طرحت المؤسسة العامة للإسكان مؤخرا للإكتتاب على مشروع مساكن في مدينة حلب وأتى الناس للإكتتاب على المساكن التي قد تحقق بعض أحلامهم , ودفعوا السلف المطلوبة منهم , كل هذا حدث جيد و لكن ..

المؤسسة العامة للإسكان هي جهة قطاع حكومي مهمتها الأساسية التي أنشئت لها أن تقوم بتأمين مساكن للناس بأسعار الكلفة , و طرحت المؤسسة نفسها كمنافس قوي في سوق العقارات بالدعم الهائل الذي تتلقاه من الحكومة و قامت بعدة مشاريع إسكان هامة , كل هذا كلام جيد ولكن ....

أن تتحول هذه المؤسسة الى جهة تعمل بأرخص مفاهيم الربح والسوق فهذا الغير جيد .

فهذه المساكن المطروحة للإكتتاب و عددها /191/ مسكناً فقط إنتهى الإكتتاب عليها منذ شهر تقريبا و الناس بإنتظار القرعة التي لم تحدث لتحديد من سوف ينتصر و يفوز بمسكن , هنا نصل الى الأمور المدهشة و الغريبة

-وصل عدد المكتتبين الى /13000/ ثلاثة عشر ألف مكتتب ( رقم هائل جداً)

-يدفع كل مكتتب مبلغ /200000/ الى /225000/ ل س و من شروط الإكتتاب والتي تم أخذ تصريح خطي به من المواطن المكتتب أن الخاسر في هذه المعركة يسترد أمواله بعد خمسة أشهر من القرعة التي لم تحدث .

-بحساب بسيط نجد أن المؤسسة العامة جمعت أموالا بلغت بحدود / 2,6/ مليارين و ستمئة مليون ليرة سورية و فوائد هذا المبلغ في مدة الستة أشهر تتجاوز /130/ مئة وثلاثون مليون ليرة سورية .

أما كلفة هذه المساكن ال /191/ فلا تتجاوز في أسوأ الظروف مبلغ ال /130/ مليون ليره .

يستغرب المراقب لهذه العملية أن تتحول مؤسسة عامة عن هدفها الأساسي الى هدف لا يمكن أن يوصف بغير عبارة الإبتزاز بقوة القانون و بالدعم الحكومي

فهل هذه بوادر نظام السوق الإجتماعي الذي يتم الترويج له .

-ألا تخجل الجهات المسؤولة عن موضوع العقارات من نفسها حين تتحول مفاهيمها وأهدافها إلى أرخص أساليب التجارة , و تضع نفسها كقدوة سيئة للأفراد . فأن تبنى المساكن بأموال الفائزين فذلك لابأس به و لكن أن تبنى بفوائد أموال الخاسرين فذلك غير مقبول نهائيا لما فيه من استغلال لحاجات الناس .

-ألا تنظر هذه الجهات بجدية الى الرقم /13000/ مكتتب مقابل /191/ مسكن و تأخذ منه العبر .

-لماذا لا تطرح الحكومة عددا أكبر من المساكن مادام لديها هذا الجمهور

- لماذا لا تسعى الجهات الحكومية و العامة الى حل مشكلة المسكن بغير الطريقة المتبعة و تجعل سوق العقارات سوقا حقيقيا يتم فيه المنافسة بين الجميع قطاع عام و خاص و تعاوني مع تساوي الفرص و الإجراءات و الدعم المالي للجميع ( القطاع العام لا تطبق عليه القوانين الإدارية و التنظيمية ...الخ )

الجميع يعلم أن المصالح الشخصية للأفراد القائمين على مؤسسات القطاع العام ومن وراءهم من يدعمهم و يخطط لهم أصبحت الناظم الأساسي لعملها .

و الجميع حتى المواطن العادي يعلم ويتهامس كيف سيتم توزيع هذه المساكن ال /191/ والى من ستؤول من أصحاب النفوذ و الواسطة و المراكز الحساسة . وكل ذلك بأموال الخاسرين من القرعة.. التي لم تحدث .

في النهاية نذكر الجهات العامة المسؤولة بمسؤولياتها تجاه مواطنها و وطنها و أن المسكن هو حق من حقوق الإنسان الأساسية التي كفلها له الدستور السوري و القوانين الدولية و الشرائع السماوية لا يجوز الإستخفاف أو التلاعب أو المساس به .