“تقرير الأمم المتحدة الأول على "الإمارة الإسلامية"”, شبكة فولتير , 15 شباط (فبراير) 2016, www.voltairenet.org/article190295.html

تقرير الأمين العام عن التهديد الذي يُشكّله تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (تنظيم داعش) على السلام والأمن الدوليين، ونطاق الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة دعماً للدول الأعضاء في مكافحة هذا التهديد

أولاً - مقدمة

1 - يمثل اتخاذ مجلس الأمن القرار 2253 (2015) في 17 كانون الأول/ديسمبر 2015، تعبيراً عن تصميمه على التصدي للتهديد الذي يُشكّله تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (المعروف أيضا باسم داعش) ومن يرتبط به من أفراد وجماعات ومؤسسات وكيانات على السلام والأمن الدوليين، فضلا عن تأكيده على أهمية قطع قدرة التنظيم على الحصول على الأموال ومنعه من التخطيط لشن هجمات أو تسهيل شنِّها. وطلب مجلس الأمن إليَّ في الفقرة 97 من قراره 2253 (2015)، أن أقدم تقريرا أوليا على صعيد استراتيجي يثبت ويبين خطورة التهديد المشار إليه، بما في ذلك التهديدات التي يشكلها انضمام المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات والكيانات المرتبطة به؛ ويبين أيضاً مصادر تمويل هذه الجماعات، بما ذلك الاتجار غير المشروع بالنفط والقطع الأثرية والموارد الطبيعية الأخرى؛ وأنشطة تخطيطه للهجمات وتيسيرها؛ وأن أُقدِّم كل أربعة أشهر بعد ذلك تقارير تتضمن آخر المستجدات بهذا الشأن. كما طلب المجلس أن يُبيّن التقرير نطاق الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة دعماً للدول الأعضاء في مكافحة هذا التهديد.

2 - وقد تناولت في تقريري الأولي (S/2016/92)، الذي نُشر في 29 كانون الثاني/يناير 2016، المجالات التي حددها المجلس، وضمَّنتُه توصيات بشأن تعزيز قدرات الدول الأعضاء على التخفيف من أثر التهديد الذي يُشكّله تنظيم الدولة الإسلامية، فضلا عن وصف للطرق التي يمكن للأمم المتحدة أن تدعم بها تلك الجهود.

3 - وتم إعداد هذا التقرير برفده بمدخلات من المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب، ومن فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات المنشأ بموجب قرار مجلس الأمن 1526 (2004) بشأن تنظيم القاعدة وحركة الطالبان وما يرتبط بهما من أفراد وكيانات التابع للجنة مجلس الأمن المنشأة بموجب القرارات 1267 (1999) و 1989 (2011) و 2253 (2015) بشأن خطورة التهديد الذي يُشكّله تنظيم الدولة الإسلامية واتساع الرقعة الجغرافية للتهديد، وتم ذلك بالتعاون الوثيق مع فرقة العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب ومركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، ومع الجهات الفاعلة التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى ذات الصلة. ويوفر هذا التقرير معلومات عن آخر المستجدات المتعلقة بخطورة التهديد الذي يُشكّله تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات والكيانات المرتبطة به، فضلا عن معلومات عن مصادر تمويل تنظيم الدولة الإسلامية. ويسلط التقرير الضوء على الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء والتقدم المحرز في تنفيذ التدابير ذات الصلة بمكافحة الإرهاب في عدد من المجالات المواضيعية، والمخاطر التي يُشكّلها المقاتلون الإرهابيون الأجانب الذين يعودون إلى دول موطنهم أو يسافرون إلى دول أخرى. كما ينظر التقرير في وجود تنظيم الدولة الإسلامية وتأثيره خارج العراق والجمهورية العربية السورية، ولا سيما في أفغانستان وليبيا وجنوب شرق آسيا؛ وفي استخدام تنظيم الدولة الإسلامية لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات؛ ومسألة العنف الجنسي المرتبط بالنزاع؛ ونطاق جهود المساعدة وبناء القدرات الفنية التي تبذلها الأمم المتحدة وشركاؤها.

ثانياً - خطورة التهديد

ألف - التهديد الذي يُشكّله تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات والكيانات المرتبطة به

4 - ما زال التهديد العالمي المنبثق من تنظيم الدولة الإسلامية عالياً ومستمراً في التنوع. ومنذ تقريري الأولي، أدى الضغط العسكري المتواصل الذي تمارسه قوات التحالف الدولي على تنظيم الدولة الإسلامية في الجمهورية العربية السورية والعراق إلى تعرضه لنكسات عسكرية جدية. ورغم وقف التوسع الإقليمي لتنظيم الدولة الإسلامية في كلتا الدولتين، بل وعكس مساره جزئياً، على مدى الأشهر الأخيرة، فقد لاحظ العديد من الدول الأعضاء مع ذلك أن قوة تنظيم الدولة الإسلامية لم تضعُف بعدُ ضعفاً استراتيجياً لا رجعة فيه. ومع ذلك، أبلغ العديد من الدول الأعضاء عن حدوث زيادة ملحوظة في معدل العائدين إليها من الجمهورية العربية السورية والعراق. وعلاوة على ذلك، تشير المعلومات الواردة من الدول الأعضاء إلى أن مناقشاتٍ دارت مؤخراً داخل أروقة القيادة الأساسية لتنظيم الدولة الإسلامية حول استراتيجية هذه الجماعة في المستقبل. وعلى الرغم من أن هذه المناقشات لا يبدو أنها قد أدت حتى الآن إلى تصدع خطير في التماسك الداخلي للقيادة الأساسية للتنظيم، فلا بد من مواصلة رصد هذا التطور.

5 - وقد ذكر العديد من الدول الأعضاء أن القيادة الأساسية لتنظيم الدولة الإسلامية تسعى إلى رفع مستوى الدور الذي تلعبه الجماعات المنتسبة إلى التنظيم. وبالإضافة إلى ذلك، تدلُّ الهجمات التي شنّها أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية مؤخراً على الصعيد الدولي على أن الجماعة الإرهابية تنتقل الآن إلى مرحلة جديدة تتسم بزيادة مخاطر الهجمات المعدَّة إعدادا جيدا والموجَّه مركزياً ضد أهداف مدنية دولية، وقد تصبح حدثاً أكثر تواتراً. ففي الأشهر الستة الماضية وحدها، شنَّ تنظيم الدولة الإسلامية هجمات إرهابية أو أوحى لآخرين بارتكابها أو أعلن مسؤوليته عن ارتكاب أعمال إرهابية في الاتحاد الروسي، وألمانيا، وإندونيسيا، وباكستان، وبلجيكا، وبنغلاديش، وتركيا، وفرنسا، ولبنان، ومصر، والولايات المتحدة الأمريكية. وأسفرت تلك الهجمات عن مقتل أكثر من 500 شخص وجرح مئات آخرين. و هذه القائمة لا تتضمن الهجمات والأعمال القتالية الدائرة في مناطق النزاع داخل أفغانستان أو الجمهورية العربية السورية أو العراق أو ليبيا أو اليمن. وهكذا، فإن تنظيم الدولة الإسلامية لا يزال يشكل تهديداً إرهابياً كبيراً على الصعيد العالمي.

6 - وتثبتُ الهجمات التي وقعت في باريس في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2015، وفي بروكسل في آذار/مارس 2016 قدرةَ تنظيم الدولة الإسلامية على شنِّ هجمات معقدة في شكل موجات متعددة. وتواصل وكالات إنفاذ القانون الوطنية التحقيق في تلك الهجمات، ولكن من الواضح بالفعل أن تلك الهجمات كانت منسقة من قبل المقاتلين الإرهابيين الأجانب الذين عادوا إلى أوروبا من الأراضي الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في الجمهورية العربية السورية. وتلقت تلك الخلايا، إلى حد ما، توجيهات من قيادة تنظيم الدولة الإسلامية وكانت مدعومة وميسرة من قبل مجموعة متنوعة من الأفراد والجماعات من ذوي السوابق المؤكدة في السجلات التي تثبت ضلوعهم بأنشطة إجرامية (بما في ذلك الجماعات الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة). وهذا يدل على قدرة العائدين من تنظيم الدولة الإسلامية على رصّ صفوفهم بسرعة والاعتماد على دعم الشبكات المتطرفة والأنصار المتطرفين الموجودين والموالين لتنظيم القاعدة، وبالتالي رفد مهاراتهم المكتسبة حديثا في مجال الإرهاب بالمعرفة والدعم المحليين.

7 - وأخيراً، فإن الضغط المتواصل على تنظيم الدولة الإسلامية في الجمهورية العربية السورية والعراق يزيد أيضا من احتمال أن تسعى الجماعة الإرهابية إلى نقل الأموال إلى الجماعات المنتسبة إليها خارج منطقة النزاع الحالية المباشرة. وتشير التقارير الأولية الواردة من الدول الأعضاء إلى أن هذا الأمر ربما يحدث بالفعل.

8 - كل هذه العوامل تظهر الدور الحاسم الذي لعبته الدول المتاخمة للأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في الجمهورية العربية السورية والعراق في الجهود الرامية إلى تقويض قدرات الجماعة الإرهابية على نحو متواصل. ولا يزال استمرار وصول الجماعة الإرهابية المباشر إلى الحدود الدولية يشكل مجالا رئيسيا للقلق. ويُسلِّط العديد من الدول الأعضاء الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجهها في هذا الصدد. وثمة عامل مثير للقلق هو عدم ذكر أي دولة عضو بأن تنظيم الدولة الإسلامية يعاني من نقص في الأسلحة والذخيرة أو يفتقر إليهما. وهكذا، وبالإضافة إلى المخاطر المرتبطة بتدفق العائدين والأموال من تنظيم الدولة الإسلامية من خلال الدول الأعضاء في المنطقة، لا يزال احتمال تدفق الأسلحة والذخائر بشكل مباشر أو غير مباشر إلى تنظيم الدولة الإسلامية يشكل مصدر قلق بالغ.

باء - مصادر تمويل تنظيم الدولة الإسلامية

9 - للمرة الأولى منذ إعلان ما يسمى بالخلافة في حزيران/يونيه 2014، تعاني القيادة الأساسية لتنظيم الدولة الإسلامية من الضغوط المالية. ويتضح هذا بشكل خاص من خلال ما أعلنه تنظيم الدولة الإسلامية رسمياً في أواخر عام 2015 عن إجراء تخفيض بنسبة 50 في المائة في رواتب المقاتلين في الرقة، في الجمهورية العربية السورية( ). وعلى الرغم من حدوث تغير في النُّسب، لم تتغير مصادر دخل تنظيم الدولة الإسلامية بشكل كبير منذ تقريري الأولي. ويُواصِل تنظيم الدولة الإسلامية الاعتمادَ على ”الضرائب“، والابتزاز، وكذلك على العائدات من موارد الطاقة. ومع ذلك، أفاد عدد من الدول الأعضاء أنه نتيجة للضربات الجوية الدولية انهار إنتاج النفط والتكرير، وانهارت بالتالي عائداتهما النفطية. وعلاوة على ذلك، فإن قرار الحكومة العراقية بالتوقف عن دفع رواتب الموظفين الذين يعيشون داخل الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق قد أدّى، وفقا لإحدى الدول الأعضاء، إلى قطع تدفق الأموال إلى داخل الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم بما يعادل 2 بليون دولار سنويا، وكبَح بالتالي إلى حد كبير فرص التنظيم بفرض ”ضرائب“.

