Cet article est disponible en Français sur reseauvoltaire.net
هذا المقال متوفر بالفرنسية على شبكة فولتير

وبقرب تاريخ 30 جوان 2004، فإن المعركة من أجل تعيين رئيس الحكومة العراقي الجديد هي اليوم مؤيدة من طرف قطاع واحد في وزارة الدفاع، بينما تشترك وكالة الاستخبارات المركزية وقطاع الدولة الأمريكية في رفضها.

ومهما يكن، فإن الحكومة لن تكون لها سلطة إلا إذا شاركت فيها هيئة الأمم المتحدة، أي مجلس الأمن باقتراح من الأمين العام. ومنذ عدة أسابيع، فإن مبعوث كوفي عنان، الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي، يضاعف من مشاوراته، ليس فقط من أجل العثور على رئيس للحكومة، ولكن من أجل العثور أيضا على رئيس ونائبيه و26 وزيرا. وهناك شخصيات قدمت موافقتها، ولكنها أحجمت بعد مقتل الرئيس الحالي لمجلس الحكم المؤقت. ومن المحتمل جدا أن تمارس الحكومة المرشحة أعمالها، فوق المظاهر القانونية القاطعة، تحت وصاية جيش الاحتلال، وتُصبح من ثمّ الهدف الأولي للمعارضة العراقية.

ومع ذلك، فإن السيد الإبراهيمي ليس محايدا في هذه الوساطة، فلقد قام بخطب ابنته في باريس، وهي صحفية في (سي أن أن)، إلى الأمير علي الأردني، أحد الهاشميين الطامحين إلى عرش العراق. وبعض المقررين يتخيلون رجوعا إلى الملكية حول زواج حالم، يشبه زواج وارث العرش الأسباني الذي تزوج بدوره مقدّمة أخبار تعمل في (سي أن أن). ومن هذا المعلم، تسابق خصومه إلى التصريح للصحافة بالاتصالات التي أجراها السيد الإبراهيمي مع حسين الشهرستاني.

لقد قُدّم الشهرستاني على أساس أنه عالم لا يملك روابط حزبية، وهو بهذا يهدي مظهرا رمزيا من أجل شغل منصب رئيس الوزراء: حيث كان يشغل منصب مسؤول البرنامج النووي العراقي، وحينما رفض متابعة التطبيقات العسكرية تم سجنه من طرف صدام حسين. وهكذا، كان يمكن أن يوظَّف رجل قاوم أسلحة الدمار الشامل من طرف تحالف عسكري قدم ليدمر هذه الأسلحة.

غير أن هذا الإعلان السابق لأوانه أثار غضب واشنطن، فالشهرستاني بعيدا عن كونه مستقلا، مثلما تكرره وكالات الصحافة، مُقرّب من الـ (أم آي 16) البريطاني. ولقد قمنا ببيان دوره في حملة الدعاية المزيفة التي قادتها المملكة المتحدة فيما يخص أسلحة الدمار الشامل، في هذا الموقع قبل أزيد من سنة [1] . وهذا هو ما يُبعد ترشيح الشهرستاني.

وفي 28 مايو، حدثت فضيحة بعد موافقة مجلس الحكم الانتقالي على اقتراح لصالح ترشيح إياد علاّوي، قريب شلبي ومنافسه، وهو ما تحمَّس له السفير (ل. بول بريمر 3).

أحمد شلبي والـ (سي أي إيه)

وُلد أحمد شلبي في عام 1945، وهو ينتمي إلى عائلة كبيرة من الصيارفة العراقيين. وشغل جده وأبوه وأخوه مناصب هامة في مختلف الإدارات الملكية الموالية لبريطانيا، والتي حكمت العراق قبل الثورة البعثية في سنة 1958، وغادر العراق في سنة 1956، حيث توجه للعيش في لبنان، ثم في الأردن، وأخيرا في الولايات المتحدة الأمريكية، أين أجرى دراسات في الرياضيات بمعهد (ماساشوستس) للتكنولوجيات، حيث كان هناك تلميذا لـ (ألبرت ووهلستيتر)، مُنظّر القنبلة الأمريكية، ومُنشّط (مجمع "راند") وأحد أبرز الوجوه المؤيدة لتصعيد الحرب الباردة

 [2].

وفتحت له هذه الكفالة أبواب جهاز الدولة الأمريكية السري: مجلس الأمن القومي، (سي أي إيه)، وقيادة قوات الأسلحة المشتركة.

