أدى التدخل العسكري الروسي الذي بدأ كعملية لمكافحة الإرهاب, إلى نشر أسلحة متطورة في سورية.

فجأة ظهرت روسيا كدولة تتمتع بإمكانيات تكنولوجية استثنائية, من شأنها أن تقلب موازين الاستراتيجيا العالمية.

أنشأ الجيش الروسي مركزا للتشويش ( مضاد للوصول إلى / منطقة دينيال) شمال اللاذقية, كما أنشأ وحدات تشويش متنقلة حول المنطقة.

في الواقع, استخدام تعبير "تشويش" ليس دقيقا, لأن المقصود ليس جعل الاتصالات غير مسموعة, بل قطعها نهائيا.

هذا السلاح يعطل تشغيل كل الأنظمة الكهربائية, أو المغناطيسية المتعلقة باتصالات وإدارة حلف شمال الأطلسي, سواء منها أجهزة الكمبيوتر, أو أجهزة الراديو, أو الأقمار الصناعية, دون المساس بأجهزة الاتصالات الروسية.

كنا على علم منذ شهر نيسان 2014 أن روسيا تملك سلاحا من هذا النوع, بعد أن حلقت طائرة روسية فوق سفينة التجسس الأمريكية ( يو.اس.اس دونالد كوك), فقطعت بقسوة كل أنظمتها الكهربائية, بما في ذلك قاذفات الصواريخ.

بعد ذلك قامت الطائرة بالتظاهر بالانقضاض على السفينة اثنتا عشر مرة متتالية, دون أن تتعرض لأي رد رادع.

شرعت روسيا منذ ذلك الحين بتركيب نظام التشويش هذا بشكل دائم في كاليلنغراد, ومن ثم في جزء من البحر الأسود.

المفاجأة المزدوجة هي أن فقاعة الحماية هذه غير محددة, لكنها تغطي مساحة نصف قطرها 300 كم, وتُعطلُ من ناحية أخرى الأقمار الصناعية.

في الواقع, الجيش الروسي اليوم أقوى من كل جيوش حلف شمال الأطلسي من حيث الحروب التقليدية, مع احتفاظ الحلف بتفوقه النووي بطبيعة الحال. لكن في حال نشوب حرب نووية, فإن كلا الطرفين, سيفنيان.

مركز التشويش الذي تم إنشاؤه في قاعدة حميميم, عطَل تشغيل كل أجهزة قاعدة أنجرليك في تركيا.

مع ذلك, لاتزال وسائل الإعلام في الغرب تنشر معلومات خيالية عن سير المعارك. مصدرها الوحيد حاليا, هو "المرصد السوري لحقوق الإنسان" في سورية, وهو مجرد دكان للإخوان المسلمين في بريطانيا.

ليس من المرجح أن يكون المرصد السوري لحقوق الإنسان في سورية على علم بما يجري في سورية الآن, بعد أن أصبح حلف شمال الأطلسي أصما وأعمى.

هذا التحول رأسا على عقب في سورية, والذي يخصُ العالم كله, أثار موجة من الهلع, والخلافات في واشنطن.

في البداية, حاول القائد الأعلى لحلف شمال الأطلسي التقليل من أهمية الحدث, زاعما في 28 أيلول الماضي أن الحلف يمتلك سلاحا مماثلا للسلاح الروسي. لكن هذه العنتريات لاتخدع أحدا.

وإلا لماذا دارت مشادة كلامية حادة في مجلس الأمن القومي للولايات المتحدة منذ أسبوعين, بين أنصار التخلي عن الامبريالية التوسعية والاتفاق مع إيران وروسيا, الذين يلتفون حول روبرت مالي, وبين الصقور الذين يطالبون, باستثمارات ضخمة في القطاع العسكري, على الرغم من الأزمة الاقتصادية, والذين يلتفون حول السفيرة لدى الأمم المتحدة, سامنتا باور؟.

لقد أوضح هذا الصدام الكثير من المواقف. فبتنا نفهم بشكل أوضح التسهيلات الممنوحة للشخصية الثانية في الأمم المتحدة, جيفري فيلتمان, خلال السنوات الثلاث الأخيرة, لعزل سورية دبلوماسيا, إذا أخذنا بعين الاعتبار الدعم الذي يتلقاه سرا من السيدة باور.

في النهاية, اضطر الرئيس أوباما, بعد أن تعرض للإحراج من أقرب مساعديه, لتقديم تنازلات للصقور بوضع يدهم على القوات العسكرية في أفغانستان, مقابل تمسكه بمومقفه في التحالف مع روسيا.

ترجمة
سعيد هلال الشريفي
مصادر
سوريا

titre documents joints


Al-Watan 2255
(PDF - 142 كيليبايت)