10 - وتشير تقديرات الدول الأعضاء إلى أن انتاج تنظيم الدولة الإسلامية من النفط قد انخفض بنسبة تتراوح بين 30 و 50 في المائة نتيجة للعوامل المذكورة أعلاه. ومع ذلك، يشير فريق الرصد أنه قد يكون هناك أيضا ”أثر مطّاطي كالبالون“: أي كلما تعرض مصدر جارٍ للدخل للضغط من ناحية، يُكثِّف التنظيم جهوده من ناحية ثانية للحصول على دخل من مصادر أخرى (انظر: S/2015/739). وأَبلغت الدول الأعضاء أن تنظيم الدولة الإسلامية يسعى إلى التعويض عن خسارته من عائدات النفط من خلال تكثيف الجهود في جباية ”الضرائب“/الابتزاز (على سبيل المثال، زيادة تكلفة الحصول على بعض التصاريح وتصعيد عمليات فرض ”الغرامات“). وفقا لما أفادت به إحدى الدول، يُحدِثُ تنظيم الدولة الإسلامية ”ضرائب“ جديدة ويرفع نسبة ”الضرائب“ السارية.

11 - وتُفيد بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق أن تنظيم الدولة الإسلامية لم يغزُ أراضٍ جديدة في العراق منذ بعض الوقت، ولذلك فقد تضاءلت قدرته على نهب موارد أو أصول جديدة أو آثار أخرى، ثم بيعها. ومن غير الواضح مقدار الإيرادات التي يكسبها تنظيم الدولة الإسلامية من تهريب الآثار، ولكن هذه الممارسة لا تزال مصدرا للدخل( ). ومنذ تقريري الأولي، بدأت وكالات إنفاذ القانون في أوروبا الغربية بإجراء تحقيقات في أنشطة التهريب ذات الصلة، بما فيها تحقيقان محددان يتعلقان بالقطاع الخاص. كما أبرزت المنظمات الدولية والإقليمية المخاطر التي يحتمل أن تتعرض لها القطع الأثرية الثقافية الليبية واليمنية واحتمال أن يصبح نهب تلك القطع الأثرية وبيعها مصدراً لتمويل الجماعات الإرهابية المدرجة على القائمة.

12 - ونظرا لزيادة الضغط على الموارد المالية لتنظيم الدولة الإسلامية في الجمهورية العربية السورية والعراق، كما ذكر أعلاه، هناك احتمال متزايد بأن يحاول تنظيم الدولة الإسلامية استغلال أنشطة إضافية مدرة للدخل. و بالتالي، يجب على المجتمع الدولي أن يبقى في حالة تأهب للتصدي لمحاولات تنظيم الدولة الإسلامية مواصلة تنويع مصادر إيراداته أو توسيع نطاق تدفقاته المالية الصغيرة نسبيا. فقد يسعى تنظيم الدولة الإسلامية، على سبيل المثال، إلى تلقي تبرعات خارجية (التي تمثل حتى الآن نسبة صغيرة نسبيا من تمويل هذه الجماعة الإرهابية)، أو إلى تكثيف جهوده لأخذ لرهائن دوليين للحصول على فدية. وقد جنى تنظيم الدولة الإسلامية، كما ذكر فريق الرصد من قبل، مبالغ فدية كبيرة مقابل الإفراج عن الرهائن الدوليين في عام 2014 (انظر S/2014/770 و S/2014/815). وانخفض دخل التنظيم من وراء عمليات الاختطاف في عام 2015 عن مستوياته في عام 2014. وإذا ما حاول تنظيم الدولة الإسلامية مرة أخرى الحصول على فدية مقابل الرهائن الدوليين، بدلا من استخدامهم بسخرية كدعاية في أشرطة الفيديو التي تظهر عمليات الإعدام البشعة، فسيكون هذا مؤشرا آخر على الضغوط المالية المتزايدة التي تواجهها هذه الجماعة الإرهابية.

13 - وفي ضوء الضربات العسكرية الجارية ضد حقول النفط التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية والبنية التحتية ذات الصلة وقدرة تنظيم الدولة الإسلامية على تكرير النفط بكفاءة، هناك احتمال متزايد في أنه سيحاول الحصول على قطع الغيار والمعدات اللازمة لتنشيط قدرته على الاستفادة من الموارد الهيدروكربونية. ولذلك، فمن الأهمية بمكان أن يتم وضع إجراءات الامتثال اللازمة موضع التنفيذ لمنع تنظيم الدولة الإسلامية من الحصول على بديل عن المعدات وقطع الغيار اللازمة لإصلاح البنية التحتية وحقول النفط ومعدات التكرير المدمرة (انظر S/2016/213). وما زالت بعض الدول الأعضاء تعمل على وضع قائمة محددة بالمعدات وقطع الغيار التي يحاول تنظيم الدولة الإسلامية الحصول عليها، وذلك بهدف تقاسم القائمة مع كيانات قطاع الأعمال بحيث تتمكن تلك الكيانات من توجيه إجراءات امتثالها على نحو أكثر فعالية.

14 - ومع استمرار الضغط على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والجمهورية العربية السورية (بطرق من بينها التدابير العسكرية التي تستهدف مواقع تخزين الأموال النقدية)، فمن المرجح أنه سيحاول نقل الأموال دوليا وتحويل العملة المحلية إلى عملة أو سلع، مثل الذهب، يمكن نقلها بسهولة واستخدامها دوليا. ولا تزال شركات الخدمات المالية، وشركات الصرافة والحوالة وغيرها من أنظمة التحويل غير الرسمي معرضة لإساءة الاستخدام، ولكن ينبغي أيضا إيلاء مزيد من الاهتمام لطرق الدفع الجديدة، مثل البطاقات المدفوعة القيمة مسبقا والعملات الافتراضية. ورغم ذلك، يواصل تنظيم الدولة الإسلامية نقل الأموال عن طريق تهريب الأموال النقدية. وينبغي أيضا عدم إغفال القنوات المصرفية الرسمية.

15 - وقد اتخذت بالفعل دول أعضاء، من بينها العراق، تدابير هامة للحد من قدرة تنظيم الدولة الإسلامية على الوصول إلى القطاع المالي( ). ومع ذلك، يجب الحفاظ على اليقظة المستمرة في هذا المجال، ولا سيما في الدول الأعضاء المتاخمة للأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية. فاليقظة أمر ضروري ليس لمنع تنظيم الدولة الإسلامية من أن يكون قادراً على الاحتفاظ بأموال في الخارج فحسب، ولكن لمنعه أيضا من توزيع الأموال على الجماعات المنتسبة إليه ومن تسهيل شنّ هجمات في جميع أنحاء العالم. ويدلُّ انتشار الجماعات المنتسبة إلى تنظيم الدولة الإسلامية وتعهدات الولاء لأبي بكر البغدادي التي أُعلن عنها على مدى العامين الماضيين، كما أشرت في تقريري الأولي، على طول باع تنظيم الدولة الإسلامية وطموحاته على الصعيد العالمي.

16 - وأُنشئت بعض الجماعات المنتسبة إلى تنظيم الدولة الإسلامية لخدمة غرض محدد، في حين أُنشئ بعضها الآخر نتيجة إعادة تصنيفٍ للجماعات الإرهابية الموجودة. وأكدت عدة دول في تقييماتها أن بعض تعهدات الولاء المقدمة من الجماعات الإرهابية الموجودة لتنظيم الدولة الإسلامية تمثل محاولة انتهازية منها للحصول على الدعم، بما في ذلك الدعم المالي من القيادة الأساسية لتنظيم الدولة الإسلامية الممولة تمويلا جيداً. ووفقا لما أفادت به الدول الأعضاء، وفَّر تنظيم الدولة الإسلامية التمويل، بما في ذلك رأس المال اللازم ”لبدء التشغيل“ إلى الجماعات المنتسبة إليه، بما في ذلك العاملة في شمال أفريقيا وأفغانستان. ووفقا لما أفادت به إحدى الدول الأعضاء، يستخدم تنظيم الدولة الإسلامية ”محافظته“ في ليبيا كمركز مالي لنقل الأموال عبرها إلى الجماعات الإرهابية الأخرى. وعلاوة على ذلك، تم تمويل بعض الهجمات الدولية التي قامت بها خلايا تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، جزئيا على الأقل، من خلال الأموال التي تم جمعها في منطقة النزاع( ). فالهجمات التي شنّها تنظيم الدولة الإسلامية على ”الأهداف السَّهلة“ على الصعيد الدولي غير مُكلِفة نسبياً ويمكن تمويلها، في كثير من الحالات، من خلال مصادر محلية مثل اختلاس استحقاقات الرعاية وارتكاب الجرائم البسيطة. ومع ذلك، فإن تكلفة بدء تشغيل إحدى الجماعات المنتسبة إلى التنظيم والانفاق عليها وتوفير الدعم لها على المدى الطويل هي أعلى من ذلك بكثير. وبالتالي، فإن توفير تنظيم الدولة الإسلامية الأموالَ للجماعات والشبكات المنتسبة إليه لا يزال يشكل مصدر قلق بالغ.

17 - وأخيراً، لا يمكن أن تُستهدف الأنشطة المالية لتنظيم الدولة الإسلامية في الجمهورية العربية السورية والعراق بمعزل عن غيرها. ففي ليبيا أيضا (انظر S/2015/891) ، توجد شبكات متقاطعة من طرق التهريب، كما يمتلك تنظيم الدولة الإسلامية أيضا القدرة فيها على فرض ”ضريبة“ على النشاط الاقتصادي أو التهريب. وبالتالي، فإن توسيع رقعة سيطرته على الأراضي وتوطيد أركانه فيها يزيدان من فرص حصوله على التمويل. وليس هناك حتى الآن ما يدلُّ على أن أي جماعة منتسبة إلى تنظيم الدولة الإسلامية تُموِّل القيادةَ الأساسية للجماعة الإرهابية. ومع ذلك، فإن هذا المجال هو مجال ضروري آخر للتحلي باليقظة لئلا تتمكن أي جماعة منتسبة إلى تنظيم الدولة الإسلامية من تطوير مصادر من الإيرادات الكافية لدعم القيادة الأساسية مالياً.

جيم - انضمام المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات والكيانات المرتبطة به؛ والتخطيط للهجمات وتسهيلها

18 - لاتزال أعداد كبيرة من المقاتلين الإرهابيين الأجانب يسافرون من الدول في جميع أنحاء العالم للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية في الجمهورية العربية السورية والعراق. وذكرت إحدى الدول الأعضاء أن حوالي 000 38 شخص حاولوا السفر إلى المنطقة في السنوات القليلة الماضية. وتشير تقديرات العديد من الدول الأعضاء إلى أن ما يقرب مجموعه من 000 30 مقاتل في المنطقة يخضعون حالياً لأمرة تنظيم الدولة الإسلامية (ويشمل هذا العدد مواطنين سوريين وعراقيين بالإضافة إلى مقاتلين إرهابيين أجانب). ومعظم المقاتلين الإرهابيين الأجانب المنضوين حالياً تحت لواء تنظيم الدولة الإسلامية سافروا من شمال أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى. وقد سافر أعداد كبيرة منهم أيضا من أوروبا وجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا. وتشير المعلومات التي قدمتها الدول الأعضاء إلى أن تدفق المقاتلين مازال مستمراً. وعلى الرغم من أن الزيادة في عدد المقاتلين الإرهابيين الأجانب الجدد الذين يسافرون من بعض المناطق قد تباطأت، فإن عدد المقاتلين الإرهابيين الأجانب الجدد الذين يسافرون أو يحاولون السفر من مناطق أخرى قد ازداد. ويُحتمل أن التدابير المضادة التي اتخذتها الدول لكشف المقاتلين الإرهابيين الأجانب وردعهم، وزيادة الرقابة على حدود الجمهورية العربية السورية والعراق قد أثَّرتا على أعداد هؤلاء المقاتلين القادرين على الانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية.

