الاستراتيجية الأمريكية بين بوش وتينيت

في يوم 28 جانفي 2004 ، تم استجواب " ديفيد كاي " رئيس
هيئةالتفتيش السابق عن أسلحة العراق من قبل لجنة القوات المسلحة التابعة للبيت الأبيض الأمريكي ، هذا الاستجواب الذي وضع حدا نهائيا لأسطورة " أسلحة الدمار الشامل ،
العراقية "
اقرأ النص الكامل
 [1]

حرروا العراق من أسلحة الدمار

وبعدها بأيام قلائل سارع كل من الرئيس الأمريكي ، ورئيس الوزراء البريطاني " طوني بلير " الى الدعوة لتشكيل لجان مستقلة تعيد بحث مسألة المعلومات التي اعتمدت عليها هئية المخابرات الأمريكية " سي آي آي " وجهاز الاستخبارات البريطانية " وبحث الظروف التي أدت كلا من جهازيهما الى الوقوع في الخطأ ، وعليه كان هو ذاك الحل والمخرج الوحيد لهذين الرجلين لضرب عصفورين بحجر واحد ، فمن جهة للايحاء بأنهما قد وقعا ضحية تعتيم اداري من قبل جهازي مخابرتيهما ، وثانيا لكسب من تشككوا في أجهزة مخابراتهما وكذا لحماية الفراد الذن ساهموا في نشر المعلومات الخاطئة من اي متابعة قضائية .

نتذكر كلنا ، أن السبب الرئيس لغزو الأمريكان للعراق كان دعوى حيازته هذا الأخير لأسلحة الدمار الشامل فقط دون أي مبرر آخر ، كان هذا السبب الوحيد في تأليب العالم كله واقناعه بشرعية احتلال العراق ، وتم تسويغ ذلك أولا بتمييع تقارير مفتشي الأمم المتحدة ، فكان أول من استخدم لذلك السفير
" جون نجرو بونت " مسيرا في ذلك من قبل " هانز بليكس " ، والذي نفى في البداية تهديد العراق للأمن ، وارتباطه بمجموعات ارهابية . وفي رفض واضح للموازنة بين تقرير هيئة الأمم المتحدة ، وتقرير المخابرات الأمريكية . يذكر أن مجلس الأمن اشترط مشاركة العراقيين في عمليات التفتيش بموجب قرار 1441 المؤرخ ب 8 نوفمبر 2002 ، والذي يبدأ بهذه الكلمات : ...باعتبار أن عدم احترام العراق لحلول مجلس الأمن ، وعدم انضمام العراق الى مجموعة الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل والأسلحة بعيدة المدى قد يهدد الأمن العالمي " هذا هو التقرير الذي تستغله الادارة الأمريكية لشن مزيد من التوتر والتخويف من قدرات النظام العراقي ، وتستغله أيضا ممثلة في " كولن باول " الذي وجه ملفا من الاتهامات أمام مجلس الأمن ضد العراق يوم 5 فبراير 2003 .وفي هذا الملف يذكر كولن باول بوضوح كل أنواع الأسلحة البيولوجية والكيماوية والنووية العراقية ، وكذا القنابل طويلة المدى ، ليختم ملفه في الأخير بارتباط النظام العراقي بالمجموعات الارهابية التي هي قادرة على حيازة هذه الأسلحة

ودائما ومن أجل تجريد العراق من أسلحته الفتاكة ، وجه الرئيس " بوش " يوم 17 مارس 2003 تحذيرا وأجلا للتخلي عن أسلحته ، وكانت التلفزة الأمريكية قد نقلت هذا التحذير الموجه للشعب الأمريكي والذي قال فيه " المعلومات التي جمعتها أجهزة استخباراتنا واستخبارات دول أخرى تفيد أن النظام العراقي دون شك يحوز اسلحة دمار فتاكة ولم يسبق لها نظير في العالم " وكان هذا هو الوقت الذي اعتبرت فيه استقالة الرئيس العراقي وهروبه المنقذ الوحيد من الحرب المحتملة .