وفي عام 1977، اقترح عليه ولي العهد الأردني الأمير حسن إنشاء (بيترا بنك) وتولّي رئاستها، وهي مؤسسة مصرفية صارت بعد ذلك ثاني أكبر مصرف اقتصادي في البلاد. وأثناء توليه لرئاسة هذه المؤسسة، قام شلبي بإجراء عدة عمليات مالية خفية إلى غاية توقيف السلطات الأردنية لذلك في أغسطس 1989، وذلك بوضع المصرف تحت يد قانون صارم. وتم توقيف المسؤول عن العمليات المالية، مع اضطرار عمّان لتزويد خزائن المصرف بـ 164 مليون دولار من أجل الحفاظ على استقراره.

لقد كان شلبي متورطا شخصيا في هذه الفضيحة، ولكنه تمكن من مغادرة البلاد في ظروف غامضة، وحسب (ماكس سينغر)، من مؤسسة (هادسون)، فإن الأمير حسن قام شخصيا بمرافقة العراقي إلى غاية الحدود الأردنية.
وأدّى انهيار (بيترا بنك) إلى انهيار فروعها السويسرية واللبنانية، وهما (سوكوفي) و(مابكو) اللتان كان يتولى تسييرهما أخ أحمد شلبي نفسه. وأثناء هروبهما، تمكّن الأخوان شلبي من أخذ 70 مليون دولار.
وأدّى حجم تحويلات الأموال والمخالفات إلى الحكم عليه غيابيا من طرف المحاكم الأردنية، سنة 1992، بـ 22 سنة من الأعمال الشاقة [3]
. ووصفه مدير البنك المركزي الأردني بأنه "أشهر محتال في تاريخ الشرق الأوسط"، غير أن شلبي كان يؤكد بأن هذه القضية ما هي إلا مؤامرة مدبّرة من طرف رجال صدام حسين من أجل نزع مصداقيته السياسية.
ومهما يكن، فإن شلبي اختار كمحام لـ (بترا بنك) مستشار الدفاع السابق (كاسبير واينبيرغر)، وهو مقرب كذلك من (ألبرت ووهلستيتر). وكان (واينبيرغر) محرّك برنامج إعادة التسلح النووي وكذا "حرب النجوم". واضطر إلى الاستقالة بسبب "خيانة" في قضية (إيران غايت). ومن أجل تمويل هذه العمليات السرية، شارك في تحويل (سي أي إي) لأموال مصرف التجارة والقرض الدولي (BCCI)، وهو ما أدى إلى انهياره في قضية تشبه في كثير من تفاصيلها قضية (بيترا بنك) [4].
وبعدها، التحق شلبي بلندن وتحصّل على الجنسية البريطانية. ورغم، أو حتى بسبب، ماضيه الملتهب، فإنه صار أحد المحاورين المفضلين بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية بصفته ممثلا لمعارضي صدام حسين.
كانت الولايات المتحدة الأمريكية وتحالفها الدولي قد كسبت الحرب الأولى ضد العراق، في مايو 1991. ومباشرة بعد الحرب، أمضى الرئيس الأمريكي (جورج بوش) تعليمة رئاسية تسمح للـ (سي أي إي) بخلق الظروف الملائمة من أجل خلع المتسلط العراقي. وأسندت وكالة الاستخبارات المركزية عمليات الدعاية إلى (مُجمع راندون)، وهي مؤسسة للعلاقات العامة كان يقودها (جون راندون) [5] . وحسب (آي بي سي)، تلقى المجمّع أكثر من 23 مليون دولار في السنة الأولى في إطار تعاقده مع (سي أي إي) [6] . ولقد تم صرف هذا المال بسخاء، فمجمّع (راندون) تكفل بإيجاد اسم يتم من خلاله تعيين تحالف 19 منظمة عراقية وكردية، حيث كان التحالف مكلفا بـ "جمع المعلومات، ونشر الدعاية وتجنيد المنشقين عن النظام العراقي".

وكان المجلس الوطني العراقي هو الذي سيحصل على 12 مليون دولار من طرف (سي أي إي) بين سنوات 1992 و1996. حيث قام بتجميع أشخاص من كل الطوائف، ولكن قلة منهم هي التي كانت شخصياتها تحظى بتأييد وتمثيل فعلي، باستثناء الكردي مسعود البرزاني.
وتم تحديد النظام الأساسي في مؤتمر فيينا في يونيو 1992، وتولّى أحمد شلبي رأس اللجنة التنفيذية، حيث استفاد من توفير مكتب يديره (فرانسيس بروك)، ممثل (مجمّع راندون)، وتموّله (سي أي إي).
وبصفته رأسا للمعارضة العراقية، بمباركة (جيمس وولسي)، مدير (سي أي إي)، عاد أحمد شلبي إلى شمال العراق، وهي منطقة يتحكم فيها الأكراد، حيث كُلّف بتحضير عملية عسكرية ضد صدام حسين، ولكن الانشقاقات الحاصلة في المجلس الوطني العراقي صعّبت من مهمته، ففي مايو 1994، تواجه أبرز حزبين كرديين، وهما الحزب الديمقراطي الكردي، والاتحاد الوطني لكردستان، من أجل قضايا تتعلق بالأرض والسياسة. وكان هذا هو الوقت الذي اختاره قريبه إياد علاّوي والـ (أم أي 6) قصد إنشاء فيدرالية منافسة تسمى (الاتفاق الوطني العراقي).