19 - ويُدرك المقاتلون الإرهابيون الأجانب المصمِّمون على السفر هذه الضوابط ويتفنَّنون بمهارة في إخفاء عزمهم على السفر، بوسائل ليس أقلها استخدام المنتديات المغلقة المتاحة على شبكة الإنترنت، وخدمات الرسائل المشفرة للتعامل مع الذين يًسهِّلون سفرهم. وتفيد بعض التقارير بأن المقاتلين الإرهابيين الأجانب يستخدمون وثائق هوية مزورة أو مسروقة ويحاولون أيضا إخفاء عزمهم على السفر إلى العراق والجمهورية العربية السورية من خلال السفر اليهما بطرق غير مباشرة.

20 - وما برحت تتفاوت من شخص إلى آخر خلفياتُ الأفراد الذي يسافرون بغرض الانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية في الجمهورية العربية السورية والعراق، وهي تشير إلى مجموعة واسعة من الدوافع. ولذلك، فإن الدول الأعضاء ما زالت تواجه تحدياتٍ في سعيها لمعرفة المقاتلين الإرهابيين الأجانب المحتملين. وقد يكون لبعض المقاتلين الإرهابيين الأجانب تاريخ شخصي بالفعل في مناطق النزاع؛ وقد يكون لبعضهم الآخر أسباب أيديولوجية تدفعهم للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية. وقد يكون الراتب هو الدافع في المقام الأول لدى بعضهم. وما زال استمرار تجنيدُ تنظيم الدولة الإسلامية النساءَ وإشراك الأطفال كمقاتلين مصدرَيْن للقلق.

21 - ووفقا لما أفادت به بعض الدول، هناك احتمال متجدد بوقوع هجمات إرهابية في جنوب شرق آسيا. فعلى الرغم من أن أعداد المقاتلين الإرهابيين الأجانب الذي يسافرون من جنوب شرق آسيا إلى الجمهورية العربية السورية والعراق بغرض الانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية في أراضيهما، هي أعداد صغيرة نسبيا بالمقارنة مع أعداد الذين يسافرون اليهما من مناطق أخرى، فإنها لا تزال تُعَدُّ بالمئات. وأعلن زعماء العديد من الجماعات القائمة في جنوب شرق آسيا (وزعماء بعض الجماعات الأحدث عهداً) عن مبايعتهم لأبي بكر البغدادي (انظر S/2015/441). وكذلك يؤكد وجودُ وحدةٍ عسكرية ماليزية/إندونيسية في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية، المعروفة باسم ”كتيبة نوسانتارا“ أو مجموعة أرخبيل، التهديدَ المتمثل باحتمال عودة قدامى المحاربين المنتمين لبلدان جنوب شرق آسيا من النزاعات الدائرة في الجمهورية العربية السورية والعراق، إلى بلدانهم متسلحين بمهارات جديدة.

22 - ويعود أيضاً عددٌ متزايد من المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى دول موطنهم. ويغادرُ بعضٌ من هؤلاء العائدين مناطقَ النزاع بسبب استيائهم من ممارسات تنظيم الدولة الإسلامية ومن النزاع الذي تورطوا فيه. وتبقى نزعة التطرف لدى البعض الأخر من العائدين، وتظل لديهم النية والقدرة على تنفيذ هجمات إرهابية في بلدان موطنهم أو إقامتهم. ويستخدم هؤلاء المقاتلون الإرهابيون الأجانب ممارساتٍ مثل ”السفر المتقّطع“، أو وثائق سفر مزورة أو مسروقة، ويختبئون بين تدفقات المهاجرين تجنباً لكشفهم. وكما تجلّى في باريس وبروكسل، يُشكل هؤلاء الأفراد خلايا وشبكات. والعديد منهم هم من الضالعين سابقا في أنشطة إجرامية ولهم بالفعل صلات مع المنظمات الإجرامية التي يمكن أن تساعدهم على توفير فرص الحصول على أسلحة ومتفجرات. كما يعودون مزودين أيضا بمهارات قتالية مكتسبة من المعارك، والتدريب على استخدام المتفجرات، وفهم عميق لممارسات الشرطة و الأجهزة الأمنية. ولذلك، فمن الصعب الكشف عنهم.

23 - وتدلُّ الهجمات التي قامت بها هذه الخلايا على زيادة تعقيدها، وتعكس عزمها على مهاجمة أهداف متعددة في شكل موجات، وعلى تشتيت موارد الشرطة والأجهزة الأمنية، والتسبب في إثارة الذعر في صفوف المدنيين وإيقاع أعداد كبيرة من الضحايا. ويبدو أن بعض هذه الجماعات الإرهابية تتلقى توجيهاتها من الخارج. وانتقل بعض العائدين أيضا إلى مناطق أخرى من النزاع من أجل الانضمام إلى جماعات منتسبة إلى تنظيم الدولة الإسلامية؛ أو إنشاء جماعات فرعية منتسبة جديدة تعمل وفقا لإيديولوجية تنظيم الدولة الإسلامية؛ أو إنشاء قنوات للتمويل في إطار استراتيجية تنظيم الدولة الإسلامية الرامية إلى توسيع حضوره العالمي. والأهم من ذلك، أن عدة مئات من المقاتلين الإرهابيين الأجانب انتقلوا مجدداً إلى ليبيا.

ثالثاً - جوانب التهديد المتغيرة

24 - في الفروع الواردة أدناه سلَّطُت الضوء على التهديد الناشئ الذي يُشكّله تنظيم الدولة الإسلامية في دول أخرى غير الجمهورية العربية السورية والعراق، ونظرت في استخدام تنظيم الدولة الإسلامية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتناولت مسألة العنف الجنسي المرتبط بالنزاع.

ألف - اتساع الرقعة الجغرافية للتهديد الذي يُشكّله تنظيم الدولة الإسلامية

25 - نظرا للوجود المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية خارج الجمهورية العربية السورية والعراق، يوفر هذا التقرير دراسة عن الجماعات الرئيسية المنتسبة لتنظيم الدولة الإسلامية، وكذلك عن المناطق التي يحتمل فيها إلى حد كبير أن يتم إنشاء جماعات فرعية جديدة منتسبة لتنظيم الدولة الإسلامية. وسوف تدرس التقارير المستكملة اللاحقة التي ستقدم عملاً بالفقرة 97 من القرار 2253 (2015) هذه المسائل بمزيد من التفاصيل.

1 - فرع تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا

26 - بعد 18 شهرا من وجوده في ليبيا، مازال هذا الفرع من تنظيم الدولة الإسلامية جزءا من استراتيجية متعمدة تنفذها القيادة الأساسية لتنظيم الدولة الإسلامية للتوسع خارج الجمهورية العربية السورية والعراق. وتشير الدول الأعضاء إلى أن البعض داخل القيادة المركزية لتنظيم الدولة الإسلامية ينظرون إلى ليبيا باعتبارها مسرحا بديلا محتملا لأنشطتهم بالنظر إلى الصعوبات المتزايدة التي يواجهها التنظيم في الجمهورية العربية السورية والعراق. وبالإضافة إلى ذلك، اعترف التنظيم بأن وجود موطئ قدم له في ليبيا سيمكنه من بناء مركز للامتداد المحتمل في المغرب العربي ومنطقة الساحل وما وراءها. ولذا يواصل التنظيم الاستفادة من الفراغ السياسي والأمني في ليبيا. واستفاد فرعه الليبي أيضا من توجيهات يتلقاها من قيادة التنظيم الأساسية ومن خبرتها ومعارفها الواسعة في جملة أمور من بينها الدعاية وصنع الأجهزة المتفجرة المرتجلة.

27 - وتشير الدول الأعضاء أيضا إلى أن فرع التنظيم في ليبيا يدعم خلايا أخرى تابعة للتنظيم في المغرب العربي (ولا سيما في تونس، حيث قدّم هذا الفرع الدعم فعلا إلى أفراد منتسبين لتنظيم الدولة الإسلامية). وأبلغ أيضاً عن تواصل أنشطة التجنيد والتيسير في المنطقة. وفي الآونة الأخيرة، فككت أجهزة الأمن التابعة للدول الأعضاء عدة خلايا مرتبطة بالتنظيم موجودة في المغرب العربي.

28 - واستفاد فرع التنظيم في ليبيا منذ إنشائه استفادة كبيرة من تدفق مقاتلين جدد. وأرسلت القيادة الأساسية لتنظيم الدولة الإسلامية مجموعة من حوالي 800 من المقاتلين الليبيين من الجمهورية العربية السورية والعراق إلى ليبيا بهدف تعزيز أنشطة التنظيم في البلد (انظر S/2015/891، الفقرة 21)، ويواصل التنظيم اجتذاب المقاتلين من المغرب العربي ومنطقة الساحل والشرق الأوسط وشرق أفريقيا، والدول الغربية. وعلى الرغم من أن العدد الإجمالي للمقاتلين الإرهابيين الأجانب في ليبيا أقل بكثير من عددهم في الجمهورية العربية السورية والعراق، فإن الدول الأعضاء تقدر قوام القوة القتالية لتنظيم الدولة الإسلامية (المكوّنة بشكل رئيسي من مقاتلين إرهابيين أجانب) بما يتراوح عددهم بين 000 3 و 000 5 مقاتل. وذكرت الدول الأعضاء أن ليبيا تُستخدم بمثابة نقطة وسيطة وملاذ آمن لمقاتلي التنظيم في طريق عودتهم إلى أوطانهم أو إلى دول ثالثة. بيد أن فرع التنظيم في ليبيا لا يزال يُعتبر عنصرا ”خارجيا“ في نظر السكان المحليين والفصائل الليبية الأخرى (المرجع نفسه، الفقرة 8).

29 - واستطاع فرع التنظيم في ليبيا السيطرة على بعض الأراضي في وقت قصير نسبيا. فالهجمات التي وقعت في الآونة الأخيرة استهدفت المنطقة الساحلية الواقعة شرقي سرت (بما في ذلك المرافق النفطية) لحرمان المجموعات الأخرى والفصائل المنافسة في البلد من الحصول على الدخل. ويسعى التنظيم باستمرار إلى توسيع نطاق نفوذه من خلال الهجوم على نقاط التفتيش الأمنية والمناطق المأهولة، والمنشآت الحيوية. ومع ذلك، فإنه يواجه صعوبات في العمل والامتداد خارج معقله في سرت، الذي لا يزال يستضيف معظم قيادة فرع التنظيم في ليبيا. وبحسب المعلومات التي قدمتها الدول الأعضاء، يسيطر التنظيم على خلايا فردية متنوعة في درنة، وأجدابيا، وبنغازي، حيث نجحت العمليات العسكرية في إخراج مجموعات كبيرة من مقاتلي التنظيم. وما زالت توجد في طرابلس أيضاً خلايا تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية. وأخيرا، أبلغت الدول الأعضاء بوجود مجموعة صغيرة تابعة للتنظيم في جنوب ليبيا، أنشئت من أجل تقديم الدعم اللوجستي والتدريب للمقاتلين الإرهابيين الأجانب الوافدين. وفي 19 شباط/فبراير 2016 تعرّض فرع التنظيم في ليبيا لانتكاسة كبيرة على إثر غارة جوية في صبراتة قتل من جرائها أكثر من 40 من هؤلاء المقاتلين، من بينهم العديد من المقاتلين التونسيين المرتبطين بهجمات بارزة وقعت في تونس.

