لماذا هذه الضغوط الشرسة التي تتعرض لها سوريا في هذه المرحلة بالذات التي تمر بها المنطقة؟

ولماذا تبقى سوريا تحت هذه الضغوط، تارة باتهامها بمسؤوليتها عما يجري في لبنان من اغتيالات، وتارة اخرى بالزعم بعدم ضبط الحدود السورية العراقية، او عن علم سوريا بتحركات ارهابية من داخل حدودها الى العراق، او حتى مسؤوليتها عما يجري في العراق من جرائم؟

ولماذا تتداعى هذه الضغوط الى عنصر اضافي جديد حين يتهم مسؤول عسكري اسرائيلي سوريا عبر صحيفة »معاريف« عن تلقي شحنة من الصواريخ الروسية المضادة للطائرات من طراز اس. اي. 180 بينما تتلقى اسرائيل شحنات من احدث الاسلحة وأعتاها لتستخدمها لضرب المدنيين العزل في الاراضي الفلسطينية المحتلة، ويقوم جهاز الموساد بأخطر عمليات التجسس التي ادت الى اعمال تخريبية وجرائم اغتيال بشعة في انحاء العالم، ولم توفر اسرائيل في ذلك حتى اقرب اصدقائها اليها وهي تتجس على الولايات المتحدة التي تعيش في هذه الايام على فضيحة تجسس بطلها لاري فرنكلين الذي يعمل الى جانب اقرب مساعدي وزير الدفاع الاميركي »دوغلاس غيث« المسؤول الثالث في البنتاغون بعد وزير الدفاع »دونالد رامسفيلد« ونائبه السابق مدير البنك الدولي الحالي »بول وولفريتز«؟

من الذي اعطى اسرائيل حق التدخل والتحريض ضد الدول الاخرى وهي التي على تصرفاتها الدولية اكثر من علامة استفهام؟

ولماذا يحق لاسرائيل ان تتسلح من اعلى الرأس وحتى اخمص القدمين دون ان يحرك امامها ساكن بينما لا يسمح لغيرها بمجرد امتلاك اسلحة دفاعية، او انجاز مشروعات نووية سلمية كما هو الحال مع ايران التي ترى الولايات المتحدة وبريطانيا انه لا تهاون معها في الملف النووي من اجل ارساء السلام في المنطقة؟

حملة الادعاءات التي شاركت فيها الولايات المتحدة للضغط على سوريا ومعها الدول الغربية واسرائيل قد استندت منذ البداية بمعلومات مضللة قدمتها اسرائيل وحرضت على اتباع سياسة العصا الغليظة وهي السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة بين آونة واخرى ضد هذا البلد الشقيق كلما لاحت في الجو فرصة، ومن عجب ان تعتمد دولة عظمى كالولايات المتحدة، بما تملكه من اجهزة معلوماتية عالية الدقة على معلومات كاذبة تقدمها لها اجهزة المخابرات الاسرائيلية بهدف التحريض واستنفار القوة الاميركية ضد بلد مثل سوريا لتبقى عرضة للاتهامات والتهديدات والانذارات والضغوط القائمة بمجملها على الأكاذيب دون ان ترقى ولو قليلا الى مستوى الحقائق والادلة؟

بعد كل هذه الضغوط التي تدعو الى الدهشة والاستغراب، فقد اصبح السؤال الذي يطرح نفسه، ما الدور العربي الذي ينبغي ان تقفه الدول العربية خلال هذه الفترة الى جانب سوريا الشقيقة، فسوريا وان بدت مستهدفة في الوقت الحاضر، فهي لن تكون الوحيدة في المستقبل، فالمخطط الامريكي الاسرائيلي لمشروع الشرق الاوسط الكبير الذي يبدو في ظاهره الحرص على الحرية والديمقراطية، يحتوي في باطنه على نوايا لن يستفيد منها احد سوى اسرائيل والولايات المتحدة: الاولى بتنفيذ مخططاتها التوسعية والتهويدية والثانية بفرض السيطرة على مقدرات المنطقة بخاصة والعالم بعامة باعتبارها القوة العظمى الوحيدة في العالم. وهو ما يستلزم تكاتف جميع الجهود العربية للتصدي لهذه الضغوط الشرسة، التي ان أثمرت وأتت أكلها، فسوف تقتلع الأخضر و اليابس في المنطقة اذا قدر لهذه المخططات ان تنفذ، ويعاد رسم الخريطة من جديد، لاعطاء اسرائيل مفتاح المنطقة، لتكون المهيمن عليها بعد ان يتم التخلص من كل العقبات التي تقف في طريقها من اجل تحقيق الحلم الصهيوني القديم الجديد بانشاء اسرائيل الكبرى من المحيط الى الخليج.

ان الضغوط التي تركز اليوم على سوريا لن تكون الاولى والاخيرة، بل يتبعها ضغوط وهجمات اخرى ستطال الجميع ومن هنا، فقد آن الأوان لايجاد التكاتف العربي والدولي المطلوب لايقاف هذا المخطط وحماية سوريا والمنطقة في اخطاره.

مصادر
الدستور (الأردن)