لقد كان إياد علاّوي ابنا لأحد الوزراء السابقين الموالين للملكية البريطانية، وأصبح زعيما للطلبة البعثيين في أوروبا، حيث أكمل دراساته الطبية بلندن في السبعينيات. وعندما شارك في عملية شراء أسلحة من المملكة العربية السعودية، اتُّهم بأنه قام بتحويل مبلغ كبير لصالحه، وأمر صدام حسين باغتياله.

وفي سنة 1978، استطاع إياد علاّوي النجاة من عملية اغتيال بمنزله، ووضع نفسه تحت حماية الـ (أم آي 6) البريطاني. وبعد حرب الخليج، جدد اتصالاته مع رفقائه القدامى في حزب البعث، حيث وظّف عملاء في الجيش العراقي وأنشأ شبكة خفية.

وهكذا، فبعد حكم مدير (سي أي إي) الجديد، (جون م.دوتش)، بلا فاعلية المجلس الوطني العراقي وكذا أحمد شلبي، قرر بوضعه في إطار منافس مع (الاتفاق الوطني العراقي) الذي يرأسه إياد علاّوي. ولكنّ هذا لم يمنع الانهيار.

ففي عام 1996، ألغت واشنطن مخططا يقضي بخلع صدام حسين في اللحظة الأخيرة بينما لجأ الحزب الديمقراطي الكردي إلى التحالف مع المستبد صدام حسين من أجل استرجاع مدينة (أربيل) التي تحكّم فيها الاٍتحاد الوطني لكردستان، ويوجد فيها مقر المجلس الوطني العراقي.
وأثناء مروره، فجّر الاتفاق الوطني العراقي مقرات المجلس الوطني العراقي في إطار انتقام عائلي، قبيل استحواذ الجيش العراقي على المدينة، والذي قام بالقضاء على حوالي 200 معارض وتوقيف 2000.

أحمد شلبي والموساد

وأدى هذا الحادث العنيف إلى تفاقم الخلافات الداخلية في المجلس الوطني العراقي الذي وجد نفسه مخذولا من كل جانب. وعندما تخلت عنه وكالة الاستخبارات المركزية، ظل أحمد شلبي محتفظا باتصالات مع الحلف الأطلسي، وشرع يبحث عن مرشدين جدد، وتقرب أثناء ذلك من إسرائيل وقام بسفريتين إلى تل أبيب. وفي 02 يونيو 1997، تحدّث أمام المؤسسة اليهودية لشؤون الأمن القومي عن مؤتمر حول إنشاء عراق ما بعد صدام حسين . [7] ومن ضمن المستمعين إليه، تم ملاحظة أصدقائه مثل (ريتشارد بيرل)، وهو صهر (ألبرت ووهلستيتر) الذي قام شلبي بتحيته في المجلس، كما كان هناك (جيمس وولساي)، المدير السابق لوكالات الاستخبارات المركزية. ثم توجّه شلبي إلى معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى الخارجية، حيث أصبح محاضرا منتظما فيه.

وتمت مكافأة جهوده. فلقد تم التكفل به من طرف (مشروع من أجل قرن أمريكي جديد)، وهو مجمّع تفكير تابع للمحافظين الجدد، والذي كان حينها يُحضّر لترشيح (بوش الابن).

وفي عام 1998، نظّم أعضاء متصهينون من مجلس الشيوخ محاضرات من أجل التدليل على أن خلع صدام حسين لا يعني بالضرورة مهاجمة العراق، وأنه يمكن القيام بذلك بالاستعانة بمعارضة مسلّحة. وأصبح شلبي، نظرا لخطابته، نجما إعلاميا. وقال: "أعطوا المجلس الوطني العراقي قاعدة محمية من دبابات صدام، أعطونا الدعم المؤقت الذي نحتاج إليه من أجل إطعام وإيواء ومداواة الشعب المحرر، وسوف نعطيكم عراقا حرا، عراقا دون أسلحة دمار شامل، وعراقا بسوق حرة. ما الذي يمكن فعله أكثر من هذا، فالمجلس الوطني العراقي سيفعل كل شيء مجانا!" . [8] ونظرا لإعجابهم به، تبنى النواب القانون الخاص بتحرير العراق. ولكي يتم تمويل الخدمات "المجانية" للمجلس الوطني العراقي، قاموا بتخصيص 97 مليون دولار من أجل التكوين العسكري وتسليح المتمردين . [9] غير أن (بيل كلينتون) لم يسلّم هذا المبلغ إلا بأجزاء صغيرة، واختفى جزء من المال في طريق وصوله. وحسب الـ (بي بي سي)، فإنه "لم يتم صرف سوى جزء صغير من هذا المبلغ، وعرف المجلس الوطني العراقي بسبب ذلك خلافات حادة في القمة" . [10] ولم يبق أمام شلبي سوى الاعتماد على أصدقائه الإسرائيليين. حيث تم إدخاله في (معهد المؤسسة الأمريكية) ودُعي إلى المشاركة في الندوة السنوية للجمعية في (بايفر كريك). وتعرّف هناك على (دونالد رمسفيلد) والزوجان (تشيني). كما دُعي كذلك إلى لقاء قمة أجراه المعهد في تركيا، أين شارك في مائدة مستديرة مع الأمير حسن الأردني، والذي لم يُبد تجاهه أي غلظة بسبب انهيار (بيترا بنك).

