أسعدتم صباحًا جميعًا. أود أن أدلي بملاحظات مقتضبة عن المأساة في أوكرانيا. لكن قبل أن أبدأ أود أن أشير إلى أن الوزير كيري غادر البلاد في طريقه إلى الشرق الأوسط. وكما سبق أن ذكرت مرات كثيرة، إن لدى إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها ضد هجمات بالصواريخ وعبر الأنفاق من قبل حماس. ونتيجة لعملياتها ألحقت إسرائيل ضررًا ملحوظًا بالبنى التحتية الإرهابية لحماس. لكني سبق أن ذكرت كذلك أنه تساورنا مخاوف خطيرة حيال العدد المتزايد من القتلى بين المدنيين الفلسطينيين والخسارة في أرواح الإسرائيليين. ولهذا السبب ينبغي أن يتمحور تركيزنا وتركيز المجتمع الدولي على إحلال وقف إطلاق نار ينهي القتال ويمكن أن يوقف الموت في أوساط المدنيين الأبرياء، في غزة وفي إسرائيل.

ولهذا، سيجتمع الوزير كيري مع الحلفاء والشركاء. وأنا أصدرت تعليمات له بالضغط من أجل وقف فوري للأعمال الحربية بالعودة إلى اتفاقية وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في غزة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2012. ومن الواضح أن مهمته هذه لن تكون سهلة إذ إن هناك مشاعر هائلة وقضايا استراتيجية عسيرة. رغم هذا، طلبت من جون (كيري) أن يفعل كل ما في وسعه للمساعدة في تسهيل وقف للأعمال الحربية. ونحن لا نود أن نرى مقتل مزيد من المدنيين.

بخصوص أوكرانيا، انقضت أربعة أيام الآن على إسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية أثناء رحلتها رقم 17 في أجواء أراض يسيطر عليها انفصاليون مدعومون من روسيا في أوكرانيا. وعلى مدى الأيام القليلة الماضية، اعتصرت قلوبنا فعلا لدى علمنا بدرجة أكبر على حياة الناس الجميلة والاستثنائية لمن فُقدوا- من رجال ونساء وأطفال وصغار قُتلوا على حين غرة وبهذه الصورة الحمقاء.

إن أفكارنا وصلواتنا ما تزال مع عائلاتهم حول العالم الذين يخوضون أسى لا يمكن تخيله. وقد أتيحت لي فرصة التحدث إلى عدد من زعماء العالم الذين فقدوا عددًا من مواطنيهم في هذه الكارثة وجميعهم في حالة ذهول، لكن صراحة، في حالة سخط أيضًا.

وتركيزنا الآني ينصب على استعادة جثامين وأشلاء الذين فقدوا وتقصي ما حصل بالضبط وطرح الحقائق. وعلينا أن نتأكد من إعلان الحقيقة وأن المحاسبة موجودة.

والآن وصل محققون دوليون إلى الميدان. وقد نظموا أنفسهم. ولقد أوفدت فرقا؛ فيما أرسلت بلدان أخرى فرقها. وهم جاهزون للعمل وهم منظمون كي يقرروا نوع البروتوكولات والاستكشاف وجمع الأدلة التي يجب أن تتبع عقب أي حادث من هذا النوع. وما تحتاجه تلك الفرق في الوقت الحالي هو الوصول الفوري والكامل لموقع تحطم الطائرة. وهم بحاجة لأن يكونوا قادرين على إجراء تحقيق عاجل وكامل وغير مقيد وشفاف. كما أن فرق استعادة الجثث والأشلاء ينبغي أن تقوم بالمهمة الجليلة والمقدسة لاستعادة رفات الذين فقدوا.