30 - وبحسب المعلومات التي قدمتها الدول الأعضاء، ما زال فرع التنظيم في ليبيا يعتمد إلى حد كبير على التمويل الذاتي من خلال فرض ”الضرائب“ في سرت والمناطق المجاورة لها. بيد أن إحدى الدول الأعضاء أبلغت أيضا بحصوله على التمويل من القيادة الأساسية لتنظيم الدولة الإسلامية عن طريق مبعوثين. ولا يبدو أن التنظيم يحقق حاليا إيرادات مباشرة من استغلال موارد النفط الخام في ليبيا( ).

31 - والصعوبات المستمرة التي يواجهها فرع التنظيم في ليبيا في ترسيخ إقليمه، وبناء التحالفات، والتنافس مع الجهات الفاعلة الأخرى، بما في ذلك شبكات التهريب العابرة للحدود الوطنية في المنطقة، يمكن أن تحول دون اكتساب هذا الفرع زخما إضافيا في الأشهر المقبلة. ومع ذلك، فإن وجود فرع التنظيم في ليبيا لا يزال عاملا من عوامل الخطر. ولذلك سيكون من الضروري مواصلة رصد القدرات التشغيلية لهذه الجماعة الإرهابية، وتوسيع نطاق نفوذها في بيئة محلية ليست مؤاتية له بالضرورة، وردود فعل الجماعات الإرهابية الأخرى في منطقة الساحل وغرب أفريقيا.

2 - فرع تنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان

32 - إن فراغ منصب قيادة ”إمارة طالبان الإسلامية“ الذي نجم عن وفاة الملا عمر قد شُغل في أواسط عام 2015 بإعلان ”أمير المؤمنين“ الجديد أختر محمد منصور، الذي ناشد أبو بكر البغدادي أن يحجم عن مد نطاق نفوذه إلى أفغانستان. وبسبب المعارضة التي واجهها زعيم الطالبان الجديد (بسبب ضعف تأييد القبائل له، وضلوعه في تجارة المخدرات، ونمط حياته البذخ) أعلنت بعض الفصائل في حركة طالبان الأفغانية تأييدها لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. والحركة الإسلامية لأوزبكستان، التي كانت حتى ذلك الوقت من الموالين المخلصين للقيادة الأساسية لتنظيم القاعدة، مالت أكثر نحو ما يعرف باسم ”خلافة“ تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وقاومت القيادة الجديدة، على الرغم من أن زعيم تنظيم القاعدة أيمن محمد ربيع الظواهري قد بايع أختر محمد منصور في أيلول/سبتمبر 2015. وبعض أعضاء فرع التنظيم في أفغانستان هم من المقاتلين السابقين في حركة طالبان في باكستان. وكلتا المجموعتين نزحتا من معاقلهما السابقة، في شمال وزيرستان، باكستان، إلى المناطق الحدودية داخل أفغانستان. ولا يضم فرع التنظيم في أفغانستان سوى حفنة من الأفراد القادمين مباشرة من الجمهورية العربية السورية والعراق.

33 - وهزمت قوات أختر محمد منصور هذه الفصائل الجديدة التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في جنوب أفغانستان وجنوبها الشرقي وغربها، وأجلت عملياتها الهجومية في كل إقليم ضد الحكومة الأفغانية. ونتيجة لذلك، فإن وجود تنظيم الدولة الإسلامية بات متواريا عن الأنظار في هذه المناطق، ولكنه لا يزال نشطاً. وفي عام 2015، استطاع تنظيم الدولة الإسلامية السيطرة على أقضية أتشين، وديه بالا، وكوت، ونازيان في ولاية ننكرهار، على طول الحدود مع باكستان. وعقب القرار الذي اتخذه التنظيم في أفغانستان بحظر زراعة الخشخاش في تلك الأقضية، تعرض التنظيم لهجوم من قبل النخب المحلية والزعماء الضالعين في الاتجار بالمخدرات. وفي عام 2015، بدأت القوات الدولية لمكافحة الإرهاب العاملة في أفغانستان في استهداف التنظيم على نحو منهجي. وفي مواجهة هذه المعارضة، انسحب تنظيم الدولة الإسلامية انسحابا تكتيكيا من المناطق المأهولة الرئيسية إلى الضواحي الجبلية على طول الحدود بين أفغانستان وباكستان. وفي خريف عام 2015، قُدّر أن عدد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية ننكرهار يتراوح بين 400 1 و 000 2 مقاتل. ولكن، بحلول الربع الأول من عام 2016، قدر أن هذه القوة تتألف من أقل من 000 1 مقاتل. كما أن عددا من أفراد الطالبان السابقين، الذين كانوا قد أيدوا تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2014، عادوا وبايعوا زعيم الطالبان السابق أختر محمد منصور.

34 - وأثبت فرع تنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان قدرته على السيطرة على جزء محدود من الأراضي وتنفيذ هجمات إرهابية في مدن رئيسية تقع خارج حدود إقليمه الأساسي. ووقعت هجمات باستخدام أجهزة متفجرة مرتجلة في كابل استهدفت مسجدا شيعيا، وهجوم انتحاري معقد استهدف القنصلية الباكستانية في جلال أباد. وتنفذ هجمات أيضاً في المناطق الحدودية داخل باكستان.

35 - وبعد تدمير المحطة الإذاعية الثابتة التي استخدمتها الجماعة الإرهابية للبث على موجات التضمين الترددي، في شباط/فبراير 2016، استأنفت الجماعة الإرهابية بث إذاعة ”صوت الخلافة“ من منصة متنقلة في محاولة لتجنب كشفها. والوصول إلى الإنترنت متاح لهذه الجماعة الإرهابية، وهي تواصل إنتاج أفلام دعائية ذات جودة عالية وبكثرة.

36 - وذكرت إحدى الدول الأعضاء أن أحد الموارد المالية الهامة للتنظيم في أفغانستان يتمثل في الأموال الواردة من تنظيم الدولة الاسلامية في الجمهورية العربية السورية والعراق. ويجري نقل هذه الأموال عن طريق تحويلات مالية تمر من خلال دول ثالثة. وذُكر أن هذه الموارد كانت كافية للتنظيم في أفغانستان لاقتناء جزء كبير من حصاد الأفيون، يقدر بعدة ملايين من الدولارات، في أربعة أقضية في ننكرهار في الربع الأول من عام 2015. وذكرت عدة دول أعضاء أن تنظيم الدولة الإسلامية قد قام لاحقاً بحرق محاصيل الخشخاش في وقت لاحق. ويثبت ذلك أن الجماعة الإرهابية تملك ما يكفي من الأصول المالية في أفغانستان ولا تحتاج حاليا إلى الاعتماد على الاتجار بالمخدرات لتمويل عملياتها في البلد.

باء - استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات

1 - استخدام تنظيم الدولة الإسلامية منصات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات

37 - إن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عامل تمكيني رئيسي بالنسبة لتنظيم الدولة الإسلامية وتؤدي دورا أساسيا في تمكين التنظيم والجماعات المنتسبة له من العمل وتجنيد الأفراد وتنفيذ الهجمات. والضغط العسكري والاقتصادي الذي يمارس حاليا على تنظيم الدولة الإسلامية في الأراضي التي يسيطر عليها، وبخاصة في العراق والجمهورية العربية السورية، لم يؤدِّ بعد إلى انخفاض مماثل في وجوده في الفضاء الإلكتروني. والتهديد الذي يمثله التنظيم في هذا القطاع كبير ويتسم بالدينامية والتغيّر.

38 - وعلى الرغم من تعليق العديد من حسابات تنظيم الدولة الإسلامية في السنوات الأخيرة، ظل التنظيم قادرا على الاستجابة الاستباقية ليبقى مسيطرا على أنشطته الدعائية في مواقع التواصل الاجتماعي. فعلى سبيل المثال، في أعقاب الهجمات الإرهابية التي وقعت في 22 آذار/مارس 2016 في مطار بروكسل في زافنتم، وفي محطة مولنبيك لقطار الأنفاق، بدأت عدة قنوات تيليغرام مؤيدة لتنظيم الدولة الإسلامية التنسيق لحملة دعائية على شبكة الإنترنت على موقع تويتر باستغلال الوسمات الرائجة المتعلقة بأحداث بروكسل (ومنها على سبيل المثال: #Brussel و #Brussels و #Bruxelles و #Brusselsattacks) وأغرقوها بدعايات مؤيدة لتنظيم الدولة الإسلامية، شملت تسجيلات فيديو( ). وشهدت حملة التنظيم الدعائية تطورا مع قيام التنظيم بتنسيق حملات عبر وسائط التواصل الاجتماعي من خلال استخدام وسطاء يتولون تعميم ونشر رسائله السامة - بتوجيه من القيادة الأساسية لتنظيم الدولة الإسلامية أو بدونه.

39 - وتتواصل الأدلة التي تؤكد تبادل تسجيلات الفيديو أو المواد التعليمية على الإنترنت، مثل تلك المرتبطة بتخطيط وتنفيذ هجمات إرهابية أو صنع الأجهزة المتفجرة المرتجلة (انظر S/2014/770، الفقرة 19). واستخدام الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة. وعلى الرغم من أن هذه التعليمات النظرية تتطلب في العادة تدريبا تقنيا وتمارين ميدانية لتصبح فعالة، فإن تبادل المواد ذات الصلة بذلك على شبكة الإنترنت سهلٌ وييسر هذه الأنشطة. وتشير التقارير الحديثة إلى أن المنظمات الإرهابية متورطة أيضا في الاتجار بالأسلحة على شبكة الإنترنت عبر وسائط التواصل الاجتماعي ومنصات الاتصالات في الدول الواقعة في مناطق النزاع في الشرق الأوسط( ) أو الدول المجاورة لها.

40 - ويحتمل أن يفتقر تنظيم الدولة الإسلامية حاليا إلى القدرات التقنية لتنفيذ هجمات إلكترونية على الهياكل الأساسية ذات الأهمية الحيوية. ومع ذلك، فإن خطر أن يشتري التنظيم من شبكة darknet السرية معدات للهجوم هو خطر حقيقي ويتنامى. وتشكل البيانات (ولا سيما البيانات الشخصية الحساسة لموظفي إنفاذ القانون) هدفا رئيسيا للتنظيم والمتعاطفين معه. كما أن جماعة القراصنة التي تسمي نفسها ”جيش الخلافة الإلكتروني“ وغيرها من جماعات القراصنة تبدو متعاطفة فقط حاليا مع تنظيم الدولة الإسلامية، ولكن يمكن تجنيدها على يد تنظيم الدولة الإسلامية لاستخدامها كمضاعفات قوة.

2 - تعزيز التعاون مع الشركات الخاصة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات

41- رغم أن الدول تتحمل المسؤولية الرئيسية عن منع ومكافحة التهديد المتمثل في استخدام الإرهابيين تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فإن نجاحها في ذلك يتوقف على تسخير المعارف والخبرات والدعم النشط من أصحاب المصلحة ذوي الصلة مثل القطاع الخاص والمجتمع المدني. ولا يمكن معالجة التطرف على شبكة الإنترنت من خلال التركيز حصريا على محاولات إزالة المحتوى أو تقييد الوصول إلى الإنترنت. فالقطاع الخاص - ولا سيما وسائط الإعلام وقطاع التكنولوجيا - يمتلك طائفة من الأدوات والموارد التي يمكن استخدامها لمساعدة الحكومات والمجتمع المدني على بناء المنعة في مواجهة التطرف. وفي كثير من الأحيان، تفتقر المنظمات الشعبية إلى الخبرة التقنية اللازمة لتعهد وتحديث المواقع الشبكية ومنتديات وسائط التواصل الاجتماعي التي تهدف إلى زيادة فعالية مبادرات توجيه الرسائل المضادة. ولا يزال هناك مجال كبير لنشر الخطاب المضاد على شبكة الإنترنت من خلال مواصلة دعم المبادرات الشعبية والعمل بشكل متزايد مع القطاع الخاص.