ونظم المجلس الوطني العراقي بعض الغارات الخاطفة في الأراضي العراقية من أجل الهجوم على بنيات تحتية بترولية وغيرها، غير أن أحمد شلبي كان جدّ متكتم. ولكنه تحصل رغم ذلك على دعم لوجستي خارج طرق (البنتاغون) الرسمية، فالقائد السابق للقوات الخاصة، الجنرال المتقاعد (واين داونينغ)، قام بتنظيم "تربصات" لمقاتلي المجلس الوطني العراقي . [11]

ولكن مصداقية شلبي وعملائه المأجورين قد بدأت في التلاشي، فالجنرال (أنتوني زيني)، القائد السابق لمركز قيادة القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، شرع في التفكّه بفريق المجلس الوطني العراقي، وشرع يتحدّث عن "أناس يلبسون الحرير ويحملون ساعات (رولكس) ويعيشون في لندن". وحسبه، فإن دعم المجلس الوطني الانتقالي يُعتبر عملا انتحاريا. وفي عام 1999، شجب مقال بارز في مجلة (شؤون خارجية) خطة المجلس الوطني العراقي، والتي تتلخص في القيام بهجوم على العراق انطلاقا من الشمال والجنوب [12] ، وهما منطقتان يُمنع فيهما تحليق الطائرات العراقية ـ عن طريق جيش هجين وليس احترافيا. وحسب المجلة دائما، فإن عملية كهذه تُعتبر "مهزلة من الناحية العسكرية، وستنتهي إما بتدخل مباشر للولايات المتحدة الأمريكية أو بمجزرة كبيرة".
لقد انتُقد شلبي لدرجة أنه فقد جزءا من سيطرته على المجلس الوطني العراقي. وفي عام 1999، اضطر للتنازل عن رئاسة المجلس لإدارة جماعية تتكون من سبعة أعضاء يمثّلون مختلف توجهات المعارضين لصدّام حسين.

أحمد شلبي والبنتاغون

منذ وصول (جورج والكر بوش) إلى البيت الأبيض، بدأ (البنتاغون) بالتخطيط الفعلي لاحتلال العراق. وتمت المطالبة بأحمد شلبي مباشرة، بما أن أصدقاءه حصلوا على مناصب هامة في الدولة، فـ (ريتشارد بيرل) يرأس المجلس الاستشاري لسياسة الدفاع، و(جيمس وولساي) عضو فيه.

وفي 11 سبتمبر، انتزع (دونالد رمسفيلد) الحكم. وفي 19 و20 من الشهر نفسه، قام باجتماع سري مع مجلسه الاستشاري . [13] وبغض النظر عن الأعضاء الدائمين، وعددهم ثماني عشرة عضوا، ومنهم (هنري كيسينجر، نيوت غينغريش، دان كوايل وجيمس شليسينغر وغيرهم..)، تم إشراك مدعوّين اثنين: أحمد شلبي و(برنارد لويس)، مخترع صدام الحضارات . [14] وأوضح المجلس دور شلبي. فـ "المنشق العراقي" مكلّف ببيع الحرب إلى الرأي العام الأمريكي باعتماد فكرتين: فمن جهة، لن يتعلق الأمر بنزاع طويل ضد بلد، ولكن الأمر يتعلق بمساعدة خارجية لتحرير العراقيين لأنفسهم. ومن جهة أخرى، فإنه على الولايات المتحدة الأمريكية التدخل، ليس لأنها حامية الحريات فقط، ولكن لأن الأمر يتعلق كذلك بأمنها، فصدام حسين في حرب ضد "أمريكا". ولقد قدّم دعمالوجستيا إلى بن لادن من أجل القيام بهجمات 11 سبتمبر، وهو على استعداد لأن يزوّده بأسلحة دمار شامل لأجل ارتكاب مجازر أفظع.

