المقبلة، وسأوقع عليه فورًا وستمسي أميركا بفضل ذلك في وضع أفضل. دعونا ننجز هذا العمل، ولنقم به فعلاً.

****

إننا نقف في هذه الليلة صفًا واحدًا وقفة تحية وإجلال للجنود والمدنيين الذين يضحون كل يوم في سبيل حمايتنا. وبفضلهم، يمكننا أن نقول بكل ثقة إن أميركا ستنجز مهمتها في أفغانستان، وستحقق هدفنا المتمثل بإلحاق الهزيمة بصميم تنظيم القاعدة. وبالفعل، لقد أرجعنا إلى الوطن حتى الآن 33 ألف جندي من جنودنا الشجعان، رجالاً ونساءً. وفي هذا الربيع، سوف تتحول قواتنا إلى دور داعم، في نفس الوقت الذي تتولى فيه قوات الأمن الأفغانية زمام القيادة. وفي هذه الليلة، يمكنني أن أعلن أنه خلال العام القادم، سنعيد إلى الوطن 34 ألف جندي آخر من أفغانستان. وسوف نواصل تخفيض عديد القوات. وبحلول نهاية العام القادم، ستكون حربنا في أفغانستان قد وضعت أوزارها.

وإلى ما بعد العام 2014، سوف يستمر التزام أميركا بأفغانستان الموحدة وذات السيادة، بيد أن طبيعة التزاماتنا ستتغير. وحاليًا نجري مفاوضات حول التوصل إلى اتفاق مع الحكومة الأفغانية يركز على مهمتين: مهمة تدريب وتجهيز القوات الأفغانية بحيث لا تنزلق البلاد إلى الفوضى مجددًا، ومواصلة جهود مكافحة الإرهاب التي تتيح لنا ملاحقة فلول تنظيم القاعدة والمنتمين إليه.

واليوم، أصبحت المنظمة التي هاجمتنا في 11 سبتمبر مجرد ظلّ لما كانت عليه سابقًا. صحيح أن تنظيمات شريكة مختلفة ذات صلة بتنظيم القاعدة وجماعات متطرفة قد برزت، بدءًا من شبه الجزيرة العربية ووصولاً إلى أفريقيا. وأن التهديد الذي تطرحه هذه المجموعات بات يتطور. ولكننا لم نعد نحتاج لإرسال عشرات الآلاف من أبنائنا وبناتنا إلى الخارج، أو احتلال دول أخرى كي يتسنى لنا مواجهة هذا التهديد. وبدلاً من ذلك، يتعين علينا مساعدة بلدان كاليمن، وليبيا، والصومال في ضمان أمنها، ومساعدة أولئك الحلفاء الذين يقررون التصدي للإرهابيين ومحاربتهم، كما فعلنا في مالي. وحيثما يكون ذلك ضروريًا، وباستخدام نطاق واسع من القدرات المتاحة لنا، سوف نستمر في اتخاذ إجراءات مباشرة ضد هؤلاء الإرهابيين الذين يشكلون أخطر التهديدات ضد الأميركيين.

والآن، ونحن بصدد القيام بذلك، يتعين علينا تجنيد قيمنا للمساعدة في هذه المعركة. ولهذا السبب عملت حكومتي بلا كلل للتوصل إلى إطار عمل سياسي وقانوني دائم لإرشاد جهودنا في مجال مكافحة الإرهاب. وخلال كل ذلك جعلنا الكونغرس على علم تام بجميع جهودنا. إنني أدرك أنه في نظامنا الديمقراطي، لا ينبغي على أحد أن يصدق كلامي بأننا نقوم بجميع الأمور بالطريقة الصحيحة. ولذا، سوف استمر خلال الأشهر المقبلة في إشراك الكونغرس في كل ما نقوم به لكي نضمن ليس مجرد أن تظل استهدافاتنا، واحتجازتنا، ومقاضاتنا للإرهابيين منسجمة مع قوانيننا ونظام الضوابط والتوازنات لدينا وحسب، بل وأيضًا أن تكون جهودنا شفافة، بل وأكثر شفافية بالنسبة للشعب الأميركي والعالم.

بالطبع، لن تنتهي التحديات التي تواجهنا بانتهاء تنظيم القاعدة. بل سوف تواصل الولايات المتحدة قيادة الجهود المبذولة لمنع انتشار الأسلحة الأشد خطورة في العالم. وينبغي على النظام في كوريا الشمالية أن يعي أنه لن يحقق الأمن والازدهار سوى من خلال تلبية التزاماته الدولية. فالاستفزازات من النوع الذي رأيناه الليلة الماضية لن يزيده إلا عزلة، في الوقت الذي نقف فيه إلى جانب حلفائنا، ونقوي دفاعنا الصاروخي، ونقود العالم لاتخاذ إجراءات حازمة لمواجهة هذه التهديدات.

وبالمثل، ينبغي على قادة إيران أن يدركوا بأن الآن هو الوقت المناسب للتوصل إلى حل دبلوماسي، وذلك لأن هناك تحالفًا يقف صفًا واحدًا ليطالبهم بالوفاء بالتزاماتهم، وسوف نقوم بكل ما هو ضروري لمنعهم من الحصول على سلاح نووي. وفي الوقت نفسه، سوف ننخرط مع روسيا في السعي في سبيل إجراء المزيد من التخفيضات في ترساناتنا النووية، وسنستمر في قيادة الجهود العالمية لتأمين سلامة المواد النووية التي يمكن أن تقع في أيادٍ شريرة - لأن قدرتنا في التأثير على الآخرين تعتمد على مدى استعدادنا لتولي زمام القيادة وتلبية التزاماتنا.

