توني بلير، رئيس وزراء المملكة المتحدة خلال فترة (1997-2007) .هو من قدم المسودة الأولى لمعاهدة الأمم المتحدة المتعلقة بتجارة الأسلحة.

بعد سبع سنوات من المفاوضات تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بغالبية 154 صوتا وامتناع
22 و"معارضة" ثلاثه أصوات فقط، مشروع الاتفاقية حول الاتجار بالأسلحة التقليدية. سفراء وممثلو الدول الغربية كانوا متحمسين للغاية وهنأ بعضهم بعضا على هذا "الاقتراع التاريخي" على نص "طموح يضع حدا نهائيا الاتجار غير المشروع بالأسلحة كما انه نص متوازن وفعال وصلب" الخ....

وبهذه التصريحات المليئة بالفخر والاعتزاز حاول الغربيون أن يقنعوا رأيهم العام أن هذا المشروع لا يعني أبدا انه ضد السلام على عكس الذين اعترضوا أو الذين امتنعوا عن التصويت فإن ضميرهم غير مرتاح. وليؤكدوا على منطقهم فإنهم لم يتوانوا عن ذكر أن الدول المعترضة هي الدول التي تمت شيطنتها منذ مدة أي كوريا الشمالية وسوريا وإيران.

فما هي الحقيقة؟ فالقانون الدولي يعترف بحق كل دولة بالدفاع عن شعبها ويعترف بمشروعية انتج واستيراد وتصدير ونقل وامتلاك السلاح ويمنعها من كل هذا اذا استخدمت هذه الأسلحة للعدوان أو احتلال دول أخرى أو شعوب أخرى.

وصحيح أنه لا يعلم مسبقا اذا ما كان السلاح سيستخدم لأهداف مشروعة أو لا، لكن الحجم الهائل الذي ينتجه العالم من الأسلحة الخفيفة فإن لا علاقة لها بالاستخدام المشروع الذي يممكن أن يكون. ويجب أن لا نفاجأ أن يتم استخدام هذا السلاح لأهداف غير مشروعة تؤدي إلى آلام في البشرية.

هذه المعاهدة نوقشت في الجمعية العامة للأمم المتحدة في إطار مؤتمر نزع السلاح وكانت تقدم كما لو أنها ملحق للأسلحة الخفيفة في موضوع منع انتشار الأسلحة النووية. وهذا خطأ كما أعلن ممثل باكستان الذي قال : "هذه ليست معاهدة نزع سلاح ولكنها معاهدة حول التجارة المسؤولة عن السلاح".

وبمعنى آخر فإن النص الأصلي لهذه المعاهدة كما قدمه طوني بلير لم تكن غايته النهائية دعم السلام بل حماية المصنعين وتجار السلاح في بريطانيا وتوسيع نطاق ما يسمى عقيدة بلير.

والشيء نفسه فإن الحرب تصبح حربا "أخلاقية" عندما تشن تحت عنون إنساني ومن أجل مكافحة خروقات حقوق الإنسان (بالمعنى الانكلو-ساكسوني للكلمة) وبهذا تصبح تجارة بشرط واحد هي ان لا تباع إلى مشترين مارقين وليس لهم تاريخ في خرق حقوق الإنسان ودائما حسب المفهوم الأنكلو-ساكسوني.

علما أن ثلاث أرباع التجارة الدولية للأسلحة الخفيفة تتحكم بها ست دول منتجة وأي معاهدة حول هذا النشاط لا يمكن تطبيقها الا بعد توافق بين هذه الدول ( المانيا، الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا وروسيا ). وهذا يعود لإيجاد مجموعة بائعة تستطيع فرض أسعار لرفع هامش أرباحها. وهذا ما لخصه مندوب بوليفيا حين قال : "الآن تستطيع صناعة الأسلحة أن ترتاح على أذنيها لأنها تدافع عن مصالحها."

من جهة أخرى وبما أن المجموعة المصنعة والبائعة تضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي فسيكون لهم سلطة منع أي دولة من التزود بالسلاح في السوق الدولي. ومنعها من امتلاك وسائل الدفاع المشروع عن النفس. وحسب تعبير لينين" الإمبريالية هي المرحلة الأعلى من الرأسمالية".

ورغم الظاهر من خلافات فإن الحكومتين البريطانية والفرنسية في بحثهما عن تنظيم وتقنين تجارة الأسلحة فإنهما يبحثان عن رفع للحظر أي زرع الفوضى في هذه التجارة لشرعنة تزويد مرتزقة الدكتاتورية الوهابية بشكل غير شرعي لتدمير سوريا.

وفي النهاية فإن مشروع المعاهدة ولد ميتا حتى ولو تمت الموافقة عليه بسرعة فائقة من قبل 50 دولة ممن قالوا نعم ودخل حيز التطبيق لدى هذه الدول فإنه لن يصبح قابلا للتطبيق. فالصين وروسيا رفضتا الدخول في مجموعة المصنعين الغربية، رغم المصالح الاقتصادية التي يمكن أن يحصداها، وهكذا حصنا مرة أخرى العالم من المركنتيلية الانكلو-ساكسونية( الذي التحقت به فرنسا) ورغم انهم أكدا على موقعهما كقوتين عظمتين إلا أنهما رفضا التحول إلى مشاريع استعمارية.

مصادر
سوريا

يمكن مراجعة الاتفاقية وجميع النصوص المتعلقة بها على الرابط