ومن أجل تصعيد هذا الاختلاق، وجد شلبي نفسه مسنودا من طرف (جيمس وولساي)، حيث سيدفع (البنتاغون) أتعابه كمستشار. واستقر الرجلان في لندن وتم تزويدهم بطائرات حكومية من أجل التكفل بتنقلاتهم.

وحدثت حرب إعلامية بين قطاع الدفاع في الدولة والـ (سي آي إي)، وضاعف شلبي تصريحاته الماكرة وأدلى بشهادات كاذبة عن جنود عراقيين تنكّروا لصدام وألقوا نفسهم في أحضان أمريكا. لقد كان صدام حسين، الطاغية المشرقي، يطال بطغيانه حزبه نفسه، وأصبح ساديا يقوم شخصيا بتعذيب فتاة شابة كل يوم. كما أصبح الزعيم العلماني حليفا لبن لادن الإسلامي. كما أن جيشه المهزوم أضحى أحد أفضل الجيوش في العالم . [15]

ومن أجل إتمام نجاح العملية، ساهم (البنتاغون) في إنشاء (لجنة تحرير العراق) يموّلها تجار أسلحة متلهفون لتدمير العراق، وكذا مقاولون يتشوّفون إلى مشاريع إعادة الإعمار المستقبلية . [16]

ولكن الصحافة لم تقم بالتحقق من أي شهادة، حتى تلك التي تُعدُّ جد غريبة، ما دام أن هذه الشهادات قد أُكّدت من طرف أعضاء المجلس الوطني العراقي، وكذا من طرف السياسيين الأمريكيين المنخرطين في (لجنة تحرير العراق).

وحاولت وكالة الاستخبارات المركزية (سي أي إي) إيقاف طوفان الكذب، فصرح (فانسنت كانّيسترارو)، أحد المسؤولين السابقين، بأن "المعلومات التي قدّمها المجلس الوطني العراقي لا تحظى بأية مصداقية". واستنتج قائلا: "إن جانبا كبيرا يتعلق بالدعاية لا غير، كما أن جانبا كبيرا من هذا إنما يتم التصريح به وفقا لم يريد قطاع الدفاع سماعه، وجزء كبير منه يتم استعماله من أجل دعم طموح شلبي لرئاسة العراق. إنهم لا يفرقون بين المعلومات والدعاية، وذلك باستعمال مُخبرين مفترضين وجنود هاربين من العراق يتكلمون بما يريده شلبي. إنهم ينشئون بذلك معلومات لاكوها بألسنتهم وتدخل مع ذلك في خطابات الرئيس ونائبه".

ولكن جهاز الدولة ليس مغفّلا. إن هدف المناورة يعرفه الجميع، حيث يُصرّح (جيمس أ. أيكينس)، سفير أمريكي سابق في المملكة العربية السعودية، قائلا: "إن ما يدور بخلدهم هو إلغاء التأميم، ثم تقسيم البترول العراقي بين الشركات البترولية الأمريكية".
وفي مدى طويل، سيتم تجزيء المملكة العربية السعودية ومصادرة بترولها، وكذا القضاء على (منظمة الدول المنتجة للبترول ـ أوبك)، وهو ما يريد تحقيقه (المجلس الوطني العراقي) وشلبي، رفقة أصدقائه من المحافظين الجدد، في إطار إعادة رسم خريطة الشرق الأدنى.
أحمد شلبي يفعل أكثر من اللازم وعند قرب موعد الحرب، لم يكن مآلها محل شك بالنسبة لشلبي، والذي كان يعلم أن صدام حسين لا يملك أي سلاح نُسب إليه لتبرير الحرب ضده. وهكذا رأى نفسه كرئيس للوزراء أو رئيس، وشرع دون حذر ببيع جلد الدب قبل قتله. وفي (البنتاغون)، تُرك يفعل ما يريد مع ضمان أن كل من يصدّق وعوده سيدعم هذه الحرب.

وفي منتصف أكتوبر من عام 2002، التقى مرات عدة بمسيّري ثلاثة أكبر شركات بترولية أمريكية. لقد كانت السوق العراقية في وقتها عليهم ممنوعة، مثلما يوضّحه أحدهم، قائلا: "إنه مما كان يغيظ المؤسسات البترولية الأمريكية هو أن الروس والفرنسيين والصينيين كانوا قد أقاموا علاقات مع العراق. والسؤال هو: كم من هذا كله سيتم التراجع عنه من طرف الأشخاص الذين سيخلفون صدام؟". لقد بقي الرهان البترولي في احتلال العراق أمرا محظور التكلم عنه، وهو ما يحاول رؤساء المؤسسات الأمريكية التكتم بشأنه، تماما مثل علاقاتهم مع (المجلس الوطني العراقي). ولكن شلبي لم يستطع منع نفسه من "تزويد الأمر"، ولهذا صرّح في (الواشنطن بوست)، قائلا إن (المجلس الوطني العراقي) يعتزم مكافأة أصدقائه: "إن المؤسسات البترولية الأمريكية ستحظى بأكبر حصة من البترول العراقي".

