الرمز الديني محاط بهالة تعبيرية ربما تدخل في دائرة المكتوم، وما دمنا محرومين من تكسير طوق المقدس حول هذا الرمز، ومهددين بالتكفير إذا حاولنا إدخاله دائرة اللسانيات، فإننا نرغم احيانا على قراءة النص وفق إيحاءات جديدة.

فإبليس رفض السجود لآدم لأنه خلق من تراب بينما خلق إبليس من نار .. هذه الصورة الرمزية يعطيها النص الديني شكلا آخر مرتبط بعملية التكبر التي انتابت إبليس مقررا الانتقام من بني البشر، لكن الصورة ربما تصبح أعمق إذا تم إسقاطها على اللون الخاص المرتبط بالنار أو التراب، كنقيضين في حركة الحياة، فبينما يظهر التراب كحالة من الاستقرار فإن النار تعبر عن الحركة والتأجج وربما الحياة المتسارعة.

المهم في الصورة هي دقتها في التعبير عن الصراع داخل الحياة نفسها ولكن ... دون وجود حواء، فهي خلقت من "ضلع آدم"! ورغم أن الموضوع لا يتعلق بالعلم والبيولوجيا بشأن "ضلع آدم" لكنه ينشر صورة مجازية حول نوع من الاقتران النهائي في الخليقة، هذا إذا استثنينا "الاستنتاخ" كوضعية يتم الاستغناء فيها عن الدور الذكوري في الإلقاح. ولكن السؤال هل كان يعرف إبليس أن حواء ستظهر من ضلع آدم!! وهل كان سيسجد لها لأنها رديف الحياة والاستمرارية والحركة؟؟

السؤال ليس فانتازيا على غرار جنس الملائكة، لأن الصورة الدينية حكمت في وقت لاحق مسار المجتمع الذكوري، معتبرة أن التكريم جاء لآدم عبر سجود الملائكة، وصراع مع إبليس الرافض لهذا التكريم، بينما تبقى حواء "لاحق معرفي" لابد له ان يتبع الكل المتجسد في ذكورية آدم.

ربما ليس جديدا أن تسرد قصة آدم وإبليس، ولكن أن تستمر عبر العصور كثقافة تضع سلما للوجود الاجتماعي فإنها تصبح نوعا من تجاوز الصور الرمزية، أو التعابير الأخلاقية لما قدمه النص الديني.
بالطبع لا نعرف إذا كان إبليس "سجد" لحواء .. لكن الثقافة القديمة التي أوجدت الأبجدية والثورة الزراعية ثم انزاحت باتجاه الثقافات الدينية الجديدة، كانت تجسد للخصوبة ولعشتار التي حملت رمز الاستمرار والتطور في الحياة.