في عام 2003, تفاوض الأوروبيون مع ايران حول رصيد ديون "أوروديف" ( الديون الأوروبية على برنامج شاه ايران النووي العسكري الذي أغلقه أية الله الخميني ) وردوا بالرفض على إعادة اطلاق القسم المدني من البرنامج.
وافق الوفد الايراني الذي كان يقوده الشيخ حسن روحاني على التخلي عن مشروعه في البحث عن طريقة جديدة لانتاج الطاقة النووية التي يمكن تعميمها على العالم الثالث وتحريره من النفط.
كان يعتقد روحاني في ذلك الوقت أن السوق مواتية لبلده, الذي يتمتع باحتياطي ضخم من النفط والغاز.
مع ذلك, أقال الرئيس محمود أحمدي نجاد فور انتخابه الشيخ حسن روحاني, وأعاد اطلاق مشروع البحوث النووية المدنية, فردت الولايات المتحدة عبر مزيد من الضغط, ثم عن طريق استصدار ستة قرارات متتالية عن الأمم المتحدة تتهم ايران بالتحضير سرا لبناء قنبلة نووية.
وبشكل تدريجي راحوا يستخدمون هذه الذريعة من أجل عزل ايران عن طريق العقوبات الاقتصادية والمالية, في الوقت الذي كان فيه الرئيس أحمدي نجاد يطور قطاعا صناعيا واسعا, بفضل منهج بحث علمي استثنائي في بلاده.
عندما لمست الولايات المتحدة أن العقوبات الاقتصادية ضد كوبا وايران غير فعالة, وأنها تسببت لها بالكثير من المشكلات في أمريكا اللاتينية وفي الشرق الأوسط, قررت فتح مفاوضات سرية مع هاتين الدولتين.
فيما يخص ايران, فقد انعقدت هذه المحادثات ابتداء من شهر آذار 2013. تم فيها الاتفاق على أنه, قبل المضي أبعد من ذلك, ينبغي أن يقوم الطرفان بتهيئة ظروف "المصالحة". تعهد حينها آية الله خامنئي بسحب كل جماعة أحمدي نجاد من السلطة, فيما تعهد المفاوض الأمريكي جاك سولفيان بجعل السعوديين يخففون لهجتهم ازاء ايران.
بمهارة حاذقة تمكن آية الله خامنئي من اقصاء, اسفنديار رحيم مشائي, مرشح أحمدي نجاد من السباق الرئاسي, وانتخب الشيخ حسن روحاني.
في كانون ثاني 2014, توصلت كل من واشنطن وطهران إلى اتفاق قوامه تقسيم بلاد الشام والخليج إلى منطقتي نفوذ, واحدة تكون موالية للسعودية, وأخرى لايران. بينما تتولى الولايات المتحدة انشاء حلف "ناتو" اقليمي حول المملكة السعودية, لكن تحت القيادة الاسرائيلية.
في مقابل ذلك, تتخلى ايران عن أبحاثها النووية, والولايات المتحدة عن حصارها الاقتصادي.
معاداة نتانياهو للاتفاق مرده إلى أنه يعني ضمنا تخلي اسرائيل عن أطماعها التوسعية "من الفرات إلى النيل", لهذا سعى إلى تخريبه. وباتكائه على شبكة واسعة من الجواسيس والمفاوضة الأمريكية الجديدة ويندي شيرمان, كاد ينجح بافشال الاتفاق حين طالب بأن تتخلى ايران عن برنامجها الصاروخي أيضا. ردت واشنطن على الفور بانشاء "قادة الأمن في اسرائيل" وتحريك كبار الضباط الاسرائيليين ضد نتانياهو.
في نهاية المطاف, تم في 29 آذار الماضي ارساء قواعد حلف "ناتو" الاقليمي من قبل جامعة الدول العربية من دون الاعلان عن الدور المنوط باسرائيل.
بعد ثلاثة أيام من ذلك التاريخ, أي في 2 نيسان, تم الاعلان على الملأ في جنيف عن الاتفاق حول البرنامج النووي الايراني (الذي يعود إلى عام مضى).
مع ذلك, لن يتم التوقيع على شيء قبل 30 حزيران القادم, وهي الفترة اللازمة كي يظهر كل فريق حسن نواياه.
وهكذا ترتب على ايران أن تدفع غاليا ثمن فك الحصار الاقتصادي الذي كانت ضحيته : فقد أجبرت على التخلي عن كل أبحاثها النووية. لكنها في المقابل, فازت بعشر سنوات من الاعفاء, وبالاعتراف بدورها في فلسطين, ولبنان, وسورية, والعراق, والبحرين.