وهكذا أصبح رجل الأعمال طموحا ومُزعجا لواشنطن.وقبل ذلك، انقسمت إدارة (بوش) حول حالته، فشلبي كان يقترح إنشاء "حكومة مؤقتة وقت بداية الحرب"، وهي حكومة تتكون من أعضاء (المجلس الوطني العراقي) ويتولى رئاستها هو بنفسه، وهو موقع كان سيفتح له أبواب السلطة إذا انتهت العمليات العسكرية. ولكن هذا المخطط "سلب منه بعض مؤيديه الأكثر تحمسا له في (البنتاغون) و(الكونغرس)، حيث خشوا من أن إعلان تشكيل حكومة مؤقتة متكونة من المنفيين يمكن له إضعاف الشعور بكراهية صدام في العراق" . [17]

منبع الثروة العراقي

كان احتلال العراق عبارة عن جولة سياحية، فجنرالات صدام حسين فرّوا وسلّموا بلدهم إلى جنود التحالف من أجل قبضة من الدولارات، وخلال الأسابيع الأولى، لم يكن للمقاومة الشعبية وقت كاف لتنظيم صفوفها. وتفرّغ أحمد شلبي لإعادة الإعمار، فهذا هو وقت النهب الصفقات الجيدة.

وهكذا، منح (بول بريمر 3) صفقات عمومية بمقدار 400 مليون دولار أمريكي لمؤسسة خيالية تسمى (نور "يو أس آي")، ويسيّرها (هدى فوقي)، ولكن عائلة شلبي هم أصحابها الحقيقيون.

وعلى الرغم من أن أحمد شلبي لا يتمتع بأدنى شرعية في العراق، حصل على السلطة بصفته مصفي حزب البعث. وبعد سقوط بغداد، استحوذ على ملفات الشرطة السرية للنظام، وقام بتعيين قريبه سالم شلبي ـ عن طريق (بول بريمر) ـ على رأس المحكمة المكلفة بمحاكمة صدام حسين وإطاراته. ووجد نفسه بذلك في موقع يسمح له باتهام أو تبييض من شاء ووفق ما يهوى.

"الحاكم المدني"بول بريمر3،واياد علاوي على اليسار

ومن جهته، تبنى إياد علاّوي استراتيجية معاكسة، حيث قدم نفسه كعضو سابق من أعضاء حزب البعث المنتقلين إلى المعارضة، ليس لأنه غيّررأيه وقناعته، ولكن لأن صدام مسخ حزب البعث. وهكذا فتح طريقا لإعادة الاعتبار لإطارات النظام.

وفي تلك الأثناء، مع مرور الزمن، تبين أن الاحتلال أكثر خطورة وقتلا من الغزو. وأضرمت الفضائح على أرض الواقع الأحقاد داخل إدارة (بوش). ومن أجل عرقلة (البنتاغون)، سهر جهاز الدولة على تذكير الصحافة بسوابق شلبي العدلية. وطفا على السطح مسلسل (بيترا بنك). وفي أغسطس 2003، وقع النواب الأردنيون عريضة تطالب بطرد شلبي من العراق . [18]وأعيد الحديث عن التحقيق المُجرى في أواخر عام 2002 من طرف جهاز الدولة حول تمويل (المجلس الوطني العراقي)، وهو تحقيق رفع الستار عن كثير من الأمور المخالفة للقانون. وتم معرفة أنه من 4 ملايين دولار سلمها (بيل كلينتون) إلى المجلس عام 1998، تم فقدان 2 مليون دولار على الأقل.

وفي 20 مايو 2004، اقتحم شرطيون عراقيون المقر الرئيسي للمجلس الوطني العراقي ببغداد، وفتشوا بيت شلبي . [19] وبالنسبة للبعض، فإن هذا يعتبر بمثابة بداية سقوط محتال دولي لم يعد صالحا لأحد. وبالنسبة للبعض الآخر، فإن هذا يُعدُّ مجرد سيناريو يهدف إلى تنظيف صورته التي تعكس "خادما للأمبريالية".

أحمد شلبي.. كبش الفداء

تناقلت الصحافة الأمريكية معلومة يفترض أن مصدرها هو (وكالة الاستعلامات العسكرية ـ دي آي إي) مفادها أن أحمد شلبي كان عميلا مزدوجا، وبما أنه كان ذا ثقافة شيعية، فإنه كان على طول الخط عميلا إيرانيا اخترق الولايات المتحدة الأمريكية. كما أنه قام بتضليل إدارتي (كلينتون) و(بوش) من أجل دفعهما لتدمير العراق، العدو التقليدي لإيران.