42 - لدى العديد من شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الرائدة تدابير لمنع إساءة استخدام منصاتها. وأعلنت شركتا غوغل وفيسبوك منذ فترة قريبة عن إطلاق حملات لمكافحة التطرف ستنفذ بالاشتراك مع منظمات المجتمع المدني. وفي شباط/فبراير 2016، أعلنت شركة تويتر أنها حذفت منذ أواسط عام 2015 أكثر من 000 125 حساب مرتبط بإرهابيين. وفي 20 أيار/مايو 2016، أعلنت شركة مايكروسوفت أنها تعمل على مراجعة النهج الذي تتبعه حيال المحتويات ذات الصلة بالإرهاب المنشورة على الإنترنت وشروط استخدام خدماتها، وأنها ستستعين لأغراض حذف المحتويات بقائمة الجزاءات الموحدة التي يعدها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وتعمل هذه الشركات على زيادة قدراتها على إنفاذ شروط استخدام خدماتها والسماح للمستعملين والحكومات بوسم المحتوى مع العمل في الوقت نفسه على تيسير تعميم الرسائل المضادة عن طريق رسل موثوق بهم.

43 - وبدأت بعض الشركات تدرك أن ثمة حاجة إلى إذكاء الوعي بشأن مبادئها التوجيهية التشغيلية في صفوف موظفي إنفاذ القانون الذين يطلبون الحصول على سجلات المستعملين، ولا سيما من خلال استخدام عملية طلبات الكشف الطارئة، وطلبات حفظ البيانات، وطلبات الحصول على معلومات أساسية عن المشتركين. ويمكن أن يتيح إنشاء شبكة من جهات الاتصال الموثوق بها والمسجلة تيسير التعاون بين المنظمات الملتزمة بمنع الإرهابيين من استخدام الإنترنت.

جيم - العنف الجنسي المتصل بالنزاعات

44 - يتواصل استخدام العنف الجنسي كأسلوب تكتيكي إرهابي لزيادة سلطة تنظيم الدولة الإسلامية وإيراداته وتوسيع قاعدة تجنيد أتباعه، فضلا عن تمزيق النسيج الاجتماعي للمجتمعات المحلية المستهدفة. وكما ذكرت في تقريري الحديث عن العنف الجنسي المتصل بالنزاعات (S/2016/361) رغم أن خطر العنف الجنسي قد شكل ”عامل طرد“ حفّز النزوح القسري للمدنيين، فإن عرض الزوجات والرقيق الجنسي شكل ”عامل جذب“ استراتيجيا في عملية استقطاب الرجال والفتيان، بمن فيهم الشبان المحليون والمقاتلون الأجانب، للالتحاق بصفوف تنظيم الدولة الإسلامية (المرجع نفسه، الفقرات من 19 إلى 22). ويصف التنظيم سبي واسترقاق النساء والأطفال ”الكفار“ كنتيجة حتمية لغزوه أراضٍ جديدة ويسعى إلى تنظيم وتقنين الاسترقاق الجنسي. ويعزز ذلك التبرير الصريح للاسترقاق الجنسي.

45 - ولا يزال الاتجار بالنساء والفتيات عنصرا حاسم الأهمية في التدفقات المالية إلى تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات المنتسبة إليه، إذ إنه يواصل استغلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لابتزاز الأموال عن طريق الاتجار بالنساء وبيعهن. فالاستخدامات ”المبتكرة“ لمنصات الاتصالات، من قبيل استخدام تطبيقات التراسل الخاص، أتاحت لتنظيم الدولة الإسلامية والجماعات المنتسبة له التواصل سرا عن طريق التراسل المشفر وبيع النساء والفتيات في مزادات على الإنترنت.

46 - وتقتضي الحاجة ضمان المساءلة عن العنف الجنسي كجزء من استراتيجيات الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب. ويجب مقاضاة مرتكبي العنف الجنسي بعزم لا يقل شدة عن العزم على مقاضاة مرتكبي الأعمال الإرهابية. وأعربت لجنة مناهضة التعذيب في دورتها الخامسة والخمسين، عندما اعتمدت ملاحظاتها الختامية بشأن العراق (انظر A/HRC/28/18)، عن قلقها من أن تنظيم الدولة الإسلامية قد أنشأ نمطا من العنف الجنسي والاسترقاق والاختطاف والاتجار بالبشر يستهدف النساء والفتيات المنتميات إلى الأقليات الدينية والعرقية، وأوصت بأن يتخذ العراق تدابير لتعزيز حماية المرأة ووضع حد لتمتع الجناة بالإفلات من العقاب. ولذا من المهم بذل جهد جماعي للحفاظ على الأدلة على الانتهاكات التي ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية، بما فيها العنف الجنسي.

47 - وينبغي للدول أن تواصل تعميق فهمها للعنف الجنسي بوصفه أسلوباً تكتيكيا من أساليب الإرهاب والاعتراف رسميا لضحايا العنف الجنسي بصفة ضحايا الإرهاب بهدف بناء خطاب مضاد واستراتيجيات مضادة تمهد الطريق للجبر والإنصاف. وينبغي للدول أيضا أن تعمل مع الزعماء التقليديين والدينيين الذين يستطيعون المساعدة على نقل شعور العار والوصم المرتبطين بالعنف الجنسي من الضحايا إلى الجناة. وهذا أمر حاسم الأهمية لضمان ألا يكسب المتشددون معركة الأفكار التي تشكل أساس هذه الأفعال. ويشمل ذلك رفض محاولات إضفاء الشرعية على الاغتصاب استنادا إلى مبررات دينية. ويجب ألا تؤدي الجهود التي تبذلها الدول لمكافحة التشدد العنيف إلى تقويض حقوق المرأة، بل يجب تمكين المرأة في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز منعة الأسر والمجتمعات المحلية، على النحو المطلوب في القرار 2178 (2014) بشأن التصدي لخطر الإرهاب. وأخيرا، ينبغي للدول أن تتأكد من أن تشريعاتها الوطنية تجرم استخدام منصات وسائط التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل لبيع النساء والأطفال.

رابعاً - معلومات مستكملة عن تنفيذ الدول الأعضاء القرارات ذات الصلة بمكافحة الإرهاب

ألف - التشريعات والعدالة الجنائية

48 - إن لزوم التصدي لسرعة تطور وتصاعد التهديد الإرهابي الحالي، بما في ذلك ظهور تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ونجاحه في تجنيد مقاتلين إرهابيين أجانب، قد خلق تحديات قانونية إضافية في مجال مكافحة الإرهاب. ولا تزال الدول الأعضاء تعمل من أجل ضمان أن تستوفي تشريعاتها استيفاءً تاما متطلبات القرار 2178 (2014) وتيسر استجابة فعالة لظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب (بما في ذلك التصدي لمجموعة كاملة من الجرائم الخطيرة التي يرتكبونها أثناء السفر (ولا سيما جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية والجرائم المتصلة بنوع الجنس)) (انظر A/HRC/28/18).

49 - ومن بين الدول التي حُدّدت بوصفها ”الأكثر تضررا“ من التهديد الذي يشكله المقاتلون الإرهابيون الأجانب، البالغ عددها 77 دولة عضوا (انظر S/2015/975)، لم يقم سوى نحو ثلث منها حتى الآن بتحديث تشريعاتها استجابة للقرار 2178 (2014). وفي العديد من الدول الأعضاء، تظل التشريعات الحالية قاصرة في مجالات عديدة، بما في ذلك ضرورة منع سفر أمثال هؤلاء المقاتلين من خلال التجريم الشامل للأعمال التحضيرية أو أعمال التدخل. وتظل التشريعات الوطنية أيضاً فضفاضة أو غامضة بشكل مفرط في العديد من الدول الأعضاء، ولذا يحتمل ألا توفر حماية كافية للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لللاجئين.

50 - وتواصل الدول الأعضاء أيضاً العمل من أجل تعزيز قدراتها على التحقيق والمقاضاة بفعالية في قضايا الإرهاب المعقدة، ولا سيما القضايا المتصلة بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب. ويظل جمع الأدلة من أو في المناطق التي يقصدها المقاتلون الإرهابيون الأجانب يشكل تحديا جسيما.

51 - وأفادت عدة دول بأن نسبة كبيرة من مواطنيها المشتبه في كونهم عائدين من المناطق التي يقصدها المقاتلون الإرهابيون الأجانب لم تتوفر بشأنهم الشروط الدنيا اللازمة لمحاكمتهم أو حوكموا وصدرت في حقهم أحكام بالسجن لمدد قصيرة. وفي الوقت الراهن، لم يقم سوى نصف الدول الأكثر عرضة للتهديد الذي يشكله المقاتلون الإرهابيون الأجانب بوضع وتنفيذ استراتيجيات لمقاضاة العائدين وتأهيلهم وإعادة إدماجهم. وتوفر مبادئ مدريد التوجيهية بشأن المقاتلين الإرهابيين الأجانب (انظر S/2015/939، المرفق الثاني)( ) توجيهات مفيدة في هذا المجال، بما في ذلك على وجه الخصوص المبادئ التوجيهية من 30 إلى 32( ).

باء - التعاون الدولي

52 - نظرا لامتداد الشبكات الإرهابية وسفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب خارج نطاق أي إقليم بعينه، أخذت الدول الأعضاء في مختلف أنحاء العالم تعتمد على نحو متزايد على التعاون الدولي مع دول تقع خارج شبكاتها التقليدية للتعاون الثنائي والإقليمي. ومع ذلك، تبين التقييمات التي أجرتها لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن أن ثمة تحديات عديدة مرتبطة بالتعاون الدولي الفعال لوقف تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وتشمل هذه التحديات التأخير في تقديم المساعدة القانونية المتبادلة، والإجراءات الصارمة، ونقص القدرات.

53 - وتبيّن تقييمات لجنة مكافحة الإرهاب أيضا أن المساعدة القانونية المتبادلة لا تزال قليلة الاستخدام بسبب إجراءاتها المطولة والمعقدة في كثير من الأحيان. فبعض الدول الأعضاء - بما فيها بعض من أكثر الدول عرضة للتهديد الذي يشكله المقاتلون الإرهابيون الأجانب - لم تعين بعد سلطة مركزية فعالة للتعامل مع طلبات المساعدة القانونية المتبادلة وتسليم المطلوبين. ويمكن أن تؤدي التأخيرات في الإجراءات إلى فقدان الأدلة بشكل كامل. وتوفر المبادئ التوجيهية والمنشورات ذات الصلة الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة( ) إرشادات مفيدة لتمكين الدول الأعضاء من التعاون بشكل فعال في المسائل الجزائية لتقديم الإرهابيين إلى العدالة ووقف تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب.

54 - وأثبت إنشاء شبكات التعاون القضائي مثل الوكالة الأوروبية للتعاون القضائي (يوروجست)، والشبكة القضائية الأوروبية، والفريق الاستشاري للمدعين العامين في دول جنوب شرق أوروبا، فائدة الآليات الإقليمية في تعزيز التعاون الرسمي وغير الرسمي. ويمكن أن يكون تعيين شبكة من نقاط الاتصال لأغراض التعاون تعمل على مدار الساعة دون توقف أداة ممتازة لتيسير تقديم المساعدة المتبادلة في مجال إنفاذ القانون في الوقت المناسب. ويمكن أيضاً أن يتيح اتباع نهج إقليمي لتحديث التشريعات تحسين التعاون بين الدول الأعضاء من خلال تيسير الانسجام بين القوانين. فعلى سبيل المثال، أبرم مجلس أوروبا في الآونة الأخيرة بروتوكولا إضافيا ملحقاً باتفاقية مجلس أوروبا لمنع الإرهاب، وينص البروتوكول على اتباع نهج منسق في تنفيذ القرار 2178 (2014).

