الولايات المتحدة وروسيا, توصلتا، مرة أخرى, لاتفاق فيما بينهما، انتهى بإبرام خطة سلام لسورية.

المرة الأولى، كانت أثناء مؤتمر جنيف في شهر حزيران-يونيو 2012، وكانت ترمي إلى إحلال السلام في سورية، وجميع أنحاء الشرق الأوسط، من خلال تقسيم المنطقة إلى مناطق نفوذ. لكن سرعان ما تم تخريب هذا الاتفاق على يد وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وأصدقائها، مما جعل فرنسا تنظم بعد أقل من أسبوعين, إطلاق الحرب, من جديد، ضد سورية. يضاف إلى هذا الخصام, تنظيم الانقلاب في أوكرانيا, أواخر العام 2013.

اتسم الحدثان السابقان بتعليق شبه كامل للعلاقات الدبلوماسية بين واشنطن وموسكو.

أما المرة الثانية, فكانت إبان زيارة جون كيري للرئيس فلاديمير بوتين في قصر الكريملين بتاريخ 15 ديسمبر 2015، أعقبها على الفور اجتماع اللجنة العليا للمعارضة السورية, والتي فاجأت الجميع بانتخاب رياض حجاب, رئيس الوزراء " البعثي" الأسبق, لقيادة وفدها، واعتماد القرار 2253 الذي يحظر تمويل تنظيم القاعدة، وداعش, وكذلك القرار 2254، الداعي إلى "مأسسة" الجهود التي بذلت في كل من جنيف وفيينا, من أجل سورية.

عقدت روسيا اتفاقا مع 5000 مقاتل، من المفترض أنهم يمثلون "الجيش السوري الحر", فيما بدأ المستشارون العسكريون الايرانيون بالانسحاب.

تجنبا لأي سوء فهم, صرح وزير الخارجية, جون كيري بالقول من قصر الكريملين، أن رأي الولايات المتحدة بالرئيس بشار الأسد لن يعيق تصويت السوريين، ثم أكد في مجلس الأمن قائلا " إن مناقشة مصير الرئيس الأسد, تعني أننا نلعب لعبة داعش" وأن عملية السلام لاتقدم خيارا بين الأسد وداعش, بل بين الحرب والسلام".

على الصعيد الدبلوماسي, صار كل شيء جاهزا لتوقيع "اتفاق" سلام, مع ترك الخاسرين مرفوعي الرأس.

هذا لايعني أن معارضي سياسة باراك أوباما قد اختفوا. صحيفة واشنطن بوست اتهمته بالاستسلام أمام روسيا في مسألة تغيير النظام في سورية.

عام 2012، كنا نفسر معارضة عصابة بترايوس-كلنتون، كرغبة في الاستفادة إلى أقصى مايمكن من التفوق العسكري للولايات المتحدة. لكن مع ظهور تطور الأسلحة الروسية الجديدة, لم يعد لهذا الأمر أي معنى.

التفسير الوحيد الممكن بعد الآن, هو رهان على التسبب، من دون تلكؤ، بنشوب مواجهة عالمية، إذا أخذنا بعين الاعتبار احتمال أن الغرب، لايزال قادرا، على الفوز بها، فيما قد يتلاشى كل أمل لهم بالفوز، في حال تمكنت الصين من الزج بجيشها.

وكما هو الحال في مؤتمر جنيف، تدخلت فرنسا فور اعتماد القرار 2254، مطالبة من جديد، على لسان وزير خارجيتها لوران فابيوس، برحيل الرئيس الأسد، قبل أي شيء آخر.

إذا كنا حتى عام 2012 نفسر مثل هذه المواقف على أنها رغبة في تغيير النظام, وفرض حكومة من الأخوان المسلمين، ضمن استمرارية الإطاحة بالأنظمة العربية العلمانية ( الربيع العربي ) أو كمحاولة "لاستنزاف الجيش العربي السوري" لتسهيل الهيمنة الإقليمية لإسرائيل، أو مجرد طموح لإعادة الاستعمار، هذا الأمر لم يعد ممكنا الآن، لأن الاقتراب من أي من هذه الأهداف الثلاثة، يقتضي حربا مع روسيا.

ترجمة
سعيد هلال الشريفي
مصادر
سوريا

titre documents joints


Al-Watan 2300
(PDF - 202.6 كيليبايت)