الرئيس بوش و " تنيت " رئيس المخابرات الأمريكية

يومين بعدها ، أعلن الرئيس " بوش "أما الشعب الأمريكي " مواطني الأعزاء ، في هذه الساعة بالذات قواتنا المسلحة والقوات المتحالفة معنا على وشك أولى عملياتها العسكرية التي تهدف نزع أسلحة العراق ، وتحرير شعبه ، وحماية العالم من الخطر المهدد " وعاد بعدها ليؤكد " مهمتنا واضحة ، نزع أسلحة العراق المدمرة وتحير شعبه " وعلى أساس أن الرئيس العراقي رفض تسليم بلاده ، فقد صار قلب نظام صدام أمرا ضروريا يضاف الى هدف نزع اسلحة العراق .

تلكم هي الهداف الأمريكية المعلنة ، وعن بريطانيا واستراليا فقد كانت أهدافهما مماثلة للعم السام ، فديوان رئيس الوزراء البريطاني " طوني بلير " صرح في بيان رسمي " ان هدفنا من هذه الحملة هو تجريد صدام حسين من أسلحة الدمار الشامل والتي تمثل تهديدا لشعبه وللجيران " وبعدها بقليل ، " جون هووارد " الوزير الأول الأسترالي لمواطنيه " في خطابه الذي ابتدأه ب " قررت الحكومة اقحام القوات الاسترالية في هذه الحرب لأننا نعتقد أنها عادلة و شرعية وتخدم مصلحة أستراليا الوطنية ، ونحن مدعوون لدعم دول أخرى في سعيها لنزع اسلحة العراق البيولوجية والكيماوية والنووية الفتاكة والتي قد تسبب كارثة انسانية على صعيد عالمي واسع " .

مسؤولية الخبراء المدنيين

نتائج اعتداء التحالف على العراق غير دقيقة ومعروفة بالمرة ، فالمنظمات الانسانية تقدر عدد الضحايا بين
3000 الى 4000 ضحية ، والعدد نفسه مضروب في اربعة من الجرحى في حالة خطرة ، و الى جانب هذا
الملاحظون العسكريون يقدمون ارقاما غير ثابتة فيما يخص الخسائر العسكرية .
أما خبراء التحالف ، فهم يتحدثون عن 8000 الى 12000 ضحية ، الخبراء العرب والروس يشيرون الى حوالي 30000 ضحية عسكرية ، وأن الجرحى عدده أربه مرات عدد الضحايا العسكريين .

ديفيد كاي رئيس التفتيش الأمريكي السابق عن أسلحة العراق

في هذه الظروف ، يجب أن نكون أشخاصا باردي العاطفة غير مبالين بالآخر ، حتى لا نتشكى من آثار هذه الحرب التي لم تنتهي بعد والتي خلفت الألم الذي لم يفقهه أولئك الذين لم يذوقوا المعاناة ، والذين يواصلون تبرير جرائمهم حتى في غياب أٍي مؤشر بسيط لأسلحة الدمار الشامل ، ليعودوا لنا بالقول أن الحرب على الأقل ساهمت في الاطاحة بدكتاتور ما .

