في شهر تشرين أول-أكتوبر 2015، أعلن فؤاد أفني، التركي الذي اشتهر بتغريدة له على تويتر، أن تركيا تٌجري استعدادات لتدمير طائرة روسية.

من منظور الحرب الثالثة التي تشن على سورية، ما حصل كان بمثابة رسالة لروسيا، لحثها على الاكتفاء بحماية دمشق واللاذقية، وترك بقية البلاد، بيد تركيا وحلفائها.

من الناحية التقنية، نظام الدفاع الجوي التركي، شأنه في ذلك كبقية الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، مرتبط بمركز توريجون للعمليات الجوية المشتركة في اسبانيا.

إذا، لابد أن يكون رئيس هيئة القوات الجوية التركي، قد أبلغ قيادة مركز توريجون باسبانيا، بقرار هيئة الأركان مسبقا.

في كل الأحوال، فقد أكد الرئيس رجب طيب أردوغان أنه هو من أعطى الأمر بتدمير الطائرة.

في المقابل، أبلغت قيادة الأركان الروسية حلف شمال الأطلسي خطط طيران طائراتها قبل 12 ساعة، بحيث لايمكن للحلف أو تركيا تجاهل هوية الطائرة.

فضلا عن ذلك، هناك طائرة الاستطلاع أواكس التابعة لحلف شمال الأطلسي التي أقلعت قبيل ذلك لمراقبة كل مايجري على الأرض.

لم تتوان أجهزة الاستخبارات التركية، منذ بداية الحرب على سورية، عن تزويد الميليشيات التركمانية بالأسلحة، وجذبهم إليها.

وقد تحدثت وسائل الإعلام التركية عن إرسال ألفي شاحنة على الأقل، محملة بالأسلحة والذخائر- باعتراف الرئيس أردوغان بذلك- والتي قامت تلك المليشيات بتوزيعها فورا على عناصر القاعدة، ومن ثم على عناصر داعش.

هذه الميليشيات التركمانية هي التي قامت عام 2011 بتفكيك ثمانين ألف معمل في المنطقة الصناعية بحلب، ونقلت آلاتها ومعداتها إلى تركيا.

عمليات القصف التي جرت، لم يكن الهدف منها، قصف التركمان، لأنهم تركمان، حسب الادعاءات التركية، بل لتدمير مجموعة إرهابية مدانة بالنهب المنظم.

الزعيم الرئيسي للميليشيات التركمانية في سورية هو البارسلان جيليك، عضو في "الذئاب الرمادية"، وهو حزب فاشي تركي مرتبط تاريخيا باستخبارات حلف شمال الأطلسي. اعترف بأنه أمر بقتل الطيارين الروسيين أثناء هبوطهما بالمظلات.

الطائرة الروسية التي تم إسقاطها لم تدخل سوى 17 ثانية في المجال الجوي التركي، بينما دخلت الطائرة التركية التي دمرتها في المجال السوري 40 ثانية.

جمع الحلف، على إثر التماس تركي عاجل، مجلس الأطلس الشمالي، الذي اكتفى أمينه العام بالإيعاز بقراءة بيان مقتضب دعا فيه إلى..تجنب التصعيد.

لحماية طائراتها، نشرت روسيا في المنطقة المزيد من المقاتلات، لاسيما اقدامها على نصب صواريخ أرض-جو من طراز اس400، في مطار حميميم العسكري. هذه الصواريخ التي يصل مداها إلى 600 كم، يمكنها إمساك 160 هدفا، وتدميرها في وقت واحد. الأمر الذي أجبر تحالف الولايات المتحدة، وفرنسا، وتركيا على الوقف الفوري لكل طلعاتهم الجوية فوق سورية.

يمكننا من هذه المعطيات أن نستنتج أن حلف شمال الأطلسي، وكذلك روسيا، كانا على دراية بالتحضيرات التركية لمهاجمة الطائرة، وتركاها تفعل.

كل ماجرى يحمل على الاعتقاد بأن واشنطن، التي كان بوسعها أن تدعم مشروع دولة كردستان في تركيا, لاتعارض مشروع اختراع دولة كردستان مزيفة في سورية فحسب، بل تستعد بالتعاون مع روسيا للالتفاف على المشروع الفرنسي-الإسرائيلي-البريطاني، كما في الماضي، حين اختلفت القوتان الأعظم على استعمار قناة السويس عام 1956

ترجمة
سعيد هلال الشريفي
مصادر
سوريا

titre documents joints


Al-Watan 2284
(PDF - 169.6 كيليبايت)