جورج بوش يطالب المعترضين على حربه في العراق بعدم الاستمرار في ما يؤثر على معنويات الجنود الامريكيين هناك، ويعيدنا ذلك الى قضية اثيرت في فرنسا خلال الحرب الاولى على العراق عام 1991. حيث رفعت قيادة الجيش الفرنسي دعوى قضائية على صحيفة لوموند بتهمة الاساءة الى معنويات الجيش الفرنسي في وقت حرب. وذاك لان الصحيفة المذكورة نشرت صورا لجنود فرنسيين في السعودية وقد بدا عليهم الاجهاد والبؤس.

طبعا، ثمة مجالات كثيرة للتحليل السياسي تقول لنا لماذا يتحجج بوش بمعنويات الجيش ولماذا فعل الحكم الميتراني مثله. خاصة وان استطلاعات الرأي تدل على ان شعبية الرئيس الامريكي قد بلغت ادنى مستوى لها. انخفاض المستوى هذا لا يضايق الرئيس الذي يعرف ان لا حق له بالترشح لولاية ثالثة، الا ان هذا التراجع قد يعيق تنفيذ الاستراتيجية التي تكفل بها بوش للمحافظين الجدد وللصهاينة.
غير ان ما لا يمكن للمرء الا وان يفكر به هنا، هو قصة المعنويات هذه، ومقارنتها بتطبيقاتها على اوضاعنا نحن. فكل شيء هنا، اعلامنا، سياسيونا، كتاب صحفنا، حتى عسكريونا يعملون على تحطيم معنويات الطرف المقاوم للمخطط الامريكي الصهيوني. فمن التعتيم المطبق على المقاومة العراقية الى التشويه المطبق للمقاومة الفلسطينية، دون ان تنجح العمليتان في كسر روح المقاومة، لا ولا في نمو عملها وتصعيده. فهل ناسنا انبياء، ام انهم متبلدو الحس، كي لا يؤثر فيهم ما يؤثر في الامريكيين او الفرنسيين؟

ثمة طبيعة شعوب، صحيح، رغم ان المشترك الانساني واحد. لكن ثمة ما هو اعمق من ذلك، الا وهو احساس المقاتل بالعبث في مقابل احساس اخر بالجدوى. احساسان يتلخصان بسؤال بسيط واحد: لماذا نحن هنا؟ ولماذا نقاتل؟

الاول يترجع في ذهنه الجواب: انا هنا لان جورج بوش وادارته يريدون السيطرة والنفط، وفي مقابل ذلك لي الموت.

مقابل جواب اخر: نحن هنا لاننا من هنا، لان لا وجود لنا الا هنا. ونحن نقاتل لانه خيارنا الوحيد للحفاظ على بقائنا وكرامتنا.
هل يعني ذلك اننا معفيون، خاصة نحن في وسائل الاعلام من المحافظة الحريصة على المعنويات؟

هل يعني اننا مسامحون ان ارتكبنا جريمة التيئيس؟

الرد قديم، ومن جابوتنسكي نفسه، حيث يقول في جدار الفولاذ: »سيظل هؤلاء العرب يقاتلوننا الى ان نقضي على اخر بارقة امل لديهم«.

مصادر
الدستور (الأردن)