هذا السبق أحدث صدمة كبيرة، وكل الصحفيين الذين نقلوا تصريحات شلبي وجدوا أنفسهم مضطرين لتبرير مواقفهم بسرعة إذا أرادوا تجنب اتهامهم بالتواطؤ مع إيران. كما أن صحيفة (نيويورك تايمز) قدّمت اعتذاراتها للقراء، فهي تعترف بأنها قامت بنشر أشياء سخيفة منذ سنوات بين شهادات مغتربين قدمهم شلبي وتم تأكيدها من طرف شخصيات أمريكية (لجنة تحرير العراق؟) . [20] أما أحمد شلبي، فإنه واجه الموقف بصلابة، حيث صرّح بأنه لم يكن يوما ما عميلا لإيران، ولكنه خدم بلاده فقط وبالغ في الأمر لإقناع الولايات المتحدة الأمريكية بتحرير وطنه.

وخدمت هذه التمثيلية الجميع لدرجة أنها أضحت مقنعة. لقد كانت إيران في نزاع مع حركة طالبان منذ الوقت الذي تواجدوا فيه بأفغانستان عن طريق باكستان لصالح الولايات المتحدة الأمريكية. وتعاونت طهران بدون صعوبة مع واشنطن بعد قطع المفاوضات البترولية في يوليو 2001، حيث قررت تدمير ما صنعته بعد هجمات 11 سبتمبر. كما أنه عندما شرعت الولايات المتحدة الأمريكية بحشد قواتها حوالي العراق، سمح الإيرانيون بفتح مكتب للمجلس الوطني العراقي في طهران. وكان الأمر يتعلق بالنسبة لهم بالحفاظ على مصالح شيعة العراق، ولكن مخاوفهم التي تحققت هي أن يروا القوات الأمريكية تستقر في أفغانستان والعراق في آن واحد، لكي يتم تطويقها ومحاصرتها. ولهذا لم يكن في صالح إيران دعم الحرب.

وعلى العكس من ذلك، فإن الحركة الصهيونية العالمية هي التي كانت تطالب منذ 1942 بتقسيم العراق، وكانت إسرائيل هي التي وفرت لشلبي ما يحتاجه عندما تخلى عنه الجميع، ما بين سنتي 1996 و2001.
ومن جهة أخرى، فإن الصحفيين الذين نشروا معلومات خاطئة عن أسلحة الدمار الشامل وروابط العراق مع القاعدة لا يوجد لديهم أي عذر، فهم لم يتعرضوا للتضليل، بل هم الذين ساهموا فيه.

وهكذا، لم تتجرع (جوديت ميلّر)، المحققة اللامعة في صحيفة (نيويورك تايمز)، أكاذيب أحمد شلبي، ولكنها استخدمتها من أجل تبرير الحرب التي كانت تناضل من أجلها رفقة (جيمس وولساي) منذ سنوات. وبعد الحكاية الخيالية المتعلقة بـ (الأنثراكس)، كان على صحيفة (نيويورك تايمز) مفارقتها، وإذا تذكرنا جيدا، فإن السيدة (ميلّر) ادّعت أنها كانت هدفا لابن لادن وأنها تعرضت بنفسها لمرض الجمرة الخبيثة، حيث تم إخلاء مكاتب من الصحيفة، ولكن (جوديت ميلّر) لم تصب لا بأذى المرض ولا حتى بأذى التسفيه . [21]

لم يكن حينها أي سبب نزيه يهدف إلى ترجيح أساطير أحمد شلبي، خاصة فيما يتعلق بمجال أسلحة الدمار الشامل، على تقارير (هانز بليكس) ومفتشي الأمم المتحدة التي كانت تنفي وجودها.
ومن جانب آخر، فإن (نيويورك تايمز) تقدم اعتذاراتها من أجل تقديمها لمعلومات مضللة عديدة، ولكن ليس من أجل إعطائها شرعية لأسطورة تحرير العراق. فهنا كذلك إذا تذكّرنا جيدا، نشرت (سي أن أن) و(أي بي تي أن) على المباشر صورا للابتهاج الشعبي بسبب نزع تمثال ضخم لصدام حسين بساحة (الفلاوس)، وتناقل المشهد مجموع الصحافة المكتوبة. ولكن، لم يكن ذلك في واقع الأمر سوى تمثيلية محدودة أحضر ممثليها أحمد شلبي . [22]

وشرح (باتريك كلاوسون)، مدير (WINEP) وأحد مستشاري شلبي، قائلا: "إنني أريد صنع التاريخ الوطني الذي يقرّر أن العراقيين هم من قام بتحرير أنفسهم.. وهذا لن يكون أكثر كذبا من كون الفرنسيين قاموا بتحرير أنفسهم في الرحب العالمية الثانية".

