قد يجوز أن نقرأ هذا الكلام في منشور ارهابي ، وقد يجوز نقله على قلم غر من أغرار الكتابة ، ويجوز ان نسمع به في غياهب ما قبل ثورة الاتصالات ، أما أن نقرأه في مجلة راسخة مثل (العربي) الكويتية (العدد 588 / 2007 الصفحة 73 ) وبقلم أديبة واعدة مثل سعدية المفرح وفي زمان الاتصالات المفتوحة، في وقت اصبحت فيه مقاومة العنصرية شكل من اشكال احترام الحياة، فإننا في هذا المقام نجد انفسنا وقد أصبحنا دريئة لسهام البشرية ونحن نستمع الى حارس اللغة العربية محمود شاكر الذي تطنب الاديبة مفرح في مديحه على انه من كبار المثقفين العرب . لدرجة أنه يحق له أن يصرح بالتالي :

( أولا أنا لا أحب الجنس الأوربي عن بكرة أبيه ... ولا أفضل الغرب المسيحي كله وليس له ميل في نفسي وأولاد فيصل ( أي ابناء الملك فيصل ) عملوا عملا كبيرا لأنهم أوجدوا جائزة الملك فيصل )هذه الرسالة العنصرية موجهة لمن ؟ وهل يكفي تغطيتها بتملق العائلة المالكة السعودية لتصبح ( مشروعة ) ؟ عبر خلط الثقافي بالسياسي ؟ ما هذا الحب الاشوه للغة العربية والجوائز العربية ؟ فالعنصرية ضارة بأصحابها أكثر بكثير من ( فوائدها ) كالثقة المضللة بالنفس والشعور بالافتخار السلبي على اساس معاكسة الآخرين ( أي تعريف ذاتنا كعكسهم ) ، أو الاحساس بالاضطهاد الناتج عن السباق العلمي والمعرفي والتكنولوجي ، وكأن المسألة خطأ بالحكم وليس بالاداء ؟

ما هذا التصريح الذي يمكن تأريخه في مجلة واسعة الانتشار ، وماذا يمكن اعتباره ، هل هو دعوة للأنفتاح والتآخي والمثاقفة ؟ أم هو دعوة للأختباء خلف الاصبع في محاولة للألغاء كل ما هو انساني لصالح ما هو عصاب قطيعي لأهوج ؟

الم تسأل الاستاذة مفرح نفسها وهي تلقي بوجه القارىء حقائق من هذا النوع ، اى اين سوف تفضي ؟ وهل تعرف أن ثقافتنا ولغتنا وأخلاقنا هي نتاج تمازج ثقافي كوني ليس عبر الاتصالات المحدثة فقط بل عبر الفنون والاداب والابداع ، واذا كان من الاخطاء المريعة ان تخضع جائزة ما ( نوبل او غيرها ) لأعتبارات سياسية فمن المريع أكثر ان نقلد هذه الاعتبارات والا بماذا نختلف عن المتهمين ؟ خصوصا اذا ( شلفنا ) هكذا تصريحات عنصرية تشي بعلم ناقص واشوه .

يبدو انه يجب علينا اعادة النظر( بكبار) مثقفينا قبل أن يخربوا ما حاولوا هم انفسهم بنائه .