جيم - مكافحة تمويل الإرهاب: مكافحة تمويل تنظيم الدولة الإسلامية والمقاتلين الإرهابيين الأجانب

55 - رغم أن الدول الأعضاء قد واصلت إحراز تقدم كبير في تنفيذ متطلبات قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بهدف منع تمويل الإرهاب، فإنها لا تزال تواجه تحديات في سعيها إلى أن تنفذ بفعالية ما ورد في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة من تدابير جديدة توسع نطاق تجريم تمويل الإرهاب ليشمل تمويل سفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب. وقد اقترحت عدة دول تحديد أسماء أفراد مرتبطين بتنظيم الدولة الإسلامية في قائمة جزاءات الأمم المتحدة، واستخدم بعض منها أحكام تجميد الأصول الواردة في القرار 1373 (2001) لاتخاذ قرارات وطنية بتحديد أسماء الأفراد والكيانات المرتبطين بتنظيم الدولة الإسلامية، بمن فيهم المقاتلون الإرهابيون الأجانب.

56 - وتستعرض الدول الأعضاء في فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية والهيئات الإقليمية المناظرة لها المخاطر التي يمثلها تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات المنتسبة له في مجال تمويل الإرهاب، ولا سيما تحديد الحواجز التشغيلية التي تعيق تبادل المعلومات المالية وتعزيز مساهمة الوكالات المعنية بمكافحة تمويل الإرهاب في منع الإرهاب والتحقيق في القضايا الإرهابية.

57 - وتستخدم الدول الآليات الحالية المشتركة بين الوكالات لتعزيز التنسيق بشأن قضايا الإرهاب وتمويل الإرهاب. وتتيح بعض الدول للمؤسسات المالية أن تتبادل فيما بينها معلومات بشأن الحسابات أو بشأن العملاء، ولكن هذه الممارسات محدودة بصفة عامة. وجرّبت بعض الدول في الآونة الأخيرة منصات لتبادل المعلومات بشأن تمويل الإرهاب تسمح بتبادل معلومات سرية على الصعيدين التشغيلي والسياساتي بين الوكالات الحكومية وممثلين من القطاع الخاص ممن حصلوا على إذن مسبق بذلك. وتحتاج كيانات القطاع الخاص أيضا إلى الحصول على معلومات إضافية، ليس لحماية النظام المالي الدولي فحسب، بل أيضا للمساعدة على تبيّن الشبكات الإرهابية وتفكيكها بطرق مختلفة تشمل، على سبيل المثال، تحديد الملامح المالية. وتلاحظ الدول أيضا أن بعض المنتجات المالية، مثل البطاقات المدفوعة مسبقا، هي بطبيعتها أكثر عرضة للاستغلال من جانب الإرهابيين. وقد ثبت ذلك في أعقاب الهجمات الإرهابية الحديثة المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية، بما في ذلك هجمات باريس في تشرين الثاني/نوفمبر 2015.

58 - ويظل النقل المادي للنقدية عبر الحدود هو أحد الأساليب المفضلة التي يستخدمها تنظيم الدولة الإسلامية لنقل الأموال. ويتزايد وعي الدول للحاجة إلى تعزيز الرقابة على نقل الأموال والسلع عبر الحدود، واتخذ بعض منها مؤخرا بعض الخطوات اللازمة للقيام بذلك. وتشمل تلك الخطوات إنجاز تقييم وطني بشأن خطر تمويل الإرهاب يحدد التهديدات والمخاطر المختلفة، فضلا عن تحديد التدابير المضادة. وعلى سبيل المثال، فإن الدول الأعضاء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المجاورة لمنطقة النزاع تبيّنت وجود مخاطر كبيرة مرتبطة بالنقل المادي للنقدية عبر الحدود. ومع ذلك، فإن عدد الحالات المبلغ عنها من عام 2014 إلى عام 2016 منخفض جدا، استنادا إلى إحصاءات القضايا.

59 - ويواصل تنظيم الدولة الإسلامية الاعتماد على أساليب الجريمة المنظمة عبر الوطنية للالتفاف على النظام الدولي لمكافحة الإرهاب. ولذا، إضافة إلى تنفيذ الصكوك الدولية لمكافحة الإرهاب ونظام الأمم المتحدة للجزاءات، تُشجَّع الدول على استخدام الصكوك الدولية الأخرى ذات الصلة، مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام 2000، التي يمكن أيضا استخدامها لتيسير التعاون الدولي والإقليمي الفعال.

دال - إنفاذ القانون ومراقبة الحدود

١ - إنفاذ القانون

٦٠ - إن لإجراء تحقيقات استباقية ومنسقة أهمية بالغة للكشف عن تجنيد الإرهابيين وتمويلهم وسفرهم واتصالاتهم، ومن ثم القبض على المشتبه فيهم وشّل الخلايا الإرهابية ودرء النشاط الإرهابي. وقد يسّر عدد من الدول بنجاح تجميع معلومات استخباراتية حاسمة في مكافحة الإرهاب وتتبعها وتبادلها باستخدام قواعد البيانات المركزية التي تتاح إمكانية الاطلاع عليها لجميع وكالات إنفاذ القانون المكلفة بمهام مكافحة الإرهاب. إضافةً إلى ذلك، استُخدمت قواعد البيانات الوطنية لدعم تقاسم المعلومات على الصعيدين الإقليمي والدولي. وفي بعض الدول، تضطلع أفرقة العمل المشتركة المعنية بمكافحة الإرهاب بدور رائد في تنسيق التحقيقات المتعلقة بمكافحة الإرهاب والجمع بين أصحاب المصلحة الوطنيين والدوليين في هذه العملية.

٦١ - وما زالت الاتفاقات الثنائية والمتعددة الأطراف تسهم في تعزيز قدرات الدول في مجال التصدي للتهديد الذي يشكِّله تنظيم الدولة الإسلامية والمقاتلين الإرهابيين الأجانب. وتستفيد الدول أيضا من مشاركتها في هيئات إنفاذ القانون الدولية والإقليمية القائمة مثل المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) ومكتب الشرطة الأوروبي (اليوروبول) ورابطة رؤساء أجهزة الشرطة التابعة لرابطة أمم جنوب شرق آسيا (آسيانابول).

٦٢ - وفي ظل نجاح تنظيم الدولة الإسلامية وغيره من التنظيمات الإرهابية في تجنيد أعضاء جدد من خلال الروابط الأسرية وعلاقات الجوار، فقد أضحى الدور الذي تؤديه وكالات إنفاذ القانون في تنفيذ التدابير الوقائية اللازمة للتصدي للتطرف يتسم بأهمية أكبر مما مضى. فالخفارة المجتمعية والأعمال الاستخباراتية الاستباقية المنحى تمثّل أسلوبين من الأساليب التي تستخدمها بعض الدول للمساعدة في ردع التطرف ووقف تجنيد المقاتلين الإرهابيين الأجانب. وعلى الرغم من أن بعض الدول قد أحرزت بالفعل تقدما جيدا في تعزيز التنسيق الداخلي وتبادل المعلومات في الوقت الحقيقي، فإن مساعي دول أخرى إلى بلورة ما يتعلق بذلك من نظم وقدرات إنفاذ القانون في مجال مكافحة الإرهاب لديها ما زالت في مرحلة أولية. فهناك أوجه قصور قائمة في قدرات العديد من الدول على اتخاذ مجموعة من التدابير والممارسات اللازمة لإنفاذ القانون في مجال مكافحة الإرهاب عموماً وسفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب خصوصاً، واستخدامها بفعالية.

٢ - مراقبة الحدود

٦٣ - لا يزال وضع وتنفيذ استراتيجيات شاملة لإدارة الحدود يطرح تحدياً بالنسبة لدول أعضاء عديدة، لا سيما في سياق الحدود المتسمة بسهولة اختراقها وتحديد هويات المقاتلين الإرهابيين الأجانب المغادرين لأراضيها أو العابرين منها. غير أن الدول الأعضاء سلّمت بأن تنفيذ مراقبة فعالة للحدود يظل جانبا أساسيا من جوانب مكافحة الإرهاب ووقف تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب. وتشمل الآليات الرئيسية المعمول بها في نقاط الدخول والخروج الرسمية، ونظام المعلومات المسبقة عن الركاب، وسجلات أسماء الركاب، وتكنولوجيا الاستدلال البيولوجي، وقواعد بيانات الإنتربول، وقواعد البيانات الوطنية. ومنذ اتخاذ القرار 2178 (2014)، ازداد عدد الدول التي تستخدم المعلومات المسبقة عن الركاب من 51 إلى 56 دولة. غير أنه بمراعاة درجة التعقيد الشديد التي يتسم بها تصميم نظام للمعلومات المسبقة عن الركاب والموارد الهائلة التي يتطلبها، فإن من المرجح أن يستغرق الأمر ما لا يقل عن أربع إلى خمس سنوات حتى تُسجل طفرة ملحوظة في عدد البلدان التي تستخدم هذه النظم. ومن شأن التوصية الأخيرة لفريق خبراء التسهيلات التابع لمنظمة الطيران المدني الدولي بإدخال تعديل على المرفق 9من اتفاقية الطيران المدني الدولي (”اتفاقية شيكاغو“) ليصبح استخدام نظام المعلومات المسبقة المتعلقة بالمسافرين معيارا دوليا ملزما، أن تعجّل بإحراز تقدم في هذا المجال. غير أن الجدير بالإشارة هو أن نظام المعلومات المسبقة المتعلقة بالمسافرين و/أو سجلات أسماء الركاب لا يمكن أن يمنعها بمفردهما سفر المقالتين الإرهابيين الأجانب.

٦٤ - وقد تصدت بعض الدول للتهديد الذي يشكِّله المقاتلون الإرهابيون الأجانب بزيادة عدد النقاط الحدودية الرسمية و/أو عدد الموظفين المعيّنين في تلك النقاط أو بتعزيز القدرات التكنولوجية للنقاط الحدودية القائمة. وتستخدم بعض تلك الدول أساليب مراقبة واتصال حديثة لرصد الأجزاء من الحدود التي تقع خارج نطاق العبور الرسمية.

٦٥ - غير أن تنظيم الدولة الإسلامية يتمادى في استخدام أساليب متغيرة وفعالة من الناحية التكنولوجية لتسهيل سفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب (انظر S/2016/92، الفقرة 32). ومنها استخدام المنتديات الإلكترونية لنشر معلومات عن الأساليب التي يمكن أن يستعين بها المقاتلون الإرهابيون الأجانب على تفادي انكشاف أمرهم أثناء عبورهم الحدود، والتماس الطرق التي لا تُثير الشكوك، ولتنبيه المقاتلين الإرهابيين الأجانب للعناصر التي تبحث عنها الدول أثناء عملية الفرز في الحدود( ). ولوقف تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب، ينبغي أن تضع الدول وتنفّذ مجموعة أخرى من التدابير لإدارة الحدود تكون مرنة ومعاصرة ومنسقة ومكيّفة مع الظروف المحلية.