ورقة علاّوي

عندما تم استقبال الملك عبد الله الأردني في البيت الأبيض بتاريخ 06 مايو 2004، طلب شخصيا من الرئيس (جورج والكر بوش) إبعاد أحمد شلبي لصالح شخصية تقبلها كل الدول الحيطة بالعراق. وفي الأيام التي تلت ذلك، تم تأكيد اختيار (إياد علاّوي)، فخلال سنوات غربته، عمل إياد مع أجهزة الاستعلامات البريطانية والأمريكية والسعودية والسورية والأردنية. واليوم، يعتبر الوحيد الذي يمكنه بناء إدارة عراقية بإعادة الاعتبار لإطارات حزب البعث. كما أن مواقفه الوطنية والعلمانية تؤمّن الحفاظ على الوحدة الترابية دون تهديد جيران العراق.
ولكن معركة السلطة في بغداد لن تنتهي بعد، ويمكن لأحمد شلبي معاودة الظهور في ساحة الأحداث.

ترجمه خصيصا لشبكة فولتير: مصطفى فرحات

[1"الشاهد المفاجأة"، فولتير، 25/02/2003

[2انظر تحقيقنا "محرّكو عرائس واشنطن"، تييري ميسان، فولتير، 13/11/2002

[3"لعب، مصرفيون، محافظون جدد، مستكشفون"، روبرت درايفوس، المعلم الأمريكي، 18/11/2002. "هل سيوضع جرس مؤقت لتعويض صدّام؟"، آرنو بورشغراف، واشنطن تايمز، 02/12/2002. "فضيحة مالية تُعلّق الزعيم المنتظِر"، دافيد ليغ وبريان وايتيكر، الغارديان، 14/04/2003. "الانفجار الداخلي لـ (بيترا بنك) الشلبية"، جون ديزارد، سالون. كوم، 04/05/2004.

[4إنه ليس من نافلة القول أن نُذكّر بأن (جورج بوش الأب) لعب دورا مركزيا في مصرف التجارة والقرض الدولي، وأن لجنة التحقيق البرلمانية التي كشفت هذا التزوير كان يرأسها (جون كيري).

[5لقد اتخذه (باري ليفيسون) كمثال في فيلمه (رجال مؤثّرون).

[6"دعائيون من أجل الخدمة"، مارك أتكينسون، "أي بي سي".

[7"إنشاء عراق ما بعد صدام"، تقديم: أحمد شلبي، واشنطن، 02/06/1997.

[8"هل يمكن الإطاحة بصدام حسين؟"، محاورة أمام نيابة لجنة شؤون الشرق الأدنى وآسيا الجنوبية، 02/03/1998. وأصغى النواب أيضا إلى كل من (ريتشارد هاس)، (زلماي خليل زاد) و(جيمس وولساي).

[9"فصل تحرير العراق"، س.2525، 29/09/1998.

[10"وجه أحمد شلبي"، (بي بي سي نيوز)، 03/10/2002.

[11انظر "التخطيط السري لاحتلال العراق"، فولتير، 09/03/2004.

[12"وهم التخفيض"، دانيال بيمان، كينيث بولاك وجيديون روز، شؤون خارجية، يناير ـ فبراير 1999.

[13"بعض مسؤولي البنتاغون والمراقبون يحاولون خلع الزعيم العراقي في المرحلة القادمة من الحرب"، إلين سيولينو وباتريك تايلر، نيويورك تايمز ـ 12/10/2001.

[14عبارة "صدام الحضارات" شهّرها (صامويل هنتنغتن)، ولكن مخترعها هو أستاذه (برنارد لويس).

[15في 1991، صرح (ديك تشيني) بأن العراق يملك الجيش الثالث في العالم (بعد الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي، وقبل المملكة المتحدة وفرنسا). وفي 2002، صرح بنفس القوة بأن العراق يملك أسلحة من بين أكثرها فتكا في العالم.

[16"حرب مثمرة من أجل لوكهيد مارتن"، فولتير، 07 فبراير 2003.

[17"سقوط أمريكي مع المقاومة العراقية"، جوليان بورغر، مايكل هووارد، لاك هاردينغ ودان دي لوس، (الغارديان)، 21/02/2003.

[18"السلطات الأردنية تحاول طرد السياسيين العراقيين"، سليمان الخالدي، رويترز، 18/08/2003.

[19"شلبي يدين البعثيين لهجومهم"، سي أن أن، 20/05/2004.

[20"الأوقات والعراق"، كاتبو الافتتاحيات، نيويورك تايمز، 26/05/2004.

[21اقرأ تحقيقنا "جوديت ميلّر، صحفية التضليل الإعلامي"، بول لاباريك، فولتير، 05/03/2003.

[22اقرأ "نهاية أي حرب؟"، جاك نافّير، فولتير، 15/04/2003.