ربما لم يبق منها سوى الحق المسفوح على الفضائيات، يذكرنا بصور هي مجرد "أرشيف" يستخدمه البعض، بينما الآخرون يفضلون حفلات التوقيع أو مظاهر العلاقات العامة أو حتى بعض "الخطب الرنانة التي تعلن بأن "الاغتصاب" شرعي من الدرجة الممتازة.

لكن الكلام اليوم يبدو وكأنه زجاج مكسر أمام مظهر لا نستطيع الهروب منه، فعندما يأتي أيار سيتذكر البعض ملامح الحرب، بينما تبدأ التنظيرات في أخطاء الماضي، وبعدم قدرتنا على استيعاب التاريخ، أو لتتهمنا بأننا حالمون ولكن بـ""لسان خشبي"، فالصورة الرمادية أو تآكل الأرشيف المحفوظ حول "النكبة" أصبح شريطا تحذيريا لما سيحدث أو حتى ممكن الحدوث في أي لحظة طالما أننا مظللون بـ"شرعية" لا تختلف كثيرا عن لقاءات تيمور لنك بعلماء المسلمين قبل أن يستبيح المدن التي سار عليها جنوده، فالفارق الوحيد هو اننا بوعي واضح نريد تبديل ملامحنا وجرح أرضنا وتقديم هدية للأجيال القادمة على مذبح القرارات الدولية.

وملامح الاغتصاب كانت في عام 1948 متداخلة مع رغبتنا في إطلاق إرادتنا، وبعد أن فشلنا أصبح "نفس الاغتصاب" تسلية سياسية أو حتى مجالا مغلق نريد أن نستهلكه بشكل دائم حتى نروض الإرادة، أو نعيد كتابة ما حدث وفق أوليات "الواقعية السياسية" التي كلما اقتنعنا بها زادت الدماء على وجوهنا، وكثرة حالة الاضراب النفسي أو السياسي أو هوس الخوف من التغيير والتحول واقتناص المستقبل.

ربما لا نحمل من ملامح هذا الاغتصاب سوى الشريط الزمني الذي تخرج منه تواريخ لسنوات أو أرقام لقرارات أو حتى أعداد لمن سقطوا في المجازر، بينما يتناثر "حقنا" على مساحة من الزيف الحقوقي الذي استند لـ"وثيقة" دينية سارية المفعول على ما يبدو إلى يوم القيامة، فلا يغيرها تغير الأحكام بتبدل الحول، ولا ينقضها اعتذار البابا وأسفه على المحرقة، ثم تتراكم فوقها الوثائق لتشكل كتابا مقدسا جديدا يحوي سفر 181 أو ما يطلق عليه "سفر التقسيم، وبعد صفحات سنشهد سفر "الخروج من الضفة" ونصل في النهاية لآيات "المبادرة العربية"..

مسيرة العبث بأنفسنا بعد أن أحرج الاغتصاب جنينا سياسيا مشوها يكبر في داخلنا فنرسم شتاتنا على شاكلة المرويات اليهودية ورغم ذلك سيتهموننا بالعداء للسامية....