هدد الرئيس الفرنسي جاك شيراك، ايران باللجوء الى مجلس الامن، ما لم تقبل العرض الاوروبي حيال برنامجها النووي، واكد استعداد الاسرة الدولية للوقوف الى جانب الاصلاحات في بيروت، داعيا سورية الى التقاط الفرصة السانحة حاليا، بغية اعادة تاسيس علاقاتها مع لبنان.
واعتبر شيراك في كلمة القاها لمناسبة اللقاء السنوي لسفراء فرنسا في الخارج، امس، «ان طريق العراق سيكون طويلا ومؤلما»، ودعا الى مرافقة التطورات الهائلة في الشرق الاوسط من دون تدخل خارجي، في انتقاد جديد الى الاسلوب الاميركي في فرض الديموقراطية على المنطقة,
وفي حديثه اولا عن لبنان، قال سيد الاليزيه، «ان لبنان شهد تعبئة عامة لا مثيل لها سابقا، رافقها تضامن دولي مثالي لوضع حد لوجود عسكري سوري طويل الأمد، وقد استطاع الشعب اللبناني في نهاية المطاف التعبير عن نفسه بحرية», واضاف: «والان تنفتح أمام السلطات الجديدة ورشة هائلة للاصلاح، والاسرة الدولية مستعدة لمرافقتها، ويبقى هناك الكثير من العمل بغية تدعيم تطبيق القرارات 1559 و1595 و1614 والتي يجب ان تطبق بحذافيرها».
واكد «ان هذه التطورات الضخمة ينبغي ان تتدعم لكي يستعيد لبنان سيادته ويستعاد الأمن الداخلي الذي يطمح اليه اللبنانيون، وهم على حق بذلك، وان هذه التطورات تشكل أيضا بالنسبة الى سورية، في حال عرفت كيف تلتقطها، فرصة لاعادة تأسيس علاقاتها مع لبنان على قواعد جديدة، والشروع في التغييرات التي ينتظرها العالم منها في هذه المنطقة المتغيرة».
وفي سياق حديثه عن المنتظر عمله بالنسبة الى الشرق الاوسط، يقول سيد الاليزيه، «ان الالتزام بتسوية عادلة للنزاعات في الشرق الاوسط، يمكن الاسرة الدولية من المساهمة في انجاح الاصلاحات في الشرق الاوسط، ذلك ان الحركة الاصلاحية القادمة من الداخل والتي تم الشروع بها منذ فترة طويلة لا تقاوم، فقد تبددت المخاوف، وسقطت المحرمات، وصارت هذه الحركة تعبر عن تطور العقليات والتصرفات، فالديموقراطية تتقدم وتسجل نقاطا وفق ما ظهر من عدد من الانتخابات التي شكلت سابقة بالنسبة الى البعض».
وفي الاطار نفسه، يرى الرئيس الفرنسي انه اذا ما ارادت الاسرة الدولية مرافقة كل هذه الحركات الديموقراطية فيجب «مد يد العون للحكومات والمجتمعات المدنية السائرة صوب تأسيس دولة القانون، حيث يصبح المواطن ممثلا، ويصبح صوته مسموعا ومحترما، لان شعوب المنطقة، وبسبب تاريخها وثقافتها وهويتها، لا تقبل التدخل ولا الخلط، وانما تطمح الى تعاون متوازن وجدير بالثقة مع باقي العالم، وهذا يفترض بناء شراكة حقيقة مع كل من هذه الدول المعنية ذلك حول مشروع يتم تحديده سويا».
واكد ان الاعتداءات التي ضربت شرم الشيخ وتركيا واسرائيل «تذكرنا باستمرار بالخطر الارهابي، ولذلك يجب علينا الكفاح من دون هوادة او وهن وفي اطار احترام قيمنا، هذه البربرية التي تسيء وتقضي على القضايا التي تزعم انها تدافع عنها»,
واللافت في كلام الرئيس الفرنسي، كان تهديده ايران باحتمال اللجوء الى مجلس الامن في حال لم تقدم على استئناف التعاون ومناخ الثقة في ما يتعلق بمشروعها النووي, وقال: «اني ادعو السلطات الايرانية، اليوم، الى اعتماد خيار التعاون والثقة من خلال دراسة حقيقية للعرض الاوروبي والعودة الى التزاماتها بتعليق النشاطات المتعلقة بالمواد الانشطارية، وفق ما يطالب به اتفاق باريس»، معتبرا ان هذا العرض هو «على قياس دور هذا البلد الكبير ايران والدور الذي يجب ان تلعبه في العالم، دور مهم وله مكانه، ولذلك فالفرصة قائمة للحوار والتفاوض, وبالتالي، نحن ندعو ايران الى اعتماد روح المسؤولية بغية استعادة تعاونها واستئناف الثقة، لان من دون ذلك، واني آسف لقول هذا، فان مجلس الامن لن يجد امامه خيارا آخر سوى تولي الملف».
وقال في مكان آخر من خطابه «ان اللجوء الى الطاقة النووية المدنية والمشروعة، ينبغي ألا يشكل ذريعة لمواصلة نشاطات يكون هدفها الحقيقي بناء ترسانة نووية عسكرية، ولذلك يجب تقديم كل الضمانات في شأن الخصائص السلمية للبرامج القائمة».
وفي حديثه عن العراق، اكد الرئيس الفرنسي «ان الطريق الذي يقود الى مؤسسات صلبة وسيادة كاملة ومستعادة سيكون طويلا ومؤلما، وعلينا مساعدة العراق للحفاظ على سيادته وبناء مستقبلة بحيث يكون لكل طيف من المجتمع العراق مكانه، وينبغي ايضا اقناع الدول المجاورة بالعمل لاستقرار المنطقة»,
ودعا تركيا الى تقديم البرهان على انها تحترم التزاماتها حيال اوروبا، قائلا انه «في اعقاب اعلانها الاحادي الجانب حول قبرص، فان على تركيا ان تقدم ايضاحات وضمانات للاتحاد الاوروبي الذي يضم 25 دولة حول رغبتها بالاحترام الكامل لالتزاماتها».
كما اكد ان «على اوروبا ان تواصل العمل في الحقل الدفاعي وتتقدم به الى الامام، سواء أكان ذلك متعلقا بالالتزامات الخارجية او بالنسبة الى الوسائل والتأهيل»، مشيرا الى ان «على مركز العمليات في الاتحاد الاوروبي ان يكون قادرا للقيام بعمليات عسكرية مستقلة من نوع ارتيميس في جمهورية الكونغو»، كما «يجب ان تكون اوروبا ممتلكة لكل التكنولوجيا العسكرية الحديثة»، داعيا الى تمكين الوكالة الاوروبية من الحصول على موازنة للبحث والتنمية.
وتحدث شيراك عن تعاون مقبل وعن «شراكة متوازنة» مع دول تعرف حاليا نموا كبيرا على غرار كازاخستان واوكرانيا، مؤكدا في الوقت نفسه عزم فرنسا على تدعيم شراكتها مع روسيا بغية مرافقة مشاريع تحديث هذا البلد، كما نوه بـ «الحوار الاستراتيجي» مع الصين والهند واليابان.

مصادر
الرأي العام (الكويت)