حاولت الحكومة البريطانية وبعض حلفائها، منهم وزير الخارجية الأمريكية الأسبق تيلرسون، إطلاق حرب باردة ضد روسيا.

كانت خطتهم تتمحور حول تنفيذ تمثيلية اغتيال عميل روسي مزدوج سابق في سالزبوري، من جهة، وشن هجوم كيميائي على "المتمردين المعتدلين" في الغوطة، من جهة أخرى. الأمر الذي يسمح لبريطانيا بمقتضى هاتين التمثيليتين، ضرب عصفورين بحجر واحد: دفع الولايات المتحدة إلى قصف دمشق، والطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة طرد روسيا من مجلس الأمن.

بيد أن أجهزة الاستخبارات السورية والروسية كانت ترصد مايحاك في الخفاء.

حاولت موسكو في البداية إبلاغ واشنطن من خلال القنوات الدبلوماسية. ولأنها كانت تعلم أن سفير الولايات المتحدة جون هانتسمان جونيور، هو أيضا مدير شركة كاتربيلر التي أنشأت الأنفاق للجهاديين في سورية، رجحت الالتفاف على الطرق المتبعة عادة، فقام رئيس هيئة الأركان الروسية، فاليري غوريموف، بالإعراب عن قلقه مما يجري لنظيره الأمريكي جوزيف دانفورد، الذي قام بدوره على الفور بتحذير الرئيس ترامب.

وعلى صعيد آخر، تمكن الجيش السوري من الاستيلاء على معملين لتصنيع الأسلحة الكيميائية، في أفتريس والشيفونية في الغوطة الشرقية، في حين تمكنت روسيا من إشراك منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية في التحقيق الجنائي في ساليزبوري.

وعلى أثر ذلك، أعلنت نيكي هالي، سفيرة الولايات المتحدة في مجلس الأمن أن بلادها مستعدة لقصف دمشق، مثلما قصفت قاعدة الشعيرات العام الماضي من دون تفويض من مجلس الأمن، دفاعا عن المدنيين، في حال تعرضهم لهجوم كيميائي في الغوطة.

أما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فقد كشف في اليوم التالي، أنه وتحديدا في هذه الحالة بالذات، فإن المعلومات الكاذبة التي حرًضت البيت الأبيض وأوقعته في الخطأ، كان مصدرها أحد المختبرات البريطانية.

لم يتردد الرئيس ترامب، بعد أن أكد له مايك بومبيو رئيس وكالة الاستخبارات المركزية صحة تلك الأحداث، باستدعاء وزير خارجيته فورا إلى واشنطن.

وبينما كان ريكس تيلرسون يندد بروسيا خلال جولته في أفريقيا، استتب الغضب بالرئيس ترامب، فعزله من منصبه وهو في طريق العودة إلى الولايات المتحدة، واستبدله بمايك بومبيو.

أبلغت تيريزا ماي على الفور مجلس الأمن، وأوفدت سفراءها لنشر اتهاماتها لدى جميع المنظمات الحكومية الدولية. ثم ناقشت في مجلس العموم، برفقة النائب كريس ليزلي من مجموعة توني بلير، سبل إقصاء روسيا من مجلس الأمن.

وفي مجلس الأمن بالذات، اقترحت روسيا إصدار بيان يعترف بالقلق المشترك للأعضاء بتسليط الضوء على الهجوم الذي وقع في سالزبوري، ويوكل لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية مهمة إجراء التحقيق. لكن لندن عارضت أي نص لا يشير صراحة إلى مسؤولية روسيا.

وفي النقاش التالي لكل تلك الأحداث، قدم جوناثان آلن، القائم بالأعمال البريطاني، وهو ضابط في المخابرات البريطانية ام آي6 كان يقود حملة الدعاية الإعلامية للجهاديين قي سورية، محضر اتهام ضد روسيا، لخص فيه كل الاتهامات البريطانية خلال العقد الأخير من الزمن.

أما السفير الفرنسي، فرانسوا دولاتر، فقد أعاد على مسامع الحاضرين مبادرة بلاده ضد مسألة إفلات مستخدمي الأسلحة الكيميائية من العقاب، ملمحا في الوقت نفسه إلى أن هذا الإجراء المزمع اتخاذه ضد الرئيس بشار الأسد، من الممكن أن يطول الرئيس بوتين أيضا.

وللتحقق من عنصر النوفيتشوك المستخدم في سالزبوري، صار لزاما على المملكة المتحدة حيازة الصيغة الكيميائية لهذا العنصر، وبالتالي القدرة على تصنيعه.

جميع الخبراء الكيمائيين متفقون على أن هذا العنصر الكيميائي قاتل رهيب. لكن سيرغي سكريبال لم يمت به. كما لم يُسمح لأحد بالتحقق مما إذا كان مريضاً يتلقى العلاج في أحد المشافي.

ترجمة
سعيد هلال الشريفي
مصادر
سوريا

titre documents joints


Al-Watan #2860
(PDF - 157.4 كيليبايت)