الخطة الإسرائيلية التي كشف شارون ملامحها الأساسية بإعلانه عن نية إسرائيل استقدام مليون مهاجر يهودي خلال الأعوام الـ 15 المقبلة‚ تعيد الصراع العربي- الإسرائيلي إلى نقطة البداية‚ إذا أنها تؤكد أن الحركة الصهيونية متجسدة في نموذجها المتشكل إسرائيل ماضية في تنفيذ مخططها في اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه ووطنه واحتلال المستوطنين اليهود على أنقاضه‚

هذا المخطط ينسف كل اتفاقيات السلام العربية - الإسرائيلية ويؤكد أن الصراع لا يمضي عبر سكك المفاوضات إلى الحل‚ وأنما إلى المزيد من الاحتدام والتناحر‚ اذ أن تشجيع الهجرة اليهودية كان السبب الرئيسي الذي أشعل فتيل الصراع‚ حيث أن استيعاب هؤلاء المهاجرين لا يمكن له أن يتم إلا عبر مصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية والعربية‚ واحكام السيطرة على مصادر المياه‚ وتضييق الوضع الاقتصادي على الفلسطينيين لإجبارهم على الرحيل‚ بل وارتكاب مجازر مريعة لدفع الفلسطينيين إلى رحيل جماعي جديد مما ينذر بوقوع حرب إسرائيلية جديدة وشاملة ضد الفلسطينيين والأنظمة العربية المجاورة لإسرائيل‚

لقد اعتمدت الصهيونية في تنفيذ مشروعها الاستيطاني في فلسطين على سياسة الاحتلال الجماعي لليهود‚ والاقتلاع أو الإبادة الجماعيين للفلسطينيين‚ ورغم تغير الظروف الدولية بقيت إسرائيل تشكل الثابت الوحيد في السياسة الاستعمارية‚ والقاعدة المتقدمة للإمبريالية العالمية في المنطقة‚ ولم تفقد سوى جانب واحد كان في صلب الاستراتيجية الأساسية وهو كونها نقطة توثب لمواجهة النظام الاشتراكي السوفياتي‚ أما دورها في قمع حركات التحرر والتقدم في المنطقة فقد بقي ماثلاً ومؤثرا‚ وازداد أهمية في ظل الصحوة القومية والإسلامية التي شهدتها المنطقة‚ وبروز مشروع تحرري في كل من فلسطين والعراق ولبنان‚ وتوسع هوة الخلافات بين إيران من جهة والولايات المتحدة بعد ظهور البرنامج النووي الإيراني‚ وظهور قوى عالمية اقتصادية جديدة كالصين وماليزيا‚

كل هذه المعطيات جعلت إسرائيل تحظى برعاية واهتمام أكبر من قبل الولايات المتحدة والدول الأوروبية مما مكنها من بلورة مرحلة جديدة في مشروعها الاستيطاني الاحتلالي يهدف إلى تغير الملامح الديمغرافية في الأراضي الفلسطينية المحتلة‚ لضمان نقاء الدولة اليهودية‚وتهيئة الأجواء لها لمعاودة تمددها الاستيطاني في المنطقة تنفيذا لحلمها بإقامة إسرائيل الكبرى‚

ويؤكد ذلك أن الانسحاب الإسرائيلي من سيناء ثم جنوب لبنان‚ والشهر المقبل من قطاع ليس إلا انسحابا تكتيكيا بهدف كسب الوقت وتوفير ظروف أكثر أمنا لوقف الهجرة المعاكسة الناجمة عن الأوضاع الأمنية المتردية التي نتجت عن ازدياد قوة وفعالية المقاومة الوطنية الفلسطينية‚ وتشجيع حملات الهجرة اليهودية الجديدة إلى فلسطين‚ في إطار هذا المضمون يمكن فهم إعلان شارون بنبة إسرائيل استقدام مليون مهاجر يهودي خلال الأعوام الـ 15 المقبلة‚ الأمر الذي يستدعي توحيد الجهود العربية والدولية لمنع تنفيذ هذا المخطط العنصري الإسرائيلي.

مصادر
الوطن (قطر)