انتخب الكونغرس الأمريكي مؤخراً جيمس ريتش (جمهوري عن ولاية آيداهو) على رأس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ، إضافة إلى إليوت إنجلز (ديمقراطي عن نيويورك) على رأس لجنة تعادل مجلس النواب.

لا يتفق الرجلان على شيء سوى دعمهما الثابت للبنتاغون، وإسرائيل، وكراهيتهما المنقطعة النظير لسورية.

أنجلز، هو من طرح في عام 2003، قانون محاسبة سورية، أي إعلان الحرب الأمريكية ضد سورية.

ولدى افتتاح الدورة الجديدة، أي حتى قبل انتخابهما كرئيسين لهاتين اللجنتين في 3 كانون ثاني 2019، قام كل من ريتش و إنحلز بتقديم مشروع القانون ذو الرمز (S.1 و HR 31) في لجنتيهما البرلمانيتين، لاسيما الفقرة الخاصة المتطابقة تقريبا بينهما، المتعلقة بمنع إعادة إعمار سورية.

يتظاهر الرجلان بالاعتقاد بأن الصور الواردة في تقرير" سيزار- قيصر" تظهر جثثًا تعرضت لتعذيب مريع من قبل "نظام بشار" على حد تعبيرهما (أي الجمهورية العربية السورية) وليس على يد الجهاديين، الذين يطلق عليهم الغرب تسمية "المعارضين المعتدلين".

وبناءً على ذلك فهم ينوون معاقبة الشعب السوري لأنه يدعم حسب زعمهم "الجلادين" ضد الجلادين الحقيقيين.

وهم بذلك يواصلون تطبيق الإستراتيجية التي وضعها جيفري فيلتمان عندما كان سفيراً للولايات المتحدة في لبنان، حين أنشأ في عام 2005، "محكمة خاصة" لمحاكمة الرئيس بشار الأسد، الذي وفقاً له ولشهود الزور، متهم بقتل رفيق الحريري. وهكذا تحول من "قاتل" في الأمس إلى "جلاد" في الوقت الحالي.

لا يخفى على أحد أن وراء هذه الذرائع الخطابية المنمقة، والقوانين الأمريكية الجديدة المقترحة، يجري الآن تطبيق الإستراتيجية التي حددها جيفري فيلتمان نفسه، عندما كان يرأس الدائرة السياسية للأمم المتحدة.

ففي مذكرة داخلية له كتبها في تشرين الأول 2017، أوعز المساعد السابق لهيلاري كلينتون (أي فيلتمان) إلى جميع وكالات الأمم المتحدة بالاقتصار على تقديم المساعدات الإنسانية الطارئة للمدنيين السوريين، وعلى المدى القصير فقط، والامتناع عن تقديم أي مساعدة متوسطة أو طويلة الأجل لإعادة إعمار البلاد.

وفضلاً عن أن توجيهاته هذه تتجاوز صلاحياته كرئيس للدائرة السياسية في الأمم المتحدة، فقد أصدرها من وراء ظهر الدول الأعضاء في المنظمة، بمن فيهم أعضاء مجلس الأمن. ولم يعلم أحد بوجود تلك التوجيهات إلا بعد عشرة أشهر حين كشف النقاب عنها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 20 آب من العام الماضي 2018.

تهدف هذه الإستراتيجية بمنتهى الوضوح إلى مواصلة الهدف نفسه الذي اتبعه الرئيس باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، خلال سنوات الحرب السبع ضد سورية، والتي لم يعد مجدياً استمرارها بالوسائل العسكرية بسبب تواجد الجيش الروسي في الميدان، بل بالوسائل المالية.

وما يُعده كل من السناتور جيمس ريتش و إليوت إنجلز لسورية في الوقت الحالي، هو ما يُنفذه الاتحاد الأوروبي في الواقع حالياً، وهي إشارة إضافية على أن هذه السياسة ليست من إبداع برلمانيين أمريكيين لوحدهم.

وهكذا رأينا كيف وافق مجلس الاتحاد الأوروبي في 21 كانون ثاني 2019 على قرار فرض عقوبات على أشخاص وشركات لمساهمتهم في مشروع ماريوتا سيتي، المدينة الجديدة التي سيتم بناؤها في إحدى ضواحي دمشق. هذا على الرغم من أن هؤلاء الأشخاص (باستثناء واحداً منهم) ليسوا على صلة من قريب أو من بعيد في القتال الدائر في البلاد، وبدرجة أقل في أي اتهام يمكن أن يوجه لهم بعلاقتهم بعمليات "التعذيب" المزعومة. إنهم جميعًا مدنيون، يساهمون في مشروع رائد لإعادة الإعمار في البلاد.

ترجمة
سعيد هلال الشريفي
مصادر
سوريا

titre documents joints


Al-Watan #3078
(PDF - 160.5 كيليبايت)