هاء - مكافحة التجنيد ومنع/مكافحة التطرف المصحوب بالعنف

٦٦ - ما زالت الدول الأعضاء تعرب عن بالغ قلقها من إساءة استخدام الإنترنت ووسائط التواصل الاجتماعي من قِبل تنظيم الدولة الإسلامية والجهات المنتسبة إليه التي تسعى إلى تجنيد أعضاءَ جدد أو التحريض على ارتكاب أعمال إرهابية أو تمجيدها. فخلال المناقشتين المواضيعيتين اللتين عقدهما مجلس الأمن، الأولى في 14 نيسان/أبريل 2016 برئاسة الصين والثانية في 11 أيار/مايو 2016، برئاسة مصر، أكدت الدول الأعضاء على أهمية اتخاذ تدابير فعالة لحظر هذه الإساءة ومكافحتها، بطرق منها تنفيذ القرار 1624 (2005) بشأن خطر التحريض على ارتكاب أعمال إرهابية تنفيذا كاملا، وكذلك على ضرورة مكافحة خطاب الإرهابيين. وأشارت الدول الأعضاء أيضا إلى ضرورة ضمان احترام الالتزامات الدولية بحقوق الإنسان عند تنفيذ ما يتصل بذلك من إجراءات.

٦٧ - وتولي الدول الأعضاء اهتماما متزايدا لوضع نهُج شاملة لمكافحة التجنيد ومنع التطرف المصحوب بالعنف ومكافحته، بطرق منها إقامة شراكات مع الجهات الفاعلة غير الحكومية. وهناك اعتراف دولي واسع النطاق بأن وضع استراتيجيات فعالة في هذا المجال تتطلب إشراك الجهات الفاعلة الحكومية التي لا تنخرط عادةً في جهود مكافحة الإرهاب، مثل الجهات المعنية بالتعليم والرعاية الاجتماعية والتنمية الإقليمية وحقوق الإنسان والشؤون الدينية. وعلى نحو ما ذُكر في القرار 2178 (2014)، فإن هذا الأمر يتطلب أيضا إشراك المجتمعات المحلية والعناصر الفاعلة غير الحكومية وتمكين الجماعات المعنية في المجتمع المدني. ولا يزال التقدم المحرز في هذا المجال بطيئا. وينبغي توخي الحذر في تحديد أدوار كل من الحكومات والجهات الفاعلة في المجتمع المدني. ففي حالة المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، ينبغي أن ينصب الاهتمام على ضمان قدرة الجهات الفاعلة غير الحكومية على العمل في بيئة مأمونة، واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية احتراما كاملا، بما في ذلك حرية الفكر والضمير والتعبير والدين والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات.

واو - حقوق الإنسان

٦٨ - تتطلب التدابير المتخذة للتصدي للتهديد الذي يشكِّله تنظيم الدولة الإسلامية وسائر الجماعات الإرهابية من الدول أن تتعامل مع قضايا صعبة فيما يتعلق بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، وبالأخص القانون الدولي لحقوق الإنسان. ويتمثل أحد مصادر القلق في أن تجريم أنواع معينة من السلوك في الآونة الأخيرة ربما لم يخضع للدراسة بما يكفي، لربّما كانت السياسات ذات الصلة قد اعتمدت كرد فعل أو بطريقة متسرّعة، وينبغي أن تواصل الدول ضمان أن تخضع القوانين والسياسات والتدابير المقترحة الرامية إلى مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية وسائر التنظيمات الإرهابية، لمناقشة عامة واستعراض لحقوق الإنسان قبل إقرارها.

٦٩ - ويمكن أيضا أن تطرح التدابير المتخذة لتجريم شروع المقاتلين الإرهابيين الأجانب في السفر إلى المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية تحديات أكثر تحديدا. فقد يكون من الصعب، في حالات معينة، فرض المسؤولية الجنائية على الأفراد قبل سفرهم إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة الإرهابيين لغرض المشاركة في أعمال إرهابية، عندما تكون الأدلة على الأعمال العلنية المقصود بها تحقيق هذه الغاية ضئيلة. وتعتمد المحاكمات في بعض الحالات جزئيا على أشكال التعبير على الإنترنت وعبر وسائط التواصل الاجتماعي، وقد تستتبع الحق في حرية التعبير والحق في حرية الضمير. وفي جميع الحالات، يتعين على الدول أن تكفل احترام مبدأ المشروعية وافتراض البراءة، ويتعين أن تكون العقوبات التي تستتبعها الأفعال المقصود ارتكابها أو التي يُشرع في ارتكابها عقوبات ملائمة.

٧٠ - وما زالت بعض الدول تطبّق التدابير اللازمة لإلغاء وثائق السفر، بينما تنظر دول أخرى في اتخاذ تدابير من قبيل إسقاط الجنسية عمن يُشبته في كونه من المقاتلين الإرهابيين الأجانب وعن العائدين. ولا بد في هذا الصدد من مراعاة الأصول القانونية والهدف المتمثل في تقليص حالات انعدام الجنسية. ويتعين كذلك أن تواصل الدول اتخاذ خطوات نحو بلورة معايير واضحة وموضوعية تنظّم إدراج أسماء الأفراد في ما يسمى ”قوائم المراقبة“ أو ”قوائم الممنوعين من الطيران“. وعند تجميع هذه القوائم، يتعين أن تكفل الدول أن يجري تخزين أي بيانات عن الأشخاص وإدارتها وفقا للغرض المتوخى من جمعها الأولي، دون التدخل بلا مبرر في الحق في حرمة الحياة الخاصة.

٧١ - وقد أظهرت الدول نزوعا قويا نحو إلقاء القبض على العائدين من المقاتلين الإرهابيين الأجانب واحتجازهم، بما في ذلك لأغراض المنع. غير أن الأساس القانوني لهذه التدابير قد لا يكون متقيّدا بالالتزامات بحقوق الإنسان ذات الصلة. فبعض الدول نظرت في بدائل عن الاحتجاز، مثل فرض الإقامة الجبرية أو المراقبة المحددة الأهداف على من يعتزم السفر، وكذلك على العائدين. ولا بد أن تكون هذه التدابير ممتثلةً أيضا للالتزامات المقطوعة في مجال حقوق الإنسان. وهناك قلق من أن تكون الزيادة في تدفقات المهاجرين، التي تعزى جزئيا إلى تأثير تنظيم الدولة الإسلامية في مناطق النـزاع، قد خلّفت أثرا سلبيا على الحق في التماس اللجوء والتمتع به هربا من الاضطهاد. وينبغي أن تواصل الدول احترام القوانين الدولية للاجئين عند بثّها في طلبات ملتمسي اللجوء وأن تفي بمبدأ عدم الإعادة القسرية. وينبغي أيضا أن تدرس الدول بعناية الأثر المحتمل أن تخلّفه قوانينها وسياساتها وتدابيرها على تقديم المساعدة الإنسانية إلى السكان الذين هو في حاجة إليها.

خامسا - نطاق الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة دعماً لجهود الدول الأعضاء للتصدي للتهديد الذي يشكّله تنظيم الدولة الإسلامية

٧٢ - منذ تقريري الأول، اتخذت كيانات الأمم المتحدة عددا من التدابير، كل منها وفقا للولاية المنوطة به وفي إطار شراكة مع المنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة، من أجل دعم الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء لمواجهة التهديد الذي يشكّله تنظيم الدولة الإسلامية. ويرد أدناه وصف التدابير المتخذة:

ألف - المقاتلون الإرهابيون الأجانب

٧٣ - وضعت فرقة العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب، متصرِّفةً بالتشاور الوثيق مع المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب وفريق الرصد، خطة تنفيذ في مجال بناء القدرات للتصدي لتدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب، بشأن التوصيات ذات الأولوية التي وردت في التقرير الثالث للجنة مكافحة الإرهاب عن المقاتلين الإرهابيين الأجانب (انظر S/2015/975). وتشمل الخطة 37 مشروع اقتراح لمعالجة ”دورة الحياة الكاملة“ لظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب، بما في ذلك التطرف والسفر والتمويل (وإعادة التأهيل وإعادة الإدماج في حالة عودتهم).

٧٤ - وفي 21 كانون الثاني/يناير، اجتمعت فرقة العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب/مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب وممثلين عن 12من الكيانات المقدمة للمشاريع والتابعة لفرقة العمل مع أعضاء المجلس والدول الأعضاء الأخرى المعنية لاطلاعهم على الخطة. وسيقدم المركز التمويل لسبعة من تلك المشاريع، غير أن تنفيذ البرنامج بالكامل سيتطلب توفير تمويل كبير من الجهات المانحة، على نحو ما دعا إليه المجلس في بيانه الرئاسي S/PRST/2015/11. ونفّذ المركز كذلك مشروعه الرامي إلى تعزيز فهم المقاتلين الإرهابيين الأجانب، بما في ذلك الدوافع التي تجعل أفرادا ينضمون إلى الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط، وفهم العوامل الرئيسية التي تؤثر في تفكيرهم، واستجلاء الأسباب التي تجعلهم يعودون إلى دول مواطنهم.

٧٥ - ومنذ تقريري الأول، يواصل مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة تنفيذ برنامجه الخمسي للمساعدة التقنية بشأن تعزيز النظام القانوني ضد المقاتلين الإرهابيين الأجانب، الذي يرمي إلى تعزيز الأطر القانونية الوطنية، وتدريب موظفي العدالة الجنائية وإنفاذ القوانين، عن طريق عقد حلقات عمل مواضيعية متخصصة وتعزيز التعاون الدولي والإقليمي ودون الإقليمي، بطرق منها إنشاء منتديات لتبادل المعلومات بين دول معينة في الشرق الأوسط. ولدى اختتام المرحلة الأولى من البرنامج، أصدر المكتب تقريرين مفصلين يقدمان جردا مفيدا لاحتياجات دول المنطقة من المساعدة التقنية، فضلا عن تجميع للممارسات الجيدة للتصدي للتهديد الذي يشكّله المقاتلون الإرهابيون الأجانب.

باء - العدالة الجنائية ووضع التشريعات

٧٦ - يُطلب إلى المدعّين العامّين على نحو متزايد التعاون مع مقدمي خدمات الاتصالات من القطاع الخاص، والمؤسسات الدولية، وسلطات الادعاء لدول أخرى على السواء. وسعياً إلى مساعدة الدول على تقديم الإرهابيين إلى العدالة وتوفير الدعم للتعاون الدولي في المسائل الجنائية، ضمت المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب جهودها إلى جهود معهد الدراسات الأمنية، والرابطة الدولية لأعضاء النيابة، للقيام، تحت رعاية الرابطة الدولية، بوضع شبكة للمدّعين العامّين في مجال مكافحة الإرهاب. وستجمع الشبكة مدّعين عامّين من 173 هيئة قضائية وتمكّنهم من التعاون المشترك والتعلم المتبادل من الخبرات بشأن السبل الكفيلة بتذليل أوجه تعقيد الملاحقات القضائية التي تجري في إطار مكافحة الإرهاب.

جيم - مكافحة تمويل الإرهاب

٧٧ - يشارك أعضاء الفريق العامل المعني بالتصدي لتمويل الإرهاب التابع لفرقة العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب بنشاط في توفير التدريب في مجال تجميد الأصول والتعامل مع الاختطاف طلبا للفدية. ففيما يتعلق بتجميد الأصول، أعدّت فرقة العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب/مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب مشروعا لبناء القدرات يرمي إلى تعزيز تنفيذ الأحكام الواردة في القرارات 1373 (2001) و 1267 (1999) و 1989 (2011)، بجملة وسائل منها تقديم التدريب والمشورة للدول الأعضاء.