واليوم والتحقيقات الجارية من قبل " بوش " و " بلير " ، هاته التحقيقات التي ستسمح لهما من جديد بالقاء المسؤولية تارة على التضليل الاداري والمعلوماتي الذي مارسته أجهزة استخباراتهما ، والذي لاينفي ضرورة اعادة تحري وتقصي الحقائق لرفع اللائمة عن استخبارتهما ، وحماية من ضلع في تمرير المعلومات الخطئة من مقربيهم الذين ساندوهم في تقدير التصورات المحيطة بالحرب .
وفي الحقيقة ، كل من " بوش " و " بلير " كانا خلال غزوهما المبرمج للعراق ، كانا يطمئنان في كل مرة وزرائهما بأنهما يحوزان على معلومات سرية أكيدة تثبت تورط العراق في أسلحة الدمار الشامل ، هاته السلحة التي توجد في يوم من الأيام ، ونريد اليوم فعلا أن نثق في نية هؤلاء المسؤولين السياسيين ، لكن السؤال المطروح " على ماذا اعتمد هؤلاء في تبرير حربهم على العراق ؟؟؟؟؟؟ " التقارير الوحيدة التي ادعت أن العراق يحتوي على أسلحة دمار شامل هي التقارير المعدة من قبل أجهزتهم ، لأن تقارير الأمم المتحدة كانت تفيد منذ البداية الى أن العراق منهاراقتصاديا وليس بوسعه على الاطلاق تصنيع اسلحة دمار شامل وفتاكة!!!!!.
في هذه الأسطر من هذا التقرير ، أشرنا الى كل الجهاز الأمريكو بريطاني ، ومجموعة أجهزة المخابرات التي كانت وراء تزويد ادارة " بوش " بمعلومات عن أسلحة العراق ، والتي كان من بينها " وزارة الدفاع الأمريكي " ، " مكتب المخططات الخاصة " البريطاني ، " خلية روكينغهام " و " مكتب داموس جيلاد " الاسرائيلي ، في محاولة منا لفهم أبعاد اللعبة التي أدارها الحلفاء ، ومن المهم اليوم أن نذكر بالدور الفعال الذي لعبه " رواد التنظير الاستراتيجي " والذين يمثلون الجانب المدني في هذه الحرب من بين جميع أبعادها العسكرية . هؤلاء في البداية استندوا الى شهادات أحد اطراف المعارضة السياسية الممثل في " المؤتمر الوطني " ل " أحمد جلبي " منظمة تضم عراقيي المنفى ، والتي كانت في
اتصال بمن يسمى
روندون جروب

 [2]
بالانجليزي والتي عملت لصالج جهاز المخابرات الأمريكية ثم البنتاغون [3]

ونذكر أيضا أن التقرير غير الحكومي الذي اصدره المعهد العالمي للدراسات الاستراتيجية
" انترناشنل انستيتيو فور ستراتيجيك ستاديز " في لندن ، يوم 9 سبتمبر 2002 ، والذي كان يفتقر الى كثير من الأدلة القطعية المقدمة من قبل أجهزة الاستخبارات ، هذا التقرير يبقى المصدر الوحيد التي أسست عليه الصحافة العالمية أنباءها ، ولاننسى الاشارة الى أن هذا المعهد البريطاني يسيره خبير العلوم السياسية الفرنسي " فرانسوا هيزبورغ " . في مجلس ادارة هذا المعهد نجد
شخصيات مثل الوزير الأول السويدي السابق " كارل بيلت " ، و " فريد زكريا " مدير جريدة " النيوز ويك " حيث تعمل الفرنسية
" فرانسيز تيريز ديلبيش " والتي هيعضو مديرة " راند كوربورايشن
يوروب " ، فكل من " فرانسوا هيزبورغ " و " تيريز ديلبيش "
 [4] "
شكلا المصدر الرئيس والوحيد للدعاية الصحفية في تناولها
لملف اسلحة العراق .
هذا المعهد وأعضاؤه استعملوا شرعيتهم في اعطاء الضوء الأخضر للادارة الأمريكية والبريطانية في تنفيذ عملياتهما العسكرية ضد العراق ، وهم بهذا يتحملون مسؤوليتهم لاشك .

اشارة : تطورات الأحداث قد أكدت تقارير " هانز بليكس " ، يمكنك تصفح الروابط التالية :

 تقرير 12 تاريخ 7مارس 2003

 تقرير 13 تاريخ 30 ماي 2003

ترجمه خصيصا لشبكة فولتير: رامي جميع الحقوق محفوظة 2004©

[1intégral transcription: edition.cnn.com.

[2روندون جروب هو من أوحى الى باري ليفزون فكرة فلم رجال مؤثرون

[3انظر مقالي :
Propagandist for Hire

The CIA’s Secret War in Iraq

للكاتب " مارك آتكينسون " على ال" آي بس سي " نيوز ،7 فبراير 1998

[4" فرانسوا هيزبورغ " ، مدير هيئة البحث الاستراتيجي بباريس ، ومعهد آسبن ببرلين ، ومعهد لووري دو سيدناي ، الى جانب " روبير موردوخ