تحرير مدينة حمص ربما يمثل بداية النهاية للحرب في سورية.

الهزيمة العسكرية في الحرب السرية لحلف شمال الأطلسي ودول مجلس التعاون الخليجي, وفشل الضغوط الدبلوماسية في مؤتمر جنيف2, أجبرت المهاجمين على مراجعة النسخة الخاصة بهم. فبالنظر إلى المقاومة الشعبية, وكذلك الدعم الذي قدمته كل من إيران وروسيا, بات مستحيلا ومكلفا إسقاط الدولة السورية, وأضحى السماح باستمرار الحرب إلى ما لانهاية يشكل خطرا على المصالح الغربية في المنطقة.

حمص القديمة التي جعلت منها الدعاية الغربية قلب ثورة متخيلة, كانت في الواقع على وشك السقوط, هذا على الرغم من كل الجهود التي بذلت لمنع سقوطها, بدءا من القرار 2139 المتعلق بالمساعدات الإنسانية, والذي تبدى تطبيقه ملزما للجمهورية العربية السورية. إيران التي تم إقصاءها في اللحظات الأخيرة من مؤتمر جنيف2 والتي يفترض أن لاتكون بعد ذلك معنية بماحدث, أجرت اتصالات مع كل من الولايات المتحدة , وفرنسا, والسعودية التي يقود بعض ضباطها المعارك في حمص القديمة. وانضمت روسيا بطبيعة الحال إلى تلك الاتصالات. وكما حصل في بابا عمر منذ سنتين, فقد قبلت الدول الامبريالية بالانسحاب من دون شروط.

وهكذا تم في الفترة بين 7-9 أيار-مايو ترحيل مقاتلي حمص القديمة وكذلك المدنيين الذين يدعمونهم عبر حافلات مغطاة نوافذها بالستائر بحراسة من الجيش إلى منطقة تحت سيطرة المتمردين تقع على بعد عشرين كيلو مترا إلى الشمال من حمص.

وهكذا تحررت المدينة.

يظن المقاتلون أنهم بهذه الخطوة قد فكوا الحصار عن أنفسهم. لكنهم في واقع الأمر أجبروا, ليس فقط على التخلي عن مواقعهم, بل عن أسلحتهم الثقيلة أيضا. أما الضباط الأجانب الذين نعرف جنسياتهم لكننا لانعرف أعدادهم بالضبط, فقد تمكنوا من الخروج دون أن يراهم أحد, وذلك بفضل الستائر التي كانت تغطي نوافذ الحافلات. ما نعرفه أيضا أن معظم هؤلاء الضباط الأجانب سيجري تهريبهم نحو تركيا.

بعد أن قاد حلف شمال الأطلسي حرب الجيل الرابع (من آذار-مارس 2011 وحتى حزيران-يونيو 2012) ثم أعقبها بحرب وفقا للنموذج النيكاراغوي (من تموز-يوليو 2012 حتى أيار-مايو2014) يبدو أنه ودول مجلس التعاون الخليجي قد قرروا أخيرا إنهاء هذه الحرب ببطء من خلال مرحلة ثالثة يكون الاقتتال فيها بين السوريين أنفسهم.

لكن بقدر ما ستسفر نتائج الانتخابات الرئاسية عن توازن داخلي في القوى, بقد ماسيكون الخروج من هذه الأزمة سريعا.

فواشنطن التي خصصت موازنة لهذه الحرب تنتهي في شهر أيلول-سبتمبر 2014, لاتنوي تمديدها إلى أبعد من ذلك التاريخ. يؤكد هذا التغيير في الاستراتيجيا إقالة الأمير بندر بن سلطان الذي تعهد باستحواذ سورية, لكنه لم يحصد إلا الهزائم منذ العام الماضي 2013.

ينبغي مع ذلك توخي الحذر, نظرا لأن اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه عقب تحرير بابا عمر وتوثيقه في مؤتمر جنيف1 جرى الطعن فيه من قبل فصيل من إدارة أوباما, والرئيس الجديد لفرنسا فرانسوا هولاند الذي أعاد إطلاق الحرب ضد سورية في تموز 2012.

لن يعود الجهاديون إلى بلدانهم : لقد وضعت الولايات المتحدة منذ بداية شهر شباط-فبراير الماضي خطة دولية لتأطيرهم, نظرا لأن غالبية حكومات بلدانهم باتت تجرم عودتهم, لذا صار يكفي تحديد وجهة قتال جديدة لهؤلاء, من الواضح أنها ستكون روسيا.

ترجمة
سعيد هلال الشريفي
مصادر
سوريا