٧٨ - ونظّم مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة حلقات عمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن تجميد أصول الإرهابيين المدرجة أسماؤهم في قوائم الجزاءات وفقاً لنظام جزاءات الأمم المتحدة. وفي نيسان/أبريل 2016، استعرض المكتب والسلطات العراقية مشروع قانون البلد لمكافحة الإرهاب (ما زال معروضا على البرلمان منذ عام 2011) ومشروع قانونه الأخير المتعلق بتجميد أصول الإرهابيين. وتتبع هذه التنقيحات أيضا الاحتياجات من المساعدة التقنية ذات الأولوية التي حدّدتها لجنة مكافحة الإرهاب خلال زيارة التقييم التي قامت بها إلى العراق في أيلول/سبتمبر 2015.

٧٩ - وبدأ مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب مشروعا في مجال بناء القدرات يرمي إلى منع الإرهابيين من استغلال مدفوعات الفدية من خلال بناء قدرة الدول والمنظمات غير الحكومية ذات الصلة على تحقيق عودة الرهائن إلى بلدانهم آمنين دون الموافقة على دفع فديات أو تقديم تنازلات سياسية موضوعية في هذه العملية. وعقد المركز أيضا مؤتمرا إقليميا في آذار/مارس في نيروبي، حضرته منظمات غير حكومية ومؤسسات مالية ووسائط إعلام وممثلو قطاعات التأمين، لتدارس الاحتياجات في مجال بناء القدرات اللازمة للتصدي للاختطاف طلبا للفدية ومنعه في أفريقيا.

٨٠ - وفي 14 نيسان/أبريل 2016، عقدت لجنة مكافحة الإرهاب ولجنة مجلس الأمن العاملة بموجب القرارات 1267 (1999) و 1989 (2011) و 2253 (2015) بشأن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وتنظيم القاعدة وما يرتبط بهما من أفراد وجماعات ومؤسسات وكيانات، بالتعاون مع فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، جلسة إحاطة مفتوحة مشتركة في مقر الأمم المتحدة لإلقاء الضوء على الأساليب والممارسات الجيدة المتبعة في حرمان الجماعات الإرهابية من مصادر التمويل.

دال - إنفاذ القانون ومراقبة الحدود

٨١ - بدأت المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب والمنظمة غير الحكومية السويسرية ”تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل السلام“ (ICT4Peace) مشروعا مشتركا عن مشاركة القطاع الخاص في التصدي لاستخدام الإرهابيين لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وحضر حفل الإعلان عن انطلاق المشروع ممثلو قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والقطاع الخاص، والكيانات المعنية بمكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، والمديرية العامة لشؤون الهجرة والشؤون الداخلية التابعة للاتحاد الأوروبي، والوحدة المعنية بإحالة محتويات الإنترنت التابعة لمكتب الشرطة الأوروبي، ومراكز الفكر.

٨٢ - وفي إطار هذا المشروع، سوف تعمل المديرية التنفيذية ومؤسسة ”تسخير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لأغراض السلام (ICT4Peace)“ والقطاع الخاص والمجتمع المدني على زيادة فهم أوجه تصدّي الصناعة الحالية لاستخدام الإرهابيين لمنتجاتها وخدماتها، لا سيما فيما يتعلق بالمضمون، وتحديد الممارسات الجيدة في هذا الصدد. والهدف النهائي من المشروع هو إنشاء منتدى يمكن من خلاله تباحث هذه الممارسات والخبرات وتبادلها مع عدد أكبر من الجهات الفاعلة. ولتحقيق هذا الهدف، ستُعقد سلسلة من حلقات العمل خلال الأشهر القليلة المقبلة في أوروبا وآسيا والأمريكتين بهدف إشراك هذه الصناعة والمجتمع المدني في هذه المساعي.

٨٣ - وفي إطار جهود الأمم المتحدة المبذولة لزيادة الدول استخدامها لنظم المعلومات المسبقة عن الركاب، عُقدت اثنتان من حلقات العمل الإقليمية الرامية إلى رفع درجة الوعي وبناء القدرات بشأن هذه النظم، الأولى في بانكوك في آذار/مارس 2016 لصالح دول جنوب وجنوب شرق آسيا، والثانية في عمان في أيار/مايو 2016 لصالح دول منطقة الشرق الأوسط. وقد نظمت الحلقتين فرقةُ العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب/مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، بالتعاون الوثيق مع المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب، وبمشاركة اتحاد النقل الجوي الدولي ومنظمة الطيران المدني الدولي والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) والمنظمة الدولية للهجرة. وقد أقرّت جميع الدول المدعوة بضرورة تطبيق نُظم المعلومات المسبقة عن الركاب عملاً بالقرار 2178 (2014)، وبأن الدول التي لديها قدرات ضئيلة ستستفيد من الدعم المقدم من الأمم المتحدة.

٨٤ - ويعمل أيضا مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب مع المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب على تنفيذ مبادرة مشتركة لأمن الحدود (انصب الاهتمام فيها منصبا في البداية على منطقة الساحل والقرن الأفريقي) تنطوي على جمع وتعميم الممارسات الجيدة المتعلقة بأمن الحدود وإدارتها ومراقبتها؛ وتحديد قدرات الدول على تطبيقها؛ ووقف تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب. وقد عُقدت حلقة العمل الإقليمية الأولى للمشروع في كانون الأول/ديسمبر 2014، وعُقدت الثانية في أيار/مايو 2015.

هاء - مكافحة التجنيد ومنع/مكافحة التطرف المصحوب بالعنف

٨٥ - لقد شاركتُ، بالتعاون مع حكومة سويسرا، في استضافة مؤتمر جنيف بشأن ”منع التطرف العنيف: آفاق المستقبل“ يومي 7 و 8 نيسان/أبريل 2016. وحضر المؤتمر 745 مشاركاً من 125 دولة عضواً و 23 منظمة دولية وإقليمية و 26 كياناً تابعاً للأمم المتحدة، و 67 من منظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة.

٨٦ - وأتاحت المباحثات للدول الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية والمجتمع المدني فرصة قيّمة لتبادل وجهات النظر والخبرات وأفضل الممارسات بخصوص المسائل الرئيسية المتعلقة بمنع التطرف المصحوب بالعنف. وشكّل المؤتمر أيضا محفلاً قيِّماً لمواصلة النظر في خطة عملي لمنع التطرف العنيف (انظر A/70/674)، التي ستنظر فيها الجمعية العامة في سياق الاستعراض الخامس لاستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب الذي سيجري في يومي 30 حزيران/يونيه و 1 تموز/يوليه.

واو - معالجة الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب

٨٧ - يعمل الفريق العامل المعني بمعالجة الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب التابع لفرقة العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب على تعزيز القدرات ورفع درجة الوعي في مجالات الشباب والاتصالات والتعليم. وقد واصلت المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب توفير الدعم لقدرات الدول الأعضاء على معالجة الظروف المؤدية إلى الإرهاب في إطار استراتيجيات وطنية شاملة لمكافحة التحريض، خلال حلقات العمل وفي إطار الحوار البنّاء الذي تجريه المديرية مع مسؤولي الحكومات وممثلي المجتمع المدني. واستضاف مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ومركز هداية لمكافحة التطرف العنيف مؤتمرا إقليميا في أبو ظبي لتدارس عملية بلورة وتنفيذ استراتيجية وقائية فعالة في مجال العدالة الجنائية لمكافحة التطرف ونزعة التشدد المصحوب بالعنف فيما يتعلق بالتهديد الذي يشكّله المقاتلون الإرهابيون الأجانب، بما يشمل وضع استراتيجيات وطنية ذات صلة بالتصدي للتطرف المصحوب بالعنف ومنعه.

٨٨ - ويقدم تحالف الأمم المتحدة للحضارات الدعم لجماعات المجتمع المدني بقيادة الشباب التي تؤثر في مئات الآلاف من الأشخاص. فقد تم وضع وتوزيع ألعاب إعلامية/حاسوبية تروّج للسلام. ونظمت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) مؤتمرا وآليات متابعة بشأن دور الإنترنت في انتشار التطرف والتجنيد. وفيما يتعلق بالاتصالات، قدمت إدارة شؤون الإعلام التابعة للأمانة العامة تغطية لأنشطة ترمي إلى مكافحة الإرهاب والتطرف المصحوب بالعنف وقامت بنشر برامج بلغات مختلفة، بطرق منها إذاعة الأمم المتحدة، وقناة الأمم المتحدة التلفزيونية عبر الإنترنت، ووسائط التواصل الاجتماعي. وسعيا إلى توفير الدعم للاجئين وغيرهم من المشرّدين قسراً، بمن فيهم الأطفال والشباب، والحد من خطر التشدد ونزعة المتطرف، تتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إمكانية الحصول على الموارد والخدمات والاحتمال الواقعي للتمتع بحقوق كالتعليم والرعاية الصحية والعمالة.

زاي - حماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب

٨٩ - واصل أعضاء الفريق العامل المعني بحماية وتعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون في سياق مكافحة الإرهاب التابع لفرقة العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب تنفيذ المشروع الذي يركز على ”تدريب موظفي إنفاذ القانون وبناء قدراتهم في مجالات حقوق الإنسان وسيادة القانون ومنع الإرهاب“، بالتنسيق مع الشركاء من الدول الأعضاء في الشرق الأوسط وشمال وغرب أفريقيا. وتعكف الدول الشريكة على تحديد الدروس المستخلصة والممارسات الجيدة من التدريب، وقد أصبحت في وضع أفضل لتعديل سياساتها وممارساتها المتعلقة بمكافحة الإرهاب لكي تبرهن بشكل أفضل على امتثالها للقانون الدولي لحقوق الإنسان ومن ثم الإسهام في تحقيق التنمية المستدامة وإحداث تغيرات بنيوية في السلوك. وما زالت سلسلة الأدلة المرجعية الأساسية عن حقوق الإنسان التي يعدّها الفريق العامل تزوّد الدول الأعضاء بالتوجيهات اللازمة لإدخال التغييرات على السياسات والممارسة المتعلقة بمجالات رئيسية من قبيل الاحتجاز، والمحاكمات العادلة، ووضع التشريعات الوطنية لمكافحة الإرهاب.

حاء - هيئات الأمم المتحدة وبعثاتها الميدانية

٩٠ - تقوم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بإعداد تقارير تقييم عن تنظيم الدولة الإسلامية، تُطلع عليها الدول الأعضاء دعما لجهودها المبذولة لمكافحة التهديد الذي يشكِّله تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. وتواصل البعثة دعم الجهود التي يبذلها المجلس الرئاسي في قيادة العملية الانتقالية في ليبيا وإنشاء حكومة الوفاق الوطني من أجل كبح تمادي تنظيم الدولة الإسلامية في التوسع.

٩١ - وتعمل المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب وبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق بشكل وثيق لإنشاء آلية تنسيق لتلبية الاحتياجات من المساعدة التقنية ذات الأولوية التي تم تحديدها بالتعاون مع العراق خلال زيارة التقييم التي قامت بها لجنة مكافحة الإرهاب إلى البلد في أيلول/سبتمبر 2015.وترمي توصيات المساعدة التقنية ذات الأولوية إلى تعزيز قدرات العراق في المجالات المتصلة بالتشريع والشؤون المالية وإنفاذ القانون ومراقبة الحدود. وتجري المديرية التنفيذية اتصالات بعدة جهات من مقدمي المساعدة، بمن فيها الدول الأعضاء وكيانات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية الشريكة، بهدف تيسير تقديم المساعدة التقنية إلى العراق.