وقد أعلن الرئيس الأوكراني بوروشينكو منطقة منزوعة السلاح في محيط موقع الحادث. وكما أسلفت، هناك فرق دولية في مكان الحادث متأهبة لإجراء تحقيق واستعادة جثامين الذين فقدوا. لكن وللأسف، فإن الانفصاليين المدعومين من روسيا الذين يسيطرون على المنطقة، يواصلون عرقلة التحقيق. فهم منعوا بصورة متكررة المحققين الدوليين من الوصول بالكامل إلى موقع الحطام. ومع اقتراب المحققين من المكان أطلق الانفصاليون نيران أسلحتهم في الهواء. كما أن الانفصاليين هؤلاء يعكفون على رفع أدلة من موقع الحطام وكل هذه الأعمال تثير السؤال: ما هو بالضبط ما يحاولون إخفاءه؟

علاوة على ذلك، فإن هؤلاء الانفصاليين المدعومين من روسيا يرفعون الجثث من موقع الحطام، في أحيان كثيرة بدون الرعاية التي نتوقعها عادة في موقع كارثة مثل هذا. وهذا يمثل إهانة لأولئك الذين فقدوا أحباء لهم. وهذا هو نوع السلوك الذي لا مكان له بين مجموعة الأمم.

لكن روسيا لها نفوذ غير عادي عند هؤلاء الانفصاليين ولا أحد ينكر ذلك. فقد كانت روسيا تحرضهم. وروسيا دربتهم. ونحن نعرف أن روسيا زوّدتهم بالعتاد العسكري والسلاح، ومن ضمنه أسلحة مضادة للطائرات. كما أن كبار زعماء الانفصاليين هم مواطنون روس. إذن، في ضوء نفوذها المباشر لدى الانفصاليين، فإن على روسيا والرئيس بوتين بوجه خاص، مسؤولية مباشرة بإجبارهم على التعاون مع التحقيق. وهذا أقل شيء يمكنهم عمله.

والرئيس بوتين يقول إنه يؤيد تحقيقا نزيها وكاملا. وأنا أثمن هذا الكلام، لكن هذا الكلام يجب أن تسانده أفعال. والعبء يقع على كاهل روسيا للإصرار أن يتوقف الانفصاليون عن المساس بالأدلة وأن يمنحوا المحققين الذين سبق أن وصلوا إلى الموقع فرصة الوصول الكامل بدون عوائق إلى موقع الحطام. والانفصاليون ورعاتهم الروس مسؤولون عن سلامة المحققين وما يقومون به من عمل. وإلى جانب حلفائنا وشركائنا، سنطرح هذه القضية في الأمم المتحدة هذا اليوم.

وبصورة أعمّ، وكما ذكرت طوال هذه الأزمة وأزمة أوكرانيا عمومًا، وكما ذكرته مباشرة للرئيس بوتين، وفي العلن، إنني ما زلت أفضل إيجاد حل دبلوماسي في نطاق أوكرانيا. وإنني أعتقد أن ذلك ما زال ممكنا. وهذا هو خياري المفضل اليوم. وسيظل خياري المفضل.

لكن إذا واصلت روسيا خرق سيادة أوكرانيا ومساندة هؤلاء الانفصاليين وإذا أصبح هؤلاء أكثر خطورة وباتوا يشكلون خطرا ليس على الناس داخل أوكرانيا فحسب، إنما على المجتمع الدولي الأعم، فإن روسيا لن تعمل إلا لزيادة عزلتها عن الأسرة الدولية كما أن الأثمان التي ستتكبدها روسيا نتيجة لمسلكها ستواصل ارتفاعها.

الآن هو الوقت المناسب للرئيس بوتين وروسيا كي يبتعدا عن محور الاستراتيجية التي كانت تتبناها روسيا وأن تكون هناك جدية في محاولة فض النزاعات داخل أوكرانيا بصورة تراعي سيادة أوكرانيا وتحترم حقوق الشعب الأوكراني باتخاذ قراراته الخاصة بشأن حياتهم أنفسهم.

والوقت هو عامل أساسي هنا. فأصدقاؤنا وحلفاؤنا بحاجة لأن يكونوا قادرين على استعادة جثامين وأشلاء من فقدوا. وهذا أقل شيء يمكننا عمله. وهو أقل شيء تقتضيه اللياقة. والأسر تستحق أن تكون قادرة على مواراة أحبائهم الثرى بكرامة. والعالم يستحق أن يعرف بالضبط ما الذي حدث. وشعب أوكرانيا يستحق أن يقرر مستقبله الخاص.

شكراً.