****

والآن، حتى ونحن نؤمن الحماية لشعبنا، يتعين علينا أن نتذكر بأن عالم اليوم لا يطرح فقط الأخطار، ولا يطرح فقط التهديدات، بل انه يتيح لنا أيضًا الفرص. فعلينا تعزيز الصادرات الأميركية، ودعم الوظائف للأميركيين، وجعل ميدان المنافسة متكافئًا في الأسواق النامية في آسيا، إذ ننوي استكمال المفاوضات حول الشراكة عبر المحيط الهادئ. وفي هذه الليلة، أعلن بأننا سنبدأ محادثات حول شراكة تجارية واستثمارية شاملة عبر الأطلسي مع الاتحاد الأوروبي - لأن التجارة المنصفة والحرة عبر الأطلسي ستدعم الملايين من الوظائف ذات الأجور الأفضل للأميركيين.

إننا ندرك أيضًا بأن التقدم في تلك الأجزاء الأكثر فقرًا من عالمنا يثرينا جميعًا - ليس فقط لأنه يخلق أسواقًا جديدة، ونظامًا أكثر استقرارًا في مناطق معينة من العالم فحسب، بل وأيضًا لأنه الشيء الصحيح الذي ينبغي علينا القيام به. ففي أماكن عديدة يعيش الناس على مبلغ زهيد يزيد قليلاً عن الدولار الواحد في اليوم. وبالتالي، فإن الولايات المتحدة سوف تنضم مع حلفائنا للقضاء على الفقر المدقع عبر هذين العقدين المقبلين من خلال ربط المزيد من الناس بالاقتصاد العالمي، ومن خلال تمكين المرأة، ومن خلال منح العقول الشابة واللامعة فرص جديدة لخدمة ومساعدة المجتمعات الأهلية في تأمين الغذاء والطاقة وتعليم أنفسهم، وعن طريق حماية الأطفال في العالم من الموت بسبب أمراض يمكن الوقاية منها، ومن خلال تحقيق الوعد بقيام جيل خال من الإيدز، وهو ما أضحى الآن في متناول أيدينا.

وكما ترون، ينبغي على أميركا أن تظل منارة لجميع الذين ينشدون الحرية خلال هذه الحقبة من التغيير التاريخي. لقد شاهدتُ قوة هذا الأمل العام الماضي في رانغون في بورما، عندما رحبت أونغ سان سو كي برئيس أميركي في المنزل الذي سُجنت فيه لسنوات طويلة، وعندما اصطف الآلاف من البورميين في الشوارع وهم يلوحون بالأعلام الأميركية، وكان من بينهم رجل قال، "هناك عدالة وقانون في الولايات المتحدة، وأريد أن تكون بلادنا كذلك."

وفي مجال الدفاع عن الحرية، سنظل مرتكزا ثابتًا وقويًا للتحالفات القوية التي تمتد من الأميركتين إلى أفريقيا، ومن أوروبا إلى آسيا. وفي الشرق الأوسط، سوف نقف إلى جانب المواطنين الذين يطالبون بحقوقهم الأساسية، وسندعم العمليات الانتقالية المستقرة إلى الديمقراطية. وإننا ندرك بأنه سوف يكون هناك فوضى، ولا نستطيع الافتراض أن بإمكاننا فرض مسار التغيير في دول كمصر، إلا أنه يمكننا الإصرار- وسنفعل ذلك- على وجوب احترام الحقوق الأساسية لجميع الناس. وسنستمر في الضغط على النظام السوري الذي يقتل أبناء شعبه، ودعم قادة المعارضة الذين يحترمون حقوق كل مواطن سوري. وسنقف بثبات إلى جانب إسرائيل في سعيها لتحقيق الأمن والسلام الدائم. هذه هي الرسائل التي سوف أنقلها عندما أسافر إلى الشرق الأوسط في الشهر المقبل.

****

قد نقوم بوظائف مختلفة، وقد نرتدي لباسًا مختلفًا، وقد نحمل وجهات نظر مختلفة حول الشخص الذي يقف إلى جانبنا. ولكننا كأميركيين، نتشارك جميعًا بنفس اللقب الفخور:

إننا مواطنون. إنها عبارة لا تصف مجرد جنسيتنا أو وضعنا القانوني. بل تصف الطريقة التي صُنعنا بها. إنها تصف ما نؤمن به. وتتبنى الفكرة الدائمة بأن هذه البلاد لا تعمل سوى عندما نقبل بالتزامات معينة تجاه بعضنا البعض وتجاه الأجيال القادمة، وبأن حقوقنا مرتبطة بحقوق الآخرين، وأنه ببلوغنا القرن الثالث من عمرنا كدولة، تبقى المهمة الملقاة على عاتقنا جميعًا كمواطنين في هذه الولايات المتحدة هي أن نكون نحن من يكتب الفصل العظيم التالي من قصتنا الأميركية.

شكرًا لكم، وليبارككم الله، وليبارك الله الولايات المتحدة الأميركية.